خلال معرضها العالمي لحلول ومستلزمات التعليم في دبي، أكدت “ألف للتعليم”، وهي شركة عالمية رائدة في مجال تكنولوجيا التعليم مقرها في دولة الإمارات العربية المتحدة، على أهمية التكنولوجيا وعلوم البيانات في إصلاح نظام التعليم وإعداد الطلاب لمستقبل قائم على الرقمنة.
يُشهد للدكتورة عائشة اليماحي، مؤسسة ورئيسة “جائزة ألف للتعليم” ومستشار مجلس الإدارة في “ألف للتعليم”، خبرتها الكبيرة والواسعة في مجال التكنولوجيا، ولا سيّما على مستوى توظيف الذكاء الاصطناعي كأداة قادرة على إحداث تحولات كبيرة. في ما يلي مقابلة أجرتها “إيكونومي ميدل إيست” مع اليماحي، نلقي من خلالها الضوء على موضوعات التحول الرقمي وأحدث التقنيات في هذا المجال، كما نتطرّق إلى الأساليب والمناهج التعليمية المطلوبة من قبل المتخصصين في العلم الحديث.
1- في إطار معرفتكِ، بوصفك حاصلةً على درجة الدكتوراه في الذكاء الاصطناعي والبرنامج الجامعي من جامعة أكسفورد، ما مدى أهمية الذكاء الاصطناعي في التعليم اليوم، وما هي أفضل طريقة لاستخدامه للارتقاء بمستوى تعليم الطلاب وأداء المعلمين؟
ساهمت التكنولوجيا في تحول النظام التعليمي بشكل كبير، لاسيما إثر جائحة “كوفيد – 19″، إذ أدّى تبني التقنيات الحديثة، كالتعليم الرقمي والواقع الافتراضي، إلى تحول طريقة تعلم الطلاب في الصفوف الدراسية. وهناك فوائد متعددة لاعتماد تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي في التعليم المدرسي، تشمل زيادة إنتاجية المعلم وتحسين مشاركة الطلاب ونتائج التعلم، فعلى سبيل المثال، يمكن لمنصات التعلم التي توظف الذكاء الاصطناعي بكفاءة أن تفهم كلَّ طالبٍ على حدة وتعرض المحتوى الأكثر ملاءمة لمستواه، بما يقدم مساراً تعليمياً مخصصاً وفعالاً. كما تحمل هذه التكنولوجيا مزايا عديدة للمدرسين، إذ تساعد أتمتة الذكاء الاصطناعي في تسريع أداء الكثير من المهام الشاقة التي يتوجب على المدرسين أداؤها وتستغرق عادةً وقتاً طويلاً، مثل تقييم الاختبارات وحفظ السجلات، بما يتيح لهم قضاء المزيد من الوقت مع كل طالب.
علاوةً على ذلك، يمكن أن توفر تقنيات الذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة إحصاءات هامةً حول الأداء ونسبة التقدم والقدرة على التطور على مستوى الفرد أو المجموعة، بما يتيح للمعلمين تخصيص الموارد بصورة أكثر فعالية. وفي إطار التحديات الكبيرة التي يواجهها التعليم المدرسي في جميع أنحاء العالم، يتوجب علينا أن نستخدم أفضل التقنيات ونسخر الإمكانات الهائلة التي يتيحها الذكاء الاصطناعي لتوفير أفضل تعليم ممكن لأطفالنا وتحسين نتائج الطلاب وتحصيلهم العلمي. وانطلاقاً من ذلك، نحرص في “ألف للتعليم” على بذل كافة الجهود في سعينا لتحقيق هذا الهدف.
2- كيف تغير دور الموارد البشرية في قطاع التعليم اليوم من ناحية التوظيف والإدارة؟
يؤدي خبراء الموارد البشرية في قطاع التعليم دوراً استراتيجياً هاماً في اختيار المواهب المناسبة لتلبية الاحتياجات التعليمية المتغيرة في المدارس ولدى شركات الحلول التعليمية. ويضطلع المدرسون بمجموعة واسعة من المسؤوليات، تشمل الإرشاد والتوجيه والرعاية والاستماع والتعلم، وترتبط كفاءتهم في أداء هذه الواجبات بشكلٍ مباشر مع مدى الرعاية التي يحصلون عليها في وظائفهم، إلى جانب تقبلهم وقدرتهم على استخدام الأدوات المساعدة، كالبرمجيات والمنصات، للوصول إلى أفضل النتائج في عملية التعليم. ويعد احتضان المدرسين للتقنيات والموارد الحديثة وإقبالهم على استكشاف إمكاناتها وتوظيفها بالشكل الأمثل عاملاً أساسياً يبحث عنه خبراء الموارد البشرية اليوم، كما تعود هذه الميزات عليهم بالمنفعة، لما لها من دورٍ في توسيع آفاق معارفهم ضمن مجالٍ واسعٍ من التخصصات، بما يعزز بدوره من التجارب التعليمية التي يقدِّمونها للطلاب.
