Share

ألا يحتاج الاقتصاد العالمي إلى المزيد من حاكِمات مصارف مركزية؟

الفجوة بين الجنسين لا تزال سائدة بالرغم من إثارة الموضوع في المحافل الدولية
ألا يحتاج الاقتصاد العالمي إلى المزيد من حاكِمات مصارف مركزية؟
أقل من نصف العاملين في المصارف المركزية في الاقتصادات المتقدمة هم من النساء

هل تقوم المؤسسات المالية والنقدية بتأمين الأرضية اللازمة لعمل النساء لاسيما في مناصبها القيادية؟ هو سؤال يتم طرحه في جميع المحافل الدولية التي يكون في الرؤساء التنفيذيون لكبريات المصارف العالمية مشاركين في مناقشات عميقة حول أداء مؤسساتهم المالية وآليات العمل المعتمدة لتطويرها. الكثير الكثير من هؤلاء يقولون إن مصارفهم باتت تركز على تلبية حاجات النساء. لكن استطلاعات الرأي والبيانات تشير إلى خلاف ذلك. فلنبدأ برأس الهرم، من الـ”مصارف الـ”مركزية”…

اقرأ أيضاً: في يوم المرأة الإماراتية 2023.. تكريم الرائدات الفاعلات في قيادة التنمية المستدامة

في مسح أجراه صندوق النقد الدولي مؤخراً، تبين أن أقل من نصف العاملين في المصارف المركزية في الاقتصادات المتقدمة هم من النساء. ولكن في المتوسط ثلث النساء فقط هم من الاقتصاديين أو المديرين. وفي المقابل، تشغل النساء 80 في المئة من الأدوار الإدارية والموارد البشرية. يدل ذلك على أن الفصل المهني منتشر للغاية.

كما أن الجانب الذي تتخلف فيه المصارف المركزية فهو نوع العمل المقدم والأجر. حيث تبيّن أن 65 في المئة من إجمالي عدد الموظفين بعقود بدوام جزئي هم من النساء. وفي بعض المصارف المركزية ترتفع هذه النسبة إلى 80 في المئة. ورغم أن هذه العقود توفر المرونة، إلا أنها يمكن أن تحد من التقدم الوظيفي للمرأة. يساهم ذلك  في نهاية المطاف إلى انخفاض عدد النساء في المناصب الإدارية.

وتصبح الفجوة بين الجنسين أكثر إثارة للذهول عندما يتعلق الأمر بالأجور. ويتبين أن 27 في المئة فقط من النساء يحصلن على أعلى 20 في المئة من الدخل السنوي.

فجوة على مستوى الأجور

ومثال صارخ على الفجوة بين الجنسين، ما كشفته احدى الدراسات اليابانية. أظهرت الدراسة أن النساء العاملات في أكبر المصارف اليابانية يكسبن ما يزيد قليلاً عن نصف ما يكسبه زملاؤهن الرجال. إذ تحصل العاملات على ما متوسطه 54.9 في المئة مما يتقاضاه العمال الذكور في أكبر خمسة مصارف على مؤشر توبكس القياسي.

وفي حين أن معدل مشاركة المرأة في العمل مرتفع نسبياً في اليابان، فإن العديد من الوظائف التي تشغلها تعمل بدوام جزئي وليس لديها احتمال كبير للحصول على أجور أفضل أو تطوير وظيفي. وهو ما دلّلت عليه كلوديا غولدين، التي فازت بجائزة نوبل في الاقتصاد لأبحاثها حول العوامل الكامنة وراء الفجوات في الأجور والتوظيف بين الرجال والنساء.

women financial
كريستين لاغارد

جانيت يلين دخلت التاريخ

لابد هنا أن نشير إلى أن وزيرة الخزانة الأميركية الحالية جانيت يلين كانت سجلت اسمها في صفحات التاريخ الاميركي. وجاء ذلك بعد اختيارها من قبل مجلس الشيوخ الأميركي في السادس من يناير/كانون الثاني عام 2014 لتكون رئيسة لمصرف الاحتياطي الفدرالي الأميركي. وبذلك، تُعتبر يلين أول امرأة تترأس هذا المصرف في التاريخ.

ثم باتت كريستين لاغارد أشهر محافظة مصرف مركزي في العالم منذ قادت يلين الاحتياطي الفيدرالي. وقالت في العام 2023 عن كونها محاطة دوماً بالرجال، إن التنوع سيؤدي إلى نتائج أفضل. 

