لم تتمكن الدول الأعضاء في صندوق النقد الدولي مؤخرًا من التوصّل إلى اتفاق بشأن خطة التمويل التي قدّمتها الولايات المتحدة. فاستلزمت الخطة زيادة تمويل صندوق النقد الدولي دون تخصيص حصص إضافية للصين وغيرها من الأسواق الناشئة الرئيسية. ومع ذلك، فقد تعهّدت الدول بزيادة موارد الإقراض بحلول نهاية العام.
ومع اختتام الاجتماعات السنوية لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي في المغرب أمس الأحد، أصدر رئيس اللجنة التوجيهية لصندوق النقد الدولي بيانًا يطلب فيه تقسيم جديد لمساهمات الحصص. فيهدف ذلك إلى الحفاظ على مجموع الموارد الحالي، لا سيّمامع انتهاء ترتيبات الاقتراض الثنائية التي تبلغ قيمتها 185 مليار دولار.
وتشكّل حصص الدول الأعضاء بالنسبة لمساهماتها نحو 40 في المئة من قدرة صندوق النقد الدولي على الإقراض أي حوالي تريليون دولار. فيرى صندوق النقد الدولي أن زيادة نسبة الحصص سيعزز الإقراض مع نمو الصدمات الاقتصادية.
معارضة الصين
حظيت خطة التمويل للخزانة الأميركية بدعم من دول مجموعة السبع والهند وعدد من الأسواق الناشئة. وتنصّ هذه الخطة على تعديل مساهمات الدول بحصص التمويل لتتناسب مع قيمة حصصها الحالية، والتي لم تتغير منذ العام 2010.
فواصلت الصين، التي يبلغ حجم اقتصادها الآن ثلاثة أضعاف حجمه في العام 2010، الضغط من أجل الحصول على المزيد من حصص صندوق النقد الدولي.
وفي بيان ألقاه بان جونج شنج، حاكم مصرف الشعب الصيني، أثناء اجتماع اللجنة الدولية للشؤون النقدية والمالية، عبّر عن رغبة الصين في زيادة الحصص وإعادة تنظيمها. فهذا يعكس بشكل أفضل الوزن النسبي للدول الأعضاء في الاقتصاد العالمي ويعزز قوّة وتمثيل الأسواق الناشئة والدول النامية.
وقد توصّل أعضاء اللجنة الدولية للشؤون النقدية والمالية إلى اتفاق يقضي بتعيين رئيس ثالث يمثل البلدان الأفريقية في المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي. واعتبر هذا عنصرا جذابا في “خطة الحصص المتساوية النسب” التي تدعمها الولايات المتحدة. واعترف بدعم الصين لهذه الإضافة، لكنه أكّد أنها مسألة مختلفة عن مسألة صيغة الحصص.
بالإضافة إلى ذلك، لم يستبعد بيان رئيس اللجنة الدولية للشؤون النقدية والمالية احتمال تبني الاقتراح الأميركي. لكنه أشار إلى أنه قد تكون هناك حاجة إلى “ترتيبات انتقالية”. كما دعا البيان المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي إلى تقديم خيارات لتعديل صيغة توزيع الأسهم بحلول يونيو/حزيران 2025.
فضلًا عن ذلك، فإن هذه الخطوة من شأنها تسريع عملية مراجعة الحصص بعد مرور السنوات الخمس. كما أنها ستلبي طلب مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا جورجييفا بالحفاظ على مصداقية صندوق النقد الدولي.
وصرّح أيضًا مسؤول في الخزانة الأميركية أنه على الرغم من عدم الاتفاق، فقد تم إحراز تقدّم في مسألة الحصص. فكانت الدول تناقش مواقفها بنشاط، وهناك احتمال كبير للتوصل إلى اتفاق بحلول تشرين الأول/أكتوبر.
إقرأ أيضًا: الصين تضخّ أكبر دعم نقدي منذ 2020 لانتشال اقتصادها
التوقعات المستقبلية
وفي بيان لها، سلّطت جورجيفا الضوء على الإجراءات اللازمة للتعافي الاقتصادي العالمي. على الرغم من أن العالم أظهر مرونة ملحوظة، فإن عملية التعافي من تحديات السنوات الأخيرة تمّت بشكل تدريجي وغير متسق. فأكدت على أولويتين، ضرورة الاستثمار في أسس اقتصادية قوية وفي التعاون الدولي.
في بيئة اقتصادية ذات آفاق نمو محدودة، أكّدت جورجيفا على أهمية تنفيذ السياسات والإصلاحات الصحيحة. ويتعين على صناع السياسات في مختلف أنحاء العالم ترسيخأسس اقتصادية متينة من خلال سياسات فعّالة.
وتشمل العناصر الرئيسية لهذا النهج ضمان استقرار الأسعار، مما يغذي النمو ويحمي سلامة الفئات السكانية الضعيفة وخاصة أولئك الذين يعانون من الفقر.
يعدُّ أيضًا الحفاظ على الاستقرار المالي أمرًا بالغ الأهمية، نظرًا للبيئة الحالية التي تعاني من انخفاض أسعار الفوائد.
وبالإضافة إلى هذه السياسات الأساسية، تلعب الإصلاحات التحويلية دورًا حيويًا في تعزيز النمو على المدى المتوسّط. فتشمل الإصلاحات تعزيز الحوكمة لمكافحة الفساد وتبسيط القوانين لتسهيل العمليات التجارية. تشمل الإصلاحات الأخرى تعزيز التجارة والحصول على رأس المال بالإضافة إلى زيادة مشاركة القوى العاملة، وخاصة لدى النساء. ومن الممكن أن يؤدي هذا الإصلاح إلى زيادة مستويات الإنتاج بنسبة تصل إلى 8 في المئة خلال أربع سنوات فقط.
إلى ذلك، شددت جورجيفا ضرورة التعاون العالمي، مؤكدةً على الحاجة إلى بذل الجهود الجماعية. وذكرت أهمية المناخ والتجارة، وهما مجالان ينشط صندوق النقد الدولي بالانخراط والمشاركة فيهما.
كما شددت جورجيفا على قضية الديون، لافتةً إلى أن العديد من الاقتصادات المنخفضة الدخل والناشئة تواجه تحديات مرتبطة بالديون. أكدت أيضًا على الدور الذي تلعبه شبكة الأمان المالي العالمية، حيث يكون صندوق النقد الدولي خطة الأمان أثناء الأزمات.
ونوّهت إلى حاجة صندوق النقد الدولي لتعزيز الموارد والدعم للبلدان ذات الاحتياطيات المالية المنخفضة. وبيّنت أيضًا على أهمية تكييف هيكل المنظمة الإداري لتمثيل التغيرات الاقتصادية العالمية بشكل أفضل.
انقر هنا للاطلاع على المزيد من الأخبار الاقتصادية.