دفع التباطؤ المتوقع لمعدل نمو اقتصادات الدول المصدرة للنفط، بالبنك الدولي إلى خفض توقعاته لنمو اقتصادات الدول العربية في العام 2023. بينما رفع تقديراته لتوقعات النمو في العام المقبل.
إذ توقع البنك الدولي أن یتباطأ معدل النمو في البلدان المصدرة للنفط إلى 2 في المئة في 2023، وهو خفض كبير عن التوقعات السابقة، ليعود الانتعاش لیسجل 3.2 في المئة في 2024، وذلك بحسب التوقعات المحدثة الصادرة الثلاثاء من تقرير “الآفاق الاقتصادية العالمية”.
وتمثل التخفیضات المعلنة في إنتاج النفط في عام 2023 والتي من المتوقع أن یتم إلغاؤها تدريجیاً في 2024 جزءاً كبيراً من تعدیل التوقعات.
وكانت الدول المصدرة للنفط ضمن تحالف “أوبك+” أعلنت في أبريل/نيسان الماضي عن خفض طوعي بنحو 1.16 مليون برميل يومياً اعتباراً من مايو/أيار الماضي وحتى نهاية العام، قبل أن تعدل تمديد الخفض لنهاية عام 2024.
وهكذا، يقدّر البنك الدولي نمو اقتصادات منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بنحو 2.2 في المئة في العام الجاري مقابل 3.5 في المئة في التقديرات السابقة الصادرة في يناير/كانون الثاني الماضي.
وعزا هذا التراجع بقوله إن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بدأت عام 2023 بقوة نمو ثابته لكنها بطيئة.
وأضاف أن البلدان المصدرة للنفط، التي شهدت معدلات نمو مرتفعة على مدى عشر سنوات، ومعدلات بطالة منخفضة خلال العام الماضي، أعلنت تخفيضاتٍ في إنتاجها من النفط، كما أن البلدان المستوردة للنفط واجهت عدة تحديات، أبرزها ارتفاع معدلات التضخم، مع تباطؤ النمو بشكل ملحوظ في عام 2023.
لكن البنك الدولي أبدى تفاؤلاً في العام المقبل مع رفعه لمعدل النمو الاقتصادي المتوقع للمنطقة بنحو 0.6 في المئة ليصل إلى 3.3 في المئة قبل أن يتباطأ مرة أخرى إلى 3 في المئة في 2025.
النمو المتوقع للدول النفطية
البنك الدولي قال إنه، ومع تلاشي الانتعاش الذي تمتعت بها البلدان المصدرة للنفط نتيجة لارتفاع أسعاره وتراجع الطلب العالمي عليه، فقد تباطأ النمو في إنتاج النفط بسرعة من معدلات مرتفعة سُجلت في أواخر عام 2022.
وبحسب البنك الدولي، شهدت السعودية تراجعاً في نمو الناتج من معدلات مرتفعة في منتصف عام 2022 إلى 3.9 في المئة في الربع الأول من عام 2023، مدعوماً بالأنشطة غير النفطية.
اقرأ أيضاً: استمرار ارتفاع أسعار الفائدة يُبقي على تقلّب الاقتصاد العالمي
وبالتالي خفض توقعاته لنمو الاقتصاد السعودي بمقدار 1.5 في المئة إلى 2.2 في المئة، من توقعاته السابقة في يناير/كانون الثاني، لكنه رفع توقعاته للعام 2024 بمقدار واحد بالمئة إلى 3.3 في المئة.
ومن المتوقع أن ينكمش اقتصاد العراق بنسبة 1.1 في المئة في العام الجاري مقابل توقعات نمو سابقة بنحو 4 في المئة ليكون صاحب الخفض الأكبر في التوقعات، وذلك في ضوء مساهمته في الخفض الطوعي لإنتاج النفط ضمن تحالف “أوبك+” وتوقف صادرات نفط كردستان العراق البالغة 500 ألف برميل يومياً.
