فيما تتجه الأنظار صوب قطر والدول المُنتجة للطاقة بصفتها بديلًا لتوفير الإمدادات من المشتقات النفطية وخصوصاً الغاز والتي تعرضت للضغوط نتيجة الحرب الروسية – الأوكرانية، أعلنت قطر أنها “لا تستطيع المساعدة على الفور” وأنه “لا أحد يمكن أن يعوض الإمدادات الروسية”. لكنها قدمت ضمانات إلى القارة الأوروبية بعدم قطع إمدادات الغاز الطبيعي المسال، حتى لو دفع مشترون آخرون أسعار أعلى.
هذه المواقف لوزير الدولة لشؤون الطاقة القطري سعد بن شريدة الكعبي التي أطلقها خلال انعقاد فاعليات منتدى قطر وفي مقابلات مستقلة، تأتي بعد بروز مواقف تشير إلى نية الاتحاد الأوروبي خفض استهلاك الغاز الطبيعي الروسي هذا العام والاستعداد للانفصال التام عن أكبر مورد منفرد للطاقة بسبب الحرب في أوكرانيا. وتدعو الخطة البديلة إلى الاستفادة من الإمدادات البديلة، بما في ذلك شحنات الغاز الطبيعي المسال، وتعزيز الإنتاج والواردات من الميثان الحيوي والهيدروجين المتجدد، وتحديث المباني لتقليل الاستهلاك.
كما تقاطع الموقف القطري مع تصريح للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى المنتدى نفسه قال فيه إن قطر يمكنها الإسهام في استقرار أوروبا إذا قررت زيادة إنتاجها من النفط والغاز.
وكان مسؤولون ألمان، بمن فيهم وزير الاقتصاد، روبرت هابيك، قاموا في وقت سابق الأسبوع الماضي، بزيارة قطر لإجراء محادثات بشأن إمداد أوروبا بالغاز وسط حالة من عدم اليقين بشأن الطاقة الروسية.
الكعبي: قرار الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة يتطلب مشاركة العديد من الأطراف
وأكد الكعبي أن القرار الذي اتخذه الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة بزيادة حجم الغاز الطبيعي إلى أوروبا بحوالي 15 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي العام الجاري يتطلب مشاركة العديد من الأطراف من أجل تأمين الغاز المسال إلى أوروبا.
وأضاف: “الغاز الطبيعي المسال من قطر يصل إلى فرنسا وبريطانيا وإيطاليا ومناطق أخرى في أوروبا، ونعمل على
زيادة حجم الكمية المصدرة إلى أوروبا من خلال مشروع يجري العمل عليه مع الولايات المتحدة لإرسال حوالي 70 مليون طن من الغاز المسال لأوروبا بحلول عام 2024 – 2025”..
وتابع قائلاً: “أعتقد أننا بحاجة إلى ما بين 7 أو 8 سنوات حتى نتمكن من إكمال المشروع ولا يمكن أن تتم هذه
العملية من توفير احتياجات أوروبا بين ليلة وضحاها”، موضحاً أن “كمية الغاز التي توفرها روسيا لأوروبا تزيد
على 40 في المئة ولا يمكن استبدالها على نحو السرعة التي يتصورها البعض، فهناك حاجة للشركات الدولية مثل توتال إنيرجي وإكسون موبيل وشل واكوانور وغيرها من الشركات، إضافة إلى التنسيق مع الحكومات الأوروبية لكي تستثمر
في هذه الشركات التي تعمل في مجال الغاز والنفط”.
وشرح الكعبي أن قطر لها عقود مع عدة جهات في أوروبا لتأمين الغاز ومن بينها إيطاليا، مضيفا أن 85 في المئة من الإنتاج القطري يتم شحنها لآسيا”.
“ما يحدث الآن هو ردة فعل في إطار الأزمة الراهنة والحرب”
وفي شق آخر، قلّل الكعبي من احتمال تحول التعامل في تجارة الطاقة بعملات أخرى غير الدولار الأميركي، وذلك في إشارة إلى مطالبة روسيا بعض الدول الأوروبية بشراء النفط والغاز منها مقابل الروبل الروسي. وقال: “ما يحدث الآن هو ردة فعل في إطار الأزمة الراهنة والحرب، ولايمكن أن نبلور آلية طويلة الأمد في القطاع المالي أو قطاع الطاقة على ضوء أزمة مؤقتة”.
“لن نحول العقود حتى لو كانت لدينا مكاسب مالية”
وكان الكعبي كرر هذه لامواقف في مقابلة مع شبكة “سي أن ان”، حيث أكد أن قطر “لن تحول (العقود) حتى لو كانت لدينا مكاسب مالية. سنحافظ على الإمدادات الحالية، وهذا تضامن مع ما يحدث في أوروبا”.
وعبّر عن رفض فرض عقوبات على قطاع النفط والغاز الروسي، قائلاً إن “الطاقة يجب أن تبقى بعيدة عن السياسة وأن وقف إمدادات الغاز الروسي إلى أوروبا غير ممكن عملياً”.
وأوضح أن قطر لم تتوصل بعد إلى إتفاقية طويلة الأمد مع ألمانيا حتى الآن، “لكننا على استعداد للمناقشة مع الشركات التي كنا نناقشها لوضع اتفاقية طويلة الأجل موضع التنفيذ المحتمل”، لافتا إلى أنها اتفاقية تجارية بين كيانات تجارية.
وفي هذه النقطة، قال الكعبي في مقابلة منفصلة مع صحيفة “فرانكفورتر الجماينه تسايتونغ” الألمانية إن تقليل أوروبا لاعتمادها على الغاز الروسي “سيستغرق سنوات”. وأضاف أن مثل هذه الخطوة تتطلب تخطيطاً دقيقاً ويستغرق تنفيذها سنوات