أعلنت رئيسة المصرف المركزي الأوروبي كريستين لاغارد أن أسعار الفائدة سترتفع خلال الأشهر المقبلة حتى بعد قيام مسؤولي المصرف المركزي بما سمّته “أسرع تغيير في أسعار الفائدة في تاريخنا”، في إشارة إلى الزيادة الكبيرة في أسعار الفائدة لمنطقة اليورو خلال الأشهر الماضية.
وكان المصرف المركزي الأوروبي أعلن في الثامن من سبتمبر/أيلول رفعاً غير مسبوق لأسعار الفائدة بلغ 75 نقطة أساس لكبح جماح التضخم، رغم تزايد احتمالات دخول التكتل الأوروبي في حالة ركود، في وقت خسر فيه الإمدادات الروسية الحيوية من الغاز الطبيعي. وبلغ معدل التضخم في منطقة اليورو في أغسطس/آب مستوى قياسياً هو 9.1 في المئة نتيجة ارتفاع كبير في أسعار الطاقة بسبب الحرب الروسية – الأوكرانية.
ونقلت وكالة بلومبرغ عن لاغارد قولها في كلمة لها في فرانكفورت الثلاثاء “نتخذ خطوات كبيرة في الطريق نحو تطبيع سياستنا النقدية وزيادة أسعار الفائدة… نتوقع زيادة الفائدة مجدداً خلال الاجتماعات العديدة المقبلة”.
ولفتت إلى أن الصدمات المزدوجة أدت إلى ارتفاع أسعار المستهلكين “أعلى بكثير وأكثر ثباتاً” مما كان متوقعاً، مضيفة “أننا لن ندع هذا التضخم المرتفع يغذي السلوك الاقتصادي ويخلق مشكلة تضخم دائمة”.
ويدور جدل كبير بين مسؤولي المصرف المركزي الأوروبي في شأن الخطوات التالية بعد قرار مجلس الاحتياطي الفدرالي الأخير زيادة الفائدة الأميركية بمقدار 75 نقطة أساس مرة أخرى. ففي حين هناك اتفاق بين المسؤولين على الحاجة لتشديد السياسة النقدية من أجل السيطرة على معدل التضخم القياسي، هناك خلاف بشأن وتيرة زيادة أسعار الفائدة، في ضوء ارتفاع أسعار الطاقة واحتمالات ركود الاقتصاد الأوروبي.
وقالت لاغارد يوم الجمعة إن المصرف يريد “بشكل مطلق” تجنب أن يؤدي معدل التضخم المرتفع إلى ضغوط مفرطة على الأجور، وأنه يجب أن تكون الزيادات الأخيرة في أسعار الفائدة إشارة إلى إصرار المصرف على خفض معدل التضخم إلى المستوى المستهدف. لكنها لفتت في الوقت نفسه إلى أنه على الحكومات الأوروبية أن تضمن ألا تؤدي حزم المساعدات التي تقدمها لمواجهة أزمة ارتفاع أسعار الطاقة إلى ارتفاع معدل التضخم، حتى تنجح تحركات المصرف المركزي في السيطرة على التضخم.
وصرح نائب رئيس البنك المركزي الأوروبي لويس دي جيندوس، الجمعة، أن المصرف سوف يضطر إلى رفع سعر الفائدة الرئيسي بشكل أكبر خلال الفترة المقبلة، لمواجهة التضخم. وقال في مقابلة مع صحيفة “إكسبرسو” الأسبوعية البرتغالية إن “التباطؤ الاقتصادي لن يعالج التضخم من تلقاء نفسه، فلابد أن مواصلة تطبيع السياسة المالية، وهو أمر ينبغي أن يفهمه الجميع”.
وقال فرانسوا فيلروي دو غال، عضو مجلس محافظي المصرف المركزي الأوروبي، في تصريح له الأسبوع الماضي، إنه على المصرف التركيز على زيادة أسعار الفائدة لتقترب من 2 في المئة بنهاية العام الحالي، قبل التفكير في أي زيادة جديدة للفائدة بعد ذلك.
وأضاف فيلروي دو غال، وهو محافظ المصرف المركزي الفرنسي، أنه يجب أن يكون المصرف المركزي الأوروبي “حاسماً ومنظّماً” في الوصول إلى ما تسمى الفائدة المحايدة، أي المستوى الذي لا يمثل تحفيزاً ولا إبطاءً للاقتصاد. ورأى أنه من المبكر للغاية معرفة المستوى النهائي الذي يمكن الوصول إليه بالنسبة لأسعار الفائدة.
وقال: “في منطقة اليورو يمكن أن تكون الفائدة المحايدة أقل أو قريبا من 2 في المئة من الناحية الاسمية، ويمكن أن نصل إليها بنهاية العام… ومن الطبيعي الوصول إلى هذا المستوى. ولكن يمكن زيادة الفائدة أكثر من ذلك إذا لزم الأمر”.
وقال كلاس نوت، وهو أيضاً عضو مجلس محافظي المصرف المركزي الأوروبي: “تجاوز التضخم نقطة الانعطاف، وصار يؤثر على القدرات الاستهلاكية والاستثمارية ويعطل التخطيط المالي”.
وأضاف في تصريحات خلال أحد المؤتمرات أوردتها وكالة “بلومبرغ” للأنباء: “رداً على ذلك، اتفق المصرف المركزي الأوروبي على رفع الفائدة من أجل تهدئة دوائر الأعمال والسيطرة على التوقعات الخاصة بالتضخم”.
ومن المتوقع أن يقرر مجلس محافظي المصرف المركزي الأوروبي خلال اجتماعه في الشهر المقبل زيادة الفائدة بمقدار 75 نقطة أساس.