عززت استضافة قطر لكأس العالم 2022 مكانتها في قطاع السياحة. تستمر البلاد بعد مرور وقت على هذا الحدث الرياضي الضخم في جذب الزوار واستقطابهم، مما يسفر عن مرحلة غير مسبوقة من النمو للسياحة، وهي أحد أهم روافد الازدهار والتنويع الاقتصادي في المنطقة.
في هذه المقابلة، يطلعنا سعادة السيد سعد بن علي الخرجي، رئيس قطر للسياحة، على مختلف المبادرات الاستراتيجية والتعاونات التي أطلقتها البلاد لدعم وتعزيز هذا التطور. كما يناقش الخرجي التأشيرة السياحية الخليجية الموحدة وأبرز المحاور التي سيتم التركيز عليها، بما في ذلك سياحة الرحلات البحرية والاجتماعات والحوافز والمؤتمرات والمعارض.
شهد القطاع السياحي في قطر نموًا قويًا خلال السنوات الأخيرة، بحيث استقبلت البلاد رقمًا قياسيًا بلغ 4 مليون زائر في العام 2023، وشهدت بالفعل أكثر من 2 مليون زائر في الأشهر الأربعة الأولى من العام 2024. هل لكم إطلاعنا حول أبرز المبادرات والاستراتيجيات السياحية التي اعتمدتها دولة قطر والتي أسهمت في تحقيق هذه الأرقام الاستثنائية للزوار؟
أظهر قطاع السياحة في قطر مرونة ملحوظة، كما يتضح من التدفق القياسي للزوار. ففي العام 2023، استقبلت البلاد أكثر من أربعة ملايين سائح، وخلال الأشهر الأربعة الأولى من العام 2024، تجاوز العدد مليوني سائح.
أثبتت المبادرات الاستراتيجية والجهود التعاونية التي قامت بها الدولة، بما في ذلك استضافة الأحداث البارزة، فعاليتها في دفع المشهد السياحي إلى الأمام. لقد عزز إرث البلاد في استضافة الأحداث الشهيرة، مثل كأس العالم FIFA، ومعرض جنيف الدولي للسيارات، والفورمولا 1، وقمة الويب، ومنتدى قطر الاقتصادي، مكانة قطر كوجهة عالمية مفضلة. لا تجتذب هذه الأحداث الاهتمام الدولي فحسب، بل تترك أيضًا تأثيرًا يدوم، حيث تعرض قدرات قطر وتعزز عروضها السياحية.
في موسم 2023/24، شهدت قطر أيضًا أرقامًا قياسية لموسم الرحلات البحرية، والذي ساهم بشكل كبير في نمو قطاع السياحة.
ولتقديم لمحة عن التراث الثقافي الغني والعروض المتنوعة لقطر للمسافرين، تعاونت قطر للسياحة مع الخطوط الجوية القطرية لإطلاق باقة “التوقف المؤقت في قطر”، مما يعزز التجربة العامة للزوار. يتأكد التزام قطر بالانفتاح من خلال مكانتها باعتبارها الدولة الأكثر انفتاحًا في منطقة الشرق الأوسط، كما ومن خلال حصولها على المرتبة الثامنة ضمن الدول الأكثر انفتاحًا على مستوى العالم لجهة سهولة الحصول على التأشيرات، حيث يمكن لـ 102 دولة الدخول إلى الدولة من خلال الحصول على تأشيرة عند الوصول.
علاوة على ذلك، طورت قطر منظومة رقمية معززة للمسافرين، مما يضمن سلاسة الملاحة وسهولة الوصول إلى المعلومات. مع الالتزام الثابت بالتميز في الخدمة ورؤية استثنائية لاستقبال ستة ملايين زائر سنويًا بحلول العام 2030، تستعد قطر لتصبح وجهة دولية رائدة، حيث تقدم تجارب غير مسبوقة للزوار من جميع أنحاء العالم.
كيف نما قطاع السياحة المحلي في الدولة منذ كأس العالم لكرة القدم 2022 في قطر؟ وما هو التأثير العام لاستضافة هذا الحدث الرياضي الدولي الكبير على الدولة المضيفة؟
منذ استضافة قطر لكأس العالم 2022، شهد قطاع السياحة في الدولة نمواً وتطوراً كبيرين.
