تسعى دولة الإمارات العربية المتحدة جاهدة لتسريع تحولها الطاقي، لكن هذا التحول الجوهري لا يمكن تحقيقه من قبل جهة واحدة فحسب، بل يتطلب تعاوناً مثمراً بين القطاعين العام والخاص.
تلعب شركة “سيمنس للطاقة” دوراً مركزياً في دعم أهداف الدولة الطاقية. فمن خلال شراكات استراتيجية مع مؤسسات رائدة، مثل شركة بترول أبوظبي الوطنية (ADNOC)، وهيئة كهرباء ومياه دبي (DEWA)، ومكتب أبوظبي للاستثمار (ADIO)، وجامعة خليفة، تلتزم الشركة بتقديم حلول مبتكرة تسهم في إزالة الكربون وتعزيز الاعتمادية التشغيلية، بالإضافة إلى تمكين الصيانة التنبؤية.
في هذه المقابلة، يتحدث خالد بن هادي، العضو المنتدب لشركة “سيمنس للطاقة” في الإمارات، عن المبادرات المتنوعة التي تتبناها الشركة وكيف تتناغم مع الأهداف الطاقية الطموحة للدولة.
كيف تتواءم الرؤية الاستراتيجية لشركة “سيمنس للطاقة” مع المستهدفات الأشمل للتحول في مجال الطاقة في دولة الإمارات والأهداف الرامية لتقليل الانبعاثات الكربونية؟
لقد أثبتت دولة الإمارات أن وجود رؤية واضحة وطموحة يمكن أن يقود إلى تقدم تحويلي ملحوظ. إذ وضعت الدولة أهدافاً طموحة لتحقيق صافي صفر انبعاثات بحلول العام 2050، مما يعكس التزامها العميق بمواجهة التحديات المزدوجة: زيادة الطلب على الطاقة والحاجة الملحة لتقليل انبعاثات الكربون. في ظل هذه الأهداف، تضمن الإمارات المرونة على المدى الطويل والتنمية المستدامة.
تتوافق شركة “سيمنس للطاقة” بشكل كامل مع هذه الأولويات من خلال تقديم تقنيات مبتكرة وتعزيز شراكات استراتيجية تسهم في تسريع الانتقال في مجال الطاقة في الدولة. يركز عملنا على كفاءة الطاقة، وتقليل الانبعاثات، ودمج مصادر الطاقة المتجددة، مما يعزز بشكل مباشر أهداف إزالة الكربون.
على سبيل المثال، تُساهم حلولنا المخصصة في تحسين الشبكة وتوليد الطاقة، مما يساعد على موازنة تعقيدات دمج مصادر الطاقة المتجددة مع الحفاظ على مستوى عالٍ من الموثوقية. هذه الجهود تضمن أن أنظمة الطاقة اليوم ستكون مهيأة لمواجهة تحديات الغد بثقة وثبات.
اقرأ أيضاً: ستاندرد تشارترد وسيمنس للطاقة يصدران أول ضمان أخضر في قطر
ما هو الدور الذي تلعبه الشراكات مع القطاعين الحكومي والخاص في استراتيجية سيمنس للطاقة لتسريع اعتماد الطاقة المستدامة في دولة الإمارات؟
تكتسي الشراكات بين القطاعين العام والخاص أهمية حاسمة في معالجة الأولويات المشتركة مثل إزالة الكربون وأمن الطاقة. أنشأت الإمارات نظامًا بيئيًا تزدهر فيه هذه التعاونات.
شراكات سيمنس للطاقة متجذرة في فهم احتياجات الطاقة في المنطقة. مثال رئيسي هو عملنا مع أدنوك في مشروع تعظيم استعادة غاز الإيثان وتحقيق الدخل، والذي يستخدم ضواغط متقدمة لتعزيز كفاءة واستدامة إنتاج الغاز الطبيعي. تدعم هذه المبادرة أهداف أدنوك لإزالة الكربون مع ضمان الموثوقية التشغيلية. وعلى نحو مماثل، أدى تعاوننا مع الكيانات الحكومية لتحسين أداء الطاقة في البنية التحتية الحيوية إلى توفير موارد قابلة للقياس، مما أدى إلى تعزيز أهداف الاستدامة في دولة الإمارات.
