Share

شركة متخصصة في التكنولوجيا العقارية تبتكر طريقة ذكية للعيش والإيجار

"ستيلا ستايز" تضع سلطة الإيجار في أيدي نزلائها
شركة متخصصة في التكنولوجيا العقارية تبتكر طريقة ذكية للعيش والإيجار
مهند ذكرى، الرئيس التنفيذي والمؤسس المشارك لشركة "ستيلا ستايز"

تخيّل يوماً سيأتي ستنعدم فيه الحاجة للاستعانة بمالك العقار أو الوكيل المختصّ، ولن يكون هناك ضرورة لدفع عمولات عند استئجار شقة. تخيل يومًا يمكنك فيه تحديد مدة البقاء، والمبلغ المتوجّب دفعه، ومجموعة الأشخاص الذين يشاطرونك التفكير لتمضية وقتٍ ممتع برفقتهم.

يبدو وكأنه التأجير في بلاد العجائب؟ حسناً، يبدو أن الأمر حقيقي. من شأن هذا المفهوم الجديد في مجال الضيافة السكنية إحداث تغيير جذري في الطرق التقليدية المتّبعة لتأجير الشقق السكنية.

في مقابلة أجرِيت معه مؤخراً في “إيكونومي ميدل إيست”، قال مهند ذكرى، الرئيس التنفيذي والمؤسس المشارك لشركة “ستيلا ستايز” (Stella Stays)، “نعتقد أن ذلك قد يرسم مستقبل التأجير. لن يضطر الناس بعد اليوم للتوقيع على عقود إيجار سنوية، بل سَيرغبون في الدفع على أساس شهري. كما سيكونون قادرين على الحصول على خدمات مخصّصة والتعاون والتواصل ضمن هامش تنقّل أكثر سهولة ومرونة”.

A woman and man interact in a modern kitchen in a bright apartment.

من هي “ستيلا ستايز”؟

 

ليست “ستيلا ستايز” شركة تطوير عقاري تقدّم طروحات رائعة لعملائها حول كيفية تشغيل أعمالهم وإدارتها. كلا، إنها شركة ناشئة متخصّصة في التكنولوجيا العقارية مضى على إنشائها ثلاث سنوات. يتمحور عملها حول التفاوض مع المطوّرين بشأن صفقات محتملة وتولّي زمام الأمور من الألف إلى الياء لناحية التصميم وإنشاء وإدارة المباني السكنية. من شأن ذلك أن يتيح للمستثمرين والملّاك العقاريين وشركات البناء الاستفادة من استثماراتهم إلى الحدّ الأقصى.

في عضون سنوات ثلاث، نمت الشركة من إدارة شقة واحدة في دبي إلى تشغيل أكثر من ألف وحدة في بلدان عدّة، بالإضافة إلى تحقيق هوامش جيدة من الأرباح.

وأوضح ذكرى: “في البداية، شقّت الشركة طريقها بين العلامات التجارية المتخصصة في مجال الضيافة، حيث كان متوسط ​​الحجز يتراوح بين أربع وخمس ليالٍ كحدّ أقصى. منذ تفشي جائحة كوفيد-19، بدأنا في التحول نحو الإقامة طويلة الأمد. لقد مكث العملاء في ضيافتنا لمدة عام كامل. بلغ حالياً متوسط ​​مدة الحجز لدينا 28 ليلة”.

إذن ، ما هو الشيء الذي تسعى “ستيلا ستايز” لتغييره بالضبط؟

 

نسعى في المقام الأول إلى إحداث تغيير على صعيد قطاع الضيافة والأسواق عبر الإنترنت التي تروّج للإقامات القصيرة.

يشير ذكرى إلى أن قطاع الفنادق هو أحد مجالات الضيافة التي لم تشهد أي تغييرات مبتكرة، وذلك على الرغم من الجهود الحثيثة في الآونة الأخيرة في سبيل تحقيق عملية التحوّل الرقمي.

