كتبتُ وقرأت كثيرًا في الآونة الأخيرة عن سوق العقارات الفاخرة، لا سيّما هنا في دبي. ما يجعل العقارات الفاخرة حقًا فاخرة هو الندرة. فعلى سبيل المثال، من غير الممكن بناء سوى عدد معين من الفلل في سعف نخلة جميرا. وكانت تصدّرت عناوين الصحف في أبريل/نيسان الماضي، أخبار صفقة بيع فيلا نخلة جميرا المكوّنة من عشر غرف نوم بمبلغ قياسي بلغ 76 مليون دولار.
يتدفق المستثمرون الأذكياء لشراء العقارات الفاخرة في دبي، وهو اتجاه يبدو أنه سيحافظ على مساره، لا سيّما كَوسيلة يلجأ إليها الأثرياء للتحوّط من ارتفاع التضخم العالمي. وكانت نقلت وكالة “بلومبيرغ” أن الإمارة شهدت أكبر ارتفاع في أسعار العقارات الفاخرة في العالم في العام 2021، وهو اتجاه يتوقّع كثيرون أن يستمرّ ليس فقط خلال العام الجاري، بل كذلك في المستقبل.
وبحسب بيانات صادرة عن شركة العقارات “نايت فرانك”، ارتفعت أسعار العقارات الرئيسية في دبي بنسبة 56 في المئة في العام 2021، متجاوزةً ارتفاعات الأسعار على مستوى العالم، والتي تشمل زيادات بلغت 1.3 في المئة تم تسجيلها فقط في لندن. في حين بلغت الارتفاعات في نيويورك نسبة 3.6 في المئة، بينما سجّلت سان فرانسيسكو زيادة بمعدّل 19 في المئة.
يمثل قطاع العقارات الفاخرة حوالي 15 في المئة من سوق العقارات المحلي، حيث تُقدّر قيمة العقارات في هذه الفئة بحوالي 5 إلى 20 مليون درهم. كما، قد تصل القيمة إلى 99 مليون درهم في بعض الأحيان.
وفي حين تسيطر المدن الغربية الشهيرة وعلى رأسها نيويورك ولندن، على أسعار العقارات بقيمة تتجاوز 20 مليون درهم، فإن قطاع الرفاهية في دبي قادر على تقديم قيمة استثمارية تتجاوز ذلك بأشواط، من حيث التركيبات والمرافق والمساحة والتجهيزات.
لقد لحظتُ ارتفاعاً في عدد المباني والعقارات التابعة لعلامات تجارية مرموقة، مما أسهم في جعلها تبدو أكثر فخامةً. على صعيد السوق الفائقة الفخامة، يرغب الكثيرون حالياً في الانتقال فعليًا إلى عقار جديد – مكتمل ليس فقط من ناحية التركيبات والتجهيزات، بل كذلك من ناحية تفاصيل دقيقة أخرى تشمل المناشف وأردية الحمام كما الأواني الفخارية وأدوات المائدة.
ببساطة، تتمتع دبي بسمعة معيشية فاخرة. وفي ظلّ وجود إدخال عدد كبير من التأشيرات الاستثمارية التي تُعنى بالقطاع العقاري، استحالت الإمارة ملاذاً آمناً لأولئك الفارين من الأنظمة السياسية التي لا يؤيدونها والأنظمة الضريبية التي يسعون إلى اجتنابها.
تؤتي ثمارها اليوم السمعة التي جرى اكتسابها بشق الأنفس. يتطلع المشترون من روسيا وآسيا والهند إلى اقتناص العقارات الفاخرة في سوق يشهد ازدهاراً كبيراً في الوقت الحالي، مما ينعكس يِالإيجاب وجني الأرباح على الأطراف كافة.
سجّلت دبي خلال النصف الأول من العام الجاري، أعلى مستوى لها على الإطلاق منذ أكثر من عقد، من حيث من حيث المعاملات العقارية التي تتضمن بيع فلل وشقق سكنية. يمكن أن يُعزى جنون الشراء ” هذا إلى انتهاء جائحة “كوفيد-19″، بالإضافة إلى بروز مشاعر اقتصادية إيجابية متفائلة والثقة الكبيرة في سوق العقارات المحلي.
يسعى الكثيرون في مرحلة ما بعد الجائحة، إلى إقامة الاستثمارات والسعي وراء الأحلام وفرص اختبار أمور جديدة. كما هو الحال دائماً، تتمتع دبي بجاذبية عالمية كبيرة بالنسبة للمستثمرين الذين يحرصون على إتمام الصفقات التجارية ضمن بيئة اقتصادية آمنة ومنظمة وَتتمتع بتخفيضات ضريبية. ولا يمكننا أن نتغاضى عن الحياة الفاخرة التي يمكننا الاستمتاع بها جميعاً هنا.
نشهد حالياً عملية إعادة إحياء لِمشاريع طال انتظارها، من لؤلؤة دبي عند مدخل نخلة جميرا إلى نخلة جبل علي.
ويجري في هذه المرحلة إزالة الغبار عن المشاريع التي تم تعليقها في أعقاب الأزمة المالية العالمية خلال العامين 2008 و2009، وتجديد الاستثمارات فيها، حيث يستمر الطلب على العقارات الفاخرة يتجاوز المعروض في دبي.
ومن المتوقع لِمشروع لؤلؤة دبي، الذي يقع عند سفوح جزيرة نخلة جميرا، أن يتحول إلى منتجع ضخم شبيه بشكل القمر.
الفخامة مرادف لمدينتنا. يضفي وجود مشاريع مماثلة – وإن كانت قيد المناقشة فحسب – شعوراً ملموساً بالتفاؤل في السوق.
وتسهم الموجة الجديدة من المستثمرين المليارديرات – من خبراء العملات المشفرة إلى القلة الروسية الذين يبحثون عن أحدث التطورات الفاخرة في دبي – في رفع الطلب وخلق ندرة إضافية.
لطالما كانت دبي مرتعاً للعقارات الفسيحة والراقية، وتتجه النزعة الحالية نحو رفع مستوى الرفاهية ومضاعفة المساحات والتصميم حسب الطلب. أعتقد أننا سنشهد على بناء المزيد من المساكن التابعة لِعلامات تجارية مرموقة، بالإضافة إلى خلق المزيد والشقق السكنية المنسّقة بتصاميم راقية.
ليس من المستغرب إذن أن تشهد فلل نخلة جميرا، التي يزداد الطلب عليها، على أعلى ارتفاعات في الأسعار في العام المنتهي في يونيو/حزيران.
إلى ذلك، تفيد تقارير صادرة عن بعض شركات الوساطة العقارية بأن متوسط سعر القدم المربع لِمبيعات الفلل قد ارتفع على أساس سنوي بنسبة 28 في المئة خلال العام الجاري.
مع تجدّد الاستثمارات في مشاريع جديدة على صعيد القطاعين العام والخاص، يبدو أن دبي ستظل مركزًا عالميًا للمعيشة الفخمة وأسلوب الحياة الفاخر. ويأتي ذلك مدعوماً بإطار تنظيمي متين، وفهم عميق لكيفية إدارة وتنظيم نمط حياة مترف، كما وبأسلوب ثقافي وقانوني و بيئة اتحادية تواصل احتضان الوافدين من جميع أنحاء العالم.