تتجه وسائل التواصل الاجتماعي، كما بات معلوماً، في طريقها للأفول. فعلى سبيل المثال، ستصبح الإِعجابات والمتابعات عبر صفحات الانستغرام شيئًا من الماضي. ببساطة، إن المحتوى الذي يتم نشره ليس ملكاً للمستخدمين والشركات على حدّ سواء. لا ينسحب ذلك على شركات أخرى مثل “ميتا” و”تويتر”.
وفي حال ارتأت هذه المنصات، أيًّا كان السبب، سحب القابس على عملياتهم ، عندها فقط ستختفي جميع صفحات المستخدمين ومعها الإعجابات والمتابعات خاصّتهم، بالإضافة إلى الميزانيات التي جرى إنفاقها بهدف زيادة عدد الزيارات هذه بصورة طبيعية.
إذن ما هو الحلّ؟ الجيل الثالث للويب.
وفي محاولة لتسليط الضوء على هذه المرحلة الإنتقالية، نستعين في “إيكونومي ميدل إيست” بخبرة Scopernia، وهي شركة تتمتع بخبرة تمتد على مدار ثلاثين عامًا، شهدت خلالها على التحول من الجيل الأول للويب، فالثاني، فالثالث.
في مقابلة شيقة وغنية بالمعلومات، يتناول جيريمي دينيستي، الشريك الإداري في Scopernia، مفهوم الجيل الثالث للويب بالنسبة للمستخدمين والشركات ضمن الشبكة الجديدة من الإنترنت اللامركزية.
المهندسون وراء الجيل الثالث للويب: Imagin3 Studio
أطلقت Scopernia مؤخرًا Imagin3 Studio، وهي شركة متخصصة في اتباع نهج شامل لتقنية الـ Web3، والذي يتضمن التعليم والاستراتيجية ووضع المفاهيم والإجراءات التنفيذية، بالإضافة إلى دمج الخبرات الافتراضية في عالم الميتافيرس في عروض العملاء الخاصة بالعلامات التجارية.
يبدو التوقيت مناسباً للغاية، بحيث يتزامن مع إطلاق دبي لاستراتيجيتها الخاصة في مجال الميتافيرس التي تستهدف تحقيق إيرادات للاقتصاد المحلي تتجاوز 4 مليارات دولار على مدار السنوات الخمس المقبلة. ومن المتوقع أن تبلغ القيمة السوقية للقطاع على مستوى العالم 30 تريليون دولار في الأعوام الـ 15 القادمة.
في هذا الإطار، يقول دينيستي: “”نحن مهندسون متخصصون في مجال الميتافيرس والويب 3. نعي جيّداً ما يريده العملاء، ثم نصممه ونبنيه، سواء في مجال الميتافيرس أو الـ NFT (الرموز غير القابلة للاستبدال) أو العملات المشفرة و”البلوكتشين”.
“قد ترغب شركة ما في أن تكون جزءًا من عالم قائم بالفعل على الميتافيرس، مثل Dubaiverse، لذلك نضع استراتيجية خاصة لضمّ هذه الشركة إلى ذها العالم”.
يعدّ جيريمي وفريقه من المستثمرين الأساسيين في الـ NFT والميتافيرس والاقتصادات المبنية على الرموز.
ويشير دينيستي: “غالباً ما سيتمّ الاستعانة بنا أو بخدمات كبرى الشركات الاستشارية من أمثال “ديلويت” و “ماكينزي” و”بي سي جي” و”كاي بي أم جي” وغيرهم. الفرق يتمثل في كوننا بناة في الصميم. يوضح الأخير أن فريقه من المتمرّسين يملكون خبرة طويلة في هذا المجال، مما يجعلهم قادرين على التمييز بين الاستراتيجيات الناجحة وتلك التي لا يكون مصيرها الفشل المحتوم.
ما هو الويب 3.0؟
تعدّ العوالم الافتراضية جزءًا يسيطاً للغاية مما يمكن للمرء إنجازه بفضل استخدام تقنية الجيل الثالث للويب التي تتعدّى ذلك بأشواط. يتمحور Web 3.0 حول هوية الرقمية للمستخدمين، والتي تشمل ملكية العملات والرموز المشفرة بالإضافة إلى الـ NFTs ، والأصول الرقمية مثل العقارات الافتراضية، وغيرها الكثير. وتبرز كل من
وتُعتبر Decentraland و Sandbox عبارة عن عوالم افتراضية لامركزية في مجال الـ Web 3.0، حيث يمكن للمستخدم امتلاك وبناء أراضٍ ضمن محفظته الرقمية.
