قفز تضخم أسعار المستهلكين في مدن مصر على أساس سنوي إلى 8.8 في المئة خلال فبراير/شباط، وهو الأعلى منذ نحو 3 سنوات حين بلغ 9.4 في المئة في يونيو/حزيران 2019.
ويُتوقع أن تواجه المالية العامة مزيداً من الضغوط في ضوء ارتفاع أسعار السلع الأولية والغذاء والانخفاض المحتمل في أعداد السياح الروس نتيجة الحرب الروسية – الأوكرانية، ما يلقي الضوء على ما أعلنه مصرف الاستثمار الاميركي “جي ببي مورغان” من أن هناك حاجة الان الى خفض سعر الجنيه المصري.
وكان ارتفاع التضخم بلغ 7.3 في المئة لشهر يناير/كانون الثاني الماضي، بحسب بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.
وجاء التضخم المسجل أعلى من مستهدف المصرف المركزي المصري (7 في المئة) حتى نهاية 2022. وكان التضخم في مصر قفز بعدما حررت الدولة سعر صرف الجنيه في نهاية 2016.
وأظهرت البيانات أن الرقم القياسي لأسعار المستهلكين لإجمالي الجمهورية سجل ارتفاعاً قدره 2 في المئة في فبراير/شباط مقارنة بشهر يناير/كانون الثاني.
وقال المتحدث باسم مجلس الوزراء المصري، السفير نادر سعد، إن الزيادات الأخيرة في الأسعار مرتبطة بالأزمة الروسية – الأوكرانية، وكان هناك موجة تضخم عالمية قبل اندلاع هذه الأزمة. وأوضح أن الأزمة بين روسيا وأوكرانيا زادت من حدة ارتفاع الأسعار، خصوصا مع الزيادة التي أثرت على مجمل السلع الغذائية.
وكانت شركة “فاروس” لتداول الأوراق المالية، قد كشفت في مذكرة بحثية حديثة، أنه إذا لم يحدث رفع للدعم عن الخبز في مصر، فإنه في أصعب القراءات للتضخم في الربع الثالث من العام 2022 سيكون في حدود 9 في المئة، لكن تمرير جزء من ارتفاعات القمح عالمياً إلى المواطن ورفع الدعم عن الخبز قد ينتج عنه ارتفاع نسبة التضخم إلى 12 في المئة.
تكاليف استيراد القمح
وبسبب الحرب في أوكرانيا، تواجه مصر تكاليف أعلى بسبب احتياجها الشديد لاستيراد القمح، إضافة إلى فقدها عائدات من السياحة من الزائرين الروس والأوكرانيين لمنتجعات البحر الأحمر.
وعلى رغم ذلك، نفت الحكومة المصرية وجود أي تأثير للأزمة على الاحتياطي الاستراتيجي من القمح حتى الآن.
هل يخفض الجنيه المصري؟
في ظل هذه الاجواء، توقع محللون لدى مصرف الاستثمار “جيه.بي مورغان” أن تعاني المالية العامة لمصر، التي تواجه ضغوطاً أصلاً، المزيد من الضرر في ضوء ارتفاع أسعار السلع الأولية والغذاء والانخفاض المحتمل في أعداد السياح الروس.
وتوقع تقرير صادر عن “جي بي مورغان” “أن تكون هناك حاجة الآن على الأرجح إلى خفض سعر الصرف”، مقدّراً أن الجنيه المصري حالياً أعلى من قيمته بأكثر من 15 في المئة.
وطرح المصرف الأميركي سيناريوهات عدة، الأول يتمثل في عدم خفض قيمة العملة، وسيناريو ثان مشابه للفترة 2014-2015 عندما سمحت السلطات للعملة بالانخفاض حوالي 5 في المئة، والثالث يتمثل في خفض أكبر في القيمة في إطار برنامج جديد مع صندوق النقد.
من جانبه، قال رئيس شركة “كاتليست بارتنر” ماجد شوقي إن السيناريو الذي يتوقع تكرار الاقتصاد المصري سيناريو عام 2014-2015 “مستبعد جداً”.
ونتج عن تحليل السيناريو هذا انخفاض محتمل مرجح بنسبة 8.5 في المئة عن السعر الحالي مقابل الدولار الأميركي، حيث أن سعره المستهدف هو انخفاض العملة إلى 17.25 جنيهاً للدولار.
البيانات
وتشير بيانات “رفينيتيف”، إلى أن سعر العملة المصرية بلغ مؤخراً 15.72 جنيهاً للدولار، منخفضة حوالي 10 في المئة عن السعر المستهدف لـ “جيه.بي مورغان”.
وكانت بيانات حديثة أشارت إلى قيام عدد من المستثمرين ببيع سندات خزانة مصرية بنحو 1.19 مليار دولار في ثلاثة أيام فقط، مع استمرار النشاط في السوق الثانوية يوم الثلاثاء، بحسب “رويترز”.
ووفق بيان، كشفت إدارة البورصة المصرية، أن المستثمرين غير المصريين باعوا يوم الثلاثاء، سندات خزانة بقيمة 5.79 مليارات جنيه مصري (369.73 مليون دولار) بعد أن باعوا سندات بقيمة 7.79 مليارات جنيه يوم الاثنين، و 5.10 مليارات جنيه في تعاملات جلسة الأحد الماضي، وفق ما ذكرت “رويترز”.
وقال مصرفيون إن المستثمرين يقلصون مراكزهم في مصر منذ الغزو، مما يعكس مخاوف من عجز كبير في الحساب الجاري والموازنة في مصر، فضلا عن الانكشاف على مخاطر احتمال قيام مجلس الاحتياطي الفدرالي برفع أسعار الفائدة. ويقولون إن المستثمرين يخشون تقلص قيمة حيازاتهم إذا اضطرت مصر لخفض قيمة عملتها.