ظهرت مناطق جديدة مثل جزر قطيفان، وتم افتتاح مجموعة متنوعة من الفنادق والوجهات السياحية الجديدة، مثل حديقة مريال للألعاب المائية ومنتجع هابيتاس رأس بروق. تتماشى هذه التطورات مع المرحلة الثالثة من استراتيجية التنمية الوطنية في قطر ورؤية قطر الوطنية 2030، والتي تؤكد على أهمية القطاع السياح كمحرك رئيسي للتنويع الاقتصادي للبلاد.
كان نجاج مونديال قطر 2022 بمثابة حافز للإيصال للعالم الثقافة والتراث والضيافة الفريدة التي تتميز بها قطر ومنطقة مجلس التعاون الخليجي. ونجح الحدث الرياضي الضخم في ترسيخ مكانة قطر كوجهة رئيسية للسياحة الرياضية والسفر الترفيهي والاستكشاف الثقافي.
نظراً إلى الدفق السياحي والاقتصادي الذي أسهم به مونديال قطر 2022، يبدو جلياً مدى أهمية قطاع السياحة في تعزيز النمو العام في البلاد. هل لكم إطلاعنا على بعض أبرز المشاريع والمبادرات السياحية الجديدة التي يجري التحضير لها حاليًا في قطر؟
مما لا شك فيه أن كأس العالم قطر 2022 قدم دفعة كبيرة لقطاع السياحة في قطر، بحيث سلّط الضوء على الدور الحيوي للدولة في تعزيز النمو الاقتصادي. بالنظر إلى المستقبل، تمتلك قطر العديد من المشاريع المميزة التي تستهدف تعزيز عروضها السياحية وترسيخ مكانتها كوجهة سياحية رائدة.
إحدى المبادرات البارزة هي حملة “Double the Discovery”، وهي عبارة عن تعاون بين قطر للسياحة وهيئة السياحة السعودية. تهدف هذه الحملة إلى الترويج للسياحة في كل من قطر والسعودية، حيث تتيح استكشاف أبرز المعالم السياحية والمراكز الثقافية والمواقع التاريخية في البلدين عبر رحلة واحدة.
بالإضافة إلى ذلك، أدت شراكة قطر للسياحة مع الخطوط الجوية القطرية إلى إطلاق حملة “التوقف المؤقت في قطر”، بهدف السماح للمسافرين بتمديد رحلاتهم واستكشاف مناطق الجذب في قطر أثناء فترات التوقف.
تتماشى هذه المبادرات مع رؤية قطر السياحية طويلة الأجل التي نصّت عليها رؤية قطر الوطنية 2030. تحدد هذه الخطة قطاع السياحة كعنصر حاسم في عملية التنويع الاقتصادي والنمو المستدام. تعتزم قطر الاستفادة من موقعها الاستراتيجي واتصالها الجوي المتميزة وسياساتها السياحية التي لا تتطلب تأشيرات بهدف استقطاب الزوار من جميع أنحاء العالم، مع إعطاء الأولوية للحفاظ على تراثها الثقافي ومناظرها الطبيعية. وتهدف قطر إلى زيادة مساهمة قطاع السياحة في الناتج المحلي الإجمالي للدولة بنسبة 12 في المئة بحلول العام 2030، مما يعكس الإمكانات الكبيرة للقطاع كرافد أساسي للازدهار الاقتصادي وخلق فرص العمل.
ما هي أبرز الاتجاهات التي تشكل السياحة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وما هي التوجهات التي أسهمت في نمو السياحة في قطر على وجه الخصوص؟
هناك العديد من الاتجاهات التي تشكل المشهد السياحي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث تستفيد قطر من التطورات الرئيسية لتعزيز مكانتها كوجهة رائدة. أحد أبرز الاتجاهات هو الطلب المتزايد على تجارب السفر المناسبة للعائلات، مدفوعة بالعدد المتزايد من العائلات التي تبحث عن خيارات عطلات شاملة ومتنوعة. لقد تمكنت قطر من ترسيخ مكانتها استراتيجيًا كوجهة مناسبة للعائلات، حيث تقدم مجموعة واسعة من المعالم السياحية والأنشطة المناسبة لجميع الأعمار.
