أطلقت آرثر دي ليتل، شركة الاستشارات الإدارية الرائدة، تقريراً جديداً سلّطت فيه الضوء على آفاق نمو نماذج الخدمات المصرفية كخدمة (BaaS) والفرص والإمكانات التنافسية التي توفرها لمنطقة الشرق الأوسط. وأشار التقرير الذي حمل عنوان ” نماذج الخدمات المصرفية كخدمة: ضرورة حيوية لبنوك المستقبل” إلى أن سوق “الخدمات المصرفية كخدمة” لا تزال صغيرة نسبياً حتى الآن، ويقتصر الاستثمار فيها على البنوك الرقمية ومؤسسات التكنولوجيا المالية والمنصات الرقمية غير المالية، ومع ذلك، وبينما تشهد الأسواق التقليدية والهامشية لهذا النوع من نماذج الخدمات، تحديات متزايدة نتيجة المنافسة من جانب الشركات الجديدة والمبتكرة في السوق، تشكل نماذج الخدمات المصرفية كخدمة مجالاً مهماً وركيزة أساسية لتعزيز محافظ أعمال البنوك الحالية والقائمة.
ويستكشف التقرير التوجهات المتزايدة لاعتماد نماذج الخدمات المصرفية كخدمة” من جانب البنوك الصغيرة والمتوسطة على نطاق محدود. وفي ظل هذه التوجهات من المتوقع نمو سوق الخدمات المصرفية كخدمة بمعدل نمو سنوي مركب يصل إلى نحو 25%، ما يعني احتمالي نمو إيرادات هذه الشريحة من الخدمات إلى 5 مليارات دولار أو ما يعادل 4% من إجمالي الايرادات المصرفية في منطقة الشرق الأوسط بحلول عام 2026.
وتساهم الخدمات المصرفية كخدمة (BaaS) في خفض نفقات البنوك عبر تمكينها من إعادة هيكلة قواعد تكاليفها بشكل جذري، والمساهمة بالتالي في الحد من حجم النفقات الأساسية إجمالاً، وتحويل المتبقي منها إلى تكاليف متغيرة: وينبغي على البنوك العاملة في المنطقة أن تتجه نحو تبني الخدمات المصرفية كخدمة (BaaS) باعتبارها عامل تمكين رئيسي لرحلة التحول واغتنام الفرص والإمكانيات التي توفرها الابتكارات الناشئة، مع قيام الجهات التنظيمية بتحديد الأطر التي يمكنها المساهمة في دعم هذه التوجهات.
إمكانيات BaaS
في أعقاب هذا التوسع، من المرجح أن تشهد الأسواق طفرة نمو ثانوية، مدفوعة بوعي البنوك الحالية الأكبر حجماً لضرورة تبني الخدمات المصرفية كخدمة (BaaS) بهدف الحفاظ على ريادتها وتنافسيتها. ومن المتوقع أن تصل إيرادات خدمات BaaS إلى 28 مليار دولار بحلول عام 2031، ما يعادل حوالي 17% من إجمالي إيرادات القطاع المصرفي في منطقة الشرق الأوسط. وستتحول خدمات BaaS التي يتم تطويرها في ضوء الأنشطة والعمليات الأساسية للبنوك، إلى منصة قوية يمكن الارتكاز عليها لإعادة تحديد معايير السوق الحالية، وتعزيز مستويات الرضا لدى المستثمرين. وتُعد المدفوعات والحسابات من العناصر الأساسية التي ستساهم في دفع النمو الأولي، نظراً لسهولة دمج هذه المنتجات ضمن مسار التحول. ومن المرجح أن تنتقل ملامح التحول لتطال قروض المستهلكين للأفراد، تماشياً مع الإقبال الكبير الذي تشهده حلول مثل “اشتر الآن، وأدفع لاحقاً” من جانب المستهلكين عبر المنطقة.
وتصنف آرثر دي ليتل، مزودي الخدمات عبر 4 مجالات أساسية، تختلف حسب الترخيص المصرفي والخدمات التي توفرها:
- مزود بترخيص بحتي: وتضم هذه الفئة البنوك التقليدية في المنطقة، والتي عادة ما تعاني من تحديات على مستوى التقنيات وواجهات برمجة التطبيقات (APIs). وتقدم هذه البنوك تراخيصها للبنوك الرقمية أو شركاء نماذج الخدمات المصرفية كخدمة BaaS.
- مزود متعدد الأنشطة بترخيص قياسي وقدرة على تطوير واجهات برمجة التطبيقات: تتمتع هذه الفئة من المزودين بقدرات تقنية فائقة، كما تتميز بأدائها الاستثنائي في مجال واجهة برمجة التطبيقات، بالإضافة إلى تراخيص خدمات مصرفية، ما يمنحها القدرة على توفير الخدمات المصرفية كخدمة BaaS.
- مزود تكنولوجي متخصص في تطوير واجهات برمجة التطبيقات القياسية: تكتسب هذه الفئة مكانة استثنائية لدى الجهات المزودة لتراخيص الخدمات المصرفية كخدمة BaaS، نظراً لتخصصها في مجالات محددة، مثل المدفوعات أو البطاقات، بالإضافة إلى امتلاكها واجهات برمجة تطبيقات متطورة بالإضافة إلى مجموعة من العروض والخدمات التقنية الاستثنائية.
- مزود تكنولوجي لأنظمة عمليات الأعمال كخدمة BPaaS: تركز هذه الفئة من المزودين على عمليات الأعمال كخدمة (BPaaS)، حيث يقدمون الأنظمة المصرفية الأساسية التقليدية التي تمنح البنوك العمود الفقري التكنولوجي. ويمكن اعتبار المزودين في الفئتين 2 و3 مزودين عصريين لنماذج الخدمات المصرفية كخدمة.
تنفيذ نماذج الخدمات المصرفية كخدمة
قد تكون بعض البنوك القائمة مترددة في استخدام نماذج الخدمات المصرفية كخدمة بسبب المخاوف المتعلقة بمدى حداثة وتطور الخدمة التي يقدمها مزود خارجي (طرف ثالث) أو فقدان الاستقلالية. على سبيل المثال، قد يكون من الصعب تعاقدياً إضافة ميزات جديدة إلى منتج أو إيقافها. وقد يُطلب من البنوك أيضاً مشاركة الرسوم مع مزودي التكنولوجيا. ومع ذلك، غالباً ما يتم المبالغة في هذه المخاوف التي سرعات ما تتلاشى عند مقارنتها بالفوائد التي يمكن أن تنتج عن التمتع بالقدرة على التركيز على القدرات الأساسية – المكتب الأمامي وإدارة الميزانية العمومية وإدارة المخاطر – لأن مسؤولية متابعة المجالات غير الأساسية قد تم نقلها إلى مزود أكثر تخصصاً.
وللتخفيف من حدة المخاطر، يجب أن تبرم البنوك عقود مرنة من الناحية الاستراتيجية تسمح بتغيير المزودين، إضافة إلى امتلاك إطار عمل قوي لمراقبة متطلبات الامتثال، ونموذج واضح لحوكمة الشراكة، وإدارة قوية لواجهة برمجة التطبيقات، بالإضافة إلى الالتزام بممارسات صارمة للعناية الواجبة. ويمكن أن يضمن تنفيذ مشاريع تجريبية لتحديد التحديات المحتملة وتجاوزها، أيضاً، تنفيذ المتطلبات بسلاسة قدر الإمكان.