عانى مصرف “كريدي سويس” أسوأ انخفاض في تاريخه يوم الأربعاء، حيث أغلق متراجعاً بنسبة 24.24 في المئة إلى 1.697 فرنكاً سويسرياً.
وكان سهم “كريدي سويس” تراجع أكثر من 30 في المئة إلى مستوى قياسي جديد الأربعاء بعدما قال المساهم الرئيسي فيه إنه لن يقدم المزيد من المساعدة المالية للعملاق المصرفي السويسري المتعثر.
إذ قال “البنك الأهلي السعودي”، أكبر مساهم في “كريدي سويس”، إن “ليس لديه” خطط لزيادة الاستثمار في المصرف السويسري “لأسباب عدة” على ما أعلن رئيس مجلس إدارته عمار الخضيري، مضيفاً أن أبسطها هي القضايا “التنظيمية”.
وقال عمار الخضيري، رئيس مجلس إدارة “البنك الأهلي السعودي”، في مقابلة مع “بلومبرغ”، ردّاً على سؤال عمّا إذا كان على استعداد لضخّ الأموال في حال الدعوة لزيادة إضافية لرأس مال “كريدي سويس”، إنَّ “الجواب قطعاً لا.. وذلك لأسباب عدّة غير تلك المتعلقة بالأمور التنظيمية والقانونية”.
من جهته، رفض جهاز قطر للاستثمار، وهو أحد أكبر المساهمين في المصرف السويسري، التعليق على الوضع في “كريدي سويس” بعد هبوط أسهم المصرف بشدة.
وهناك ثلاث مؤسسات عربية ضمن أكبر المستثمرين في المصرف السويسري، هي “البنك الأهلي السعودي الذي يحمل ما نسبته 9.9 في المئة من اسهم “كريدي سويس”، وجهاز قطر للاستثمار الذي يستحوذ على ما نسبته 6.8 في المئة، ومجموعة العليان السعودية التي تستحوذ على 3.2 في المئة من أسهم المصرف.
أعلن البنك اليوم إنه اقترض ما يصل إلى 50 مليار فرنك (54 مليار دولار) من البنك المركزي السويسري لتعزيز ثقة السوق.
وشهدت القيمة السوقية لمصرف “كريدي سويس” انخفاضات شديدة هذا الأسبوع، بسبب مخاوف من انتقال عدوى انهيار مصرفين أميركيين، بالإضافة إلى تقريره السنوي الذي أشار إلى “نقاط ضعف جوهرية” في الضوابط الداخلية.
وقد تسبب هبوط سعر سهم “كريدي سويس” في إثارة قلق المستثمرين حيال مرونة النظام المصرفي العالمي بعد انهيار “سيليكون فالي”.
متحدّثا في مؤتمر القطاع المالي في السعودية الأربعاء، قال رئيس مجلس إدارة ” كريدي سويس”، أكسل ليمان، إن المصرف لا يحتاج إلى مساعدة حكومية، مضيفا أنه سيكون من غير الدقيق مقارنة المشكلات التي يواجهها بانهيار مصرف “سيليكون فالي” الأميركي، بسبب الاختلاف في التنظيم.
وتابع ليمان “لدينا نسب رأسمال قوية، وميزانية عمومية قوية”، مشيراً إلى أنهم بدأوا تنفيذ خطة إعادة الهيكلة الجذرية للبنك التي كشف عنها في أكتوبر/ تشرين الأول.
لكن خطابه لم يساهم في كبح هبوط قيمة أسهمه أو منع المخاوف من الانتشار خارج حدود سويسرا. في حين نقلت صحيفة “فايينشال تايمز” عن مصادر مساء أن “كريدي سويس” ناشد المصرف الوطني السويسري (المصرف المركزي) لإظهار الدعم العام بعد تراجع أسهمه، وهو الذي أدى إلى عمليات بيع واسعة النطاق لأسهم المصارف الأوروبية والأميركية.
وقالت الصحيفة البريطانية ان طلب الحصول على بيان مطمئن بشأن الصحة المالية لمصرف “كريدي سويس” جاء بعد الانخفاض الكبير لأسهمه.
وكان محللون قالوا في وقت سابق الاربعاء إن خطة إنقاذ من قبل المصرف الوطني السويسري والهيئة التنظيمية المالية في سويسرا (فينما)، إلى جانب مصرف آخر أو أكثر من المصارف الأخرى، هي “السيناريو الأكثر ترجيحاً بالنسبة لمصرف “كريدي سويس”.
لكن الخبير الاقتصادي العالمي، نورييل روبيني، حذر من أن “كريدي سويس” قد يكون أكبر من أن يتم إنقاذه.
وقال الخبير الاقتصادي، والذي توقع حدوث الأزمة المالية العالمية عام 2008، إن المشكلة تكمن في أن مصرف “كريدي سويس” وفقًا لبعض المقاييس، “أكبر من أن يفشل، لكنه أيضًا أكبر من أن يتم إنقاذه إن فشل”، بحسب “بلومبرغ”.
يوم الأربعاء، تراجعت القيمة السوقية لمصرف “كريدي سويس” إلى أقل من 7 مليارات فرنك سويسري (7.6 مليارات دولار)، بعد قيامه بجمع 4 مليارات فرنك سويسري من رأس المال قبل بضعة أشهر فقط.
وسجّل المصرف خسارة صافية مقدارها 7.3 مليارات فرنك سويسري (7.8 مليارات دولار) لسنة 2022 المالية.
وطلب المصرف المركزي الأوروبي من مقرضي الاتحاد الأوروبي الكشف عن تعرضهم للمقرض السويسري، حسبما قال شخص مطلع على الأمر لصحيفة “فايننشال تايمز”.
ويعقد المصرف المركزي اجتماعه الدوري يوم الخميس لغقرار زيادة جديدة في معدل الفائدة التي سيتوع أن تكون في حدود 50 نقطة اساس، فيما سيكون وضع القطاع المصرفي الاوروبي على طاولة النقاش.
ومن بين أكبر الخاسرين في المصارف الأوروبية الأربعاء، كان “سوسيتيه جنرال” الفرنسي الذي انخفض 12 في المئة و”بي.إن.بي باريبا” الذي تراجع تسعة في المئة.
وارتفعت تكلفة تأمين سندات المصرف ضد التخلف عن السداد. واتسعت مبادلات التخلف عن سداد الائتمان لأجل خمس سنوات على ديون “كريدي سويس” إلى 574 نقطة أساس من 549 نقطة أساس عند الإغلاق الأخير بناء على بيانات من وكالة “إس أند بي غلوبال ماركت إنتليجنس”، وهو رقم لم يحدث من قبل وفق “رويترز”.
وأدى الانخفاض في القيمة السوقية لمصرف “كريدي سويس” إلى تحرك السياسيين. إذ دعت رئيسة الوزراء الفرنسية إليزابيت بورن السلطات السويسرية إلى التدخل و”تسوية” المشكلة، مضيفة أنه من المقرر أن يتحدث وزيرا المال الفرنسي والسويسري خلال الساعات القليلة المقبلة.
وفي واشنطن، قال متحدث باسم وزارة الخزانة الاميركية إن “الخزانة تراقب هذا الوضع وهي على اتصال مع نظرائها العالميين.” فيما كشفت معلومات أن وزاة الخزانة طلبت إعداد مراجعة حول انكشاف المصارف الاميركية على المصرف السويسري.