تسعى المملكة العربية السعودية إلى ترسيخ مكانتها كمركز لوجستي عالمي ونموذج للتنقل المتكامل، يربط القارات الثلاث، ويرتقي بخدمات ووسائل النقل كافة، وتعزيز التكامل في منظومة الخدمات اللوجستية. وتحقيقا لهذه المستهدفات أطلق الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد السعودي، في عام 2021 الاستراتيجية الوطنية لقطاع النقل والخدمات اللوجستية في السعودية.
وكان قد أعلن بن سلمان عن أنّ أحد الأهداف الرئيسية للاستراتيجية يتمثل في زيادة مساهمة قطاع النقل والخدمات اللوجستية في السعودية في إجمالي الناتج المحلي الوطني. فبينما يبلغ إسهام هذا القطاع حالياً في الناتج المحلي الإجمالي للمملكة حوالي 6 في المئة، تستهدف الاستراتيجية زيادة إسهامه إلى 10 في المئة. من خلال تصدر قطاع النقل والخدمات اللوجستية في السعودية مراتب متقدمة لدعم الاقتصاد الوطني، وتمكين نمو الأعمال وتوسيع الاستثمارات. وزيادة ما يخضه هذا القطاع من إيرادات غير نفطية بشكل سنوي ليصل إلى حوالي 45 مليار ريال في عام 2030.
وتتضمن الاستراتيجية حزمة من المشروعات الكبرى الممكِّنة لتحقيق المستهدفات الاقتصادية والاجتماعية، واعتماد نماذج حوكمة فاعلة لتعزيز العمل المؤسسي في منظومة النقل، وبما يتفق مع تغيير مسمى الوزارة من وزارة النقل إلى وزارة النقل والخدمات اللوجستية.
أهداف الاستراتيجية الوطنية للنقل والخدمات اللوجستية في السعودية
وتركز الاستراتيجية على تطوير البنى التحتية، وإطلاق العديد من المنصات والمناطق اللوجستية في المملكة، وتطبيق أنظمة تشغيل متطورة، وتعزيز الشراكات الفاعلة بين المنظومة الحكومية والقطاع الخاص لتحقيق 4 أهداف رئيسة هي: تعزيز مكانة المملكة كمركز لوجستي عالمي، والارتقاء بجودة الحياة في المدن السعودية، وتحقيق التوازن في الميزانية العامة، وتحسين أداء الجهاز الحكومي على صعيد:
النقل الجوي
تستهدف الاستراتيجية النهوض بالمملكة العربية السعودية لتصبح في المرتبة الخامسة عالمياً في الحركة العابرة للنقل الجوي. وزيادة الوجهات لأكثر من 250 وجهة دولية. إلى جانب إطلاق ناقل وطني جديد، بما يمكن القطاعات الأخرى مثل الحج والعمرة والسياحة من تحقيق مستهدفاتها الوطنية. وإضافة إلى ذلك ستسعى الاستراتيجية إلى رفع قدرات قطاع الشحن الجوي من خلال مضاعفة طاقته الاستيعابية لتصل إلى أكثر من 4.5 مليون طن.
النقل البحري
تستهدف الاستراتيجية الوصول إلى طاقة استيعابية تزيد على 40 مليون حاوية سنوياً، مع ما يعنيه ذلك من استثمارات واسعة في مجال تطوير البنى التحتية للموانئ وتعزيز تكاملها مع المناطق اللوجستية في المملكة. وكذلك توسيع ربطها بخطوط الملاحة الدولية. بحيث تتكامل مع شبكات الخطوط الحديدية والطرق، مما يسهم في تحسين كفاءة خطوط منظومة النقل واقتصاداتها.
خطوط النقل الحديدية
تقدم الاستراتيجية خدماتها في قطاع نقل الركاب والبضائع عبر شبكة يبلغ طولها 5,330 كم. من بينها 450 كم في مسار الخط الحديدي لقطار الحرمين السريع بين مكة المكرمة والمدينة المنورة. الذي يعد أكبر مشروع للنقل عالي السرعة في المنطقة.
وستحقق الاستراتيجية زيادة في مجموع أطوال السكك الحديدية المستقبلية تقدر بـ8,080 كم. وتتضمن مشروع “الجسر البري” بطول يتجاوز 1,300 كم. والذي ستتجاوز طاقته الاستيعابية 3 ملايين مسافر. وشحن أكثر من 50 مليون طن سنوياً، بهدف ربط موانئ المملكة على ساحل الخليج العربي بموانئ ساحل البحر الأحمر، مع فتح فرص جديدة وواعدة لهذا الخط عبر مروره بمراكز لوجستية حديثة. ومراكز للأنشطة الاقتصادية والمدن الصناعية والأنشطة التعدينية. وتحسين مؤشر الأداء اللوجستي للمملكة لتكون ضمن قائمة الدول العشر الأولى على مستوى العالم.