وأضاف: “لا زلنا نضيع وقتاً كبيراً في ردهات الفنادق، وننتظر طويلاً في الطابور للتحقّق من جوازات السفر والحصول على بطاقات دخول الغرف، وتوصيل الطعام في أطباق. لقد عفا على ذلك الزمن”.

“ما تمتلكه الفنادق هو تناسق الخدمة وثباتها، وهو ما لا تمتلكه Airbnb الذي يطلب من الأشخاص إدراج مساكنهم. وبينما يمكن للمرء أن يجد صفقات إقامة رائعة على المدى القصير، فإن الكثيرين، لا سيّما في المنطقة، يترددون في الحجز عبر Airbnb، كونهم يجهلون ماهية الخدمات التي سيحصلون عليها. يختلف ذلك إلى حدّ كبير عن الخدمات الثابتة التي تقدمها على سبيل المثال فنادق مرموقة مثل فور سيزونز أو هوليداي إن”.

تتمتع “ستيلا ستايز” بموقعها الفريد في السوق. ويجري إدارة العمليات بأكملها من داخل  المبنى، حيث يتمّ تقديم تصميمات فريدة وأجهزة مدعومة بالتكنولوجيا، بالإضافة إلى توفير مساحات معيشة ذكية وإقامة أنشطة مجتمعية.

ويشرح ذكرى: “نقوم بتشفير الردهة في هاتفك، مما يسمح للمقيمين باستخدام الأجهزة الذكية لتمديد إقامتهم أو تخصيص الخدمات. لقد قمنا بتضمين منصات تشغيل ومساحات عمل مشتركة للمستأجرين، مما يتيح للمقيمين التمتع بتجربة مجتمعية في المبنى”.

يمثل مفهوم العمل في “ستيلا ستايز” سيناريو ثلاثي الأطراف حيث جميع العناصر رابحة. ولمعرفة أسباب وكيفية عمل الشركة، فلنبدأ بالمطوّرين.

Stella Stays
اتفاقية “ستيلا ستايز” مع شركة “تعمير”

المطوّرون: علامة تجارية فريدة وتدفق نقدي ثابت

 

تعدّ مصر مكاناً نقطة مثالية للانطلاق. في سبتمبر/أيلول 2022، أعلنت “ستيلا ستايز” عن نيتها التوسّع في مصر. ومن موقعها المتميز في القاهرة الجديدة، انطلقت الشركة مبرمةً اتفاقية مع شركة “تعمير”، التي تعدّ أقدم مطوّر سكني في جمهورية مصر العربية.

ويلفت ذكرى: “تعدّ مصر سوقاً مثالياً من حيث الحجم والاستثمارات في مجال العقارات. لذلك برزت الحاجة لإنشاء قطاع مختلف تماماً يفيد منه المطوّرون – والذي يُسمّى “الضيافة السكنية” – يتيح خيارات أخرى تتعدّى عمليات البيع والإيجار التي استمرّ العمل بها على مدار المئة عام الماضية”.

بعد تخفيض قيمة العملة المصرية، اتجه المطوّرون في مصر للاحتفاظ بملكية مبانيهم، علماً أن الشك راودهم بشأن ما يجب فعله بها.

“لقد أتينا لنثبت أنه يمكننا مساعدتك في رفع نسبة المداخيل وتحقيق المزيد من الإيرادات لممتلكاتكَ، وتقديم خدمات تكنولوجية، بالإضافة إلى إنشاء علامة تجارية للضيافة السكنية، وإنشاء الوحدات وتأجيرها. هذا هو تعاوننا مع “تعمير”.

وبينما اعتُبر تخفيض قيمة العملة محفزاً كافياً للمطوّرين في مصر، يرى المستثمرون وملّاك العقارات حول العالم قيمة مضافة في العرض الذي تقدمه “ستيلا ستايز”.

“نعمل حالياً على نموذجين مختلفين، أحدهما هو عقد الإيجار الرئيسي، حيث نقوم بتأجير كامل المبنى لمدة 10 سنوات مع خيار يتيح التجديد”، يقول ذكرى.

