توقعت S&P global أن تصل إصدارات الصكوك العالمية إلى ما بين 160-170 مليار دولار أميركي في عام 2024 من 168.4 مليار دولار أميركي في نهاية عام 2023 و179.4 مليار دولار أميركي عام 2022. عُوّض الانخفاض في حجم الإصدارات في عام 2023، الذي نتج بدرجة رئيسية عن شح السيولة في النظام المصرفي في المملكة العربية السعودية وانخفاض العجز المالي في إندونيسيا، إلى حد ما من خلال زيادة إصدارات الصكوك المقومة بالعملة الأجنبية.
وجاء في تقرير S&P global ما يلي:
أسعار الفائدة
استفادت إصدارات الصكوك المقومة بالعملة الأجنبية من التحسن في وضوح مسار أسعار الفائدة على المدى المتوسط، خاصةً في نهاية عام 2023، حيث زادت بمقدار الثلث في عام 2023، مقارنة بعام 2022. نتوقع أن تظل أسعار الفائدة داعمة على نطاق واسع في عام 2024. وعلى الرغم من أن بنك الاحتياطي الفيدرالي قد يُرجئ خفض أسعار الفائدة إلى وقت لاحق على غير توقعات الأسواق، إلا أن احتياجات التمويل في الدول الأساسية للتمويل الإسلامي تظل مرتفعة، نظراً لبرامج التحول الاقتصادي الجارية. ومن الجدير بالذكر أيضًا أن المملكة العربية السعودية وبرنامجها رؤية المملكة 2030 قد عززا الإصدارات في عام 2023 وسيواصلان ذلك في عام 2024.
هناك نوع آخر من الصكوك حقق نموًا قويًا هو صكوك الاستدامة، التي استمرت إصداراتها بالزيادة في عام 2023، وإن كان ذلك من قاعدة منخفضة. ومع استمرار تركز التمويل الإسلامي في الدول المُصدّرة للنفط التي تهدف إلى تقليل انبعاثاتها الكربونية، فإننا نتوقع أن تستمر الزيادة في إصدارات صكوك الاستدامة. وبالمثل، نعتقد أن التحول الرقمي يمكن أن يفتح بعض الفرص لأنه قد يؤدي إلى تبسيط عملية إصدار الصكوك، ولكن ذلك يتطلب توحيد مواصفات الوثائق القانونية والاتفاق على تفسير موحد لنصوص الشريعة ذات الصلة.
الأمر ليس بهذه السهولة
إن عدم وجود تفسير موحد لنصوص الشريعة ذات الصلة يمكن أن يؤدي إلى خلل في التوازن على المدى المتوسط، لاسيما بالنظر إلى احتمال اعتماد المعيار الشرعي رقم 62 لهيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية (أيوفي). يطالب هذا المعيار الذي ما يزال في مرحلة الصياغة، من بين أمور أخرى، بنقل الملكية والمخاطر المتعلقة بالأصول الأساسية إلى حاملي الصكوك. ونتيجة لذلك، قد يصبح سداد الصكوك أكثر اعتمادًا على أداء الأصول الأساسية أو قيمتها السوقية أو قرار حاملي الصكوك ببيع هذه الأصول لأطراف ثالثة. وقد يكون لذلك تأثير كبير على هياكل الصكوك الحالية والمخاطر التي يتحملها حاملو الصكوك.
المزيد من ظروف السيولة الداعمة سيؤدي إلى زيادة حجم الإصدارات في عام 2024
انخفضت إصدارات الصكوك العالمية بنسبة 6.1 في المئة إلى 168.4 مليار دولار أميركي في عام 2023، مقارنة بـ 179.4 مليار دولار أميركي في عام 2022 (انظر الرسم البياني 1). نتوقع أن تصل الإصدارات إلى ما بين 160-170 مليار دولار أميركي في عام 2024، وذلك بفضل ارتفاع احتياجات التمويل في بعض الدول الأساسية للتمويل الإسلامي واحتمال تحسن ظروف السيولة العالمية. إن المخاطر الجيوسياسية وتأثيراتها على معنويات السوق الإقليمية بالإضافة إلى احتمال تأجيل تخفيضات أسعار الفائدة بسبب جمود التضخم قد تشكل مخاطر على توقعاتنا.
