حددت دولة الإمارات العربية المتحدة أهدافها الطموحة في مجال الاستدامة من خلال برنامجها الشامل “المبادرة الاستراتيجية للحياد المناخي 2050”. ولدعم هذه الأهداف، تعترف الحكومة بالدور المحوري الذي تلعبه وسائل الإعلام.
في هذه المقابلة، تتطرق سعادة منى المري، المدير العام للمكتب الإعلامي لحكومة دبي، لمساهمة الإعلام في رفع مستوى الوعي بالاستدامة. كما تسلّط الضوء على “الإعلام الأخضر” وكيف يمكن للقطاع دمج الممارسات الخضراء في عملياته.
إيكونومي ميدل إيست: كيف يمكن لوسائل الإعلام في الإمارات أن تعمل بشكل فعال على رفع مستوى الوعي العام حول قضايا الاستدامة؟
منى المري: لطالما اعتبرت القيادة الإماراتية وسائل الإعلام شريكًا حيويًا في دفع عجلة التنمية المستدامة في الدولة. وقد ظهر مصطلح “الإعلام الأخضر” ليعكس مسؤولية الإعلام في تعزيز الوعي حول الاستدامة والحفاظ على البيئة. فهذه القضايا بالغة الأهمية لازدهارنا ورفاهنا في المستقبل.
تعد وسائل الإعلام وسيلة رئيسية لنقل الرسائل والتطلعات التي تتجسد في المبادرات الاستراتيجية إلى الجمهور. وعلى وجه الخصوص، تشمل هذه الاستراتيجيات تحقيق صافي صفر الانبعاثات الكربونية في الإمارات بحلول العام 2050. ومن ضمن هذه الاستراتيجيات، استراتيجية دبي للطاقة النظيفة 2050 والمبادرة الاستراتيجية للحياد المناخي 2050. من خلال تقديم صورة واضحة لاستراتيجية الدولة والتقدم الذي أحرزته في مجال الطاقة المتجددة والبنية التحتية الخضراء وجهود الحفاظ على البيئة يمكن لوسائل الإعلام أن تحدث نقلة نوعيّة في مستويات الوعي البيئي.
وللإفادة من الوقع القوي لانتشارها، تحتاج وسائل الإعلام إلى اعتماد نهج متعدد الجوانب. أولاً، يتعيّن عليها تسخير قوة السرد الإبداعي. ومن خلال مشاركة قصص جذابة للأفراد والشركات والمجتمعات التي تتبنى ممارسات مستدامة، يمكن لوسائل الإعلام تصوير الاستدامة بطرق جذابة وملهمة للجمهور وأصحاب الشأن.
كما يمكن لوسائل الإعلام المساعدة في رفع مستوى الوعي بالاستدامة من خلال التعاون مع أبرز الجهاتالمعنية. تعدّ الشراكة بين هيئة كهرباء ومياه دبي ومؤسسة دبي للإعلام ( تمثل قناة الاتصال الرئيسية للجمهور المحلي) التي تم الإعلان عنها في سبتمبر/أيلول من هذا العام مثالاً ممتازًا على كيفية قيام وسائل الإعلام في الإمارات بإقامة شراكات لتعزيز الاستدامة. وتعمل مؤسسة دبي للإعلام على تسليط الضوء على جهود هيئة كهرباء ومياه دبي لتعزيز استخدام الطاقة النظيفة والمتجددة وكفاءة الطاقة والاستخدام المستدام للموارد الطبيعية والمركبات الكهربائية الصديقة للبيئة وغيرها من الممارسات المستدامة.
اقرأ أيضاً: كوب28: الشيخ محمد بن راشد يعلن رؤية جديدة لـ إكسبو دبي أساسها الاستدامة
إيكونومي ميدل إيست: كيف تستفيد المؤسسات الإعلامية في دولة الإمارات من العالم الرقمي؟
منى المري: يُعتبر تبني المنصات الرقمية ووسائل التواصل الاجتماعي أمرًا بالغ الأهمية. تتمتع دولة الإمارات بمعدل انتشار مرتفع للإنترنت والسكان يتمتعون بالذكاء التكنولوجي. لذلك، تبرز وسائل التواصل الاجتماعي من ضمن الوسائل الأكثر فعالية لنشر المحتوى المتعلق بالاستدامة إلى جمهور أوسع. ومن خلال استخدام محتوى جذاب، يمكن لوسائل الإعلام الاستفادة من قوة هذه المنصات لزيادة مستويات الوعي حول الاستدامة بشكل كبير.