الطرقات والنقل البري
تستند الاستراتيجية على ركائز عالية الأهمية. تشمل كذلك شبكة الطرق الكبرى، التي تعد المملكة الأولى في ترابطها على مستوى العالم. كما ستكون المملكة من الدول المتقدمة على صعيد جودة الطرق وسلامتها. حيث تتضمن الاستراتيجية العديد من المبادرات التي تهدف لخفض أعداد ضحايا الحوادث إلى الحد الأدنى، أسوة بأفضل التجارب العالمية. وتحقيق كفاءة الربط وتطوير خدمات النقل العام في المدن السعودية. بالتوازي مع تحقيق المستهدفات على صعيد الاستدامة والمحافظة على البيئة وتقليل استهلاك الوقود بنسبة 25 في المئة. وتوفير حلول ذكية لتسهيل تنقل المسافرين بين المدن ونقل البضائع وفقاً لأحدث التقنيات المطبقة عالمياً.
اقرأ أيضا: المرحلة الرابعة من حافلات الرياض انطلقت وعدد المسارات يصل إلى 40
إنجازات عالمية
وإلى ذلك، حققت السعودية إنجازا جديدا في منظومة النقل والخدمات اللوجستية في عام 2023. بعد أن قفزت 17 مرتبة عالميا في المؤشر اللوجستي الصادر عن البنك الدولي.
وتقدمت المملكة إلى المرتبة 38 من بين 160 دولة في الترتيب الدولي في مؤشر الكفاءة اللوجستية، بعد أن حققت قفزات واسعة في كفاءة الأداء عبر عدد من الموشرات الفرعية، أبرزها مؤشر الكفاءة اللوجستية، ومؤشر التتبع والتعقب، ومؤشر التوقيت، ومؤشر الجمارك، ومؤشر البنى الأساسية، ومؤشر الشحن البحري.
السعودية تحقق الصدارة العالمية في مؤشر أداء كفاءة موانئ الحاويات
وحققت المملكة الصدارة العالمية في مؤشر أداء كفاءة موانئ الحاويات الصادر عن البنك الدولي. وجاء ميناء الملك عبدالله في المرتبة الأولى بعد أن كان في المركز الثاني. وأحرز ميناء جدة الإسلامي المركز الثامن صعودًا من المركز 53 وتقدم ميناء الملك عبدالعزيز بالدمام إلى المرتبة الـ 14 بعد أن كان في المركز 102 بما يعزز تنافسية الموانئ السعودية.
مؤشر اتصال شبكة الملاحة البحرية
وسجلت المملكة تقدماً في مؤشر اتصال شبكة الملاحة البحرية الصادر عن (الاونكتاد) إلى معدل 71.33 نقطة. نتيجة إضافة 25 خطاً ملاحياً وخدمات شحن جديدة حتى نهاية 2022، بالتعاون مع كبرى شركات الملاحة العالمية.
مبادرات وزارة النقل والخدمات اللوجستية
كما أطلقت وزارة النقل والخدمات اللوجستية حزمة من المبادرات في القطاع اللوجستي، لرفع كفاءة الأداء، وإعادة هندسة الإجراءات. وتطبيق أفضل الممارسات العالمية في هذا القطاع الحيوي. ولتعزيز مكانة المملكة كمركز لوجستي عالمي.
المنطقة اللوجستية في مطار الملك خالد الدولي
شملت مبادرات وزارة النقل والخدمات اللوجستية في السعودية إطلاق المنطقة اللوجستية الخاصة والمتكاملة في مطار الملك خالد الدولي بالرياض. وإعلان شركة “آبل” كأول مستثمر دولي فيها، وكذلك إطلاق 19 منطقة لوجستية في مناطق المملكة.
تراخيص لـ1,500 شركة لوجستية محلية وإقليمية وعالمية
وأطلقت الوزارة الرخصة اللوجستية الموحدة، لتطوير بيئة العمل، وتيسير إجراءات منح التراخيص. وتسريع الأعمال في قطاع الخدمات اللوجستية. كما تم الترخيص لأول مرة لـ 1,500 شركة لوجستية محلية وإقليمية وعالمية. وإطلاق مبادرة الفسح خلال ساعتين بالتعاون مع الجهات الحكومية ذات العلاقة.
