خرجت تدفقات قيمتها 61.2 مليار فرنك سويسري (69 مليار دولار) من مصرف “كريدي سويس” السويسري في الربع الأول من العام الحالي، وهو ما يظهر التحدي الذي يواجهه مصرف “يو بي إس” للاحتفاظ بالعملاء الرئيسيين والأصول بعد الاستحواذ الطارئ على أكبر منافس له.
ويعتبر الكشف عن حجم هروب العملاء من المصرف هو الأول منذ إبرام صفقة الاستحواذ، مما يبرز الضرر الذي لحق بعالم الأعمال والذي أجبر المنظمين السويسريين على التدخل.
وكان “يو بي أس” وافق في مارس/آذار الماضي على الاستحواذ على “كريدي سويس” مقابل 3 مليارات فرنك (3.2 مليارات دولار).
وقال “كريدي سويس” في آخر تقرير مالي له كمؤسسة مستقلة، يوم الاثنين إن نزوح العملاء كان أكثر حدة في الأيام التي سبقت قيام المنظمين السويسريين بتنسيق عملية الإنقاذ التي قام بها “يو بي أس”، مضيفًا أنه بينما استقرت التدفقات الخارجة، فإنها لم تتراجع.
خسرت وحدة إدارة الثروات الرئيسية في “كريدي سويس” ما نسبته 9 في المئة من الأصول في الربع الأول (47.1 مليار فرنك)، وهو نزيف من شأنه أن يخفض الرسوم التي يولدها و “من المحتمل أن يؤدي إلى خسارة كبيرة في إدارة الثروات” في الربع الثاني ، حسبما قال “كريدي سويس” عند إصداره نتائج ربعية.
وتوقع المحللون أن يخسر كلا المصرفين العملاء، وخصوصاً الأثرياء الذين لديهم حسابات في كل مصرف ويريدون الآن التنويع.
ونقلت صحيفة “فايينشال تايمز” عن توماس هاليت، المحلل في “كيفي، بروييت أند وودز” يوم الاثنين “إن حجم الخسائر والتدفقات الخارجة ينذر بالخطر”.
“هناك المزيد في المستقبل. وببساطة ، حتى إذا كان يو بي أس قادرًا على تحصيل 8 مليارات فرنك سويسري من التكاليف بحلول عام 2027، فإن مسار الإيرادات قد تضرر لدرجة أن الصفقة يمكن أن تظل عبئًا على نتائج تشغيل يو بي أس ما لم يتم الإعلان عن خطة إعادة هيكلة أعمق”.
في الوقت نفسه، سجل المصرف أرباحاً بـ 12.8 مليار فرنك في الربع الأول 2023، بالمقارنة مع خسائر خلال الفترة نفسها من العام السابق، ويرجع ذلك أساسًا إلى الشطب المثير للجدل لحاملي سندات AT1 بقيمة 15 مليار فرنك سويسري ضمن ترتيبات صفقة الاستحواذ التي قام بها منافسه، “يو بي إس”. وجاءت الخسارة المعدلة قبل خصم الضرائب عند 1.3 مليار فرنك سويسري.
وكانت السلطات السويسرية طلبت في إطار عملية الدمج الهائلة بين المصرفين السويسريين الشهر الماضي، اعتبار 16 مليار فرنك سويسري (17.9 مليار دولار) من “سندات الشريحة الأولى الإضافية لرأس المال” عديمة القيمة.
دعوى قضائية
وأثار هذا القرار الصادر عن غضب حمَلة هذه السندات الذين من المفترض أن يتمتعوا بحماية أكبر من المساهمين.
ودفع هذا الواقع مجموعة من المستثمرين السويسريين والدوليين الذين يمثلون أكثر من ربع الديون الملغاة، بما يوازي 4.5 مليار فرنك سويسري، إلى اتخاذ إجراءات قانونية ضد “هيئة مراقبة السوق المالية السويسرية” (فينما).
وأوكل هؤلاء إلى شركة المحاماة الدولية “كوين إيمانويل” التقدم بشكوى رسمية أمام المحكمة الإدارية الفدرالية في سانت غالن بشمال شرق سويسرا.
وذكر بيان صادر عن شركة المحاماة أن “حمَلة السندات يطعنون بقانونية قرار فينما الذي أدى إلى خفض مزعوم لقيمة سندات إيه تي 1″.
ونقل البيان عن الشريك الإداري لـ”كوين ايمانويل” في سويسرا توماس فيرلين إن “قرار فينما يقوّض الثقة الدولية (…) بسويسرا كمركز مالي”.
وأضاف “نحن ملتزمون بتصويب هذا القرار الذي لا يصب فقط في مصلحة عملائنا، بل أيضا يعزز مكانة سويسرا كسلطة قضائية رئيسية في النظام المالي العالمي”.
ووردت تقارير أن عددا من الدعاوى القضائية الأخرى التي تعترض على قرار شطب سندات “إيه تي 1” قيد الانتظار في سويسرا وخارجها.
وكانت سندات “إيه تي 1” – وتُعرف أيضا باسم “كوكو” أو السندات المشروطة القابلة للتحويل – أنشئت في أعقاب الأزمة المالية العالمية لعام 2008 بهدف إلقاء أعباء الخسائر على عاتق المستثمرين بدلاً من دافعي الضرائب.
ومن المتوقع أن تنتهي عملية الاستحواذ من جانب “يو بي أس” في الأشهر المقبلة، وقد صممت العملية للمساعدة في استقرار النظام المالي العالمي الذي عانى من انهيار مصرفين أميركيين.