يكشف أحمد عبدالعال، الرئيس التنفيذي لمجموعة المشرق، عن القوى المحركة التي ستحدث تحولاً في الصناعة المصرفية، موضحًا كيف يتبنى البنك استراتيجية مدروسة لتحقيق النمو المستدام.
ما هي أبرز القوى العالمية التي تعتقد أنها ستؤثر على القطاع المصرفي في النصف الثاني من العام 2025؟ وكيف يمكن لمجموعة المشرق أن تتكيف لتوازن بين التحولات الرقمية المتسارعة وأسسها الراسخة للحفاظ على تنافسية قوية؟
أتوقع أن يواصل القطاع المصرفي تعامله مع التحديات الناتجة عن حالة عدم الاستقرار الجيوسياسي المستمرة، بالإضافة إلى الاتجاهات العالمية التي تثيرها، مثل مخاطر العملة والعقوبات وصدمات سلسلة التوريد. وخلال الأشهر القادمة، سيُحدث الذكاء الاصطناعي والأتمتة تغييرات جذرية. ستتجاوز البنوك تقديم الخدمات الرقمية الأساسية لتوفر تجارب شاملة تعتمد بالكامل على الذكاء الاصطناعي.
في المستقبل، ستلعب منصات التكنولوجيا الكبرى وغير المالية التي تدمج الخدمات المصرفية في أنظمتها البيئية دورًا حاسمًا في الانتقال من الخدمات المصرفية التقليدية إلى التمويل الحقيقي المدمج. وفي الوقت نفسه، سيستمر ترميز الأصول الحقيقية القائم على البلوك تشين في إحداث تغييرات كبيرة في البنية التحتية المالية، لا سيما في مجالات إدارة الثروات.
سيؤدي تحول توقعات العملاء، خصوصًا لدى “الجيل زد” وجيل الألفية، إلى زيادة الطلب على تجارب سلسة وفورية تركز على الهواتف المحمولة. وهذا لا يقتصر على الخدمات المصرفية فحسب، بل يمتد أيضًا إلى حلول نمط الحياة مثل الميزانية، والاستثمارات، والتأمين، التي يجب أن تكون متكاملة بشكل بديهي ومدعومة بالتكنولوجيا. بالإضافة إلى ذلك، ستحتاج البنوك إلى الاستجابة للتشديد التنظيمي فيما يتعلق بالتكنولوجيا والحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية، وضمان الامتثال التام.
تستفيد مجموعة المشرق من مزاياها الراسخة كالثقة والخبرة الإقليمية والعلاقات الاستراتيجية، بينما تعمل على تحديث الأنظمة الأساسية باستخدام التكامل السحابي والتكنولوجيا المالية، ودمج الخدمات المصرفية ضمن تجربة العملاء الشاملة.
استناداً إلى سمعتنا الراسخة في الجدارة بالثقة والموثوقية، نسعى لتطوير أمننا السيبراني وثقتنا الرقمية لتكونا أساسيات علامتنا التجارية. نعتبر أن دمج الذكاء الاصطناعي هو فرصة لتعزيز تجربة العملاء وتخصيصها بشكل مفرط، مع تعزيز ثقافة رقمية أولاً مع الحفاظ على التراث الذي يعزز ولاء العملاء.
يُعتبر المشرق منذ زمن بعيد رائدًا في المجال الرقمي. ما هي استراتيجيتكم الرئيسية لتعزيز هذا التحول، وكيف ترون دور التقنيات الناشئة في إعادة تعريف مستقبل الخدمات المصرفية؟
في المشرق، نؤمن بأن العمل المصرفي يجب أن يتعدّى كونه معاملات وحسب، ليغدو بمثابة تجربة ذكية وسلسة تتمحور حول العملاء. وقد سمحت لنا استراتيجيتنا الرقمية طويلة الأمد بتقديم خدمات مصرفية أكثر سهولة وتنبؤية وتخصيصاً من أي وقت مضى.
سيكون التحول الكبير التالي مدفوعًا بالذكاء الاصطناعي والأتمتة وظهور التمويل المدمج. يتطلع العملاء اليوم إلى تجارب سلسة وشديدة التخصيص، بينما تعمل التكنولوجيا على تمكين البنوك من تخطي النماذج التقليدية.
يعمل الذكاء الاصطناعي على إعادة تشكيل تفاعل العملاء، بدءًا من الرؤى التنبؤية وحتى اتخاذ القرار في الوقت الفعلي. وفي المستقبل، سيتقدم هذا من خلال استشارات مدعومة بالذكاء الاصطناعي، وخدمات مصرفية مدعومة بالصوت، وأتمتة ذكية تعزز الأمان وتقلل الاحتكاك. في المشرق، نقوم بتوسيع استخدام الذكاء الاصطناعي عبر جميع نقاط الاتصال، لضمان تجارب أكثر ذكاءً وسرعة وسهولة.
يشهد القطاع كذلك نموًا سريعًا في الخدمات المصرفية كخدمة والتمويل المفتوح، مما يدمج الحلول المالية في الحياة اليومية بشكل مباشر. ومع انتقال الخدمات المصرفية من التطبيقات والفروع إلى النظم البيئية الرقمية، يصبح من الضروري تحقيق التوازن بين الابتكار والثقة والشفافية.
