وسط احتدام التضخم في منطقة اليورو، يكاد يكون من المؤكد أن ينهي المصرف المركزي في اجتماعه غداً الخميس مشتريات الأصول ويرسل “برقية” الى زيادة أسعار الفائدة في يوليو/تموز المقبل للمرة الاولى منذ 11 عاماً.
ويعتبر اجتماع مجلس المحافظين غداً نقطة تحول مهمة بعد سنوات من السياسات النقدية متدنية التكلفة.
ففي السنوات الاخيرة، حافظ المصرف المركزي الاوروبي على معدلات فائدة دنيا من خلال شراء الأصول وخصوصاً سندات الدين العام من الأسواق، مما سمح للأسر والشركات والحكومات بالاقتراض بشروط جيدة.
ووفقًا لهذه السياسة التي كانت بدأت في عام 2014، ما زالت حتى الآن تُفرض على المصارف رسومٌ بنسبة 0.5 في المئة سلبية على ودائعها لدى المصارف المركزية، وذلك لتشجيعها على توزيعها على شكل قروض.
الزيادة حتمية
لم يعد السؤال اليوم ما إذا كان المصرف المركزي سيزيد الفائدة على غرار مصارف مركزية أخرى أم لا في اجتماعه في يوليو/تموز، بل المقدار الذي سيقرره، إن زيادة بـ50 نقطة أساس أو ما إذا أو ما إذا كان سيلتزم بحركات أصغر بمقدار 25 نقطة أساس. النتيجة الأكثر ترجيحاً هي رسالة “بطيئة وثابتة”، والتي قد تخيب آمال العملة الموحدة.
وتشير التوقعات الى أن المصرف المركزي الاوروبي سيقر في يوليو/تموز زيادة بـ25 نقطة أساس لإعادة معدل الفائدة الى الصفر، على أن يتبعها أخرى مماثلة في سبتمبر (أيلول).
اجتماع الغد نقطة تحول
قد يكون مسؤولو المصرف المركزي الأوروبي يفضلون رفع أسعار الفائدة فوراً في اجتماع الغد في ظل استمرار تنامي التضخم، لكن القيام بذلك من شأنه أن ينتهك توجهاتهم المستقبلية. لذا من غير المرجح القيام بذلك.
وبدلاً من ذلك، من المحتمل كثيراً أن يُستخدم هذا الاجتماع كنقطة انطلاق لإعداد الأسواق لزيادة سعر الفائدة في اجتماع السادس من يوليو/تموز.
على هذا الاساس، يعتبر اجتماع مجلس المحافظين غداً نقطة تحول مهمة.
ويأتي الاجتماع بعد أيام على كشف الارقام الجديدة لمعدلات التضخم في منطقة اليورو والذي وصل إلى حدود الـ8.1 في المئة خلال عام واحد في مايو/أيار في منطقة اليورو. وهو أعلى بأربع مرات من هدف المصرف المركزي الأوروبي المحدد عند 2 في المئة.
قرار الزيادة صعب
لا شك أن توقيت هذا القرار صعب في خضم ارتفاع الأسعار الذي تفاقم بسبب الحرب في أوكرانيا ويقوض القدرة الشرائية على خلفية النمو البطيء، في فرنسا كما في ألمانيا. فالمصرف المركزي أمام خيار صعب. إن فشل في رفع معدلات الفائدة سيخاطر بتغذية الاتجاهات التضخمية. وإن قرر زيادتها بسرعة كبيرة، فقد يؤدي إلى تعجيل الركود، من خلال التأثير على قدرة الاقتراض لدى الأسر والشركات.
وكان المصرف المركزي الأوروبي أفصح في وقت سابق عن نياته بشكل واضح. ستنتهي عمليات شراء الأصول هذا الشهر، قبل زيادة أسعار الفائدة الشهر المقبل. حتى أن رئيسة المصرف المركزي الأوروبي كريستين لاغارد أعلنت أن المصرف المركزي يعتزم الخروج من أسعار الفائدة السلبية بنهاية سبتمبر/أيلول. وقالت في آخر مايو/أيار إنه “من المناسب أن تعود السياسة (النقدية) إلى معايير أكثر طبيعية” في مواجهة التضخم.
كذلك، يتوقع مصرف “مورغان ستانلي” أن ينهي المصرف المركزي الأوروبي الخروج من معدلات الفائدة السلبية في سبتمبر/أيلول.
فيما يرى مصرف “باركليز” معدل إيداع المصرف المركزي الأوروبي عند 0.75 في المئة بحلول الربع الأول من العام 2023 وتعليقاً مؤقتاً لهذا الاجراء بعدها.
على أي حال، ستساعد التوقعات الاقتصادية الجديدة التي ستُنشر غداً الخميس، مع أخذ تبعات الحرب في أوكرانيا في الاعتبار، على تحديد التوجه النقدي.