برز المكتب الإعلامي لحكومة دبي في الطليعة لناحية تقديم مجموعة واسعة من المحتوى التقليدي والرقمي حول الاستدامة لوسائل الإعلام. وجاءت مشجعة استجابة وسائل الإعلام لهذه التوعية. أدى ذلك إلى تغطية متعمقة وواسعة النطاق. فنحن ملتزمون بتعزيز قدرات وسائل الإعلام العربية لتغطية موضوع الاستدامة من خلال توفير فرص التدريب والتعلم.
إيكونومي ميدل إيست: ما هي الخطوات التي يمكن أن تتخذها المؤسسات الإعلامية لتبني الاستدامة في عملياتها؟
منى المري: تتمتع وسائل الإعلام في الإمارات بفرصة فريدة لتكون مثالاً يحتذى به في مجال الاستدامة. وينبغي على هذه الوسائل القيام بتقييم البصمة الكربونية الخاصة بها. إن تنفيذ التقنيات الموفرة للطاقة والممارسات المكتبية المستدامة، مثل تقليل استخدام الورق وتقليل استخدام البلاستيك، سيساهم في الجهود المبذولة للحد من تأثيرها البيئي.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن لوسائل الإعلام إعطاء الأولوية للمصادر المستدامة للإمدادات والمعدات، واختيار الموردين الذين يتمتعون بممارسات متينة لناحية المسؤولية البيئية والاجتماعية. سيساهم الاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة مثل الألواح الشمسية لتشغيل مرافقها في تحقيق أهداف الاستدامة في البلاد. بذلك، يمكن لوسائل الإعلام الإماراتية أن تصبح قدوة لغيرها من الشركات والجمهور العام.
إيكونومي ميدل إيست: كيف يمكن لوسائل الإعلام الابتكار في إعداد التقارير لتعزيز الممارسات المستدامة؟
منى المري: يعدّ الابتكار في إعداد تقارير الاستدامة أمرًا ضروريًا لإشراك الجمهور وتشجيع العمل. ينبغي على وسائل الإعلام الكشف عن أشكال وتقنيات متنوعة لجعل تقارير الاستدامة مؤثرة وجذابة. .
أحد الأساليب الفعالة تتمثل في التمثيل البصري للبيانات والإنفوجرافيك، لجعلها أكثر يسراًللقراء. ومن خلال استخدام الميزات التفاعلية والسرد القصصي، يمكن لوسائل الإعلام إنشاء تجارب غامرة تلقى صدى لدى الجمهور والمتابعين.
من المهم التركيز على السرد الذي تهم الجمهور. يمكن أن تؤدي مشاركة الروايات الشخصية للأفراد والمجتمعات المتأثرة بقضايا الاستدامة إلى إثارة التعاطف ودفع التغيير. كما يمكن لوسائل الإعلام تشجيع القراء على المساهمة بتقارير مباشرة ومحتويات أخرى تتعلق بقضايا الاستدامة المحلية.
إيكونومي ميدل إيست: ما هي التحديات المتوقعة عند دمج الاستدامة في وسائل الإعلام، وما هي الحلول المقترحة من جانبكم؟
منى المري: تصاحب الجهود المبذولة لإحداث نقلة ذهنية لدى الجمهور فيما يتعلق بموضوع الاستدامة تحديات فريدة تقع على عاتف الوسائل الإعلامية، ولكن هناك حلول فعالة. أحد التحديات الرئيسية هي مشاركة الجمهور وتثقيفه. ولمعالجة هذه المشكلة، من الضروري أن تستخدم الوسائل الإعلامية في الإمارات أساليب مبتكرة. يشمل ذلك إنتاج محتوى إبداعي وغني بالمعلومات واستخدام منصات وسائل التواصل الاجتماعي ودمج المبادرات المجتمعية لجعل موضوع الاستدامة أيسر منالاً للجمهور.
كذلك، تعتبر مقاومة التغيير عقبة شائعة تواجهها وسائل الإعلام عند الترويج لموضوع لاستدامة. وللتغلب على هذه المشكلة، من الضروري بناء حجة مقنعة للاستدامة من خلال إظهار فوائدها على المدى الطويل. يمكن للوسائل أن تقدم أمثلة وأدلة ملموسة على النتائج الإيجابية، فذلك يساعد في إقناع المتشككين وأصحاب الشأن المتمسكين بمفاهيمهم.
تشمل الاستدامة مجموعة واسعة من الموضوعات، من تغير المناخ إلى الحفاظ على التنوع البيولوجي. ويجب على وسائل الإعلام إعطاء الأولوية للموضوعات الأكثر تناسباً مع جمهورها، والتأكد من أن مواءمة المعلومات مع اهتماماتهم ومخاوفهم.
انقر هنا للاطلاع على المزيد من المقابلات.