في الثلاثين من الشهر الجاري، تعقد منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) وحلفاؤها في إطار تحالف “أوبك +” اجتماعها، في وقت يتجه النفط إلى تسجيل أول خسارة شهرية له هذا العام 2022 مع تزايد المخاوف من الركود.
المؤشرات المتوافرة أن التحالف الذي يضم روسيا أيضاً، سيلتزم بخطة تسريع زيادة إنتاج النفط في أغسطس/آب.
وكان “أوبك +” أعلن في اجتماعه السابق في الثاني من يونيو/حزيران الحالي، زيادة أكبر مما كان متوقعاً في إنتاجها هذا الصيف، في محاولة للحد من ارتفاع الأسعار. إذ تم الاتفاق على تعديل إنتاج يوليو/تموز بزيادة 648 ألف برميل يومياً، وبالكمية نفسها في أغسطس/آب، بدلاً من 432 ألف برميل كانت حددت في الأشهر السابقة.
ويأتي اجتماع “أوبك +” قبل زيارة مرتقبة للمنطقة يقوم بها الرئيس الأميركي جو بايدن الذي يمارس ضغوطاً على التحالف من أجل زيادة الانتاج، وهو الذي يعاني من ضغوط داخلية بسبب الإرتفاع غير المسبوق لمعدلات التضخم في الولايات المتحدة وزيادة أسعار المحروقات.
لماذا تراجعت أسعار النفط؟
منذ العام الماضي، كانت اسعار النفط تتجه الى منحى الارتفاع، وقفزت الى مستويات عالية جداً بعد بدء الحرب الروسية – الأوكرانية.
إلا أن خام برنت راح يسجل بدءاً من نهاية مايو/أيار، تراجعات من أكثر من 120 دولاراً للبرميل الى حوالي 109 دولارات، أي بما معناه بانخفاض نسبته حوالي 10 في المئة. وهو الامر نفسه الذي سجلته العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط.
فلماذا هذا التراجع رغم استمرار شح المعروض؟ قد يكون السبب الرئيسي في ذلك هو الاحتياطي الفدرالي الذي اختار “تعقب” التضخم وإن في ظل مخاطر الركود الاقتصادي، وهذا ما يسهل طريقه إلى أسعار النفط.
فيوم الأربعاء، أخبر رئيس مجلس الاحتياطي الفدرالي جيروم باول المشرعين أن المصرف المركزي مصمم على خفض التضخم، على الرغم من اعترافه بإمكانية حدوث ركود. وقال إن تحقيق “هبوط ناعم”، حيث يتم تشديد السياسة دون ظروف اقتصادية قاسية مثل الركود، سيكون صعباً.
حال الاحتياطي الفدرالي هو حال المصارف المركزية في معظم دول العالم التي تواجه هي أيضاً معضلة التضخم والتي تجبرها على سلوك مسار زيادة أسعار الفائدة في محاولة للجمه، الأمر الذي يمكن أن يلحق الضرر بالطلب على السلع الأساسية. وفي ظل هذه التدابير، فإن فرص حدوث ركود آخذ في الازدياد.
وغالبًا ما تؤدي فترات الركود إلى انخفاض أسعار النفط مع انخفاض الإنفاق الاستهلاكي، مما يقلل الطلب على الوقود.
ففي أقل من عام بعد الأزمة المالية لعام 2008، انخفض سعر برميل النفط الخام من 139 دولاراً إلى 39 دولاراً.
وفي حين قفز النفط إلى نحو 140 دولاراً للبرميل بعد بدء الحرب الروسية – الأوكرانية في فبراير/شباط، انخفض خام برنت إلى 107 دولارات للبرميل هذا الشهر مع قلق المستثمرين بشأن التباطؤ الاقتصادي.
بوتين والحرب الاقتصادية
وقد يكون توسيع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الحرب من حرب في ساحة المعركة في أوكرانيا إلى حرب اقتصادية في أوروبا، سبباً إضافياً لتراجع الأسعار.
فروسيا حدّت من إمدادات الغاز إلى أوروبا عبر خط أنابيب نورد ستريم 1 وخفضت التدفقات إلى إيطاليا. وقطعت إمدادات الغاز عن فنلندا وبولندا وبلغاريا وأورستد الدنماركية وشركة “غاز ترّا” الهولندية وعملاق الطاقة “شل” عن عقودها الألمانية، وذلك بسبب النزاع على سداد مشتريات الغاز مقابل عملة الروبل.
هذه الإجراءات أثارت مخاوف من شتاء صعب في أوروبا، في وقت تتدافع السلطات في المنطقة الآن لملء مخزونها تحت الأرض بإمدادات الغاز الطبيعي.
الصين
كذلك، فان توقعات الطلب بالنسبة للصين، أكبر مستهلك للنفط في العالم، غير مؤكدة أيضاً. وكانت أعادت ببطء فتح أجزاء من البلاد تم إغلاقها مؤخرًا بسبب الارتفاع المفاجئ في حالات كورونا. وليس من الواضح مدى السرعة التي ستتمكن بها الشركات الصينية من التعافي من تلك القيود المفروضة على النشاط الاقتصادي.
ترى “ستاندرد آند بورز” في هذه النقطة أن مدى التعافي وإعادة الافتتاح سيكون لهما تأثير على الطلب على النفط ، لكن عدم اليقين هذا “منع سعر النفط من الارتفاع”.
المزيد من التراجع
وبات العديد من المستثمرين يتحدثون عن سيناريو تنخفض فيه أسعار النفط بنسبة 25 في المئة أخرى بحلول نهاية العام.
وتُظهر خيارات العقود الآجلة لخام برنت – السعر القياسي العالمي – أن المتداولين بدأوا في تكثيف رهاناتهم على أن سعر اليوم البالغ حوالي 100 دولار للبرميل قد لا يستمر حتى نهاية العام، حيث يؤدي ارتفاع أسعار الفائدة إلى إبطاء الطلب على أي شيء من النفط الخام، من البنزين إلى وقود الطائرات.