وهذه الشراكات هي أكثر من مجرد حلول قصيرة الأجل؛ فهي جزء من جهد أوسع لإنشاء نظم طاقة مرنة قادرة على مواجهة التحديات المستقبلية.
هل لك أن تطلعنا على نهج الابتكار لشركة “سيمنس للطاقة” لتعزيز الانتقال السلس في مجال الطاقة؟ وما هي التقنيات أو الابتكارات التي تركز عليها لتسريع الانتقال إلى استخدام الطاقة النظيفة؟
مع تزايد الطلب على الطاقة في دولة الإمارات، يصبح الابتكار ضرورة ملحة لإنشاء أنظمة مستدامة وموثوقة. تركز “سيمنس للطاقة” على الحلول التي تعالج هذه التحديات بصورة مباشرة، حيث تجمع بين التقنيات المتقدمة والتطبيقات العملية لتحقيق تقدم ملموس في منظومة الطاقة.
وتتمثل أحد أبرز هذه الاكتشافات المبتكرة في نظام تحكم ذكي في التوربينات الغازية، الذي تم تطويره بالشراكة مع “ديوا” لمحطة توليد الكهرباء في محطة الطاقة الجددة بجبل علي. يعمل هذا النظام الذكي على تحسين أداء التوربينات في الوقت الفعلي، مما يمكّن المشغلين من زيادة الكفاءة وتقليل استهلاك الوقود وخفض الانبعاثات بشكل ملحوظ.
ومن الابتكارات الرائدة الأخرى التوربينات الغازية من الفئة H، التي جرى تنفيذها بالتعاون مع الإمارات العالمية للألمنيوم (EGA) ومبادلة ودوبال القابضة. وتُستخدم هذه التوربينات لتشغيل مصهر الإمارات العالمية للألمنيوم في جبل علي، وقد عزز بشكل كبير كفاءة محطة الطاقة ذات الدورات المشتركة. حيث أسهم في تقليل انبعاثات كل طن من الألومنيوم المنتج بنسبة تصل إلى 10 في المئة، ما يعادل زراعة أكثر من 17 مليون شجرة سنويًا.
فمن خلال تكييف الابتكارات مع تحديات المنطقة وتعزيز التعاون مع الشركاء، تساهم شركة “سيمنس للطاقة” بشكل فعّال في دفع دولة الإمارات نحو مستقبل طاقة أنظف وأكثر مرونة.
ما هي أبرز المبادرات التي تنفذها شركة “سيمنس للطاقة” لضمان التميز التشغيلي في دولة الإمارات؟
أحد مجالات التركيز الرئيسية هو الصيانة التنبؤية. فمن خلال الاستفادة من الأنظمة التي تعمل بالذكاء الاصطناعي، تمكن شركة “سيمنس للطاقة” المشغلين من توقع احتياجات المعدات. يقدر تقرير حديث لشركة “ماكينزي” أن الصيانة التنبؤية التي يقودها الذكاء الاصطناعي وحدها يمكن أن تقلل التكاليف التشغيلية في الطاقة بنسبة تصل إلى 15 في المئة وتقلص من وقت التوقف غير المخطط له بنسبة 40 في المئة، مما يسلط الضوء على إمكانات توفير التكلفة للذكاء الاصطناعي. وتضمن هذه التدابير تشغيل الهياكل الأساسية الحيوية للطاقة بكفاءة وموثوقية، حتى في ظل الطلب المتزايد.
ومع ذلك، فإن الاعتماد المتزايد على الذكاء الاصطناعي يفرض تحديات، مثل ارتفاع استهلاك الطاقة لمراكز البيانات، والتي من المتوقع أن تمثل ما يصل إلى 4 في المئة من الاستخدام العالمي للكهرباء بحلول العام 2030. تعالج شركة سيمنس للطاقة هذا من خلال دمج التقنيات المتقدمة التي تعزز الكفاءة مع ضمان بقاء الأنظمة مستدامة ومرنة.
