في عصر لم يعد فيه استخدام الطاقة النظيفة خيارًا بل ضرورة ملحة، تواصل “مصدر” الوقوف في طليعة التحول العالمي نحو الطاقة المستدامة. كإحدى الشركات الرائدة في قطاع الطاقة النظيفة في الإمارات، تعكس رحلة “مصدر” اللافتة منذ تأسيسها في العام 2006 وحتى وصولها الحالي كرائدة في مجال الطاقة النظيفة بقدرة تزيد عن 31.5 جيجاوات، رؤية تجمع بين الابتكار والتوسع الاستراتيجي والالتزام الثابت بالاستدامة.
في هذه المقابلة الحصرية، نجلس مع محمد جميل الرمحي، الرئيس التنفيذي لشركة “مصدر”، لاستكشاف الاستراتيجيات الرئيسية والابتكارات التي ساهمت في النمو السريع للشركة. كما نتطرق في هذا الحوار إلى المستهدفات الطموحة للشركة للعام 2030، واللحظات الفارقة التي نسجت خيوط نجاحها. هذا وتواصل “مصدر” رسم معالم عالم أكثر نقاءً وخضرة، مستشرفةً آفاق المستقبل.
تحت قيادتك، نمت “مصدر” لتصبح واحدة من الشركات الرائدة عالميًا في مجال الطاقة النظيفة، حيث تمتلك محفظة مشاريع عالمية لافتة تتجاوز 30 جيجاوات من قدرة الطاقة النظيفة. ما هي الاستراتيجيات الرئيسية والابتكارات التي ساهمت في هذا النمو الملحوظ، وكيف تعمل “مصدر” نحو تحقيق هدفها الطموح المتمثل في 100 جيجاوات بحلول العام 2030؟
باعتبارها رائدة في مجال الطاقة النظيفة في الإمارات، تواصل “مصدر” تميزها في هذا القطاع منذ حوالي عشرين عامًا، منذ إطلاقها من قبل حكومة أبوظبي في العام 2006. اليوم، ارتفعت قدرة “مصدر” إلى أكثر من 31.5 جيجاوات من الطاقة النظيفة العالمية، بعد تطوير مشاريع في أكثر من 40 دولة عبر ست قارات.
لقد كانت رحلة النمو غير المسبوقة لـ “مصدر” مدفوعة بشكل كبير بالتحول العالمي نحو الطاقة المتجددة، لكنها أيضًا كانت رحلة ذاتية الدفع. بفضل تفويض واضح من جانب مساهمينا – طاقة، أدنوك، ومبادلة – لزيادة قدرتنا العالمية على الطاقة النظيفة إلى 100 جيجاوات بحلول العام 2030، نحن على المسار الصحيح لنصبح واحدة من أكبر شركات الطاقة النظيفة في العالم.
ولتحقيق هذه الأهداف الطموحة، نتبنى استراتيجية تجمع بين التطوير العضوي – الذي يتضمن إنشاء مشاريع الطاقة النظيفة من الألف إلى الياء، وهو ما كان يمثل قوتنا الأساسية تقليديًا – والتوسع غير العضوي، لاسيّما من خلال عمليات الدمج والاستحواذ المستهدفة التي تركز على منصات تشغيل كاملة أو محافظ مشاريع.
تكمن ميزة “مصدر” التنافسية في هذا المزيج الفريد الذي لا يزال يشكل القوة الدافعة وراء نجاحنا: رؤية قيادة الإمارات لتسريع الانتقال الطاقي وتوفير الطاقة النظيفة محليًا وعالميًا، بالإضافة إلى الدعم القوي من مساهمينا الثلاثة، وفريق متميز من موظفي “مصدر” الذين يعملون بدقة واجتهاد لتنفيذ استراتيجيتنا في سبيل تحقيق هدفنا المتمثل في الوصول إلى 100 جيجاوات من قدرة الطاقة النظيفة بحلول العام 2030.
شهد هذا العام نشاطًا مكثفًا بشكل خاص بالنسبة لـ “مصدر” في مجال الدمج والاستحواذ. هل يمكنك مشاركتنا المزيد عن المعاملات البارزة لـ “مصدر” في العام 2024 وكيف تتماشى مع استراتيجيتها الشاملة؟
حققت “مصدر” عامًا قياسيًا في أنشطة الدمج والاستحواذ في عدة أسواق رئيسية، تشمل إسبانيا، اليونان، والولايات المتحدة. كان تركيزنا خلال العام 2024 على تعزيز وجودنا العالمي لضمان أن تمتلك “مصدر” حضورًا محليًا بالإضافة إلى القدرات الضرورية لتحقيق طموح 100 جيجاوات بحلول العام 2030.
في إسبانيا، أبرمنا شراكة مع واحدة من أكبر شركات المرافق في العالم، إنيل، وشركتها الفرعية إنديسا، في صفقة بقيمة 1.7 مليار يورو لمشاريع طاقة شمسية وتخزين بطاريات بقدرة 2.5 جيجاوات. كما أكملنا استحواذًا تاريخيًا بقيمة 1.2 مليار يورو على شركة سايتا ييلد من بروكفيلد، مما سيمكن “مصدر” من الحصول على محفظة تضم 745 ميجاوات من الأصول الريحية، وخط أنابيب تطوير بقدرة 1.6 جيجاوات في إسبانيا والبرتغال، بالإضافة إلى إضافة فريق إدارة متميز إلى المجموعة.