انخفاض إصدارات الصكوك المقومة بالعملة المحلية. انخفضت إصدارات الصكوك المقومة بالعملة المحلية بنسبة 16.8 في المئة على أساس سنوي، كنتيجة رئيسية عن انخفاض الإصدارات في المملكة العربية السعودية وإندونيسيا (انظر الرسم البياني 2). وكان الحفاظ على السيولة في النظام المصرفي على رأس جدول أعمال المملكة العربية السعودية، كما يتضح من استمرار الحكومة والكيانات المرتبطة بها في ضخ السيولة في النظام المصرفي وانخفاض إصدار الصكوك المقومة بالعملة المحلية. وفي إندونيسيا، أدى الضبط السريع للأوضاع المالية وما صاحبه من انخفاض في الاحتياجات التمويلية للحكومة إلى خفض إصدار الحكومة للصكوك المقومة بالعملة المحلية. وفي المقابل، ارتفعت الإصدارات المقومة بالعملة المحلية في دولة الإمارات العربية المتحدة وتركيا، وذلك بفضل ارتفاع الإصدارات الحكومية. نتوقع زيادة في الإصدارات في دولة الإمارات العربية المتحدة خلال السنوات القليلة المقبلة مع مواصلة السلطات جهودها لتطوير سوق رأس المال المحلي.
من ناحية أخرى، ارتفع حجم الصكوك المقومة بالعملة الأجنبية. المزيد من الوضوح في مسار أسعار الفائدة لدى البنوك المركزية الكبرى ساهم في زيادة إصدارات الصكوك المقومة بالعملة الأجنبية بنحو الثلث في عام 2023، مقارنة بعام 2022 (انظر الرسم البياني 3). عاد السوق ليرتفع إلى مستويات عام 2021، وذلك بفضل ارتفاع الإصدارات المقومة بالعملة الأجنبية في المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ودخول بعض المُصْدرين الجدد إلى سوق الصكوك، بما في ذلك مصر، وشركة “أير ليس” لتأجير الطائرات القائمة في الولايات المتحدة، والفلبين. وفي فبراير 2023، باعت مصر صكوكها الأولى بسعر مماثل لسعر السندات التقليدية. وبعد شهر واحد، أكملت شركة “أير ليس” إصدارها الأول للصكوك باستخدام بعض طائراتها المستأجرة كأصول أساسية، وفي نوفمبر 2023 باعت الفلبين صكوكًا بقيمة مليار دولار أميركي، حيث تجاوز الاكتتاب عليها 4.9 أضعاف. نتوقع أن يستمر سوق الصكوك المقومة بالعملة الأجنبية في الاستفادة من الظروف المواتية، حيث من المرجح أن تتحقق تخفيضات أسعار الفائدة في منتصف عام 2024 وأن تظل احتياجات التمويل في الدول الأساسية للتمويل الإسلامي، مثل المملكة العربية السعودية، مرتفعة.
صكوك الاستدامة أصبحت أكثر انتشارًا
استمر إجمالي إصدارات صكوك الاستدامة في الزيادة في عام 2023، مقارنة بعام 2022 (انظر الرسم البياني 4). نتوقع زيادة الإصدارات مع تلبية المُصْدرين لطلبات المستثمرين وفي ظل سعي الدول الأساسية للتمويل الإسلامي إلى تقليل بصمتها الكربونية. سلط مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (كوب 28) المزيد من الضوء على فرص التمويل الإسلامي بصورة عامة والصكوك بصورة خاصة لمعالجة تغير المناخ.
قد يؤدي تنفيذ الدول الأساسية للتمويل الإسلامي، مثل دول الخليج، لاستراتيجيات تهدف إلى تحقيق صافي انبعاثات صفرية، إلى دفع إصدارات صكوك الاستدامة. نتوقع أن نرى المزيد من النشاط في هذا المجال مع سعي المُصْدرين لجذب اهتمام المستثمرين العالميين وتقديم الجهات التنظيمية للحوافز. عند تحليل صكوك الاستدامة الصادرة في عام 2023، نلاحظ ثلاث خصائص مميزة.
مثلت الصكوك الخضراء غالبية إصدارات صكوك الاستدامة في عام 2023 (انظر الرسم البياني 5). هذا برأينا يتفق مع جداول أعمال التحول في مجال الطاقة والمناخ في دول التمويل الإسلامي.
