اختتمت النسخة الأربعون من معرض ومؤتمر أبوظبي الدولي للبترول “أديبك 2024″، الذي عزز من مكانته كواحد من أكثر الفعاليات المتخصصة في قطاع الطاقة تأثيراً ونجاحاً تجارياً على مستوى العالم. وقد سجل المعرض عددًا قياسيًا من المشاركين والمتحدثين، بما في ذلك وزراء ورؤساء تنفيذيون من مختلف مجالات الطاقة، الذين اتفقوا على أهمية دفع عجلة التقدم الاقتصادي والاجتماعي المستدام عالميًا.
حضور قياسي وشعار مميز
عُقد “أديبك 2024” تحت شعار “تواصل العقول لتحقيق انتقال واقعي ومنظم في قطاع الطاقة”، في إطار الاحتفال بأربعة عقود من الريادة في هذا المجال. وقد شهد الحدث حضورًا قياسيًا بلغ 205,139 شخصًا من 172 دولة، مما يرسخ مكانة الإمارات ودورها الريادي كمركز عالمي في مجالات الطاقة والتكنولوجيا والابتكار.
تنوع المشاركة والبرامج الجديدة
تشير الإحصائيات التي نقلتها “وام”، إلى زيادة ملحوظة وتنوع أكبر في المشاركة العالمية، حيث ارتفع عدد المشاركين بأكثر من 20 ألفًا مقارنة بدورة العام الماضي. تضمن برنامج المؤتمر أربعة مؤتمرات جديدة استقبلت أصواتًا جديدة من عالم التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي والتمويل والشباب ودول الجنوب العالمي، حيث استمع الحضور إلى أكثر من 1,800 متحدث دولي خلال 370 جلسة، بما في ذلك 40 وزيرًا من مختلف أنحاء العالم، تناولوا الفرص الاقتصادية الناتجة عن التعاون بين القطاعات.
إنجازات تاريخية وصفقات ضخمة
كانت نسخة “أديبك 2024” الأكثر نجاحًا في تاريخ هذا الحدث الذي يمتد لأربعة عقود، حيث أسفرت عن إبرام صفقات تجاوزت قيمتها 10 مليار دولار أميركي عبر مختلف القطاعات. وفي كلمته الافتتاحية، دعا معالي الدكتور سلطان أحمد الجابر، وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة والعضو المنتدب والرئيس التنفيذي لأدنوك، المشاركين إلى تكثيف الجهود لتوفير الإمكانات اللازمة للاستفادة من الفرص التي تتيحها الاتجاهات العالمية الرئيسية الثلاثة: نهوض دول الجنوب العالمي، وازدهار الذكاء الاصطناعي، والتغيرات النوعية في قطاع الطاقة.
اقرأ أيضاً: الإعلان رسمياً عن موعد انعقاد أديبك 2025
منصة للحوار والتعاون
كما أكدت طيبة الهاشمي، رئيسة “أديبك 2024” والرئيس التنفيذي لشركة “أدنوك البحرية”، أن الدورة الأربعين من “أديبك” وفرت منصة متخصصة لاستضافة أهم الخبراء وقادة الفكر من مختلف القطاعات لمناقشة سبل خلق وتعزيز القيمة وإيجاد حلول مبتكرة تُسهم في تشكيل مستقبل أكثر استدامة لقطاع الطاقة. وأشارت إلى أن التركيز على الربط الوثيق بين الذكاء الاصطناعي وقطاع الطاقة يوفر فرصة لإجراء حوارات بناءة حول تعزيز التعاون بين القطاعات، مع التأكيد على أهمية البناء على هذه النجاحات لتعزيز مساهمة “أديبك” وتأثيره الإيجابي في قطاع الطاقة العالمي خلال دورة 2025.
مجلس ENACT والفرص الاقتصادية
كما ركز مجلس ENACT (تفعيل العمل) الذي أُقيم قبل بدء “أديبك 2024” على هذا الموضوع، مستعرضًا الفرص الاقتصادية الناتجة عن التعاون بين القطاعات، وخاصة الترابط الوثيق بين قطاعي الطاقة والذكاء الاصطناعي. وقد جمع المجلس، الذي استضافه معالي الدكتور سلطان أحمد الجابر، 80 من القادة العالميين والخبراء من مجالات الطاقة والتكنولوجيا والمناخ والاستثمار لاستكشاف الفرص الممكنة من التكامل بين الذكاء الاصطناعي والطاقة والمناخ.
الابتكار في الذكاء الاصطناعي
للمرة الأولى، تم تخصيص منطقة للذكاء الاصطناعي في “أديبك” نظمتها أدنوك، بهدف التركيز على العلاقة الوثيقة بين قطاعي الطاقة والذكاء الاصطناعي، وتأكيد أهمية التعاون بين القطاعات لتلبية الطلب المتزايد على الطاقة من قبل الذكاء الاصطناعي، مع استخدام أدواته وحلوله لتعزيز كفاءة الطاقة وتقليل الانبعاثات.
