ينصب اهتمام المسؤولين في سلطنة عُمان في هذه الأيام على مواكبة طفرة الاكتتابات العامة التي تشهدها دول الخليج، وأهمها في السعودية والإمارات.
ويتوقع أن تشهد بورصة مسقط قريباً جداً إدراجات مهمة كشفت عن أبرز ملامحها ثريا البلوشي، مديرة دائرة التنوّع الاقتصادي في جهاز الاستثمار العماني الذي يعتبر الصندوق السيادي للبلاد. فالبلوشي قالت في تصريح لـ”بلومبرغ” منذ أيام إن السلطنة تستهدف جمع نحو 6.5 مليارات دولار، عبر تخارج الجهاز من 30 مشروعاً حتى عام 2026.
والتخارج من الاستثمارات هو إجراء يقوم به اي مستثمر، سواء كان فرداً أم مؤسسة، يتمثل بالخروج من الاستثمار بشكل جزئي أو كلي عبر بيع حصته الى مستثمر آخر محلي او أجنبي. ويضمن هذا الاجراء استفادة المستثمر من بيع الحصة واستفادة المستثمر الجديد في تنمية الاستثمار واداء دور في الجوانب الاستراتيجية والمالية.
وسيتخارج الجهاز الذي أنشى بمرسوم سلطاني في العام 2020، قبل نهاية العام الحالي من 6 استثمارات في قطاعات متنوعة، من خلال طرح وحدتين تابعتين لشركة الطاقة (أوكيو)، بالإضافة إلى شركة صناعية، للاكتتاب العام. إلى جانب بيع حصص بشكل كامل أو جزئي في مشروعين تابعين لمجموعة “أسياد”، وآخر تابع لمجموعة فنادق ومنتجعات “عمران”، وفق البلوشي.
وقد أعلن الجهاز مؤخراً عن خطة استخراج وطنية في قطاعات الطاقة والصناعة والسياحة واللوجستيات. ويتوقع انجازها خلال خمس سنوات عبر التخارج من حوالي 30 من استثماراته الوطنية.
وبهذه الخطة، يستهدف الجهاز رفد الموازنة العامة بايرادات بيع حصصه في الاستثمارات واعادة توجيه جزء من العائدات في استثمارات جديدة ينتج عنها نمو الاقتصاد وتطوير القطاعات الاقتصادية وخلق فرص عمل جديدة. بالاضافة الى توسيع بورصة مسقط من خلال طرح أسهم تلك الحصص عبر اكتتابات عامة.
أما الهدف الأكبر الذي يصب اليه الجهاز فهو تنفيذ رؤية السلطنة 2040 والهادفة إلى بلوغ التنويع الاقتصادي وتقليل الاعتماد على النفط، وتمكين القطاع الخاص من قيادة عجلة الاقتصاد العماني.
وكان الرئيس التنفيذي لبورصة مسقط هيثم السالمي، كشف مؤخراً ان البورصة تسعى إلى إدراج 35 شركة مملوكة للدولة على مدى السنوات الخمس المقبلة، كاشفاً أن هذه الخطة ستطرح في النصف الثاني من العام الجاري.
وقد يُعلن طرح وحدتين لـ”أوكيو” عما قريب بعد إتمام جاهزية الطرح، منهما شبكتها لخطوط أنابيب الغاز، سيما وأن مصادر أعلنت منذ حوالي الشهرين أن عُمان تدرس خيارات عدّة تتعلق بشركة الطاقة الحكومية في إطار دعم السلطنة لمواردها المالية.
و”أوكيو” هي شركة طاقة متكاملة، يشمل نشاطها عمليات استكشاف وإنتاج النفط والغاز، وإدارة المصافي، وشبكة للبيع بالتجزئة، وأعمال البتروكيميائيات الكبيرة. وتشكلت من خلال اندماج شركة النفط العمانية مع العديد من الشركات، بما في ذلك شركة الغاز العُمانية المملوكة للدولة ومجموعة التكرير “أوربك” والشركة المُنتجة للكيميائيات (أوكسي).
وفي ديسمبر/كانون الأول الماضي، عدّلت وكالة “فيتش” تصنيف شركة الطاقة العمانية من “سلبي” الى “مستقر” مؤكدة على تصنيفها بمستوى “BB-“. كما اسهمت “أوكيو” بـ4.4 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي لسلطنة عمان في عام 2019، وهي واحدة من أكبر أرباب العمل في البلاد حيث يعمل لديها 6600 موظف.
ارتفاع النفط يعزز الموازنة
الاكتتابات العمانية المتوقعة تأتي في وقت تشهد دول الخليج طفرة مهمة في أسواقها المالية وعمليات اكتتابات عامة غير مسبوقة نجحت في جذب أعداد كبيرة من المستثمرين الدوليين. وبحسب بيانات “بلومبرغ”، جمعت المنطقة 13.4 مليار دولار في الأشهر الخمسة الأولى من العام، متجاوزة المبلغ الذي تم جمعه في أي نصف أول آخر.
لم يكن لدى عُمان أي طرح عام أولي كبير منذ عام 2010 عندما جمعت شركة الاتصالات “النورس”، المعروفة الآن باسم “أوريدو” عُمان، 475 مليون دولار.
وتوقع صندوق النقد الدولي الاسبوع الماضي أن ينمو الناتج المحلي في السلطنة بواقع 4.5 في المئة وأني حقق فائضاً مالياً يقدر بـ5.5 في المئة هذا العام مدفوعاً بما تحققه الانشطة النفطية من نمو في البلاد.
وأعلنت وزارة المالية تحقيق فائض في الموازنة في أربعة اشهر من العام الحالي بلغ 468 مليون ريال عماني، مقارنة مع عجز بلغ 828 مليون ريال عماني خلال الفترة المماثلة من العام الماضي.
وساهم ارتفاع سعر برميل النفط فوق 100 دولار في تحقيق فائض ي موازنة السلطنة.
وكانت عُمان، التي تحصل على 75 في المئة من عائداتها المالية من منتجات النفط والغاز بحسب وكالة “ستاندرد أند بورز”، دشنت بعض الإصلاحات لتنويع مصادر الإيرادات بما شمل فرض ضريبة القيمة المضافة بنسبة 5 في المئة العام الماضي.