إضافةً إلى ذلك، يتوجب على خبراء الموارد البشرية بناء برامجٍ لتطوير المهارات، توفر الدعم والتحفيز للمعلمين وتمكنهم من الارتقاء بإمكاناتهم ومعارفهم المهنية، إذ أن ذلك يساهم في تعزيز قدرتهم على توفير بيئة تعليم متطورة وفعالة للطلاب، بما يعكس الأهمية الجوهرية للتطوير المهني المستمر. ومن هذا المنطلق، لابدَّ للمعلمين والعاملين في قطاع التعليم من تعلم كيفية استخدام أنظمة الإدارة التي تساعد في أتمتة سير العمل، وكذلك الأدوات التكنولوجية المتنوعة، لتمكينهم من العمل والمساهمة بفعالية أكبر وتحقيق النجاح، وضمان مواكبتهم للتغيرات المتواصلة التي يشهدها قطاع التعليم وتوسيع مجالات معارفهم للارتقاء بتجربة التعليم للطلاب.
أقرأ المزيد: ما هي الإصلاحات التي أجرتها الإمارات على قطاعها التعليمي؟
3- تهدف “ألف للتعليم” إلى إحداث نقلة نوعية شاملة في تجربة التعليم للطلاب، تتضمن جعلها أكثر تخصيصاً ومتعة، فما هي الأساليب التي تتبعها لتحقيق ذلك؟
تتمثل رؤية “ألف للتعليم” في دفع عجلة التحول في قطاع التعليم، وتزويد الطلاب بخبرات تعليمية متقدمة ومتفردة. ونعمل على تطوير منظومات التعليم المدرسي والطريقة التي يتعلم بها الطلاب من خلال توفير تجارب تعليمية مخصصة تعتمد على أحدث التقنيات، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة وتعلم الآلة، وفق منهجية تقوم على تخصيص التجارب التعليمية لتتناسب مع مستويات ومتطلبات كل طالب، وجعلها أكثر سلاسة وتفاعلية.
وتشمل محفظتنا المتنوعة أربعة منتجات رئيسية، وهي: “منصة ألف”، “أبجديات”، “أرابتس”، و”مسارات ألف”، وتضمن جميعها تجارب تعليمية مخصصة وفقاً لاحتياجات الطلاب المختلفة.
ويشرف فريقٌ من الخبراء والمحترفين على تطوير منتجاتنا وخدماتنا المتقدمة، بما يضمن تحقيق هدفنا الرئيسي بالارتقاء بقطاع العليم وتوفير بيئات تعليمية تفاعلية تساهم في تغيير النظرة العامة للتعليم وكيفية انخراط الناس فيه في جميع أنحاء العالم. وكان لمنتجنا الرائد، “منصة ألف”، دوراً ملموساً في تمكين الطلاب من الحصول على نتائج أكاديمية أفضل، وفي مساعدة المدرسين على توجيه وإرشاد الطلاب بالشكل الأمثل. وتم توظيف تقنية الذكاء الاصطناعي في المنصة بطرقٍ متعددة، من بينها مساعدة الطلاب في سدِّ الفجوات التعليمية وتعويض الفاقد التعليمي، وهي مشكلةٌ زاد انتشارها إثر جائحة “كوفيد-19”. كما يتميز “مسارات ألف” بامتلاكه محرك توصياتٍ يقدم للطلاب الموارد الإرشادية الملائمة بما يسمح لهم بالتعلم بمفردهم وبشكلٍ مستقل ضمن مسارات التعلم المخصصة لكلٍّ منهم.