نحن في المشرق نقوم بقيادة هذا التحول عبر توسيع شراكات التكنولوجيا المالية، وتعزيز الحلول الرقمية كأولوية، وبناء تجربة مصرفية جاهزة للمستقبل ترتكز على الابتكار والتأثير وتركيز العملاء.
التحول الرقمي الناجح يتطلب قيادة فعّالة. ما هي استراتيجيتكم في القيادة، وكيف تسهم في تعزيز نجاحكم؟
نحن في المشرق نؤمن بأن ناسنا هم أغلى أصولنا — وهذا الاعتقاد متجذر عبر مستويات المؤسسة كافة. يُعتبر رأس المال البشري جزءًا أساسيًا من تقديم تجارب عملاء متميزة ومتسقة. جذب أفضل المواهب والاحتفاظ بها هو الخطوة الأولى فقط.
نستثمر بشكل مكثف في تطوير موظفينا، مع الحرص على تجهيزهم بالمهارات والمعرفة والقدرات القيادية اللازمة لتجاوز توقعات العملاء المتغيرة. تركيزنا على تنمية المواهب يشمل توفير الوصول إلى برامج تدريب متقدمة، لاسيما في المجالات التي تربط بين البيانات والتكنولوجيا والقيادة، مما يمكّن الموظفين من قيادة التحول وتحقيق التأثير.
تلعب قيادتنا في المشرق دورًا أساسيًا في إدارة هدفنا، من خلال توضيح الرؤية بشكل دقيق وربطها بكل موظف. نحن نعتقد أن القوى العاملة المتفاعلة لا تعمل فقط على تحسين تجربة العملاء، بل تسهم أيضًا في دفع النمو الاستراتيجي والمرن وتخلق قيمة مستدامة لجميع أصحاب المصلحة.
اقرأ أيضاً: ارتفعت بنسبة 4 في المئة.. 2.45 مليار دولار درهم صافي أرباح بنك المشرق خلال 2024
ما هي العوامل الاستراتيجية الرئيسية التي تدفع التوسع الإقليمي للمشرق، وكيف تتصور تطور دور البنك داخل الشرق الأوسط وعلى المستوى العالمي؟
توسعنا الإقليمي يستند إلى استراتيجية واضحة ومنضبطة: استهداف الأسواق التي تتمتع بروابط تجارية واستثمارية قوية مع دولة الإمارات وإمكانات نمو هائلة. تلعب مصر وباكستان وعُمان دورًا مركزيًا في هذه الرؤية، بالإضافة إلى المراكز المالية العالمية الكبرى التي نخدم فيها عملاء الشركات والمؤسسات.
نواصل تعزيز نهجا يعطي الأولوية للتوجه الرقمي في استراتيجيتنا للنمو، من خلال توسيع منصة NEO، وتقديم نماذج الخدمات المصرفية كخدمة، وتأمين أول ترخيص تجريبي مقيد في باكستان للخدمات المصرفية الرقمية للأفراد. طموحنا هو إعادة تعريف التجربة المصرفية وجعلها أكثر تخصيصًا وكفاءة وسهولة في الوصول.
استراتيجية النمو الخاصة بنا لا تقتصر على التواجد في السوق، بل تهدف إلى خلق قيمة مستدامة. في المستقبل، سنعمل على تعميق شراكات التكنولوجيا المالية، وتوسيع الابتكارات القائمة على الذكاء الاصطناعي، ودفع الجيل القادم من التجارب المصرفية. رؤيتنا واضحة: النمو بشكل مسؤول، والقيادة بالابتكار، وتشكيل مشهد مالي شامل ومستدام وجاهز للمستقبل.
في عصرنا الحالي الذي يتميز بالخدمات المتخصصة للغاية والخدمات المصرفية المعتمدة على الذكاء الاصطناعي، كيف تسعى مجموعة المشرق لإعادة تعريف تجربة تفاعل العملاء من خلال الجمع بين التقدم التكنولوجي والنهج الإنساني؟ وما هي دلالات ذلك على مستقبل تجربة العملاء؟
تعتبر تجربة العملاء عنصرًا حيويًا في استراتيجية المشرق. لقد طورنا بيئة مصرفية سلسة وبديهية وشخصية للغاية، مستفيدين من التحول الرقمي لتوفير الراحة والسرعة وسهولة الوصول. لكن ليس التكنولوجيا فقط ما يميزنا؛ بل إن الطريقة التي نستخدم بها الابتكار لبناء علاقات عميقة ودائمة مع عملائنا هي ما يهم حقًا.
من خلال دمج الذكاء الاصطناعي والأتمتة، نحن نعمل على تعزيز التفاعل البشري، بدلاً من استبداله، باستخدام رؤى في الوقت الحقيقي لتوقع احتياجات العملاء وتقديم حلول مخصصة على نحو استباقي تجعل كل تفاعل مريحًا وسلسًا.
في المستقبل، ستتحدد تجربة العملاء من خلال التكامل الشامل بين القنوات الرقمية والبشرية، مما يضمن أن يتفاعل العملاء معنا وفقًا لشروطهم. وسيعتمد النجاح المصرفي خلال الفترة القادمة على أولئك الذين يوازنون بين التكنولوجيا والبصيرة الإنسانية، ليحققوا أقصى قدر من التأثير.
انقر هنا للاطلاع على المزيد من المقابلات الخاصة.
