سيكون القمح طبقاً رئيسيا على طاولة وزراء خارجية مجموعة العشرين في بالي غداً. إذ ستدعو واشنطن المجموعة لحض روسيا على إعادة فتح طرق تسليم الحبوب.
وأبلغ مساعد وزير الخارجية الأميركي للشؤون الاقتصادية والتجارية، رامين تولوي، الصحافيين عشية الاجتماع، أنه “ينبغي لدول مجموعة العشرين أن تحاسب روسيا، وأن تصر على أن تدعم جهود الأمم المتحدة الجارية لإعادة فتح الطرق البحرية لتسليم الحبوب”، وأهمها القمح.
في أشهر قليلة، دخل سوق القمح العالمية المتوترة في أزمة طاحنة، وبات القمح سلاحاً دبلوماسياً في سياق الحرب الروسية – الأوكرانية.
ويعد شهر يوليو/تموز جزءاً مهماً من السنة، نظراً لأنه الشهر الذي يشهد انطلاق عمليات حصد المحاصيل في جزء كبير من نصف الكرة الشمالي، وتزايد الصادرات.
لكن الحرب الروسية على أوكرانيا، وهي منتج أساسي للقمح، أدت الى تعطيل مبيعاتها من هذه المادة الغذائية الحيوية. وينتقل الاهتمام اليوم نحو كيفية تأثير الحرب على شحنات الموسم الجديد، ومدى قدرة الدول الأخرى على سد النقص لديها.
ومثّلت روسيا وأوكرانيا 30 في المئة من صادرات الحبوب العالمية. وازداد إنتاجهما في السنوات الأخيرة بشكل مطرد، مع احتلال روسيا قائمة الدول المصدّرة، فيما كانت أوكرانيا في طريقها إلى أن تصبح ثالثة.
عواقب كثيرة تسبب بها تعطيل صادرات القمح بما يهدد الامن الغذائي العالمي. من أبرز مؤشراته أن أكثر من 200 مليون شخص في العالم بدأوا يعانون جوعاً شديداً، وفق توصيف الأمم المتحدة التي عبّرت عن خشيتها من “إعصار مجاعة”.
اليوم، هناك عشرات الدول فقط تنتج ما يكفي من القمح لتتمكن من تصديره: الصين هي أكبر منتج في العالم للقمح لكنها أيضا مستورد رئيسي لهذه الحبوب إذ إن إنتاجها لا يكفي لإطعام سكانها البالغ عددهم 1.4 مليار شخص. أما الدول المصدّرة الرئيسية فهي روسيا والولايات المتحدة وكندا وأستراليا وأوكرانيا.
تصدير القمح
في الأسبوع الماضي، خفّضت روسيا بشكل حاد من الضرائب على صادرات الحبوب لدعم شحنات في موسم
التسويق يونيو-يوليو. وقد انخفضت أسعار صادرات القمح الروسي نتيجة الضغط من المحصول الجديد، الذي بدأ المزارعون حصده، إلى جانب خفض الضرائب وتراجع الأسعار في بورصة شيكاغو.
وقالت شركة “سوفإكون” لأبحاث الأسواق الزراعية في منطقة البحر الأسود إن أسعار القمح للتوريد في يوليو-أغسطس تراوحت ما بين 375 إلى 385 دولاراً للطن مقارنة مع 390 إلى 400 دولار في الأسبوع السابق، بحسب “رويترز”.
ونقلت “سوفإكون” بيانات الموانئ التي أظهرت أن روسيا صدرت 250 ألف طن من الحبوب الأسبوع الماضي مقارنة مع 500 ألف طن في الأسبوع السابق.
وفي الجانب الأوكراني، أعلنت وزارة الزراعة الأوكرانية انخفاض الصادرات الزراعية الأوكرانية إلى نحو مليوني طن بعد إغلاق موانئها على البحر الأسود. علماً أنها تحدثت عن زيادة صادراتها من القمح إلى 138 ألف طن في يونيو/حزيران، الشهر الأخير من موسم 2021/2022 ، من 43500 طن في مايو/ايار 2022 ، ومقارنة بـ662 ألف طن في يونيو/حزيران 2021، من دون معرفة أسباب هذه الزيادة.
أسعار القمح
كانت أسعار الحبوب ارتفعت بشكل كبير قبل الحرب. إذ بدأ سعر القمح يرتفع في الأسواق العالمية اعتباراً من خريف العام 2021 وبقي عند مستويات عالية في ظل الانتعاش الاقتصادي بعد الجائحة.
وعقب الحرب الروسية – الأوكرانية في 24 فبراير/شباط، سجّل سعر القمح أرقاما قياسية. إذ ارتفع سعر الطن إلى أكثر من 400 يورو في مايو/ أيار في السوق الأوروبية، وهو ضعف ما كان الصيف الماضي.
وتراجعت الأسعار في الأسابيع الأخيرة لأسباب عدة: بداية موسم الحصاد وأخذ الأسواق بالوضع في أوكرانيا والخوف من ركود اقتصادي.
وكانت أجريت مفاوضات تحت رعاية تركيا مطلع يونيو/حزيران بناء على طلب الأمم المتحدة، لإنشاء “ممرات بحرية آمنة” تسمح بتصدير المخزون الأوكراني، لكنها لم تفضِ إلى نتيجة. كان يمكن أن يقضي الحل بأن تفرج البلدان التي تملك مخزونات عن احتياطاتها في الأسواق، بحسب “أ ف ب”.
لكن معظم المخزون موجود في الصين التي لن تعيد بيعه، في حين أن الهند التي تعهدت زيادة مبيعاتها من الحبوب تراجعت عن قرارها بعدما تعرضت لموجة حر مدمرة، فحظرت الصادرات موقتا ما أدى إلى زيادة الأسعار.
على المدى القصير، ستتمثل الحلول في المحاصيل الجديدة التي يبدو أنها ستكون “جيدة إلى حد ما” في أميركا وأوروبا وأستراليا. من المتوقع أن يصل محصول القمح لعام 2022 إلى 775 مليون طن، وفق وزارة الزراعة الأميركية.