اهتمام المؤسسات بالـ Web 3.0
تتمحور تقنية الويب 3.0 حول ملكية البيانات ولامركزية الإنترنت. بالنسبة للشركات الخاصة، يتركّز الاهتمام في إمكانية اشتقاق المزيد من معاملات البيع وتطبيق نماذج أعمال جديدة.
يشير جيريمي دينيستي إلى أن “الويب 3.0 يتعلق بالانتقال من التركيز على العملاء – وهو ما تطرّقنا إليه على مدار الخمسة عشر عامًا الماضية – إلى التركيز على المجموعات”.
“يتعلق الأمر بإنشاء تجارب أكثر تخصيصًا، وخلق ولاء أفضل، وعلاقات أكثر متانة مع العملاء، وإطالة القيمة العمرية للعميل. هذا هو الهدف الذي نطمح إليه لبدء مجتمعات جديدة، ومساعدة الشركات على التعمّق في خططها المستقبلية، بالإضافة إلى جذب المواهب والعملاء على حدّ سواء”.
في المقابل، تسهم تقنية الويب 3.0 في مؤازرة الحكومات على تنظيم وفهم ودعم مجتمع الأعمال وجذب المواهب، بهدف خلق مستقبل متماسك وأكثر توازناً.
وسائل التواصل الاجتماعي والويب 3.0
كيف ستبدو وسائل التواصل الاجتماعي في Web 3.0؟
حسنًا، هناك شيء واحد مؤكد هو أنه لم يوجد الـ Web 3.0 للحلول محلّ Web 2.0، الذي لم يأتِ بدوره بديلاً عن Web 1.0.
وتتمثل أحد أبرز القيود التي تعاني منها منصات الوسائط الاجتماعية اليوم في العلامات التجارية التي تملك حضوراً على TikTok أو Instagram أو غيرها، في أنها لا تملك المحتوى أو المجموعات الإلكترونية.
يوضح جيريمي: “إنك تتنازل عن الملكية مقابل البيانات التي تتيح للشركات استهداف جماهيرها على نحو أفضل”.
“وفي الوقت نفسه، يسمح Web 3.0، واللامركزية في وسائل التواصل الاجتماعي والرموز المميزة، من ناحية، للشركات بامتلاك محتواها، ومن ناحية أخرى، يتيح للمستخدمين والعملاء امتلاك جزء من الشركة والعلامة التجارية والمجموعة. لن يتعلق الأمر بعد الآن بصفحة على Instagram يحبها الأشخاص ويتشاركون في متابعتها”.
على سبيل المثال، يمكن للمستخدمين شراء الرموز المميزة لشركة الملابس الفرنسية “لاكوست”، من خلال الوصول إلى مجموعة متخصصة، حيث يمكنهم المشاركة في إنشاء خطوط أزياء “لاكوست” المستقبلية.
ويوضح جيريمي: “بافتراض أنك رغبتَ يومًا ما في الانتقال من هذا المجموعة، أصبح بإمكانك بيع الرمز المميز خاصّتك ومنح حق الوصول إلى شخص آخر. نتيجة لذلك، تستطيع “لاكوست” جني الأرباح من عائدات حقوق الملكية جرّاء إتمام هذا النوع من المعاملات”.
الانتقال من الويب 2.0 إلى الويب 3.0
يلفت جيريمي إلى أن Imagin3 Studio لا يطلب أبدًا من الشركات أو الكيانات الحكومية التوقف عما يفعلونه، وترميز جميع أنشطتهم، “لكنني أنصح بالإقدام على خطوة تجريب الرموز”.
