Share

سكوت ليفرمور من معهد المحاسبين القانونيين في إنجلترا وويلز يسلط الضوء على استراتيجية إنتاج النفط وأهمية التنويع الاقتصادي لخطط النمو طويلة المدى في دول الخليج

استدامة إنتاج النفط ونمو الاستثمارات غير النفطية أمران أساسيان لاقتصاد سليم
سكوت ليفرمور من معهد المحاسبين القانونيين في إنجلترا وويلز يسلط الضوء على استراتيجية إنتاج النفط وأهمية التنويع الاقتصادي لخطط النمو طويلة المدى في دول الخليج
سكوت ليفرمور، المستشار الاقتصادي لمعهد المحاسبين القانونيين في إنجلترا وويلز وكبير الاقتصاديين، والمدير الإداري لشركة "أكسفورد إيكونوميكس"

في هذه المقابلة مع ايكونومي ميدل ايست تتطرق سكوت ليفرمور، المستشار الاقتصادي لمعهد المحاسبين القانونيين في إنجلترا وويلز وكبير الاقتصاديين، والمدير الإداري لشركة “أكسفورد إيكونوميكس” إلى الديناميكيات المعقدة لاقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي. يركز سكوت ليفرمور على تأثير تخفيضات إنتاج النفط والقطاعات المحورية التي تغذي النمو غير النفطي وتدفق الاستثمارات الأجنبية إلى الأسواق الإقليمية. كما يسلط سكوت ليفرمور الضوء على مبادرات الطاقة الخضراء الطموحة في المنطقة والدور الاستراتيجي الذي ستلعبه السندات السيادية في تسريع أجندة التنويع.

تقوم الدول الأعضاء في أوبك، بما في ذلك الإمارات والسعودية، بتخفيض إنتاج النفط لإبقاء الأسعار فوق عتبة الـ80 دولار. هل أسعار النفط المرتفعة فقط ليست كافية لمواصلة دعم نمو الناتج المحلي الإجمالي لدول مجلس التعاون الخليجي وما هو السعر المثالي للنفط لدعم الناتج المحلي الإجمالي في المنطقة؟

من الواضح أن أوبك تحاول وضع حد أدنى لأسعار النفط. ومع ذلك، فإن تمديد تخفيضات إنتاج النفط لا يتعلق فقط بأهداف الأسعار الحالية، بل بتعظيم القيمة الإجمالية للثروة النفطية. وعلى الرغم من التأثير السلبي على النمو الحالي بسبب التراجع المطوّل عن الأنشطة النفطية، يهدف المنتجون الإقليميون إلى الاستفادة من هذه الاستراتيجية لتحقيق المكاسب المستقبلية وتأمين عائدات نفطية أعلى لدعم النمو والتنويع على المدى المتوسط والطويل. وتحتفظ معظم دول مجلس التعاون الخليجي بمراكز مالية قوية في ضوء انخفاض الديون وتراكم الثروات، مما يمكنها من الاستمرار في هذا المسار على الرغم من النقص الحالي في الإيرادات. وقد يؤدي ذلك إلى تخفيضات إضافية أو أطول من المتوقع إذا ضعفت سوق النفط مرة أخرى.

وفي حين ينبغي لهذه الاستراتيجية أن تتحمل الضعف المؤقت، كما هو الحال في الصين، فإن التحدي الأكبر ينشأ من ذروة النفط وما يترتب على ذلك من انخفاض في الطلب. وقد تؤدي هذه العوامل إلى زيادة الإنتاج وقبول انخفاض أسعار النفط كاستراتيجية مفضلة مقارنة بتراكم مخزونات النفط. وبدلاً من ذلك، إذا استمرت إمدادات النفط من خارج أوبك في الإرتفاع غير المتوقع، فقد تتسامح أوبك مع انخفاض الأسعار لتثبيط الموردين الجدد من خارج أوبك. وإذا أدى ذلك إلى تقليص العائدات المتوقعة من الثروة النفطية، فقد يكون من الضروري إجراء تعديلات على خطط النمو والتنويع.

