يترقب المستثمرون اجتماع أعضاء منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) وحلفائها من كبار المنتجين في إطار تحالف “أوبك +” الأربعاء لاتخاذ قرار بشأن إنتاج سبتمبر/ أيلول.
هذا الإجتماع الشهري ينعقد بعد الزيارة المهمة التي قام بها الرئيس الأميركي جو بايدن الى المملكة العربية السعودية في 15 يوليو/تموز ومشاركته في القمة الخليجية مع دول ثلاث أخرى هي العراق والأردن ومصر.
فموضوع زيادة إمدادات النفط كان المادة الدسمة الأهم التي نوقشت بين بايدن وولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان. وقال بايدن إثر انتهاء الزيارة إن “المسؤولين في السعودية يشاركونه الحاجة الملحة لزيادة إمدادات النفط”، ويتوقع “خطوات أخرى في الأسابيع المقبلة” لتحقيق هذه الغاية.
لكن السعودية كانت واضحة بشأن تمسكها بالعمل ضمن تحالف “أوبك +”، وأرسلت له رسالة مباشرة بأن أي قرار لزيادة الإنتاج لا يمكن أن يتخذ أحادياً، بل في إطار التحالف الذي يضم روسيا التي تحاول الولايات المتحدة فرض عقوبات لمنع استفادتها من عائداتها النفطية بسبب حربها على أوكرانيا. وهو ما قاله صراحة وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان للصحافيين: “نستمع إلى شركائنا وأصدقائنا من جميع أنحاء العالم وخاصة الدول المستهلكة، لكن في النهاية، تتبع أوبك + ظروف السوق وستوفر الطاقة حسب الحاجة”، وفقاً لما ذكرته “بلومبرغ”.
روسيا
وقبل أيام على انعقاد اجتماع “أوبك +”، زار نائب رئيس الوزراء الروسي ألكسندر نوفاك، الرياض والتقى وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان آل سعود ليؤكد بعد اللقاء أن روسيا والسعودية ملتزمتان بشدة بهدف اتفاقية “أوبك +” للحفاظ على استقرار السوق، واستعادة توازن العرض والطلب. وأضاف أنه تم الاتفاق بين الجانبين على مواصلة جهودهما في إطار منظمة “أوبك +” لإعادة الاستقرار إلى سوق النفط العالمي.
لقد أراد نوفاك من خلال تصريحاته التي نقلتها وكالة الأنباء الروسية (تاس) أن يذكّر الولايات المتحدة بأهمية دورها في التحالف وفي استقرار سوق النفط.
فالولايات المتحدة تسعى إلى موافقة كبار مستوردي النفط على تطبيق حد أقصى على سعر النفط الروسي. على أن هذا الأمر يتطلب موافقة كل من الصين والهند اللتين كثفتا مشترياتهما من النفط الروسي المخفض بشدة في الأشهر الأخيرة، ليكون له تأثير حقيقي. لكن رد فعل روسيا على تطبيق حد أقصى على سعر نفطها، قد يدفعها للرد بوقف تصدير النفط. وهو ما اعلنه نوفاك صراحة منذ أيام قائلاً إن بلاده لن تزود الأسواق العالمية بالنفط، إذا تم تحديد سقف السعر عند مستوى أقل من تكلفة الإنتاج الروسية.
ويساور واشنطن ودول الغرب بعض القلق بشأن ارتفاع أسعار النفط الخام العالمية خلال الفترة المقبلة، بالتزامن مع دخول حظر الاتحاد الأوروبي لخدمات التأمين والتمويل للنقل البحري للنفط الروسي حيز التنفيذ في ديسمبر/كانون الأول 2022، حيث سيتم إخراج روسيا من سوق التأمين على شحنات النفط العالمي، نظراً إلى أن معظم الموانىء لا تسمح للناقلات بالرسو ما لم تكن لديها تغطية تأمينية كاملة. وهذا من شأنه أن يعيق بشدة تدفق النفط الروسي على مستوى العالم، مما يؤدي إلى ارتفاع قياسي في أسعار النفط، الأمر الذي لا تستطيع إدارة بايدن تحمله في الوقت الحالي، وفق “أويل برايس”.
هيثم الغيص
وقد أبرز الأمين العام الجديد لمنظمة “أوبك” هيثم الغيص أهمية روسيا التي تنتج نحو 10 ملايين برميل تمثل 10 في المئة من إنتاج العالم يومياً، في تحالف “أوبك+”. فقال في مقابلة الأحد، إن وجودها أساسي لنجاح الاتفاق بشأن إنتاج سبتمبر/ أيلول، ووصفها بأنها “لاعب كبير ورئيسي ومؤثر بشكل كبير في خارطة الطاقة العالمية”.
الغيص الذي يرأس اجتماع المنظمة للمرة الاولى بعد وفاة محمد باركيندو الشهر الماضي، تحدث عن الزيادات الأخيرة في أسعار النفط، فقال: “بالنسبة لي، ما زلت أؤكد أن ارتفاع أسعار النفط أخيراً ليس مرتبطاً فقط بالأحداث بين روسيا وأوكرانيا. ولكن البيانات كلها تؤكد أن الأسعار بدأت بالارتفاع بشكل تدريجي وتراكمي، وقبل اندلاع الأحداث الروسية -الأوكرانية، بسبب التصور السائد في الأسواق بأن هناك نقصاً في القدرة الإنتاجية الاحتياطية، والتي أصبحت محصورة في دول قليلة ومحدودة”.
كل هذه التطورات المتسارعة تعطي انطباعاً بأن اجتماع الأربعاء سيبقي الانتاج ثابتاً وسط تراجع الأسعار، أو يقرر زيادة طفيفة جدا لشهر سبتمر/أيلول. وحتى لو إذا نظر “أوبك +” بجدية في زيادة الإنتاج مرة أخرى – وليس هناك ما يضمن ذلك كما قلنا – فستوزع هذه الزيادة على جميع دول الأعضاء. وهذا ما يجعل من تنفيذ قرار الزيادة صعباً عملياً، لأن عدداً من الدول الأعضاء غير قادرة على تلبية السقف المطلوب منها إنتاجه، لقلة الاستثمارات في هذا القطاع. فبحسب الغيص، يحتاج العالم لاستثمارات نفطية تقدّر بـ12 تريليون دولار خلال السنوات الـ25 المقبلة.