وكانت سلطنة عمان صاحبة المركز الثاني في خفض توقعات النمو بمقدار 2.4 نقطة مئوية في العام الجاري.
فيما يتوقع البنك الدولي تباطؤ نمو الإمارات إلى 2.8 في المئة مقابل نمو 7.9 في المئة في العام الماضي.
الاقتصادات المستوردة للنفط
وقال البنك الدولي أيضاً إن الاقتصادات المستوردة للنفط شهدت استمرار الأوضاع السلبية حتى عام 2023، حيث بلغ متوسط تضخم أسعار المستهلكين مستويات لم تشهدها خلال أكثر من عشر سنوات خلال النصف الأول من العام.
وفي مصر، يرى البنك الدولي أن محدودية قدرة البلاد على الحصول على النقد الأجنبي والتحول إلى سعر صرف أكثر مرونة، أدت إلى فقدان الجنيه نحو نصف قيمته بين بداية عام 2022 ومايو/أيار 2023.
وقد أفضى ارتفاع التكاليف، وصعوبات تأمين المدخلات المستوردة، وتباطؤ الطلب العالمي إلى التأثير على النشاط الاقتصادي في البلاد، مع تقلص الإنتاج الصناعي (باستثناء النفط) في العام المنتهي وحتى يناير/كانون الثاني.
وفي المغرب، قال إن استمرار الجفاف وارتفاع معدلات التضخم، أدى إلى إضعاف النمو، مع ارتفاع معدلات البطالة في مارس/آذار 2023 إلى معدلات تفوق الذروة التي بلغتها إبان تفشي جائحة كورونا.
الاقتصاد العالمي
في ما يتعلق بالاقتصاد العالمي، يقول البنك الدولي إن النمو العالمي شهد تباطؤاً حاداً.
وتوقع أن يتباطأ النمو العالمي من 3.1 في المئة في عام 2022 إلى 2.1 في المئة في عام 2023.
وفي ما يتعلق باقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية بخلاف الصين، توقع التقرير أن يتباطأ معدل النمو فيها إلى 2.9 في المئة هذا العام بعد أن سجلت نمواً بنسبة 4.1 في المئة العام الماضي.
وتعكس هذه التوقعات انخفاضاً واسع النطاق.
وفي تعليقه على ما جاء في التقرير، قال رئيس مجموعة البنك الدولي المعين حديثاً أجاي بانغا، “إن أضمن السبل للحد من الفقر ونشر الرخاء هو رفع معدلات التشغيل – وتباطؤ النمو يزيد من صعوبة خلق فرص العمل. ومن المهم أن نضع في اعتبارنا أن توقعات النمو ليست مصيراً محتوماً، فلدينا فرصة لتغيير مجرى الأمور، لكننا جميعاً بحاجة إلى العمل معاً لتحقيق ذلك”.
فيما قال رئيس الخبراء الاقتصاديين والنائب الأول لرئيس مجموعة البنك الدولي إندرميت جيل “إن الاقتصاد العالمي في وضع غير مستقر، وباستثناء شرق وجنوب آسيا، فلا يزال الطريق طويلاً أمامنا للوصول إلى الديناميكية اللازمة للقضاء على الفقر، والتصدي لتغير المناخ، وإعادة بناء رأس المال البشري”.
وتوقع أن تنمو التجارة في عام 2023 بأقل من ثلث وتيرتها في السنوات التي سبقت الجائحة.
اضاف “أما بلدان الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية، فتتزايد فيها ضغوط الديون بسبب ارتفاع أسعار الفائدة. وقد أدت مواطن الضعف في المالية العامة بالفعل إلى دفع العديد من البلدان منخفضة الدخل إلى المديونية الحرجة. وفي الوقت نفسه، فإن الاحتياجات التمويلية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة تفوق وبمراحل أكثر توقعات الاستثمار الخاص تفاؤلاً.”
انقر هنا للاطلاع على المزيد من الأخبار والتقارير الاقتصادية.