أما النموذج الثاني، فهو عبارة عن مخطط لتقاسم الإيرادات، يرتكز على تشغيل المبنى نيابةً عن المطوّرين والمستثمرين وملّاك العقارات، مقابل دفعنا لهم نسبة مئوية ثابتة من صافي الإيرادات. يتيح هذا النموذج تحقيق المزيد من العوائد قد تصل إلى 40 في المئة، مقارنةً بالنهج التقليدي المتّبع على صعيد التأجير”.

قد تتساءل عن السبب وراء ذلك؟

خلال أوقات التضخم الحالية، تشهد أسعار مواد البناء ارتفاعاً، مقابل انخفاض عائدات الإيجار.

ويوضح ذكرى أن  الإيجار هو عبارة عن سلعة. “في نهاية المطاف، فإن ما يميز عقار ما عن آخر هو خلق العلامة التجارية وإنشاء المبنى وتضمينه وسائل الراحة المناسبة. وكل ذلك يساعد على زيادة قيمة الأصول العقارية”، يقول.

“يتضمن عملنا أيضاً جمع الكثير من البيانات حول أحجام الإيجارات ونسب الإشغال والإيرادات لكل وحدة مستأجرة. هذه المعلومات من شأنها مساعدة المطوّرين على تحديد ما يريدون بناؤه بالضبط”.

وعندما يتعلق الأمر بعقود الإيجار الرئيسية، أي النموذج الأول، فإن المطوّرين هناك عوائد مضمونة على مدى فترة طويلة، حتى في حالة حدوث انكماش عقاري.

“نفيد من الأسعار المخفّضة عند التأجير بالجملة، بحيث نحصل على 50 إلى 100 وحدة إضافية، كما يضمن المطوّرون الحصول على جزء كبير من إيرادات الإيجار. للتخفيف من حدّة المخاطر، نقوم بعملية اكتتاب مفصّلة مع كل عقد يتم توقيعه من جانبنا، والذي يتضمن غالباً بنوداً تتعلق بمؤشرات الإيجار أو عوامل اقتصادية أخرى تتيح لنا إمكانية إبطال العقد” يضيف ذكرى.

“ستيلا ستايز” في أوقات الشدّة والرخاء

 

اللافت في “ستيلا ستايز” هو تقديمها لمنتجات فعالة للغاية في أوقات الرخاء كما خلال فترات انعدام الاستقرار.

“يعمل نموذج العمل خاصّتنا على ما يرام عندما يكون الاقتصاد في حال جيدة، وفي ظلّ حركة سفر نشطة لأغراض السياحة والعمل. ومع ذلك، يتم اعتماد هذا النموذج أيضاً في حالات حدوث انكماش اقتصادي، عندما يكون المستأجرون غير متأكدين مما إذا كان ينبغي عليهم توقيع عقد لمدة عام واحد. يرغب المستأجر المحتمل في التمتع بهامش أكبر من المرونة على صعيد خيارات الدفع وشروط العقد والقدرة على زيادة المساحة أو تقليصها”.

وبحسب ذكرى، سجّلت الفنادق معدلات إشغال منخفضة للغاية خلال فترة الوباء.”في المقابل، حافظنا على معدلات إشغال بنسبة 85 في المئة على صعيد عقاراتنا كافة، ويعود الفضل في ذلك إلى 75 في المئة من سكان المدينة الذين يستسيغون هذا النموذج الجديد من الإيجار المرن، حيث يمكنهم إبطال العقد في أي وقت”.

Conference lobby with modern armchairs and large arched door.

المستأجرون: مساحات عصرية، مرنة وعمليّة

 

يعدّ مفهوم المعيشة المجتمعي في صميم الخدمات التي تسعى “ستيلا ستايز” لتقديمها للمستأجرين، يحيث تضم قدر المستطاع، مساحات مجتمعية وأماكن عمل مشتركة ضمن عقود الإقامة والإيجار.

