هل سيتم تمديد الاتفاق الذي توسطت له الأمم المتمحدة بمساعدة تركيا العام الماضي، والذي سمح بتصدير الحبوب الأوكراني عبر البحر الأسود في ظل الحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا؟
فقبل عشرة أيام على انتهاء مدة الاتفاق الممدد في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي بعد مفاوضات صعبة لمدة 120 يوماً قابلة للتمديد، يزور الأمين العام للأمم المتحدة يوم الأربعاء كييف للقاء الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، في ثالث زيارة له لأوكرانيا منذ بداية الحرب الروسية – الأوكرانية لمناقشة هذه المسألة، حسبما قال المتحدث ستيفان دوجاريك في بيان.
وتعتبر أوكرانيا من أكبر منتجي الحبوب ومصدّريها عالميا، لكن صادراتها تضررت من الحرب.
وكانت اتفاقية الحبوب، التي أُبرمت في 22 يوليو/تموز بوساطة الأمم المتحدة وبمساعدة تركيا، تهدف إلى تصدير الحبوب العالقة في الموانئ الأوكرانية بسبب القتال، وساهمت في تخفيف حدّة أزمة الغذاء العالمية التي تسببت بها الحرب في أوكرانيا.
وأتاحت الاتفاقية إمكانية تصدير نحو 20 مليون طنّ من الحبوب من ثلاثة موانئ أوكرانية. وبعد تجديدها في منتصف نوفمبر/ تشرين الثاني لمدة أربعة أشهر في الشتاء، باتت تنتهي في 18 آذار/مارس.
من جهته، وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو أعلن أن أنقرة تعمل جاهدة لتمديد الاتفاق. وقال “نعمل جاهدين لتحقيق تطبيق سلس وإقرار مزيد من التمديد لاتفاق حبوب البحر الأسود”.
و بالتقاطع مع إعلان زيارة غوتيريش، كشف مسؤول كبير في الحكومة الأوكرانية في حديثه لـ”رويترز” يوم الثلاثاء إن أوكرانيا بدأت محادثات من خلال اتصال عبر الإنترنت مع شركائها حول تمديد مبادرة تصدير الحبوب عبر البحر الأسود بهدف ضمان قدرة كييف على الاستمرار في شحن الحبوب إلى الأسواق العالمية.
وأضاف المسؤول أن أوكرانيا لم تجر محادثات مع روسيا، التي حاصرت موانئ أوكرانيا، لكن كييف تدرك أن شركاءها يجرون محادثات مع موسكو.
وقال المسؤول: “وضع المفاوضات معقد نوعاً ما، إذ يتوقف الكثير الآن على الشركاء لا علينا”.
أما موسكو من جهتها فهي تقول إنها لن توافق على تمديد اتفاق تصدير الحبوب عبر البحر الأسود إلا إذا تم أخذ مصالح منتجيها الزراعيين في الاعتبار.
وأكدت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا هذا الموقف مجدداً قبل أيام. ونقلت وكالة “تاس” للأنباء عن زاخاروفا القول “إذا كان هذا الاتفاق عادلا، فإننا نوفي دائما بدورنا وسنفي به في جميع الاتفاقات”. وأضافت أن روسيا ستناهض “التحريض والمؤامرات”.
وقبل أيام، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إن الغرب “دفن بشكل صارخ” صفقة تصدير الحبوب، في حين رد نظيره الأميركي أنتوني بلينكين بأن موسكو تسببت في “تأخيرات متعمدة ومنهجية في شحنات الحبوب وابتزاز العالم بأسلحة الغذاء”.
ولم تستهدف العقوبات الغربية الصادرات الزراعية الروسية بشكل صريح، لكن موسكو تقول إن القيود المفروضة على مدفوعاتها والخدمات اللوجستية وقطاع التأمين تشكل “عائقاً” أمام قدرتها على تصدير الحبوب والأسمدة الخاصة بها.
وبحسب بيانات “رويترز”، انخفضت صادرات الحبوب الأوكرانية 26.6 في المئة إلى 32.9 مليون
طن في موسم 2022/2023 حتى السادس من مارس/ آذار الجاري متأثرة بانخفاض الحصاد وصعوبات لوجستية ناجمة عن الحرب.
ولكن ماذا لو لم يتم التمديد للاتفاق؟
سؤال مشروع في ظل الغموض الذي يكتنف مصير هذا الاتفاق. فمن شأن الاخفاق في تمديده أن يعيد رفع أسعار الحبوب والغذاء عالمياً، وان يوقع ملايين آخرين تحت خط الفقر، وأن يفاقم التضخم المرتفع أصلاً. كما من شأنه أن يتسبب بالمزيد من المشكلات بالنسبة للدول المستوردة لهذه الحبوب.