حققت أبوظبي تقدمًا ملحوظاً في سعيها لتصبح وجهة سياحية عالمية بارزة. وأرست الإنجازات البارزة خلال العام 2023 أساسًا متيناً لنمو أكثر قوة في قطاع السياحة هذا العام وفي المستقبل. في هذه المقابلة، يتحدث سعادة صالح الجزيري، مدير عام السياحة في دائرة الثقافة والسياحة في أبوظبي، عن الركائز الأربع لاستراتيجية السياحة في أبوظبي، والتي ستسهم في استمرار تعزيز وتحصين القطاع السياحي فيها.
مؤخرًا، اعتمد الشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي ورئيس المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي، استراتيجية أبوظبي السياحية 2030. ما هي المحاور الرئيسة لهذه الاستراتيجية؟
حددت استراتيجية أبوظبي السياحية 2030 أهدافًا طموحة تعمل بمثابة دليلًا لنا لمواصلة دفع نمو الإمارة كوجهة سياحية عالمية رائدة. إننا نحرص على تحقيق مهمتنا المتمثلة في زيادة أعداد الزوار بشكل كبير من حوالي 24 مليونًا في العام 2023 إلى أكثر من 39 مليونًا بحلول العام 2030، بما في ذلك زيادة أعداد الإقامة لليلة واحدة وزيارات اليوم الواحد – مما يؤدي إلى نمو سنوي في السياحة بنسبة 7 في المئة.
ويندرج ذلك ضمن الخطة الشاملة لقطاع السياحة والسفر في أبوظبي التي تهدف إلى رفع مساهمة القطاع بشكل أكبر في الناتج المحلي الإجمالي لدولة الإمارات، من حوالي 49 مليار درهم في العام 2023 إلى 90 مليار درهم سنويًا بحلول العام 2030. ولتحقيق هذه الأهداف، ستركز استراتيجية دائرة الثقافة والسياحة في أبوظبي على 26 المبادرة تندرج تحت أربع ركائز رئيسية: العروض والفعاليات حول المدينة؛ الترويج والتسويق؛ البنية التحتية والتنقل؛ والتأشيرات والترخيص والتنظيم.
ما هي المشاريع الثقافية والسياحية الجديدة المقبلة في أبوظبي؟
يكمن جوهر رؤية أبوظبي لقطاع السياحة في الالتزام بالحفاظ على التراث الثقافي الغني والفريد للإمارة والاحتفاء به وإعطاء الأولوية للتجارب الأصيلة.
وتتجسد هذه الرؤية في تطوير المشاريع الرئيسية مثل منطقة السعديات الثقافية التي تتضمن متحف اللوفر أبوظبي، ومنارة السعديات، وبيركلي أبوظبي، إضافةً إلى التوسع السريع الجاري حاليًا.
كما تشمل المعالم الثقافية المخطط لها في السنوات القادمة متحف “جوجنهايم” أبوظبي، ومتحف زايد الوطني، ومتحف التاريخ الطبيعي أبوظبي، و”تيم لاب فينومينا” أبوظبي.
وستعمل أبوظبي أيضًا على تنمية جاذبيتها السياحية من خلال مناطق سياحية جديدة في جزيرة ياس وجزيرة الحديريات والعين.
وخلال السنوات القليلة المقبلة، سنرحب بالعديد من العلامات التجارية الفندقية الشهيرة في الإمارة، بالإضافة إلى إطلاق مبادرات الطهي المبتكرة بالتعاون مع استوديو مدرسة دوكاس أبوظبي التابع لـ”إرث” للضيافة و”لو كوردون بلو أبوظبي”.
وفضلاً عن عروض الضيافة والطهي المتميزة، فإن المجموعة الواسعة من الفعاليات لدينا وزيادة المعروض من غرف الفنادق وبيوت العطلات ستسمح لنا بتلبية التدفق المتزايد من المسافرين.
قامت دائرة الثقافة والسياحة في أبوظبي في الآونة الأخيرة بتمديد الإعفاء من الرسوم السياحية بنسبة 10 في المئة على تذاكر الفعاليات حتى نهاية العام. كيف سيترجم ذلك في دفع الإقبال والنمو السياحيين مقارنة بالعام السابق؟
يمتد إيماننا بقوة الشراكات إلى المنظمات والأفراد المسؤولين عن تنظيم أبرز الأحداث والفعاليات في أبوظبي. من خلال تنفيذ إعفاء من رسوم السياحة، قمنا بتخفيف بعض الأعباء المالية المرتبطة بالتخطيط للفعاليات. وقد سمح ذلك لشركائنا بالتركيز على تعزيز مبادراتهم التسويقية، والتفاعل مع الجماهير، وتنفيذ الاستراتيجيات التي تولد اهتمامًا أكبر. وبالتالي، فإن هذا لا يجذب المزيد من الزوار إلى مناسباتهم فحسب، بل يروج أيضًا لأبو ظبي ككل.