وتعمل الوزارة وفق منهجية تسعى للصعود بتراتبية المملكة ضمن أفضل 10 دول في مؤشر الأداء اللوجستي بحلول 2030. وتنمية صناعة الخدمات اللوجستية، وتعزيز استراتيجية الصادرات، وتوسيع فرص الاستثمار. وتكريس الشراكة مع القطاع الخاص، حيث يعد قطاع الخدمات اللوجستية أحد الركائز الرئيسة الداعمة للتنوع الاقتصادي والتنموي بالمملكة.
المراكز اللوجستية
وكجزء من مستهدفات الاستراتيجية الوطنية للنقل والخدمات اللوجستية، يأتي المخطط العام للمراكز اللوجستية، الذي أطلقه ولي العهد السعودي.
ويهدف إلى تطوير آليات الربط بين شبكات التجارة محليا وإقليميا ودوليا. ودعم سلاسل الإمداد العالمية. والاستفادة من الموقع الجغرافي للمملكة بين 3 قارات (آسيا وأفريقيا وأوروبا). وزيادة الكفاءة التصديرية لمنتجات الصناعات المحلية. ودعم التجارة الإلكترونية. وتسهيل الربط بين المراكز اللوجستية ومراكز التوزيع داخل المملكة. وتيسير استخراج تراخيص مزاولة النشاط اللوجستي. وإطلاق الرخصة اللوجستية الموحدة ومنحها لنحو 1500 شركة محلية وإقليمية وعالمية. وإطلاق مبادرة الفسح خلال ساعتين بالتعاون مع الجهات الحكومية ذات العلاقة.
ويقام المخطط على مساحة تقدر بـ100 مليون متر مربع ويضم 59 مركزا لوجستيا تشمل:
12 مركزا لوجستيا لمنطقة الرياض.
12 مركزا لوجستيا لمنطقة مكة المكرمة.
17 مركزا لوجستيا للمنطقة الشرقية.
18 مركزا لوجستيا في بقية مناطق المملكة.
ويجري العمل في الوقت الحالي بـ 21 مركزا لوجستيا، بينما من المقرر أن يتم استكمال جميع المراكز اللوجستية بحلول عام 2030.
الإصلاحات في منظومة النقل والخدمات اللوجستية
وفي هذا السياق كان قد أعلن صالح الجاسر، وزير النقل والخدمات اللوجستية السعودي، في وقت سابق أن “المخطط العام للمراكز اللوجستية يدعم النمو الاقتصادي ويسهم في تحقيق التنمية المستدامة”.
وأشار إلى أن منظومة النقل والخدمات اللوجستية شهدت إصلاحات هيكلية وتشغيلية واسعة منذ إطلاق الاستراتيجية الوطنية للنقل والخدمات اللوجستية في 2021. ولفت الجاسر إلى تطورات كبيرة شهدتها المملكة في هذا القطاع شملت:
- إطلاق السياسة العامة الحديثة لقطاع البريد.
- تدشين المنطقة اللوجستية المتكاملة بالرياض.
- إعلان شركة “آبل” كأول مستثمر دولي بها.
- إطلاق 19 منطقة لوجستية.
- توقيع اتفاقيات مع شركات عالمية لتدشين مناطقها اللوجستية في موانئ المملكة.
- إطلاق 20 خط ملاحي جديدة خلال النصف الأول من 2023 لربط موانئ المملكة بالعالم.
- تدشين خدمة التصدير من الميناء الجاف بالرياض عبر الخطوط الحديدية لأول مرة.
منطقة لوجستية بالدمام بـ 267 مليون دولار
وفي آخر خطوات المملكة في إطار تطوير قطاع النقل والخدمات اللوجستية، وقَّعت الهيئة العامة للموانئ “موانئ” والشركة السعودية العالمية للموانئ “SGP“، عقداً لإنشاء منطقة لوجستية متكاملة بميناء الملك عبدالعزيز بالدمام. بقيمة استثمارية من القطاع الخاص، تناهز مليار ريال (حوالي 267 مليون دولار)، وبمساحة تتجاوز مليون متر مربع.
وفي هذا الإطار أكد رئيس الهيئة العامة للموانئ عمر حريري، أن المنطقة اللوجستية الجديدة تأتي في إطار سعي “موانئ” للإسهام في زيادة عدد المناطق اللوجستية بالموانئ. ليصبح عددها 12 منطقة ومركزاً لوجستياً حالياً. وبما يسهم في رفع ترتيب المملكة ضمن مؤشر أداء الخدمات اللوجستية من المرتبة 38 حالياً إلى المرتبة 10 عالمياً وضمان ريادتها إقليمياً.
أنقر هنا للاطلاع على المزيد من أخبار النقل والخدمات اللوجستية.