ربما كان الإعلان الأخير لحاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم بشأن القوانين المحيطة بقبول نماذج الأصول الرقمية وحمايتها، مؤشراً على مدى جدية الإمارات في التكنولوجيا والتحول الرقمي. لقد أصبحت أرضاً خصبة للاتصالات الذكية البلوكشين عند شراء العقارات أو تداول العملات المشفرة.
في الواقع، الإمارات العربية المتحدة هي المكان الذي يمكن للمرء التسوق فيه والتسكع مع الأصدقاء على metaverse. إنه المكان الذي يمكن أن تتعامل فيه الرعاية الصحية عن بعد بشكل احترافي من أي مكان. لقد نشأت الثورة الصناعية الرابعة من خلال تقديم تقنية الجيل الخامس، وأحدثت إنترنت الأشياء ثورة في التجارة الإلكترونية وبوابات الدفع.
لذلك، فليس من المستغرب أن تستضيف الامارات قمة للاستثمار (إنفستوبيا) في دورتها الأولى في الثامن والعشرين من الشهر الجاري. وهي عبارة عن قمة عالمية تنطلق من دولة الإمارات، حيث سيصار من خلالها توفير فضاء جديد لإطلاق الأفكار وصناعة الفرص وتمكين استثمارات المستقبل لكي تبدأ من اليوم.
أهمية الاستثمارات الأجنبية
فدولة الامارات تدرك أهمية الاستثمارات الأجنبية ودورها في تحفيز اقتصادات الدول، وتعتبر أن استقطاب الشركات ذات الانجازات العالمية هي من الأهداف البارزة لرؤيتها الاستراتيجية.
وانطلاقاً من اهتمامها بهذا الشق لتحفيز الاقتصاد، حلت أولى عربياً وإقليمياً وفي المرتبة 15 عالمياً في مؤشر “كيرني” للثقة في الاستثمار الأجنبي المباشر للعام الماضي، متفوقةً على عدد من الاقتصادات العالمية الكبرى من ضمن الترتيب العام للمؤشر، مثل سنغافورا وأستراليا والبرتغال والدنمارك وايرلندا والبرازيل وفنلندا.
كما جاءت في المرتبة الأولى في تدفق الاستثمار الأجنبي المباشر الداخل على مستوى منطقة غرب آسيا في العام 2020 وبنسبة استحواذ 54.4 في المئة من إجمالي التدفقات على المنطقة والتي بلغت 36.547 مليار دولار، وارتفعت التدفقات إلى المنطقة بنسبة 9.4 في المئة عن العام 2019.
كذلك الأمر بالنسبة إلى الاستثمارات الأجنبية المباشرة الواردة إلى الإمارات التي شهدت نمواً بنسبة 44.2 في المئة خلال العام 2020 مقارنة بعام 2019. إذ بلغت 19.88 مليار دولار وذلك على الرغم من تداعيات جائحة “كوفيد-19” التي ألقت بظلالها على حجم الاستثمار والتجارة واقتصادات العالم.
وفي السنوات العشر الأخيرة، حققت دولة الإمارات مبلغاً تراكمياً للاستثمار الأجنبي بلغ 420 مليار درهم بمتوسط نمو يصل إلى 11 في المئة، كما سجلت الاستثمارات الصادرة من الإمارات 450 مليار درهم متوسط نمو يصل إلى 36 في المئة.
“إنفستوبيا”
ومن هذا المنطلق، كان من الطبيعي أن تحتضن الامارات قمة عالمية للاستثمار، وذلك في إطار فعاليات معرض إكسبو2020 دبي. وهي تعتبر إحدى المبادرات الرئيسة ضمن “مشاريع الخمسين” التي أعلنتها حكومة الإمارات في سبتمبر/أيلول 2021، والتي تهدف الى إطلاق 100 فكرة مبتكرة وفرصة جديدة للأعمال في العالم والمنطقة والإمارات.