الشركات هي المُصْدِر الرئيسي لصكوك الاستدامة، تليها البنوك مباشرة (انظر الرسم البياني 6). بدأت البنوك في دخول سوق صكوك الاستدامة خلال الأعوام القليلة الماضية لتنويع قاعدة مستثمريها والمساهمة في تمويل المشاريع الخضراء والاجتماعية، وهو ما يتماشى بصورة عامة مع استراتيجية بلدانها الأصلية.
استحوذ المُصْدرون من الإمارات على 40 في المئة من إجمالي إصدارات صكوك الاستدامة في عام 2023 (انظر الرسم البياني 7). هذا لا يتعلق فقط بمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (كوب 28)، الذي اختُتم مؤخرًا في الإمارات، ولكنه مرتبط أيضًا بإعفاء الجهات التنظيمية في دولة الإمارات صكوك الاستدامة من رسوم التسجيل في عام 2023.
التحول الرقمي يمكن أن يسهم بزيادة حجم الإصدارات
يؤثر تقدم الترميز على سوق الصكوك. نرى أن الصكوك الرقمية يمكن أن توفر طريقة أسرع وأقل تكلفة للمُصْدرين لدخول أسواق التمويل الإسلامي نظرًا لقلة عدد الوسطاء المشاركين. قد تشمل المنافع الأخرى تحسنًا في مستوى الأمان، وإمكانية التتبع ونزاهة المعاملة، مما قد يعزز الامتثال لأحكام الشريعة. مع ذلك، فإن هذا يتطلب توافر تكنولوجيا يمكن الاعتماد عليها وأطر قانونية لتكييف هذه الأدوات ووثائق قانونية نموذجية. كما أن توحيد تفسير النصوص الشرعية وتكييفها عبر المناطق الجغرافية هي أيضًا عوامل حاسمة للنجاح.
إن تقليل مقدار الوقت والتكلفة ومتطلبات الحد الأدنى لإصدار الصكوك يمكن أن يؤدي إلى فتح سوق الصكوك للمزيد من المُصْدرين. وبالإضافة إلى المخاطر التقليدية، بما في ذلك مخاطر سوق الائتمان والسيولة، سيواجه المستثمرون في الصكوك الرقمية مخاطر تشغيلية تتعلق بالتكنولوجيا والأمن السيبراني. وستتطلب الصكوك الرقمية أيضًا عملة إسلامية مستقرة أو عملة رقمية للبنك المركزي.
اقرأ أيضا: أسعار النفط ترتفع وسط التحديات الداخلية والتوترات الجيوسياسية
ربط حزام الأمان
في أواخر عام 2023، نشرت أيوفي مسودة المعيار الشرعي رقم 62 بشأن الصكوك. وبعد ذلك مددت الموعد النهائي للحصول على ملاحظات القطاع حتى 31 مارس/آذار 2024. وفي حال اعتماده، فقد يكون للمعيار الشرعي رقم 62 تأثير كبير على سوق الصكوك. يطالب هذا المعيار، من بين أمور أخرى، بنقل الملكية والمخاطر المتعلقة بالأصول الأساسية إلى حاملي الصكوك. وقد يؤدي ذلك إلى إضعاف الالتزامات التعاقدية لرعاة الصكوك في حال أصبح السداد يعتمد على أداء الأصول الأساسية، أو قيمتها السوقية، أو قرار حاملي الصكوك ببيع هذه الأصول لأطراف ثالثة. ونتيجة لذلك، قد يبتعد بعض المستثمرين التقليديين ذوي الدخل الثابت عن سوق الصكوك، الأمر الذي قد يغير ديناميكيات التسعير لمثل هذه المعاملات لمراعاة المخاطر الإضافية المحتملة. وفي هذه المرحلة، من الصعب معرفة ما إذا كان سيُعدّل المعيار الشرعي رقم 62 وكيف يمكن أن تتفاعل الدول التي اعتمدت معايير أيوفي مع عدم التوازن المحتمل في أسواق الصكوك الخاصة بها. هناك أيضًا نتيجة أخرى محتملة لتطبيق المعيار الشرعي رقم 62، يمكن أن تؤدي إلى تجزئة أكبر لسوق الصكوك وفرق أكثر وضوحًا بين المعتمدين وغير المعتمدين للمعيار. حتى في حال اعتماد المعيار هذا العام، فقد يُؤجل تنفيذه إلى السنوات القادمة، الأمر الذي قد يؤدي إلى الاندفاع نحو الصكوك قبل اعتماده.
انقر هنا للاطلاع على المزيد من أخبار الأسواق.