“إذا ما افترضنا أن إحدى الوزارات الحكومية قالت:” سأقدم رمزًا مميزًا واحدًا لكل مدير تنفيذي ينتمي إلى مجتمع أعمالي، وفي كل عام، سنضطر إلى التصويت على أمور مثل “أين يجب أن تذهب الاستثمارات، أو ما الذي يجب أن يتوجّب علينا التركيز عليه في العام القادم؟” ربما يمكن للشركات التي تملك أكبر عدد من الرموز التي تم شراؤها أو تداولها أن تحصل على الحق في التصويت على هذه القرارات. فمن يدري؟
يوضح جيريمي: “لقد قمنا بتنظيم ورشة عمل امتدّت على مدار 3 أيام بمشاركة 40 من قادة الأعمال، حيث أطلقنا في ختامها رموزاً غير قابلة للاستبدال، وهي عبارة عن شهادة تثبت إتمام هؤلاء الأشخاص، الذين يحملون هذه المحافظ الرقمية، لكافة فصول الورشة”.
ويتساءل: “هل يمكنك أن تتخيل ما إذا كنت تملك الطريقة نفسها للحصول على رخصة قيادة، أو لشراء سيارة أو أي شيء من شأنه أن يخبرك بوضوح تامّ عن ماضي كائن ما، بحيث أنه مشفّر على ومدمغ وقائم على تقنية البلوكتشين على نحو لا يمكن دحضه. تخيّل أن يصبح ذلك جزءًا من هويتك الرقمية وسيرتك الذاتية لـ بقية حياتك المهنية”.
بناء الولاء على الويب 3.0
يرتبط الولاء للعملاء بالمكافآت التي يجنونها، وجعلهم يشعرون بأنهم ينتمون إلى مجموعة، وهذا يخلق وصفة مثالية لعملية الترميز. في منتصف سبتمبر/أيلول 2022، أطلقت “ستاربكس”، على سبيل المثال، تجربتها في Odyssey، حيث قدمت للأعضاء القدرة على كسب وشراء الطوابع الرقمية القابلة للتحصيل، التي ستتيح لهم الاستمتاع بتجارب القهوة الجديدة والغامرة.
ستنشئ “ستاربكس” مجتمعاً قائم على تقنية الـ Web 3.0 يمكن الوصول إليه، والذي سيوفّر طرقًا جديدة للتفاعل مع الأعضاء والشركاء (الموظفين) كوسيلة لتعزيز الولاء.
خدمات Imagin3
يعمل Imagin3 Studio مع أي شركة متوسطة إلى كبيرة الحجم عبر مختلف الصناعات والقطاعات.
في هذا الإطار، يقول جيريمي: “نقدم الكثير من الأفكار، ثم نحدد اتجاهًا مثل مجموعة NFT أو برنامج الولاء 3.0، مع اقتراح يتضمن ورش عمل ومنهجيات محلية قبل الانتقال إلى مرحلة الخلق”، مشيراً إلى أن معظم المشاريع تمتدّ من فترة 3 إلى 6 أشهر.
“ومع ذلك، نحن مطالبون في تولّي أدوار استشارية على مدار السنوات الثلاث المقبلة، على أساس عقد استبقاء. تشهد هذه المساحة تغيّرات سريعة، لدرجة أن الفرص التي قد تبدو حقيقية اليوم قد لا تكون كذلك غدًا”.
ويبقى الأهم أن Imagin3 Studio تنخرط في شراكات مع عملائها.
“نبذل ذواتنا في هذا السبيل. هكذا نقوم بتعزيز مصداقيتنا، ليس من خلال كوننا بناة للمجتمع الذي نملك إحاطة كبيرة بكافة جوانبه فحسب، بل أيضًا من خلال الإعلان عن الإيرادات التي حققتها المشاريع”.
هنا تكمن جمالية تقنية الويب 3.0. لا تكسب استراتيجيات التسويق عبر الويب 2.0 الإيرادات في مثل هذا المدى القصير. يجب على المرء أن يستهدف عائد الاستثمار على المدى الطويل، والبحث أولاً عن الانطباعات ثم أعداد الزائرين، وما إلى ذلك.
“لكننا نتحدث هنا عن مشاريع قادرة، في الغالب، على تحقيق إيرادات من اليوم الأول لإطلاقها. عندما نتعاون معاً على مشروع معيّن، فإننا نجني أرباحنا من نجاح هذا المشروع”.
ويختتم دينيستي بالقول: “نملك خططاً مستقبلية للاستحواذ على منصة “ميتافيرس” خاصة بنا”.