يكشف تقرير حديث صادر عن شركة “ستراتيجي آند” الشرق الأوسط ومبادرة أخبار “جوجل” عن المشهد المتطور لاستهلاك الأخبار في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. ووفقاً للتقرير، فإن 68 في المئة من المستهلكين في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يعتمدون الآن على وسائل التواصل الاجتماعي كمصدر رئيسي للأخبار. ويعكس هذا تحولًا ملحوظًا في عادات استهلاك الأخبار التقليدية. بالإضافة إلى ذلك، يفضل 90 في المئة منهم الوصول إلى الأخبار عبر هواتفهم المحمولة.
ركز التقرير الصادر بعنوان “بناء قطاع أخبار حيوي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا” على تحليل ثلاثة من أكبر أسواق الإعلام الإخباري في المنطقة وهي مصر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة إذ تستحوذ هذه الأسواق الثلاثة مجتمعةً على 80 في المئة من الإنفاق الإعلاني في قطاع الترفيه والإعلام بالمنطقة.
التحديات المالية التي تواجه وسائل الإعلام التقليدية
في حين أن ظهور القنوات الرقمية يقدم فرصًا جديدة لنشر الأخبار، فإنه يفرض أيضًا تحديات مالية كبيرة على المؤسسات الإخبارية التقليدية.
يشير البحث إلى تعرض المؤسسات الإخبارية التقليدية العاملة في المنطقة لضغوط مالية ضخمة جرّاء التراجع السنوي في إيرادات الصحف والمجلات منذ العام 2018. ويتوقع التحليل استمرار انخفاض الإيرادات حتى العام 2027 بمعدل سنوي مركب -4 في المئة.
ومن المتوقع أيضًا أن تنخفض إيرادات الإعلانات المطبوعة بشكل حاد بنسبة 11.3 في المئة بحلول العام 2027. وهذا يزيد من تفاقم الضغوط المالية على وسائل الإعلام التقليدية.
وتعليقًا على ذلك، صرح كريم سركيس الشريك في “ستراتيجي آند” الشرق الأوسط – جزء من شبكة برايس ووتر هاوس كوبرز – ورئيس قطاع الإعلام والترفيه بمنطقة الشرق الأوسط قائلًا “أدت التغييرات المتسارعة في قطاع الإعلام الإخباري في المنطقة إلى خلق العديد من مسارات النمو الحقيقية. ومن أجل الاستفادة المثلى من هذه الفرص، ينبغي على المؤسسات الإخبارية إجراء التحول الرقمي، واعتماد نماذج أعمال مستدامة، والاستفادة من المرونة والابتكار والإنتاجية في العمليات التشغيلية.”
استراتيجيات النمو
لمواجهة هذه التحديات، تحتاج المؤسسات الإخبارية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى تبني التحول الرقمي وتجديد نماذج أعمالها. يقترح التقرير التركيز على أنواع المحتوى الجديدة والأشكال واستراتيجيات المشاركة الرقمية لتلبية تفضيلات المستهلكين المتغيرة بشكل أفضل. ومن الجدير بالذكر أن 45 في المئة من المشاركين قد أبدوا استعدادهم لدفع مقابل مالي نظير الحصول على تقارير إخبارية عالية الجودة ولاسيما في الفئات الرائجة مثل الترفيه، والصحة، والرياضة.
من المتوقع أن ترتفع إيرادات الإعلانات في المنطقة بمعدل نمو سنوي مركب 6 في المئة بين العامين 2022 و2027 مقابل 4.5 في المئة على مستوى العالم. إلا أن المؤسسات الإخبارية التي تعتمد نماذج أعمال تقليدية سيكون أمامها آفاق نمو محدودة في ظل التراجع المتوقع في إيرادات الصحف والمجلات في المنطقة بمعدل سنوي مركب 4 في المئة بين العام 2022 و2027. وتجدر الإشارة أيضًا إلى وجود فرصة كبيرة لنمو الإنفاق على الإعلانات الرقمية في المنطقة، إذ وصلت نسبته إلى 79 في المئة من إجمالي الإنفاق الإعلاني البالغ 7.6 مليار دولار في العام 2022، وسط توقعات بأن يفوق النمو العالمي بحلول العام 2027، بزيادة قدرها 6.9 في المئة مقابل 6.5 في المئة على مستوى العالم.
الفجوة بين الأجيال
من الضروري أن تعمل المنافذ الإخبارية على تعديل أساليب التفاعل والتواصل مع المستهلكين بما يتناسب مع الاحتياجات الخاصة للفئات الديموغرافية المختلفة. فعلى الرغم من أن 61 في المئة من المشاركين في الاستطلاع في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا قد زادوا من استهلاكهم للأخبار في السنوات الثلاث الماضية، إلا أن وتيرة استهلاك الأخبار تختلف بشكل كبير بحسب العمر.
ويكشف التقرير أن الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و24 عامًا، يتابعون الأخبار بوتيرة أقل من المستهلكين فوق 45 سنة الذين يطلعون على الأخبار يوميًا. وتشكل فئة الشباب شريحة كبيرة غير مستغلة من السوق، إذ تقدر نسبة من دون 30 سنة بواقع 54 في المئة من إجمالي السكان، وهي واحدة من أعلى النسب في العالم.
فإذا أرادت وسائل الإعلام الإخبارية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الاستفادة من فرص النمو المتاحة، فإن الاستراتيجيات الجديدة لتحديث وتعزيز النظام البيئي تعد أمرًا بالغ الأهمية.
ويسلط التقرير الضوء على ضرورة تحقيق ثلاثة أهداف وهي:
- التحول الرقمي
- تحديث البيئة التمكينية
- تعزيز موثوقية ومصداقية المنظومة الإخبارية
اقرأ أيضًا: إكسنس تعيد صياغة علامتها التجارية احتفالًا بمرور 15 عاماً من النمو الاستراتيجي المتميز
تعزيز المنظومة الإخبارية
وختامًا، صرح كريم داوود الشريك في “ستراتيجي آند” الشرق الأوسط – جزء من شبكة برايس ووتر هاوس كوبرز – قائلًا: “لتحقيق الازدهار في قطاع الإعلام الإخباري، يجب العمل على توفير بيئة تمكينية حديثة وهو ما يتطلب تعاون كل الجهات المعنية في جهود التحديث.”
ويشمل ذلك الحكومات والجهات التنظيمية ومنصات التكنولوجيا العالمية والمعلنين والأوساط الأكاديمية والمؤسسات الإخبارية. ويؤكد التقرير أيضًا على الحاجة إلى برامج تنمية المواهب والدعم المالي المستهدف. كما يسلط الضوء على أهمية مبادرات التثقيف الإعلامي والإطار التنظيمي المحدث لدعم المنظومة الإخبارية.
إلى ذلك، من الممكن أن تعمل الاستثمارات في البنية التحتية التكنولوجية بما في ذلك الحلول السحابية والذكاء الاصطناعي وأدوات التعلم الآلي على تعزيز الكفاءة التشغيلية وتحسين جودة التقارير.
انقر هنا للاطلاع على المزيد من أخبار المنوعات.