يمكن لـ Binance، وهي المنظومة الرائدة عالمياً في مجال “البلوك تشين” والبنية التحتية لتداول العملات المشفرة، معالجة أكثر من 700 ألف معاملة في الثانية، بحيث يبلغ حجم التداول اليومي 65 مليارات دولار، بالإضافة إلى امتلاكها أكثر من 350 عملة مشفرة مدرجة، و 120 مليون مستخدم مسجّل.
حصلت Binance على الموافقات والتسجيلات التنظيمية لمزاولة أنشطتها في جميع أنحاء العالم، مما يجعلها واحدة من شركات العملات الرقمية القليلة التي تقوم بذلك ضمن دول الخليج.
ومع ذلك، لم يكن أي من هذا ممكنًا بدون الامتثال القوي وبرنامج اعرف عميلك (KYC) الذي يتولّى حماية الأصول والبيانات.
نيلس أندرسن-رود، نائب رئيس قسم الامتثال للجرائم المالية في Binance، هو الرجل الذي يقف وراء قيادة جهود الشركة لتطوير إجراءات أمان فعالة للمنصة.
لقد حضر مؤخرًا مؤتمر Leap في السعودية، قبل أن يسافر إلى دبي لطمأنة السلطات والمستثمرين بأن الأنشطة غير المشروعة في فضاء العملات المشفرة ليست نادرة فحسب، بل تتم مراقبتها عن كثب كذلك.
“أظهر تقرير حول الجرائم المشفرة صادر عن Chainalysis أن 0.24 في المئة من جميع معاملات التشفير مرتبطة حاليًا بأنشطة غير مشروعة. في التمويل التقليدي، تقدّر هذه الأنشطة بحوالي 2 إلى 5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي”، يقول أندرسن-رود، مشيراً إلى “أننا نتحدث هنا عن مبالغ تتراوح قيمتها بين 800 مليارات دولار و2 تريليون دولار، في الوقت الذي يبلغ فيه إجمالي القيمة السوقية للعملات المشفرة في الوقت الحالي حوالي 1.2 تريليون دولار.
إقرأ أيضاً: بينانس تطلق منصّتها في البحرين
شبكة الويب المظلمة والمعرفة الصحيحة بإنفاذ القانون
أندرسن-رود، الذي يتمتع بخبرة واسعة في مجال إنفاذ القانون والتحقيقات الاستقصائية المتعلّقة بشبكة الويب المظلم، هو الآن مسؤول عن مجموعات عديدة داخل Binance.
“نحن نستفيد من بلوك تشين لضمان عدم استخدام نظامنا الأساسي من قبل المجرمين وللحفاظ على النظام الأساسي آمنًا لمستخدمينا، بدءًا من KYC (اعرف عميلك) و KYB (اعرف عملك) ، يوضح أندرسن-رود.
عندما انضم الرجل إلى Binance في العام 2021، قام هو وزملاؤه السابقون في IRS-CI بتجميع فريق قوي من المتخصصين ذوي الخبرة في التحقيقات المتعلقة بالجرائم الإلكترونية وغسل الأموال.
يخبر أندرسن-رود: “كنت أعمل في تحقيقات شبكة الويب المظلمة، في محاولة لمعرفة مكان تشغيل المنصات، ومن هم المسؤولون والبائعون في الصفقات التي تنطوي عادةً على موادّ غير مشروعة وأنشطة مارقة أخرى”.
التعاون مع سلطات إنفاذ القانون
وفقًا لأندرسن-رود، تقوم Binance برسم وتخطيط الشبكات الإجرامية، على غرار ما تحاول وكالات إنفاذ القانون القيام به، مشيراً إلى تعامله مع هذه الوكالات، والتي يمكنها في مرحلة لاحقة تقديم طلب قانوني لبيانات المستخدم، مما يسمح لـ Binance بمشاركة صورة متكاملة عن الحالة.
يوضح أندرسن-رود: “لقد قمنا بتنظيم تدريبات وورش عمل متعلقة بالعملات الرقمية لأكثر من 70 دولة حول العالم”.
التحقق من KYC
جعلت Binance التحقق الكامل من KYC إلزاميًا لجميع المستخدمين النشطين على المنصة في أغسطس/آب 2021.
ويوضح أندرسن-رود أنه “تاريخيًا، كان بالإمكان تسجيل أي منصة تداول تقريبًا باستخدام عنوان بريد إلكتروني حصراً. أما اليوم، فلم يعد هذا هو الحال.”