4- هلَّا حدثتِنا عن التغير الذي شهدته أساليب التعلم المتمحور حول الطالب في السنوات الماضية، وكيف تغير دور المدرسين تبعاً لذلك؟
كانت الرؤية التقليدية للتعليم قائمةً على مبدأ توحيد التجربة التعليمية، واعتماد ذات الموارد والمنهجيات ونظم التقييم في تعليم جميع الطلاب، على اختلاف مستوياتهم وقدراتهم، إلَّا أنَّ التقدم الذي شهدته العلوم والتقنيات التعليمية أثبت أن هذه الرؤية غير فعالة. وانطلاقاً من ذلك، ظهر مفهوم التعلم المتمحور حول الطالب، والذي يقوم على إدراك تفرد الطلاب والاختلافات بينهم، وضرورة تركيز المدرسين لجهودهم على الطلاب كأفراد منفصلين، إذ أنَّ ذلك يعزز قدرتهم على تحقيق التقدم مع الطلاب من خلال التعرف على نقاط القوة والضعف والفجوات المعرفية الخاصة بكل منهم، والتكيف معها.
ويرتكز نهجنا على دعم المدرسين من خلال تزويدهم بالأدوات التي يحتاجون إليها للنجاح، والتي تشمل المعارف المتعلقة بالإنجاز والتقدم الفردي للطلاب والمبنية على البيانات في الزمن الحقيقي، وإمكانية تعديل وتخصيص العملية التعليمية وفقاً لذلك. وعمل فريقنا الخبير بالمناهج الدراسية على تصميم مواردنا التعليمية بحيث تتناسب مع أنماط متعددة من التعليم.
5- كيف تحرص “ألف للتعليم” على دمج العلوم والمعارف الخاصة باقتصاد المستقبل، كالتعاملات الرقمية “بلوك تشين” والمحفظات الرقمية والأصول الرقمية والذكاء الاصطناعي واقتصاد “الميتافيرس”، ضمن عملية التعليم؟
إن تبني المدارس للتقنيات الحديثة التي تشجع الطلاب على توسيع نطاق قدراتهم، يحثهم على تطوير مهاراتهم الشخصية وتعزيز اعتمادهم على التفكير النقدي، ويساعد اجتماع المهارات التكنولوجية والشخصية وتطويرها في إعدادهم للوظائف المستقبلية. وتتضمن الدروس المتاحة ضمن منصتنا العديد من الأمثلة الواقعية والمعاصرة التي تتمحور حول الاتجاهات السائدة، كالتعاملات الرقمية “بلوك تشين” والبرمجة، للمساعدة في تعريف الطلاب على مثل هذه المفاهيم الجديدة والمجالات المستقبلية التي تحملها.
علاوةً على ذلك، تنظم “ألف للتعليم” برامج سنوية للطلاب في الشتاء والصيف، تهدف إلى توسيع معارفهم خارج نطاق التعلم المدرسي لمساعدتهم على استكشاف مهارات جديدة وتعلمها، وكان أحدث هذه البرامج “برنامج البرمجة الصيفي للطلاب”، والذي عقد بالشراكة مكتب الذكاء الاصطناعي، وهدف إلى تعزيز وظائف البرمجة المستقبلية وتعريف الطلاب بمجالاتٍ جديدة.
6- ما هو نوع التحول الرقمي الذي يتوجب على المدارس تحقيقه لتلبية احتياجات المجتمعات من القوى العاملة المعاصرة والقادة المستقبليين؟
تسعى المؤسسات التعليمية جاهدةً إلى مواكبة أحدث المتطلبات الأكاديمية والتغيرات في المجال التعليمي، إذ تشهد الوظائف المستقبلية تغيراً مستمراً ومتزايداً، حتى باتت تتطلب العديد من المواهب الفريدة التي يصعب العثور عليها حالياً لدى الباحثين عن عملٍ وخريجي الجامعات الجدد. وبناءً على ذلك، يتوجب على المدارس ومصممي المناهج التعليمية والوزارات المعنية أن تبدأ بدمج المواضيع والدورات والمهارات المعاصرة ضمن المناهج والأساليب التعليمية. وكما ذكرتُ سابقاً، فإن “ألف للتعليم” تدرك أهمية المهارات الخاصة بالاتجاهات المهنية المستقبلية وتحرص على دمجها في المحتوى الخاص بها، وتعمل على زيادة الوعي والاهتمام بها بين الطلاب من خلال البرامج والمبادرات والفعاليات المتنوعة.