ما هي النسبة المئوية من الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي حاليًا وكيف ترى زيادة هذه النسبة خلال السنوات الثلاث إلى الخمس المقبلة؟

أظهر الناتج المحلي الإجمالي الأخير للسعودية أن الأنشطة غير النفطية شكلت نسبة قياسية بلغت 50 في المئة من الاقتصاد العام الماضي، ونمت بنسبة 4.4 في المئة على أساس سنوي. وفي الإمارات، تبلغ هذه النسبة حوالي 75 في المئة. وقد تنخفض هذه النسبة على مدى السنوات القليلة المقبلة مع تراجع المملكة عن تخفيضات الإنتاج، حيث يقل الإنتاج بنحو 20 في المئة عن طاقتها البالغة 12 مليون برميل يوميًا، في حين تستهدف الإمارات زيادة إنتاج الطاقة إلى 5 ملايين برميل يوميًا.

ومع ذلك، لا يجب صرف الانتباه عن النمو القوي في القطاع غير النفطي، ونتوقع أن نرى الاقتصادات تعمل بكامل طاقتها. إن الدافع القوي للاستثمار المحلي المرتبط بتنفيذ رؤية 2030 وD33 والخطط الأخرى في جميع أنحاء دول مجلس التعاون الخليجي سيساعد في التقدم نحو أهداف التنويع الإقتصادي. ونتوقع زيادة تدريجية في حصة الأنشطة غير النفطية في الاقتصادات في المستقبل. ففي السعودية على سبيل المثال، من المتوقع أن يشهد القطاع الخاص غير النفطي نموًا متوسطه 5.5 في المئة سنويًا على مدى السنوات الخمس المقبلة. ويجب أن يستمر هذا الاتجاه لبعض الوقت من أجل التحرك نحو هدف رؤية 2030 للقطاع غير النفطي الذي يهدف إلى تشكيل 65 في المئة من الاقتصاد.

ما هي القطاعات التي ستكون المساهمة الرئيسية في الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي في الإمارات والسعودية؟

نحن نرى نموًا واسع النطاق في القطاعات غير النفطية في كلا البلدين. وفي السعودية، ستذهب الحصة الأكبر من الاستثمار إلى القطاعات التي تعتبر أساسية لاستكمال المشاريع العملاقة، بما في ذلك البناء والتصنيع والنقل. ونرى أيضًا زخمًا قويًا في قطاع الرياضة والترفيه مع استمرار التحول، بالإضافة إلى قطاع الضيافة، حيث تظل السياحة عنصرًا أساسيًا في أجندة النمو السعودية.

بينما تختلف الديناميكيات في الإمارات قليلاً. وقد تم تحديد القطاعات التي تقود النمو حاليًا، مثل السفر والسياحة والقطاع الرقمي والتمويل، على أنها قطاعات استراتيجية وستظل محركات النمو الرئيسية. ويركز صناع السياسات أيضًا على القطاعات المبتكرة والناشئة، بما في ذلك التمويل والقطاعات الإبداعية والتصنيع وغيرها. بالإضافة إلى ذلك، هناك قطاعات تستفيد من النمو السكاني، خاصة في دبي، وأبرزها القطاع العقاري، إلى جانب قطاعات مثل التعليم.

تشهد رؤية السعودية 2030 وأجندة دبي الاقتصادية D33 استثمارات كبيرة. ما هي القطاعات الأكثر جاذبيةً للمستثمرين الأجانب؟

لقد هيمن قطاع الطاقة تقليديًا على الاستثمار الداخلي في المنطقة، لكن القطاعات المستهدفة أصبحت أكثر تنوعًا. وفي العام 2023، برزت دولة الإمارات كواحدة من أفضل الوجهات العالمية للاستثمارات الناشئة. ومع ذلك، هناك حاجة إلى مزيد من النمو المستدام في الاستثمار الأجنبي المباشر لتحقيق هدف الحكومة المتمثل في 550 مليار درهم (150 مليار دولار) بحلول العام 2031. وتعتبر مشاريع الطاقة المتجددة، بما في ذلك الهيدروجين الأخضر جذابة، إلى جانب قطاع الرعاية الصحية والاقتصاد الرقمي المدعومة بالمبادرات مثل “هب71” (Hub71) في أبو ظبي. ويستعد قطاع الترفيه السعودي أيضًا لجذب الاستثمار الأجنبي مع تخفيف القيود. بالإضافة إلى ذلك، حدثت زيادة في الاكتتابات العامة الأولية حيث تهدف السعودية ودبي وأبو ظبي إلى تعميق أسواق رأس المال والاستفادة من مكانة المنطقة باعتبارها واحدة من أبرز الأسواق في الاقتصاد العالمي.