وتدرك قطر أيضًا أهمية تلبية احتياجات سوق الاجتماعات والحوافز والمؤتمرات والمعارض، الذي شهد نموًا كبيرًا في السنوات الأخيرة. بفضل المرافق والبنية التحتية ذات المستوى العالمي، بما في ذلك أماكن المؤتمرات ومراكز المعارض الحديثة، برزت قطر كوجهة مفضلة للمؤتمرات والمعارض وفعاليات الشركات الدولية. وقد ساهمت الأحداث مثل قمة الويب ومنتدى قطر الاقتصادي في تعزيز مكانة الدولة على الساحة العالمية وجذب المسافرين من رجال الأعمال وقادة القطاعات من جميع أنحاء العالم.
بالإضافة إلى الأنشطة والفعاليات رفيعة المستوى، تفتخر قطر بجدول متنوع من المهرجانات والاحتفالات الثقافية على مدار العام التي تعرض تراثها الغني ومشهدها الثقافي النابض بالحياة. تجذب هذه الفعاليات الزوار من جميع أنحاء المنطقة وتساهم في تعزيز سمعة قطر كوجهة ديناميكية وثقافية.
كما أدى التزام قطر بتعزيز إمكانية الوصول والبنية التحتية للنقل إلى دفع نمو السياحة. وتضمن شبكة النقل الفعالة والحديثة بما في ذلك أفضل مطار في العالم، مطار حمد الدولي، وأفضل شركة طيران في العالم، الخطوط الجوية القطرية، ونظام المترو في قطر، مترو الدوحة، اتصالاً سلسًا للمسافرين.
بالإضافة إلى ذلك، إن ضيافة قطر الشهيرة، والتي تتميز بالدفء والكرم والخدمة الاستثنائية، تترك انطباعًا دائمًا لدى الزوار، مما يزيد من تعزيز تجربة السياحة بشكل عام.
كيف سيؤثر اعتماد التأشيرة السياحية الخليجية الموحدة على السياحة في المنطقة، وما هي الجهود الجارية لضمان تنفيذها بنجاح؟
يمثل طرح التأشيرة السياحية الموحدة لدول مجلس التعاون الخليجي، المقرر أن يبدأ بحلول نهاية العام 2024، علامة بارزة في المشهد السياحي في المنطقة. وتهدف هذه المبادرة إلى تبسيط إجراءات السفر بين دول مجلس التعاون الخليجي، مما يوفر للسياح تجربة سلسة. وتشارك قطر للسياحة بنشاط في الجهود التعاونية مع نظرائها في دول الخليج لتحقيق التكامل السياحي الخليجي وتسهيل اعتماد التأشيرة السياحية الخليجية الموحدة. ومن المتوقع أن تجتذب مبادرة التأشيرة الموحدة المزيد من الزوار الإقليميين من خلال تقديم تجارب سياحية لا مثيل لها لهم مع الحفاظ على التفاني الصادق لتميز الخدمة.
تدرك قطر أهمية الشراكات والتعاون بين دول مجلس التعاون الخليجي لتعزيز السياحة في المنطقة. لذلك، نحن ملتزمون بالعمل بشكل وثيق مع نظرائنا في الخليج لتعزيز التكامل السياحي وتبادل أفضل الممارسات والاستفادة من نقاط القوة الجماعية لجعل منطقة الخليج والشرق الأوسط وجهة سياحية رائدة.
تتميز منطقة الخليج والشرق الأوسط بتفرد وغنى وتنوع ثقافتها وعروضها، الممتدة من المغرب العربي إلى الدوحة في أقصى المشرق العربي. ومن خلال الجهود المشتركة والتعاون الاستراتيجي، نهدف إلى عرض التراث الثقافي لمنطقتنا والجمال الطبيعي وكرم الضيافة للزوار من جميع أنحاء العالم، مما يعزز تجربة الزوار ويعزز فهمهم لثقافة الخليج.