وفي اليونان، قمنا بتنفيذ أكبر صفقة طاقة في تاريخ بورصة أثينا – واحدة من أكبر الصفقات في تاريخ أوروبا – مع استحواذ بقيمة 3.2 مليار يورو على شركة تيرنا إنيرجي، التي تستهدف تحقيق 6 جيجاوات من قدرة الطاقة النظيفة في البلاد بحلول العام 2029. تُعتبر هذه الشركة اسمًا بارزًا في سوق الطاقة المتجددة الأوروبية، ونسعد بأن تكون هذه القدرات جزءًا من “مصدر” في المستقبل.
وفي الولايات المتحدة، وسعنا وجودنا في هذا السوق الأساسي من خلال الاستحواذ بنسبة 50 في المئة على شركة تيرا-جن، واحدة من أكبر شركات الطاقة المتجددة المستقلة في الولايات المتحدة، مع محفظة تشغيلية إجمالية تبلغ 3.8 جيجاوات من مشاريع الرياح والطاقة الشمسية وتخزين البطاريات، بما في ذلك 5.1 جيجاوات ساعة من مرافق تخزين الطاقة عبر 30 موقعًا للطاقة المتجددة. كما تمتلك تيرا-جن خط أنابيب تطوير قوي يتجاوز 12 جيجاوات، مع مزرعة رياح وحديقة شمسية جديدة ستبدأ العمليات التجارية في العام 2025.
لقد ساهمت هذه الصفقات البارزة في تعزيز مكانة “مصدر” الرائدة في أوروبا والولايات المتحدة، بينما نواصل توسيع وجودنا العالمي في هذه الأسواق الرئيسية الضرورية لتحقيق هدفنا للعام 2030.
اقرأ أيضاً: “مصدر” تستكمل صفقة الاستحواذ على “تيرنا إنرجي” اليونانية
لقد كان عامًا حاسمًا أيضًا لـ “مصدر” في منطقتنا، حيث استمر التوسع السريع في الشرق الأوسط. هل يمكنك إطلاعنا على المزيد حول نموكم الإقليمي هذا العام؟
بينما نواصل التوسع عالميًا، تبقى جذورنا راسخة في الشرق الأوسط، حيث تعتبر المنطقة أساسية لاستراتيجيتنا العامة للنمو، خصوصًا مع تبنيها للطاقة المتجددة بوتيرة غير مسبوقة.
كان نمو “مصدر” في المملكة العربية السعودية بارزًا هذا العام، حيث حصل الائتلاف الذي تقوده “مصدر” على الحق في تطوير مشروع الطاقة الشمسية بقدرة 2 جيجاوات في محطة الصداوي، بالإضافة إلى إغلاق مالي لمرفق البنية التحتية متعددة المرافق في أمالا، والذي يتضمن حديقة شمسية بقدرة 250 ميجاوات و700 ميجاوات ساعة من تخزين البطاريات.
وفي وطننا الإمارات، بذلنا جهودًا كبيرة، حيث أتممنا الإغلاق المالي لمشروع الطاقة الشمسية الكهروضوئية بقدرة 1.5 جيجاوات لمشروع محطة العجبان، الذي سيصبح واحدًا من أكبر مشاريع الطاقة الشمسية في العالم. وهذا سيجعل الإمارات موطنًا لأربعة من أكبر مشاريع الطاقة الشمسية عالميًا، بما في ذلك محطتي “الظفرة” و”نور أبوظبي” ومجمع محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية.
إن استمرار نموّنا في المنطقة يعكس سرعة تنفيذ مشاريع الطاقة النظيفة في الشرق الأوسط ويؤكد التزامنا بتوفير الطاقة النظيفة محليًا وعالميًا.
أخيرًا، كنت جزءًا من رحلة “مصدر” منذ العام 2008، حيث شغلت مناصب قيادية رئيسية قبل أن تتولى منصب الرئيس التنفيذي للشركة. كيف أثرت قيادتك الاستراتيجية على تطور “مصدر”، وما هي اللحظات الفارقة التي شكلت معالم قصة نجاحها؟
لقد كان شرفًا عظيمًا لي أن أقود “مصدر” كرئيس تنفيذي، وأن أكون جزءًا من قصتها لأكثر من عقد ونصف، مساهمًا في تشكيل مسارها.
عندما أُسست “مصدر”، كان قطاع الطاقة المتجددة لا يزال في مراحله الأولى. وقد لعبت “مصدر” دورًا محوريًا في تطوير هذا المجال. إن قصة نجاحنا متشابكة بعمق مع تطور قطاع الطاقة المتجددة على مستوى العالم.
تنبع رؤية تأسيس “مصدر” من الالتزام الطويل الأمد للإمارات بالاستدامة، والذي تجذّر في ثقافتنا منذ تأسيس الدولة.
وتجلّى هذا الالتزام بوضوح عندما استضافت الإمارات مؤتمر COP28 خلال العام الماضي، حيث تولّى معالي الدكتور سلطان الجابر، رئيس مجلس إدارة “مصدر” والرئيس التنفيذي المؤسّس، منصب رئيس COP28، مع اعتماد الإجماع (اتفاق الإمارات) التاريخي الذي أسفر عن التزام عالمي بزيادة قدرة الطاقة النظيفة في العالم بمعدل ثلاثة أضعاف.
بينما تواصل “مصدر” التطور والنمو بوتيرة قياسية، سنظل نساند العالم في طموحاته لزيادة قدرة الطاقة النظيفة العالمية بمقدار ثلاثة أضعاف، بينما نعمل على رفع قدرتنا الخاصة إلى 100 جيجاوات بحلول العام 2030.
انقر هنا للاطلاع على المزيد من المقابلات الخاصة.