وفي ظل التطور الذي يشهده مجال الطاقة، يصبح الحفاظ على الكفاءة في مواجهة تحديات الاستدامة ضرورة ملحّة تتطلب توازنًا دقيقًا. تسعى جهود شركة سيمنس للطاقة إلى تعزيز التقدم التكنولوجي الذي يضمن الموثوقية، وفي الوقت نفسه يساهم في تقليل التأثير البيئي. كما تدعم الشركة الأهداف الطموحة للطاقة طويلة الأجل في دولة الإمارات.
كيف تعمل شركة “سيمنس للطاقة” على تمكين الشباب في دولة الإمارات وبناء الجيل القادم من قادة الطاقة لدفع الابتكار والاستدامة في القطاع؟
تنظر شركة سيمنس للطاقة إلى الجيل القادم كقوة دافعة نحو قطاع طاقة مستدام ومرن، وتلتزم بتزويدهم بالأدوات اللازمة لتشكيل هذا المستقبل المشرق.
يجسد مركز ابتكار أبوظبي التابع لشركة “سيمنس للطاقة” هذه الرؤية الطموحة. وقد جرى إنشاء المركز بالشراكة مع مكتب أبوظبي للاستثمار وجامعة خليفة، ليكون مركزًا للتعاون والإبداع. يوفر المركز للشباب الإماراتي فرصًا متميزة للتفاعل مع تقنيات متقدمة، مثل إزالة الكربون والأنظمة الرقمية، مما يتيح لهم اكتساب خبرات عملية قيمة تعزز من مهاراتهم وتؤهلهم لمواجهة تحديات المستقبل. وبحلول العام 2025، هدف المركز إلى إنشاء عشرات الوظائف المتخصصة واستضافة العديد من فرص التدريب السنوية، مما يعزز استعداد المواهب الشابة لدعم أهداف الطاقة في دولة الإمارات.
وتسهم البرامج والشراكات الإضافية، مثل برنامج التدريب المهني في مركز ابتكار أبوظبي التابع لشركة “سيمنس للطاقة”، أو شراكتنا الأخيرة مع جامعة العين، في تمكين الشباب الإماراتي وتعزيز قدراتهم في هذا القطاع الحيوي.
يُعدّ الانفتاح العالمي عنصرًا أساسيًا في هذه المهمة، إذ تقدم برامج مثل “جسور” تدريبات في مركز ابتكار أبوظبي للطلاب الإماراتيين، بالإضافة إلى فرص وظيفية في برلين، مما يسد الفجوة بين التعلم الأكاديمي واحتياجات القطاع. تزود هذه التجارب الطلاب بالمهارات اللازمة للتغلب على تحديات مثل تكامل الطاقة المتجددة والتحول الرقمي.
ويتجاوز تمكين الشباب مجرد بناء المهارات، بحيث يتعلق بتعزيز الشعور بالهدف. عندما يُمنح الشباب الإماراتيون الأدوات والفرص والتشجيع للقيادة، فإنهم لا يساهمون فقط في تسهيل الانتقال في مجال الطاقة، بل يعيدون تعريفه. تتطلب التحديات المقبلة تفكيرًا مبتكرًا ومرونة وتعاونًا، والجيل القادم مستعد لقيادتنا نحو مستقبل حيث تصبح الاستدامة واقعًا ملموسًا، وليس مجرد طموح.
يتجاوز تمكين الشباب مجرد بناء المهارات، بحيث إنه يتعلق بتعزيز الشعور بالهدف والرسالة. عندما يُمنح الشباب الإماراتيون الأدوات والفرص والدعم اللازم للقيادة، فإنهم لا يساهمون فقط في تسهيل انتقال الطاقة، بل يعيدون تعريفه بشكل مبتكر. تتطلب التحديات المقبلة تفكيرًا مبتكراً، ومرونة، وتعاونًا فعّالًا. وأرى أن الجيل القادم مستعد لقيادتنا نحو مستقبل حيث تصبح الاستدامة واقعًا ملموسًا، وليس مجرد طموح بعيد.
انقر هنا للاطلاع على المزيد من المقابلات الخاصة.