السياحة هي قطاع شامل. هل هناك أي أسواق تعتبر أولوية بالنسبة لقطر؟ وما هي مشاريعكم الرئيسية لهذه الأسواق؟
حددت قطر للسياحة بشكل استراتيجي 15 سوق مصدر ذات أولوية والأسواق الأبرز في المستوى الأول تضم المملكة العربية السعودية والهند والصين والمملكة المتحدة والولايات المتحدة الأميركية. وتلعب هذه الأسواق دورًا محوريًا في زيادة عدد الزوار الوافدين وإيرادات السياحة إلى قطر. بالإضافة إلى ذلك، تشمل استراتيجيتنا السياحية ستة مساحات للطلب تلبي التفضيلات المتنوعة للمسافرين. وتتراوح هذه المساحات المطلوبة من العطلات النشطة والإجازات الفاخرة في المدينة إلى الرحلات الثقافية والعطلات الرومانسية، مما يضمن تجربة مصممة خصيصًا لكل زائر.
ولاستهداف هذه الأسواق بشكل فعال، قامت قطر للسياحة بتنظيم استراتيجيتها حول 12 ركيزة أساسية. تشكل هذه الركائز أساس جهودنا ومبادراتنا نحو تنمية السياحة ودعم القطاع وتنفيذ استراتيجية قطر الوطنية لقطاع السياحة 2030. وتشمل هذه الركائز الدعم التنظيمي والمهرجانات والفعاليات والتسويق والإعلان والعلاقات العامة والاتصال وترويج السياحة الداخلية والسياحة الإقليمية والدولية وقطاع الاجتماعات والحوافز والمؤتمرات والمعارض والترويج في الأسواق الدولية وتنمية المواهب والأصول وسياحة الرحلات البحرية وتعزيز النظام الرقمي والاجتماعي.
وبالإضافة إلى الإطار الشامل الذي حددته الركائز الأساسية الـ 12، نظمت قطر للسياحة أيضًا برامج رحلات متخصصة مصممة خصيصًا لتناسب تفضيلات واهتمامات الزوار في كل قطاع. تضمن هذه التجارب المنسقة حصول المسافرين من الأسواق ذات الأولوية لدينا على تجارب فريدة لا تنسى تسلط الضوء على أفضل العروض في قطر.
اقرأ أيضًا: جون باغانو يكشف عن تفاصيل المشروع السعودي السياحي الطموح البحر الأحمر
تطمح قطر من خلال خطتها الطموحة أن تصبح رائدة في مجال السياحة البحرية. هل يمكنك مشاركة كيفية تطور القطاع، وما هي بعض الأهداف والخطط المستقبلية؟
يعكس بروز الدوحة كوجهة رائدة للرحلات البحرية التزام قطر بتوسيع عروضها السياحية. وعلى الرغم من التحديات السابقة، بما في ذلك جائحة كورونا، فقد أظهر قطاع الرحلات البحرية في قطر مرونة ونموًا ملحوظين. منذ إنشائها في العام 2016، وبأعداد متواضعة، شهدت الصناعة توسعًا استثنائيًا. كان موسم الرحلات البحرية 2023-2024 علامة بارزة حيث أظهرت إحصائيات الزوار والسفن السياحية القياسية تفاني قطر للسياحة في تطوير سياحة الرحلات البحرية.
استقبلت قطر 73 سفينة سياحية واستضافت أكثر من 378 ألف زائر بزيادة ملحوظة عن موسم 2022-23، الذي شهد 54 سفينة سياحية و253,191 راكبًا. وجعل ذلك موسم 2023-2024 واحدًا من أكبر مواسم الرحلات البحرية على الإطلاق.
تعدّ محطة السفن السياحية في ميناء الدوحة التي تم توسيعها حديثًا، والمعروفة باسم المحطة، بمثابة مركز قطر لسياحة الرحلات البحرية حيث تقدم ضيافة وتجارب استثنائية. وبالنظر إلى المستقبل، تهدف قطر إلى تعزيز مكانتها في سياحة الرحلات البحرية لإعادة موسم الرحلات البحرية القادم بشكل أكبر وأفضل بحلول نهاية العام 2024.
انقر هنا للاطلاع على المزيد من المقابلات.