وقد تم تسليط الضوء على نقص النساء بين كبار محافظي المصارف المركزية في أوروبا. وجرى ذلك بعد فترة وجيزة من تبوّؤ لاغارد منصب أول رئيسة للمصرف المركزي الأوروبي في عام 2019. وتجلى هذا من خلال نشر لاغارد على تويتر لصورة لها وللأعضاء الآخرين في مجلس محافظيه، وجميعهم من الذكور. 

قبل تعيين حفيظة غاي إركان (التي استقالت في بداية فبراير/شباط 2024) في تركيا وميشيل بولوك في أستراليا، كانت 22 امرأة فقط تقود المصارف المركزية من إجمالي 186، وفقًا لمؤشر التوازن بين الجنسين لعام 2023 الذي نشره منتدى المؤسسات النقدية والمالية الرسمي (OMFIF) في يونيو/حزيران. وكان هذا يمثل زيادة واحدة فقط عما كان عليه الحال عندما تم إصدار مؤشر المساواة بين الجنسين لأول مرة في عام 2014. 

وبالمقارنة، تشغل النساء 25 في المئة من المناصب العليا (أستاذ متفرغ أو أستاذ مشارك). في المقابل، تشغل 37 في المئة من المناصب المبتدئة في بعض أفضل الجامعات وكليات إدارة الأعمال في العالم. يأتي ذلك وفقًا لدراسة بحثية أجريت العام الماضي.

توفير المزيد من الأدوات للنجاح في عالم معقد

ونقلت صحيفة “واشنطن بوست” عن نائبة محافظ بنك إسبانيا، مارغريتا ديلغادو، إن وجهات النظر المختلفة مهمة لتحدي البيئة المتطورة. كما أنها مهمة أيضاً لتوفير المزيد من الأدوات للنجاح في عالم معقد. وقالت إن المصارف المركزية “يجب أن تكون مرآة للمجتمع” و”مثالاً للقطاع المالي”.

يقول صندوق النقد الدولي إن السياسات الرامية إلى القضاء على الفجوات بين الجنسين لم تكن ناجحة إلا جزئيا. ويلفت إلى أن المصارف المركزية يمكنها أن تفعل المزيد لتقليص الفجوة بين الجنسين.

Women in banking
جانيت يلين

النساء لـ”التنظيف”

في دردشة مع رئيسة مصرف تجاري في إحدى الدول العربية، تقول لـ”إيكونومي ميدل إيست” إنه يتم جلب النساء لـ”تنظيف” فوضى الآخرين. 

مع العلم أن العالم العربي بات يزخر بنسبة جيدة في نسبة اللواتي يشغلن مناصب مهمة في مؤسسات مالية ونقدية، رغم أن معدلات مشاركة المرأة في شوق العمل لا تزال بين الأقل عالمياً.

وتضيف هذه المرأة التي تدير مجموعة مصرفية مهمة وتلتقي المستثمرين ورجال أعمال وصناع قرار، أن هناك تفكيراً خاطئاً حول الربط بين معضلة اقتصادية ما والجنس الذي يتسلم قيادة مصرف مركزي، وأنه قادر على اتخاذ القرارات الصائبة كونه من الصقور. 

ولكن كيف ذلك؟ تشرح أن الحكومات المهتمة بالتضخم تريد في كثير من الأحيان محافظي مصارف مركزية قادرين على تثبيت التوقعات التضخمية من خلال الالتزام بمصداقية بكونهم صقوراً أي إعطاء الأولوية للتضخم المنخفض على الأولويات المعقولة الأخرى. لكن التشدد هو صفة نمطية “ذكورية”، وبالتالي، فإن تمثيل المرأة ناقص حيث تكون حاجة المصرفيين إلى إظهار التشدد أكبر. وتضيف أن هناك حاجة اليوم أكثر من اي وقت مضى لتعزيز تواجد المرأة في قيادة مصرف مركزي نظراً لما يمر به العالم.

لقد منحت “مشاركة المرأة في سوق العمل” ونجاح عملها بشأن الفجوات العالمية بين الجنسين، الأميركية كلوديا غولدين جائزة نوبل للاقتصاد 2023، لتنقل بأبحاثها النساء من هامش العمل بالاقتصاد إلى محوره. فهل يكون التطبيق أوسع؟

انقر هنا للاطلاع على المزيد من مواضيع المصارف والتمويل.