أزمة جديدة “نبتت” لتنضم إلى اللائحة الطويلة للأزمات التي تنتشر سريعاً في عالمنا اليوم. إذ هناك نقص خطير في القطن بفعل التغير المناخي، وهو ما سيتسبب حكماً بضرر كبير للعديد من القطاعات.
فالقطن هو أحد أكثر المواد تنوعاً واستخداماً على نطاق واسع. وهو واحد من أكثر المنسوجات شيوعاً في صناعة الملابس، فضلاً عن كونه مادة رائجة في المنتجات الورقية. الشاش الطبي، ومسحات القطن، والحفاضات التقليدية كلها مصنوعة من القطن. بالإضافة إلى ذلك، يُشتق زيت بذرة القطن من نباتات القطن ويمكن استخدامه في الطهي أو صنع الصابون أو مستحضرات التجميل.
تقول الامم المتحدة عند إطلاقها السابع من أكتوبر/تشرين الاول من كل عام يوماً عالمياً للقطن، إن القطن هو أكثر من مجرد سلعة. فهذا النسيج الطبيعي هو منتج يغيّر مجرى معايش ما يزيد عن 28 مليون مزارع في جميع أنحاء العالم، فضلا عن النفع الذي يعود به على ما يزيد عن 100 مليون أسرة في 75 دولة في 5 قارات من قارات العالم.
ومع أن القطن مهم جدا للاقتصادات المتقدمة، إلا أنه يمكن كذلك شبكة أمان للبلدان الأقل نمواً والبلدان النامية.
التغير المناخي
لقد كان التغير المناخي سبباً رئيسياً في الضرر الذي طال سوق القطن عالمياً. ففي الهند مثلاً، وهي أكبر الدول المنتجة للقطن في العالم، تتسبب الأمطار الغزيرة في تقليص محاصيل القطن، لدرجة أن البلاد تستورده من الخارج، طبقا لما ذكرته وكالة “بلومبرغ”.
وفي الصين، تثير موجة الحر مخاوف بشأن الحصاد القادم هناك. وانخفضت توقعات الإنتاج هذا العام إلى 31.5 مليون بالة بينما يبلغ الاستهلاك 34.5 مليون بالة (البالة 6.5 قنطار).
وفي الولايات المتحدة، أكبر مصدّر لتلك السلعة، يدمر الجفاف المتفاقم المزارع. ومن المنتظر أن يؤدي ذلك إلى خفض الإنتاج إلى أدنى مستوى له منذ أكثر عقد من الزمن. وأظهر أحدث تقرير لوزارة الزراعة الاميركية أنه من المتوقع أن ينخفض إنتاج الولايات المتحدة لعام 2022-2023 إلى 12.6 مليون بالة وهو أدنى مستوى منذ 2009-2010، بسبب الجفاف، لا سيما في تكساس، التي تمثل عادة أكثر من نصف المزارع الاميركية. في الوقت نفسه، خفّضت وزارة الزراعة الاميركية أيضًا توقعاتها لإنتاج القطن العالمي بمقدار 3.1 ملايين بالة والاستهلاك بمقدار 800 ألف بالة.
وتكافح البرازيل التي تأتي في المرتبة الثانية من حيث التصدير، موجة حر وجفاف، قلصت المحاصيل بواقع حوالي 30 في المئة.
الأسعار
هذه الظواهر الجوية السيئة المجتمعة، الناجمة عن تغير المناخ، أدت إلى ارتفاع أسعار القطن بواقع 30 في المئة. وكان البنك الدولي حذر في أبريل/نيسان الماضي، من أن حرب أوكرانيا ستتسبب في “أكبر صدمة سلعية” منذ سبعينات القرن الماضي، حيث من المتوقع أن ترتفع أسعار القطن بنسبة 40 في المئة تقريباً في عام 2022 قبل أن تتراجع بنسبة 6 في المئة في عام 2023 مع تلاشي التحديات المرتبطة بالطقس.
وارتفعت العقود الآجلة للقطن فوق 121 دولاراً/رطل، مقتربة من أعلى مستوى لها في شهرين عند 122.3 دولاراً التي لامست يوم 16 أغسطس/آب، حيث وازن التجار احتمالات انخفاض الإمدادات العالمية مقابل تراجع الطلب.
وأظهرت بيانات إدارة الجمارك الصينية أن واردات الصين من القطن تراجعت خلال الشهر الماضي بنسبة 17 في المئة سنوياً.
كما أظهرت البيانات الأسبوعية لوزارة الزراعة الأميركية استمرار ضعف الصادرات الأميركية من القطن خلال الأسبوع المنتهي في 11 أغسطس/آب الماضي، في ظل إلغاء عقد كبير من جانب فيتنام إحدى الدول الآسيوية الرئيسية المستوردة للقطن الأميركي.
وتتجه أسعار القطن إلى الارتفاع مرة أخرى في السوق العالمية بعد أن قدّرت اللجنة الاستشارية الدولية للقطن (ICAC ) ووزارة الزراعة الأميركية انخفاضًا في الإنتاج في الموسم المقبل بدءاً من أكتوبر/تشرين الأول.
لاشك أنها أخبار مقلقة للدول المستوردة للقطن. فانخفاض إنتاج الولايات المتحدة التي تستحوذ على أكثر من 33 في المئة من سوق التصدير العالمي في المتوسط، سيقلل من فائض التجارة العالمية، مما يضغط على انخفاض المخزونات في جميع أنحاء العالم.