ماذا بعد قرار تحالف “أوبك +” زيادة الإنتاج بمقدار 100 ألف برميل يومياً لشهر سبتمبر/أيلول؟ الصورة ضبابية. لكن الجملة التي استخدمها التحالف في بيانه الختامي تلخص مستقبل قطاع النفط، حين قال إن هناك حاجة إلى مزيد من الإستثمار في قطاع التنقيب والإنتاج.
“الاجتماع أبرز بقلق خاص أن الاستثمار غير الكافي في المنبع سيؤثر على توافر العرض الكافي في الوقت المناسب لتلبية الطلب المتزايد إلى ما بعد عام 2023 من الدول المنتجة للنفط غير الأعضاء في منظمة أوبك وبعض الدول الأعضاء في أوبك والدول المنتجة للنفط من خارج أوبك”، وفق ما نص حرفياً البيان الختامي لاجتماع التحالف الذي يضم دول منظمة “أوبك” وحلفاءها، ومن بينهم روسيا.
وبالتالي، فان الإجتماع هدف إلى إرسال رسالة واضحة مفادها أن الدول الأخرى بحاجة إلى زيادة الاستثمار النفطي في التنقيب والإنتاج.
وهو ما كان أبلغه مسؤولون سعوديون خلال زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن للمملكة العربية السعودية في منتصف يوليو/تموز، حين أكدوا أن جميع منتجي النفط – بما في ذلك المنتجون من خارج “أوبك +” كالولايات المتحدة – يتحملون مسؤولية مشتركة لاستثمار الأموال اللازمة للحفاظ على إمدادات كافية.
وفي الوقت نفسه، أظهر الاجتماع حسن نية بإقرار زيادة على الإنتاج لشهر سبتمر/أيلول، علماً أنه من غير المرجح أن تحدث فرقاً كبيراً في عالم يستهلك حوالي 100 مليون برميل من النفط يومياً.
وتنتج “أوبك +” 44 مليون برميل يومياً، موزعة بين 27 مليون برميل يومياً من أعضاء “أوبك”، و17 مليوناً من الدول خارج المنظمة.
الطاقة الفائضة
لقد كان العديد من أعضاء “أوبك +” – بما في ذلك روسيا – ينتجون أقل من حصصهم. في حين تملك كلٌ من السعودية والإمارات طاقة فائضة.
إلا أن “أوبك +” كانت واضحة حين أعلنت أن هذه الطاقة الفائضة لن تُستخدم بسهولة، رغم مناشدات الدول المستهلكة لزيادة العرض وخفض الأسعار.
إذ قال البيان الصادر عن الأمانة العامة إن “الاجتماع أشار إلى أن التوافر المحدود للغاية للقدرة الفائضة يستلزم استخدامه بحذر شديد استجابة لانقطاع شديد في الإمدادات”.
وبموجب حصص “أوبك +” الجديدة لشهر سبتمبر/أيلول، سيرتفع سقف الإنتاج في السعودية بنحو 26 ألف برميل في اليوم ليصل إلى 11.030 مليون برميل، والإمارات بمقدار 7 آلاف برميل في اليوم ليصل إلى 3.186 ملايين برميل. فيما لم يحصل العديد من المنتجين الأصغر في “أوبك” على زيادة في حصصهم. إذ ظلت مستويات الإنتاج الأساسية لمختلف الأعضاء عند المستويات المتفق عليها سابقاً.
التماسك
بقراره هذا، أثبت التحالف أنه متماسك وأنه يتعامل بحرص مع روسيا التي تتعارض مصالحها مع مصالح واشنطن. فالبيان أكد على “أهمية الحفاظ على التفاهم، الضروري من أجل تماسك التحالف”.
من الواضح أن قرار زيادة الإنتاج بمقدار 100 ألف برميل يومياً يناسب روسيا غير المهتمة بحصول نمو كبير في تدفقات النفط في السوق العالمية، لسبب بسيط وهو أنها ترغب في أن تظل الأسعار مرتفعة، بما يسمح لها مواصلة تقديم خصومات كبيرة على أحجام صادراتها.
الولايات المتحدة تراها خطوة في الاتجاه الصحيح
الولايات المتحدة من جهتها التي كانت تتوقع زيادة أعلى بعد الزيارة التي قام بها الرئيس الأميركي جو بايدن للسعودية منتصف الشهر الماضي، لم تنتقد قرار “أوبك +”، بل بالعكس أرادت أن تسوّق له بطريقة إيجابية.
“هي خطوة في الاتجاه الصحيح” على حد توصيف مستشار الطاقة في وزارة الخارجية الأميركية عاموس هوكشتين في تصريح له لقناة “سي أن أن”، مشيراً إلى أن أسعار النفط قد انخفضت بالفعل وأن الإدارة أرادت أن تراها تنخفض أكثر.
وتجنب هوكشتين الإجابة عن سؤال حول ما إذا كانت الزيادة كبيرة بما يكفي لتحريك الأسعار. “لا ينصب تركيزنا الأساسي على عدد البراميل. ينصب تركيزنا الأساسي على خفض الأسعار … وهناك أعتقد أننا في وضع لائق، وسنواصل العمل لخفضها” قال.
أنطونيو غوتيريش
في موازاة تطورات الأمس، كان لافتاً الإتهام المباشر الذي أطلقه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش ضد شركات النفط والغاز بتحقيق أرباح “مفرطة” جراء أزمة الطاقة.
وكانت شركات “بريتيش بتروليوم” و”إكسون موبيل” و”شيفرون” و”شل” أعلنت الأسبوع الماضي عن أرباح هائلة في الربع الثاني. وهو ما وصفه غوتيريش بأنه “لا أخلاقي”، ويأتي “على حساب الشعوب والمجتمعات الأكثر فقرا وبتكلفة هائلة على المناخ”.
ولفت غوتيريش الى أن الارباح الإجمالية لشركات الطاقة الكبرى في الربع الأول من العام، بلغت قرابة 100 مليار دولار. وحض الحكومات على “فرض ضرائب على هذه الأرباح المفرطة واستخدام الأموال لدعم الأشخاص الأكثر ضعفا في هذه الأوقات الصعبة”.
أضاف: “كما أحض الناس في كل مكان على بعث رسالة واضحة إلى قطاع صناعة الوقود الأحفوري ومموليه بأن هذا الجشع البشع يعاقب الاشخاص الأكثر فقرا وضعفا، بينما يدمر وطننا المشترك الوحيد كوكب الأرض”.