علاوة على ذلك، عزز هذا المسعى بشكل كبير مكانة أبوظبي كوجهة جذابة لاستضافة مختلف الفعاليات والمشاركة فيها، وتعزيز حيوية مشهد السياحة والترفيه.
تتشابك جهود المنظمين ومساهماتنا في دائرة الثقافة والسياحة في أبوظبي، ونعتبر أنه من واجبنا مؤازرة بعضنا البعض في سعينا لتحقيق هدفنا المشترك: الحفاظ على مكانة أبوظبي كوجهة رئيسية للمسافرين من حول العالم، فضلاً عن تعزيز كونها بيئة استثنائية للإقامة والعمل والاستمتاع.
ما هي الاستراتيجيات الأخرى التي تعتمدها حكومة أبوظبي لتعزيز القطاع السياحي في الإمارة؟
تقدم استراتيجية أبوظبي السياحية 2030 خارطة طريق واضحة ومتنوعة لدفع السياحة وتحقيق النمو المستدام في أبوظبي. وهي مبنية على أربع ركائز تشكل الأساس لنهج الإمارة الشامل لتحقيق مستهدفاتها السياحية الطموحة.
تهدف الركيزة الأولى (العروض والحملات) إلى تعزيز تجربة الزوار بشكل عام من خلال الكشف عن مواقع ثقافية إضافية وحدائق ترفيهية وعروض بيع بالتجزئة وسلسلة فنادق جديدة، وتوسيع أجندة فعاليات الإمارة لتشمل على مدار العام حفلات موسيقية ومهرجانات وفعاليات مناسبة للعائلات، إلى جانب تنويع تجارب عروض الطعام لتتضمن خيارات إضافية وممتعة بما في ذلك إدخال مدارس الطهي وبرامج التدريب.
وستعمل دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي أيضاً على مضاعفة جهودها في مجال الترويج والتسويق، وتوسيع نطاق انتشارها الدولي من 11 إلى 26 سوقاً ذات إمكانات نموّ عالية، وتعزيز الشراكات الاستراتيجية العالمية مع وسائل الإعلام والعلامات التجارية المعروفة، للتعاون في المجالات البارزة، ما يسهم في إنشاء محتوى جاذب ومخصّص للسوق عبر مختلف وسائل الاتصال.
أما ركيزة البنية التحتية والتنقل فتهدف إلى زيادة عدد الغرف الفندقية المتاحة عبر مختلف الفئات، ويشمل ذلك الخيارات العادية والفاخرة، والمخيمات الفاخرة، وإقامات المزارع. وتعتزم الإمارة تحسين الطرق والنقل العام والبنية التحتية، وتسهيل السفر باستخدامها وتعزيز تدفق الزوار من خلال زيادة سعة مقاعد الطيران في شركات الطيران المحلية والدولية.
وستسهم الاستراتيجية أيضاً في تعزيز تجربة الزوّار والعمليات التجارية السياحية بشكل كبير من خلال تبسيط إجراءات التأشيرات والتراخيص والأنظمة. وستسهم المنصات والعمليات المحسّنة في تقليل المدة الزمنية لجميع الطلبات والتصاريح، لتسهيل ممارسة الأعمال التجارية وجذب المزيد من الاستثمارات.
كيف تضمَن دائرة الثقافة والسياحة في أبوظبي دمج الممارسات المستدامة في صلب استراتيجياتها؟
كوجهة سياحية، نحن على بيّنة من الطلب المتزايد من المسافرين العالميين على التجارب الصديقة للبيئة. استجابة لذلك، اعتمدنا مبادئنا التوجيهية للسياحة المستدامة، والتي جرى طرحها خلال العام الفائت. وقد صممت هذه المبادئ التوجيهية لزيادة الوعي بين جميع أصحاب المصلحة في القطاع السياحي وتشجيع اعتماد ممارسات صديقة للبيئة عبر كامل القطاع.
وتماشياً مع التزامنا بالاستدامة، أعلنّا خلال العام الجاري عن الإطلاق الرسمي لحاسِبة الكربون المصممة خصيصًا للفنادق. ستكون هذه الأداة ضرورية لتعزيز الشفافية والمسؤولية والتعاون داخل القطاع من خلال توفير وسيلة لقياس وتتبع البصمة الكربونية.
إلى ذلك، نحن ملتزمون بحماية تراثنا القيّم، التقليدي منه والحديث. ولهذه الغاية، قطعنا خطوات كبيرة في الحفاظ على أبرز أصولنا الثقافية العريقة. إن مبادرتنا لحفظ التراث الحديث هي شهادة على هذا الجهد، الذي يهدف إلى الحفاظ على 64 مبنى وموقعاً تشكل جزءاً لا يتجزأ من الجوهر الثقافي لأبوظبي.
انقر هنا للاطلاع على المزيد من المقابلات.