أجندة “إنفستوبيا” غنية مع أهداف استثمارية
ومن المتوقع أن تجمع القمة أكثر من 50 من قادة الفكر وصناع التغيير في العالم و300 من مسؤولي الحكومات والمستثمرين والقطاع الخاص والخبراء والأكاديميين، إلى جانب عدد من أكبر حاضنات ومسرعات الأعمال العالمية.
وستوفر أكبر قاعدة بيانات لفرص وحوافز وتسهيلات الاستثمار في مختلف دول العالم حيث ستتيح المجال أمام مختلف حكومات العالم لعرض مشاريعهم التنموية والفرص الاستثمارية والحوافز والتسهيلات أمام المستثمرين والبيئة التشريعية المنظمة للاستثمار بتلك الأسواق.
وتهدف القمة لاستقطاب 550 مليار درهم من الاستثمار الأجنبي حتى 2030، وتريليون درهم بحلول 2051.
وتتضمن القمة أجندة متخصصة تتناول الاستثمار المسؤول والمستدام، لتعزيز ممكنات الاستثمار المسؤول بيئياً وتعظيم أثره التنموي والاجتماعي، والاستثمار في التحول الرقمي والثورة التكنولوجية خصوصاً في التجارة والخدمات وسلاسل الامداد الرقمية، ودراسة التحول في نماذج العمل عن بعد والتسوق عن بعد والتعلم عن بعد، وهو ما يفتح مساحة أوسع للذكاء الاصطناعي والروبوتات والبلوك تشين وخدمات خدمات الجيل الخامس للاتصالات والتي ستكون لها أولوية لضمان استقرار حياة الأفراد والشركات والحكومات مستقبلاً.
الموقع الرسمي
وفي السياق نفسه، أطلقت قمة ” إنفستوبيا ” للاستثمار موقعها الإلكتروني الرسمي الخاص بهدف الوصول لأكبر شريحة من المستثمرين ورجال الأعمال وصناع القرار والمبتكرين حول العالم، وتزويدهم بمعلومات مفصلة حول برنامج القمة وورش العمل وأسماء المتحدثين المشاركين فضلاً عن التسجيل للحضور والمشاركة.
وبحسب وزير الاقتصاد عبدالله بن طوق المري، يوفر الموقع الإلكتروني للقمة معلومات شاملة حولها، حيث سيتمكن المشاركون من اختيار الجلسات المناسبة ولأعمالهم واهتماماتهم، مما يمنحهم أفضل فرصة للاستفادة من حضور القمة.
مذكرة تفاهم مع “أكسنتشر”
ومن ضمن مذكرات التفاهم التي عقدتها القمة، تم توقيع مذكرة تفاهم بين قمة “انفستوبيا” للإستثمار وشركة “أكسنتشر” الشرق الأوسط، للتعاون وتبادل الخبرات والمحتوى المعرفي في إطار التحضيرات الجارية لإطلاق أعمال.
وستعمل “أكسنتشر” كشريك معرفي لقمة “انفستوبيا”، حيث ستتعاون كل من الوزارة والشركة على تسهيل تبادل المعرفة في مجالات الذكاء الاصطناعي والبلوك تشين، والتكنولوجيا المالية، وتقنيات الواقع الافتراضي لإثراء جلسات وحوارات القمة.
شراكة مع “ديليوت” الشرق الأوسط
كما تم توقيع مذكرة تفاهم بين قمة “انفستوبيا” للاستثمار وشركة “ديلويت” الشرق الأوسط، والتي تستهدف تطوير أوجه التعاون في محتوى وإدارة الحلقات النقاشية وورش العمل على أجندة القمة، وإعداد أوراق بحثية، تُغطي محاور اقتصادية ذات أولوية مثل فرص الاستثمار في تقنيات الواقع الافتراضي والذكاء الاصطناعي، ومعايير الحوكمة والاستدامة البيئة والاجتماعية، وسبل تمكين المرأة اقتصادياً وتحديداً في قطاع الخدمات المالية، ودور السياسات الحكومية خلال مرحلة التعافي من آثار الجائحة