يتوافد قادة العالم اعتبارا من اليوم الاثنين إلى مؤتمر الأطراف حول المناخ (كوب27) في شرم الشيخ، فيما أُدرج رسمياً الأحد على جدول الأعمال “الخسائر والأضرار” والتي تشير إلى تداعيات التغيّر المناخي التي يتوقّع أن تصل إلى مبالغ خيالية.
وسيقوم نحو 110 من قادة الدول والحكومات بمداخلات الاثنين والثلاثاء أمام المندوبين المجتمعين في شرم الشيخ في إطار “كوب 27“. ومن المقرر أن يستخدم رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك الذي قرر في اللحظة الأخيرة المشاركة، كلمته اليوم الاثنين لإبلاغ زعماء العالم بضرورة الوفاء بوعودهم الخاصة بالمناخ.
وكان مبعوثون من نحو 200 دولة افتتحوا الأحد المؤتمر بالاتفاق على مناقشة تعويض الدول الفقيرة عن الأضرار المتزايدة المرتبطة بالاحترار العالمي ووضع المسألة المثيرة للجدل على جدول الأعمال لأول مرة منذ بدء المحادثات المرتبطة بتغير المناخ قبل عقود.
وتُقدّر هذه الأضرار بعشرات المليارات منذ الآن، ويُتوقّع أن تستمر بالارتفاع الكبير. فالفيضانات الأخيرة التي غمرت ثلث باكستان تسبّبت وحدها بأضرار قُدّرت بأكثر من 30 مليارا.
وتُطالب الدول الضعيفة إزاء هذه التداعيات، بآليّة تمويل خاصّة، إلّا أنّ الدول الغنية تتحفّظ على ذلك، إذ تخشى أن تحمل المسؤولية رسميًا وتُفيد بأنّ نظام تمويل المناخ معقّد كفاية بحالته الراهنة.
أزمات تهز العالم
تأتي هذه المداخلات على خلفية أزمات متعددة مترابطة تهز العالم، وهي الغزو الروسي لأوكرانيا، والتضخم الجامح، وخطر وقوع ركود، وأزمة الطاقة مع تجدد الدعم لمصادر الطاقة الأحفورية، وأزمة الغذاء في حين سيتجاوز عدد سكان العالم ثمانية مليارات نسمة.
وهذه “الأزمة متعددة الجوانب” قد تدفع بأزمة التغير المناخي إلى المرتبة الثانية في سلم الأولويات.
وقال مسؤول المناخ في الأمم المتحدة سايمن ستييل في افتتاح اطلاق فاعليات المؤتمر الأحد: “كل الأزمات مهمة لكن ما من أزمة لها تداعيات كبيرة مثل الاحترار المناخي الذي ستُواصل عواقبه المدمرة “التفاقم”.
فيما قال رئيس مؤتمر قمة المناخ وزير الخارجية المصري سامح شكري، إن مصر لن تدخر جهداً في قيادة العمل الدولي لمواجهة تغير المناخ.
وأضاف “نتطلع لأن تكون قمة المناخ نقطة فارقة في العمل الجماعي متعدد الأطراف، قمة المناخ كوب 27 ستوفر أفضل الظروف لمواجهة تغير المناخ”.
تقصير الدول
إلا أن الدول لا تزال متّهمة بالتقصير في ما ينبغي عليها فعله لمكافحة الاحترار. وينبغي أن تنخفض انبعاثات غازات الدفيئة بنسبة 45 في المئة بحلول العام 2030 لتكون هناك فرصة لتحقيق أكثر أهداف اتفاق باريس للمناخ المبرم العام 2015 طموحا ويقضي بحصر الاحترار بـ1,5 درجة مئوية مقارنة بالحقبة ما قبل الصناعية.
لكن التعهدات الحالية للدول الموقعة حتى لو احترمت في نهاية المطاف، ستؤدي إلى ارتفاع الانبعاثات بنسبة تراوح بين 5 و10 في المئة ما يضع العالم على مسار تصاعدي قدره 2,4 درجة مئوية في أفضل الحالات بحلول نهاية القرن الحالي.
غير أنّه مع السياسات المتّبعة راهنًا، يُتوقّع أن يبلغ الاحترار 2.8 درجة مئوية وهو أمر كارثي، على ما تفيد الأمم المتحدة.
وفي مؤشر إلى “التراجع” الذي يخشاه كثيرون، وحدها 29 دولة رفعت إلى “كوب 2021” خططاً بزيادة تعهداتها بخفض الانبعاثات رغم أنها أقرت “ميثاقا” يدعوها إلى القيام بذلك.
وستكون الإعلانات المحتملة حول خفض إضافي للانبعاثات موضع ترقب كبير في شرم الشيخ.
كما يترقّب العالم باهتمام الإعلانات المتعلّقة بالمساعدات إلى الدول الفقيرة وهي عادة أكثر البلدان عرضة لتداعيات الاحترار المناخي، حتى لو أنّ مسؤوليّتها فيها محدودة إذ إنّ انبعاثاتها من غازات الدفيئة قليلة جدا.
الغائب الأكبر
ويجرى المؤتمر في غياب طرفَين رئيسيين. إذ يغيب الرئيس الصيني شي جنيبينغ عن “كوب27″، في حين أنّ نظيره الأميركي جو بايدن سيمرّ على شرم الشيخ سريعًا في 11 نوفمبر (تشرين الثاني).
بيد أنّ التعاون حيوي بين البلدين اللذين يُصدران أعلى مستوى من انبعاثات غازات الدفيئة وتشهد علاقاتهما توتّرًا شديدًا.