ما هو مصير الاكتتابات العامة في دول الخليج في العام 2023؟ وهل سنشهد الزخم نفسه الذي سُجل في العام 2022؟
تساؤلات كثيرة تطرح عما اذا كانت هذه العمليات ستستسمر والنجاح نفسه الذي سجلته العمليات السابقة في ظل تدابير رفع اسعار الفائدة وانتقال الاستثمارات الى أدوات أكثر ربحية في الولايات المتحدة.
فمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا عموماً كانت تعج بنشاط الاكتتاب العام الأولي هذا العام، حيث تم جمع حوالي 21 مليار دولار من العروض – وهي أعلى حصة بعد عام 2019 عندما طرحت شركة “أرامكو” السعودية للاكتتاب العام في طرح بقيمة 29 مليار دولار.
توازياً، تضاعف عدد الشركات الجديدة التي تتخذ من منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا مقراً لها والمدرجة في بورصات المنطقة، بأكثر من ثلاثة أضعاف.
وواصلت سوق الطرح العام الأولية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، التي شهدت قيام تسع شركات بجمع 9 مليارات دولار من عائدات مبيعات أسهمها، مسيرتها القوية في الربع الثالث، حيث جمعت سبع اكتتابات عامة ما يقرب من 1.5 مليار دولار.
في المقابل، سُجل على الصعيد العالمي ما مجموعه 992 اكتتاباً أولياً حتى نهاية أكتوبر/تشرين الاول من هذا العام، بانخفاض 44 في المئة عن الفترة نفسها من عام 2021 ، وفقًا لبيانات “ارنست أند يونغ”.
ويبدو أن المستثمرين العالميين يجدون أن المنطقة جذابة بشكل متزايد بعد أن تعافت اقتصادات الشرق الأوسط بسرعة من التباطؤ الناتج عن فيروس كوفيد، مدعومةً بارتفاع أسعار النفط.
مع الاشارة في هذا المجال إلى أن المنطقة باتت جزءاً من مؤشرات دولية مثل MSCI و FTSE وتجتذب بالتالي كلاً من المشاركة الإقليمية والأجنبية من الصناديق المعروفة.
السعودية والامارات الأكثر نشاطاً
تقول “غلوبال كابيتال” التي تعتبر من أهم مصادر للمعلومات لأسواق رأس المال الدولية، إن “النشاط المتزايد سيستمر في كل من المملكة العربية السعودية والامارات العربية المتحدة اللتين تواصلان بناء اقتصادهما وجذب الاستثمار الاجنبي.
بحسب التقرير، فإنه مع انتهاء مباريات كرة القدم العالمية في قطر، سيتحول الاهتمام بعيدا عن الشرق الاوسط ويعود الى طبيعته.
“لكن بالنسبة الى من يهتمون بالاسواق المالية، لم تكن احتفالات كرة القدم هي الحدث الاكبر والاهم في الشرق الاوسط وشمال أفريقيا في 2022. ففيما كانت نشاطات الاكتتابات العامة في أمكنة أخرى في العالم تشهد تراجعاً بسبب الاداء الأسوأ للاسواق، كنت هذه الصفقات تنتقل من قوة الى قوة”.
ويلفت التقرير الى ان الاموال كانت تتدفق الى السعودية والامارات، وخصوصا بعد الإنسحاب الروسي من مؤشرات مورغان ستانلي العالمية للأسواق في مارس/آذار.
“لقد كانت اسعار النفط المرتفعة عاملا مساهما بالطبع، لكن السعودية والامارات سجلتا مؤشرات ماكرواقتصادية قوية ونمواً اقتصاديا.. أما التضخم فهو أدنى بكثير مما هو عليه في الولايات المتحدة وأوروبا. لذا فهما لم تواجها التحديات نفسها، كما انهما تجريان اصلاحات هيكلية من أجل تنمية اقتصاداتهما وجذب رأس المال الأجنبي وتعزيز تدفق المواهب”، كما جاء في التقرير الذي اطلع عليه “إيكونومي ميدل إيست”.
كما قامت السعودية والامارات باتخاذ اجراءات جوهرية تسهل عمليات الطروحات في أسواقيهما، في ما يتعلق بتسهيل الاعمال كما اداء الاكتتابات العامة”.