يستلزم “اعرف عميلك” تلقي بيانات اعتماد مثل التعريف وإثبات العنوان ورسائل البريد الإلكتروني، والتي يتم دراستها بعد ذلك بحثًا عن معلومات استخباراتية عن المخاطر في خدمات مثل World-Check و Refinitiv، كما يُطلب من المستخدمين إجراء اختبار مباشر للوجه لمنع إنشاء حسابات وهمية.
وضع حدّ لعمليات غسل الأموال وغيرها من الأنشطة غير القانونية
يمكن مقارنة أسلوب Binance للكشف عن أنماط أنشطة غسل الأموال مع النهج المتّبع من قبل المصارف.
“نملك أنظمة لرصد المعاملات القائمة والتحقيق في مصادر الأموال. كثيرًا ما يحاول المجرمون استبدال هذه الأموال بأوراق مالية من خلال استخدام منصة التداول. في هذه الحالات، نقوم بحظر الحسابات التي تتلقى الأموال من مجموعات يتبيّن أنها عالية المخاطر للغاية، مما يفرض حظراً على خروج الأموال من المنصة فيما يتعلّق بهذه العمليات”، يوضح أندرسن-رود.
ويضيف: “لدينا قواعد مماثلة فيما يتعلّق بالعملات النقدية، مثل النظر في الحسابات الخاملة التي تنشط مفاجئ، أو الأنماط البنوية المتواترة لتمرير معاملات ضئيلة القيمة، كما التحقق من المحافظ التي تحاول إرسال الأموال إلى حسابات متعددة عبر المنصة”.
ويمضي أندرسن-رود قائلاً إن منصة Binance تقدم ملاحظات للسلطات حول ما تعتقد أنه يعمل على مكافحة هذه الجرائم والتصدّي لها، بالإضافة إلى برامج التدريب لمساعدة هذه المؤسسات على فهم كيفية تتبع مسار الأموال على “البلوك تشين”.
“يسهم ذلك في نهاية المطاف في مؤازرة السلطات على تطوير لوائح جديدة في هذا المجال”، يردف، لافتاً إلى أنه يعتقد “أن التعاون الوثيق مع سلطات إنفاذ القانون ينعكس بالمنفعة لكلا الطرفين”.
“في حال تنبّهنا لأي نشاط إجرامي مرتبط ببلد معين، نلتزم بالإبلاغ عن شكوكنا – لا سيّما في الحالات العاجلة والملحّة للغاية – ومن الضروري بالنسبة لنا التواصل بشكل مباشر والمساعدة في حل هذه القضايا”، يشير.
والحال أن Binance استجابت لأكثر من 47 ألف طلب لإنفاذ القانون منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2021، بمتوسط وقت استجابة يبلغ 3 أيام.
التعاون مع المصارف
تلعب المصارف دورًا بالغ الأهمية في حماية حسابات العملاء من الهجمات الإلكترونية وكذلك مراقبة ومنع أنشطة غسل الأموال.
وتتعاون Binance بشكل وثيق مع العديد من المصارف المركزية والخاصة حول العالم، وتوفر لهم جلسات تدريبية حول مجموعة متنوعة من القضايا التي تتمحور حول مكافحة الغشّ والاحتيال والتصدّي لهما.
“عند الحديث عن الأموال التي جرى الاستيلاء عليها من حسابات مصرفية، سيتم سحب تلك الأموال، وستذهب إلى منصات تداول العملات الرقمية قبل أن يجري تحويلها إلى عملات مشفرة. ينبغي تطبيق ضوابط سليمة”، يقول أندرسن-رود، لافتاً إلى أن أفضل طريقة لضمان ذلك لا يكمن سوى من خلال تعاون مشترك بين كل من المصارف ومنصات تداول العملات الرقمية وسلطات إنفاذ القانون، بغية تتبع وإخطار العملاء بأي نشاط يُشتبه به”.
” مما لا شك فيه أن تردّداً قد يبرز من قبل بعض المصارف لناحية التعاون مع منصات التشفير بسبب المنافسة المحتملة بينهما”، يقول الأخير، موضحاً انه “في المقابل، هناك العديد من المصارف الأخرى تنشط في توظيف أفراد يتمتعون بخلفيات معرفية مماثلة لتلك التي أمتلكها وزملائي، وهو أمر بالغ الفائدة”.
تضيف الخدمات المالية التقليدية، بالإضافة إلى تلك التي تم تمكينها بواسطة الـ”بلوك تشين” و الويب 3.0، قيمة هائلة لحياة المستخدمين. وتبقى أولوية القطاع المالي التعاون على نحو وثيق ومشترك لضمان سلامة العملاء وأمن السوق.
أنقر هنا للمزيد من الأخبار التقنية.