تستثمر الإمارات والسعودية بكثافة في الطاقة الخضراء والطاقة الشمسية والحفاظ على المياه والزراعة المائية. فهل تحصل هذه القطاعات على اهتمام المستثمرين الأجانب؟

تكتسب مشاريع الطاقة المتجددة في دولة الإمارات والسعودية أهمية متزايدة بين المستثمرين الأجانب، حيث يحرص كلا البلدين على توسيع اقتصاداتهم الخضراء بما يتماشى مع استراتيجياتهما لخفض الانبعاثات الصفرية. وتهدف السعودية إلى توليد نصف احتياجاتها من الكهرباء من مصادر متجددة بحلول العام 2030. بينما تهدف الإمارات إلى رفع توليد الطاقة النظيفة إلى 30 في المئة بحلول العام 2030 من خلال توسيع قدرات الطاقة الشمسية والنووية. وأثناء استضافتها لمؤتمر الأطراف “كوب 28” (COP28)، أطلقت الإمارات صندوقًا بقيمة 30 مليار دولار لتمويل المشاريع الخضراء. كما قامت كل من الإمارات والسعودية بتوجيه الاستثمار إلى مشاريع الطاقة الخضراء في أماكن أخرى، بما في ذلك أفريقيا والصين وآسيا الوسطى.

وقد أصدرت كل من الإمارات والسعودية سندات سيادية يفوق حجم الاكتتاب فيها باستمرار. هل ستكون إصدارات السندات سمة سنوية منتظمة مثل مزادات سندات الاحتياطي الفيدرالي الأميركي؟

تحتاج المنطقة إلى الكثير من رأس المال لتحقيق أهداف نموها، وستظل مبيعات السندات في الخارج جزءًا من مجموعة الأدوات لتنويع التمويل لدعم أجندات التنويع الطموحة. وتتميز الأوراق المالية لكلا البلدين بجودة عالية ومن المرجح أن يظل الطلب عليها عالٍ مع تركيز المصارف المركزية العالمية على خفض أسعار الفائدة. وبالإضافة إلى مبيعات السندات السيادية، من المرجح أيضًا أن يعود صندوق الاستثمارات العامة السعودي إلى أسواق الدين لتأمين التمويل للمشاريع الحالية والقادمة.

اقرأ أيضًا: محمد المشرخ حول نمو الاستثمار الأجنبي المباشر الذي يغذي نهضة الشارقة

نبذة عن سكوت ليفرمور

سكوت ليفرمور هو المستشار الاقتصادي لمعهد المحاسبين القانونيين في إنجلترا وويلز وكبير الاقتصاديين، والمدير الإداري لشركة “أكسفورد إيكونوميكس”. يعمل سكوت ليفرمور في مكتب “أكسفورد” في دبي. وهو أيضًا المدير الإداري للاستشارات في الشرق الأوسط وآسيا، بالإضافة إلى كونه عضوًا في فريق الإدارة العليا لشركة “أكسفورد إيكونوميكس”.

يقود سكوت ليفرمور العديد من المشاريع الكبرى في منطقة الخليج وآسيا، والتي شملت مؤخرًا بناء القدرات ونمذجة الاقتصاد الكلي وتقييم تأثير السياسات للمؤسسات الحكومية في الإمارات والسعودية والكويت وعمان.

انضم سكوت ليفرمور إلى “أكسفورد إيكونوميكس فوركاستنغ” (Oxford Economic Forecasting) في العام 1997. وخلال السنوات الخمس الأولى من عمله لديها، عمل كمحلل قطري لعدة دول أوروبية وشارك في العديد من المشاريع الاستشارية لمجموعة متنوعة من المنظمات الدولية والحكومات والشركات المتعددة الجنسيات. ثم عاد سكوت ليفرمور إلى “أكسفورد إيكونوميكس” في العام 2005 كخبير اقتصادي كبير بعد أن أمضى عامين في وزارة المالية في الجمهورية السلوفاكية.

انقر هنا للاطلاع على المزيد من المقابلات.