وفقا لـ”بنك أوف أميركا”، برهنت السعودية والامارات أنهما كانتا قادرين على مواجهة تداعيات ما حصل في أوكرانيا. “نتوقع المسألة نفسها في 2023، الا في حال حصل تحول جوهري في المناخ الماكرواقتصادي لاسعار النفط”.
وتوقعت كل من “سيتي غروب” ومجموعة “غولدمان ساكس” استمرار ازدهار الاكتتابات العامة في منطقة الخليج خلال عام 2023.
وتوقع رئيس الخدمات المصرفية الاستثمارية في “سيتي غروب”، ميغيل أزيفيدو، أن تمتد فورة النشاط إلى 2023، مع إدراج حوالي 10 شركات أخرى.
وقال في مقابلة مع “بلومبرغ” “عام 2023 يجب أن يكون على الأقل بنفس جودة العام الحالي 2022″، وأن المزيد من الشركات العائلية، وكذلك الشركات التي تدعم التكنولوجيا والشركات التكنولوجية، من المرجح أن تطرح أسهمها في السوق في عام 2023، والتي ستمثل المرحلة التالية، بعدما شهد العامان الماضيان تدفقاً كبيراً للطروحات العامة للكيانات المملوكة للحكومات.
وفي قراءة لتصريحات العديد من المحللين، فإن الاتجاه القوي للاكتتابات العامة سيستمر العام المقبل، حيث يًتوقع حالياً مجموعة قوية من الاكتتابات الأولية القادمة من الإمارات والسعودية. ويضيفون أن معظم عملات دول مجلس التعاون الخليجي مرتبطة بالدولار، وهذا الامر يعتبر ميزة للمنطقة وأسهمها، حيث تضررت عملات الأسواق الناشئة الأخرى.
وفي وقت سابق هذا الشهر، نقلت “رويترز” عن مصدرين مطلعين أن مصرف “باركليز” البريطاني يتطلع إلى العودة للعمل في السعودية في محاولة لتأمين نصيب له من أسواق رأس المال المزدهرة في المملكة.
وأضاف المصدران أن المصرف البريطاني يبحث إمكانية الحصول على ترخيص في المملكة ليكون قادرا على إدارة الصفقات بما في ذلك الطروح العامة الأولية.
أهم الاكتتابات
وفي ما يلي تذكير بأهم الاكتتابات العامة التي سجلت في السعودية والامارات هذا العام:
- جمعت هيئة مياه وكهرباء دبي (ديوا) 6 مليارات دولار من طرحها العام، مما يجعلها أكبر صفقة لأسواق رأس المال حتى الآن هذا العام. علماً أن إدراج “ديوا” هو جزء من خطط دبي لإدراج 10 كيانات مملوكة للدولة لزيادة حجم سوق دبي المالي إلى 3 تريليونات درهم، وكذلك إنشاء صندوق “صانع السوق” بقيمة 2 ملياري درهم لتشجيع إدراج المزيد من الشركات الخاصة من قطاعات مثل الطاقة والخدمات اللوجستية والتجزئة.
- أمريكانا، أكبر مشغل مطاعم للخدمة السريعة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، من بين الشركات التي طرحت أسهمها هذا العام. جمعت الشركة 1.8 مليار دولار من طرحها العام الأولي في نوفمبر/ تشرين الثاني والمزدوج في بورصتي أبوظبي والسعودية.
- شركة أرامكو السعودية للزيوت الأساسية، المعروفة باسم لوبريف، هي أحدث شركة سعودية تتابع إدراجها في “تداول”. وقد جمعت أكثر من 1.32 مليار دولار من طرحها العام.
- جمعت “بيانات”، وهي شركة تقدم منتجات وخدمات البيانات الجغرافية المكانية مملوكة لشركة G42 للذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية ومقرها أبوظب ، أكثر من 628.5 مليون درهم من الاكتتاب العام في سوق أبوظبي للأوراق المالية.
- في أكتوبر/تشرين الأول، أدرجت شركة “برجيل” القابضة للرعاية الصحية في أبو ظبي أسهمها في بورصة أبوظبي بعد أن جمعت أكثر من 1.1 مليار درهم من بيع حصة 11 في المئة.
- ومن بين الشركات المدرجة الأخرى هذا العام، مشغّل المدارس “تعليم” و”سالك” و”تيكوم” ومجموعة موانئ أبوظبي و”بروج”.