التعاون الدولي لتعزيز النمو
كما كان التعاون بين الدول والقطاعات نقطة محورية عبر قاعات العرض، حيث اجتمع أكثر من 2,200 عارض و30 جناحًا وطنيًا لتطوير شراكات واستراتيجيات جديدة تدفع عجلة النمو الاجتماعي والاقتصادي المستدام. برز الابتكار كموضوع رئيسي، بمشاركة 133 عارضًا قدموا حلولًا تتعلق بالذكاء الاصطناعي والرقمنة والأتمتة لدعم تحقيق نقلة نوعية في قطاع الطاقة.
التحديات والفرص في الجنوب العالمي
في سياق متصل، أشار معالي شري هارديب إس بوري، وزير البترول والغاز الطبيعي في الهند، إلى أن الطاقة تُعتبر العمود الفقري للاقتصاد. وأوضح أنه عند الحديث عن الجنوب العالمي، قد يتم تجاهل موقعه والقضايا التي يتعين عليه مواجهتها، مؤكدًا على ضرورة الاستفادة من الأدوات المتاحة حاليًا واستثمارها في المستقبل لمواجهة التحديات الراهنة. كما دعا إلى التأكيد على ضرورة توافق هذه الأدوات مع الطاقة المستدامة، نظرًا لحاجة شعوب العالم إلى طاقة بأسعار معقولة.
تطوير أطر التمويل لمستقبل الطاقة
كذلك، سلط “أديبك 2024” الضوء على ضرورة تطوير أطر تمويل جديدة لمواكبة التطورات في قطاع الطاقة، وهو ما كان محور التركيز في الدورة الافتتاحية لمؤتمر التمويل والاستثمار، الذي قدم منصة مثالية للمسؤولين الحكوميين وممثلي مؤسسات التمويل وقطاع الطاقة لمناقشة الفجوة الكبيرة في أحجام التمويل بين الدول المتقدمة والنامية، والاستثمارات المطلوبة لإنشاء نظام طاقة عادل وشامل.
أبرز الصفقات في أديبك 2024
شملت قائمة أبرز الصفقات التي تم إبرامها خلال “أديبك 2024” استحواذ شركة “أدنوك للحفر” على حصة 95 في المئة في شركة خدمات الآبار العميقة مقابل 223 مليون دولار أميركي. كما تم ترسية عقود بقيمة تتجاوز 2 مليار دولار على شركة “تعزيز” لتطوير البنية التحتية الأساسية في مدينة الرويس الصناعية، بالإضافة إلى عقد بقيمة 490 مليون دولار منحته أدنوك لشركة “بي جي بي” لتوسيع نطاق أكبر مشروع مسح جيوفيزيائي ثلاثي الأبعاد في العالم في أبوظبي.
خطط جديدة في مجال الطاقة
في سياق متصل، أعلنت شركة بلاك آند فيتش وبيكر هيوز عن خطط لإيجاد حل للغاز الطبيعي المسال متوسط الحجم، الذي يمكنه إنتاج ما يصل إلى 2 مليون طن سنويًا. وفي خطوة أخرى، وقعت شركة اليابان للنفط والغاز والمعادن مذكرة تفاهم مع المنتدى الدولي للطاقة لتعزيز البحث في مجالات احتجاز الكربون والهيدروجين النظيف.
إشادة بتنظيم المعرض
وقد أعرب كريستوفر هدسون، رئيس شركة دي إم جي إيفنتس، الجهة المنظمة لمعرض “أديبك”، عن إعجابه بقدرة الحدث على جمع عدد كبير من الدول والشركات والأفراد تحت سقف واحد لتحديد أولويات قطاع الطاقة في الوقت الراهن وإيجاد الحلول المناسبة. وأشار إلى أن الشركات على اختلاف أحجامها، من الشركات الناشئة المبتكرة إلى شركات الطاقة الوطنية، تدرك أن “أديبك” هو المكان المثالي لإقامة شراكات مهمة والمشاركة في الحوارات التي تؤدي إلى تحقيق نتائج مؤثرة وملموسة.
التركيز على الذكاء الاصطناعي
كما أضاف هدسون أن التركيز الكبير على الذكاء الاصطناعي في دورة هذا العام ساهم في تعزيز المحادثات والنقاشات الحيوية حول إمكانياته في تطوير منظومة الطاقة وتسريع التحول نحو الممارسات المستدامة. وأكد أن “أديبك” سيستمر كمنصة متميزة تجمع المعنيين في سعيهم لإيجاد حلول للتحديات التي يواجهها العالم.
الإعلان عن الدورة المقبلة
كذلك، تم الإعلان رسميًا خلال فعاليات “أديبك 2024” عن موعد انعقاد الدورة الحادية والأربعين من المعرض، والتي ستقام في الفترة من 3 إلى 6 نوفمبر/تشرين الثاني 2025. وسيستند المعرض إلى إرثه العريق في توحيد مجتمع الطاقة العالمي، مع التركيز على تلبية الطلب المتزايد على الطاقة بالتزامن مع خفض الانبعاثات، وتحفيز الحوار وبناء شراكات نوعية تسهم في صياغة مستقبل مستدام لقطاع الطاقة في السنوات المقبلة.
انقر هنا للاطلاع على المزيد من أخبار الطاقة.