انخفض إجمالي إصدارات الصكوك إلى 74.5 مليار دولار في النصف الأول من عام 2022 مقارنة بـ93.3 مليار دولار خلال الفترة نفسها من عام 2021، بالعملات المحلية والأجنبية، بحسب “ستاندرد آند بورز” للتصنيفات الائتمانية (S&P).
وأعربت الوكالة في مذكرة لها عن اعتقادها أن “أحجام إصدارات الصكوك ستنخفض في عام 2022 نظرًا لانخفاض السيولة العالمية والإقليمية وزيادة تكلفتها وزيادة التعقيد وانخفاض الاحتياجات التمويلية للمُصدرين في بعض بلدان التمويل الإسلامي الأساسية، وذلك بفعل ارتفاع أسعار النفط، مما يؤدي إلى إعاقة السوق. كما أن النمو الحذر في الإنفاق الرأسمالي لكيانات الشركات يدعم وجهة نظرنا”.
في النصف الأول من عام 2022، بلغ إجمالي إصدارات الصكوك 74.5 مليار دولار مقارنة بـ93.3 مليار دولار في الفترة نفسها من العام السابق. وشهدت معظم بلدان التمويل الإسلامي الأساسية انخفاضاً، مع استثناءات قليلة فقط – مثل تركيا والبحرين والإمارات العربية المتحدة.
وخفّضت “ستاندرد” توقعاتها لإصدار الصكوك لعام 2022 إلى حوالي 130 مليار دولار من توقعاتها الأولية التي تراوحت بين 145 مليار دولار و150 ملياراً، وترى المزيد من المخاطر تتزايد.
ثلاثة عوامل تفسر هذا الاتجاه السلبي
سيولة عالمية أكثر تكلفة: دفع التضخم المرتفع تاريخياً المصارف المركزية الكبرى إلى تغيير موقفها من السياسة وتسريع زيادات أسعار الفائدة، مما أدى إلى انخفاض السيولة العالمية وجعلها أكثر تكلفة. كما زاد نفور المستثمرين من المخاطرة، حيث شهدت قطاعات رئيسية من أسواق رأس المال نشاطًا أقل بشكل ملحوظ في النصف الأول من عام 2022 مقارنة بعام 2021. سوق الصكوك، باعتبارها أحد مكونات سوق رأس المال العالمي، ليست بمنأى عن الاتجاهات العالمية.
انخفاض الاحتياجات التمويلية للمصدرين: أدى ارتفاع أسعار النفط منذ عام 2021 إلى تعزيز الميزانيات العمومية للعديد من جهات الإصدار في بلدان التمويل الإسلامي الأساسية. لذلك لم تتفاجأ الوكالة بانخفاض الإصدار في النصف الأول من عام 2022. ومع ذلك، لاحظت في المملكة العربية السعودية زيادة في أحجام الإصدارات بالعملة المحلية، حيث تهدف الحكومة إلى تطوير سوق رأس المال المحلي. كما لاحظت الحذر المستمر من جانب الشركات في ما يتعلق بخطط الإنفاق الرأسمالي. وقد أدت ندوب الوباء وعدم اليقين المتعلق بالبيئة التمويلية إلى قيام الكثيرين بكبح جماح استثمارات النمو، أو اللجوء إلى البنوك للحصول على التمويل، أو البدء في التخلص من المديونية.
التعقيد لا يزال يمثل مشكلة: يدرك المصدرون بشكل متزايد أن الصكوك أكثر تعقيدًا وتستغرق وقتًا طويلاً من السندات التقليدية، على الرغم من أن بعض اللاعبين يسلكون طريق الصكوك لأنهم يتوقعون تنويع قاعدة مستثمريهم. الخبر السار، كما قالت الوكالة، هو أن السوق يبدو أنه تغلب على الصعوبات المتعلقة بتطبيق المعيار الشرعي 59 لهيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية. ومع ذلك، إذا دفع علماء الشريعة إلى زيادة إضعاف التوثيق القانوني، وفقدت أدوات الصكوك خصائص الدخل الثابت مع إضافة مخاطر كبيرة مقارنة بالسندات، فمن المرجح أن تنخفض جاذبية الصكوك وآفاق السوق، وفق “ستاندرد”.
صكوك الاستدامة
بحسب “ستاندرد”، فان معاملات الصكوك التي تحمل علامة الاستدامة التي تم طرحها في السوق ارتفعت على مدار الأشهر الستة الماضية، من الأخضر إلى الاجتماعي، وتتوقع أن ترى أحجامًا أكبر حيث يلبي المصدرون طلبات المستثمرين.
وهناك فرصتان أساسيتان أمام اصدار صكوك الاستدامة، الاولى أن العديد من دول التمويل الإسلامي تعمل على تطوير وتنفيذ استراتيجيات للتحول إلى الاقتصادات الخضراء، وقد ينطوي ذلك على إمكانات نمو مستقبلية لإصدارات الصكوك الخضراء. والثانية أن الجوانب الاجتماعية للتمويل الإسلامي تبقى جذابة. “هذا مهم بشكل خاص مع الآثار الاقتصادية للوباء والصراع الروسي – الأوكراني الذي يستمر في الظهور على شكل ارتفاع معدلات التضخم والبطالة، لا سيما في البلدان ذات القيود المالية”.