في الرياض، تتمتع “ستيلا ستايز” بإيجارات طويلة الأمد وإيجارات للمؤسسات، والتي تشمل شركات متخصصة في الاستشارات الإدارية أو مؤسّسي الشركات الناشئة، الذين يجتمعون في مساحات عمل مشتركة لمقابلة أشخاص ذوى تفكير مماثل.

“تتضمن قائمة عملائنا الذين تعاونوا معنا منذ بداية الطريق، مجموعات رائدة في مجالها، استشرافية وتتمتع بخبرة كبيرة في مجال التكنولوجيا. وأوضح ذكرى أن مفهومنا الفريد للبناء والخبرة المجتمعية سمح لنا بالتمييز ووضع استراتيجية تسعير تعمل على أساس القيمة المضافة التي يتلقاها المستأجرون.

تتحوّل المساحات المهنية المشتركة وسيلة من وسائل الراحة في معظم مباني “ستيلا ستايز”، وتضاهي هذه المساحات المسابح وصالات الألعاب الرياضية وغيرها من مرافق النقاهة والاستجمام.

ويقول ذكرى: “ضمن التطبيق، نعمل على دمج أمور مثل الخدمات الشخصية، أو عرض أفضل المقاهي أو أفضل صالات الألعاب الرياضية في المنطقة، بعد أن نقوم بتجريبها مسبقاً. نحاول أن نجعل من الانتقال إلى حيّ أو مدينة جديدة عملية سهلة قدر الإمكان، من خلال إنشاء دليل الأحياء والمدن المخصّص لضيوفنا والمقيمين لدينا”.

“في مصر، نحن بصدد إطلاق مبنى يتضمن  غرفة سينما ومنطقة مطبخ مفتوحة كبيرة حيث يمكن للمستأجرين التجمّع والالتقاء. تسمح لنا وسائل الراحة “الرائعة” بطمس الخطوط الفاصلة بين الحجوزات قصيرة وطويلة الأمد. فعلى سبيل المثال، كلما طالت مدة بقاء المستأجر في إحدى الشقق المفروشة التابعة لمبنى فخم، كانت حوافز التسعير أفضل”.

يتيح نظامنا كذلك للمستأجرين حجز الشقق التي تتمتع بتصاميم داخلية مختلفة التي تلبي إقامتهم مهما بلغت مدّتها.

“سنقوم بتخصيص عدداً معيناً من الطوابق للوحدات ذات المدى القصير، وعدداً آخر للوحدات ذات الإقامة الطويلة”، يوضح ذكرى، مشيراً إلى أن الوحدات قصيرة الأجل تتمتع بتصاميم نابضة، تنسجم مع شخصيات العملاء الذين يستخدمونها لقضاء إجازاتهم، في المقابل، تركّز الوحدات طويلة الأمد بهامش أكبر، على الألوان المحايدة، إضافة إلى أنها تتضمن وسائل راحة إضافية كي تتناسب مع الاستخدام لفترات زمنية طويلة.

ويلفت ذكرى إلى أن كلًّا من دبي والرياض وجدة والقاهرة الجديدة سوف تشكّل مناطق التركيز الرئيسية بالنسبة لـ”ستيلا ستايز”.

“هناك الكثير من الفرص لإنشاء مساحات إقامة رائعة في كل من الإمارات والسعودية. ففي السعودية على سبيل المثال، يشكل الشباب ورجال الأعمال النسبة الأكبر من السكان”. وأوضح ذكرى أن المطوّرين في القاهرة الجديدة يتطلعون إلى التميّز عن منافسيهم من خلال خلق مفاهيم جديدة واعتمادها.

ويختم ذكرى يالقول: “يرغب الناس في الاستمرار بالتعاون معنا، لأن كل ما عليهم فعله هو الحجز والتمتّع بما يحلو لنا تسميته (الضيافة السكنية)، وهي عبارة عن تجربة اجتماعية فريدة ورائعة، ذكية ونابضة بالحياة وخالية من المتاعب”.