Share

اضطرابات البحر الأحمر تضرب الشحن وترفع الأسعار

تكلفة الشحن ارتفعت 200 في المئة ومن المتوقع أن تتزايد مع تطوّر الصراع
اضطرابات البحر الأحمر تضرب الشحن وترفع الأسعار
أدى تزايد خطر الهجوم إلى قيام شركات الشحن بإعادة النظر في عبور قناة السويس عبر البحر الأحمر

يعدّ البحر الأحمر طريقا حيويا للتجارة بين الشرق والغرب وخاصة تجارة النفط، حيث تصل السفن إلى قناة السويس التي تقع شمال البحر الأحمر وتنتقل منها إلى دول الغرب عبر البحر المتوسط، فيما تعتبر قناة السويس حلقة الوصل البحرية الأقصر والأسرع بين آسيا وأوروبا ويعبر عبرها حوالي 12 في المئة من التجارة العالمية. أما مضيق باب المندب والذي يقع في جنوب البحر الأحمر، ويصل المنطقة بالمحيط الهندي وبحر العرب وتمر عبره 40 في المئة من التجارة الدولية، وبالتالي 52 في المئة من التجارة الدولية أصبحت مهددة بالخطر بسبب الإضرابات الحاصلة في البحر الأحمر.

ويتعرض الشحن البحري، وهو العمود الفقري للتجارة الدولية، لضغوط ناجمة عن عدة أزمات في نقاط تفتيش مختلفة في جميع أنحاء العالم. وأهمها عدم الاستقرار الناجم عن هجمات الحوثيين على السفن في خليج عدن والبحر الأحمر، وهو طريق إلزامي للسفن التي تعبر قناة السويس. ويبدو الآن أن الوصول إلى أحد الشرايين الأكثر أهمية للشحن العالمي أكثر خطورة، مما يثير أسئلة حول جدوى التجارة البحرية في المنطقة.

اقرأ أيضاً: تكاليف الشحن ترتفع بنسبة 250 في المئة مع استمرار الاضطرابات في البحر الأحمر

شركات شحن توقف عبورها من قناة السويس

وأدى تزايد خطر الهجوم بشكل كبير إلى قيام شركات الشحن بإعادة النظر في عبور قناة السويس عبر البحر الأحمر. فبين 15 و19 ديسمبر/كانون الأول 2023، أعلنت 13 شركة شحن عن تعليق رحلاتها من وإلى إسرائيل أو رحلاتها عبر البحر الأحمر. وأدى تغيير شركات الشحن مسارها، إلى زيادة مدة الرحلات وكلفتها.

ارتفاع كلفة ومدة الشحن

حيث ارتفعت تكلفة الشحن 200 في المئة ومن المتوقع أن تتزايد حدّة هذه التكاليف مع تطوّر الصراع في المنطقة. وبحسب بلومبرغ أدت عمليات تحويل مسارات السفن في البحر الأحمر إلى ارتفاع أسعار الشحن الفوري للحاويات بنسبة 173 في المئة. كما يشكل استهداف السفن تهديدا لحركة التجارة والملاحة فكل شيء تقريبا بدءا من تكلفة البنزين إلى أسعار الأجهزة الأمنية يعتمد بشكل كبير على أمن مضيق باب المندب. والضرر الأكبر الذي طال أسعار الشحن يأتي من شركات التأمين التي بدورها رفعت التكلفة على شركات الشحن التي تمر عبر البحر الأحمر، حيث يلعب التأمين على البضائع دورًا كبيرًا في قرار المخاطرة بعبور البحر الأحمر. وشهد المحللون الذين يتابعون التأمين على البضائع زيادة حادة في أسعار التأمين لرحلات البحر الأحمر وباب المندب. وهذه المعدلات، التي تبلغ عادةً 0.6 في المئة من قيمة البضائع على متن السفينة، قد تصل الآن إلى 2 في المئة. وتضيف شركات التأمين على البضائع أيضًا ضريبة إضافية ضد مخاطر الحرب، مما يزيد من سعر شحن البضائع التي تسلك طريق قناة السويس.

تغيير مسار الرحلات

وبالنسبة للرحلات بين أوروبا وآسيا، فإن التحويل إلى رأس الرجاء الصالح يزيد من وقت الشحن بنسبة 30 إلى 50 في المئة. وأدى تغيير المسار، إلى آثار اقتصادية فورية وخلق مشكلات لوجستية متوسطة المدى لشركات الشحن الفردية. فعلى سبيل المثال، بدأت شركة Maersk في إطلاق عمليات تحويل وقائية للسفن تمتد لعدة أشهر في المستقبل. حيث تلقت سفينة Maersk موسكو 409E – التي من المقرر أن تبحر من هولندا إلى ماليزيا اعتبارًا من 12 مارس/آذار 2024 – بالفعل أمر تحويل إلى رأس الرجاء الصالح. والموعد الجديد المتوقع للوصول إلى إندونيسيا هو 8 أبريل/نيسان 2024، وهو أطول بحوالي 17 يومًا من المعتاد.

وعلى الرغم مما سبق وذكر، لم توقف أزمة البحر الأحمر التجارة عبر منطقة البحر الأحمر بالكامل. حيث أن السفن ذات قيمة الشحن المنخفضة، والقدرة على تحمل المخاطر بشكل أكبر، قد أبقت على مسارها الطبيعي للرحلات. ولا تزال البيانات الحية من MarineTraffic تظهر كمية كبيرة – وإن كانت أقل بكثير من المعتاد – من سفن الشحن والناقلات التي تبحر عبر مضيق باب المندب إلى البحر الأحمر وعبر قناة السويس.

ووفقاً لبيانات صندوق النقد الدولي حتى 22 يناير/كانون الثاني 2024، انخفض المتوسط ​​المتحرك لممرات باب المندب لمدة سبعة أيام إلى 46 في المئة مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. وارتفعت حركة مرور قناة السويس بنسبة 63 في المئة مقارنة بالعام السابق، في حين ارتفعت حركة مرور رأس الرجاء الصالح بنسبة 70 في المئة. وتؤدي الزيادة في تحويلات السفن إلى زيادة تكاليف الوقود والعمالة مع تقليل متوسط كمية حركة البضائع التي تصل إلى وجهتها.

البلدان الأكثر تضررا

وتضررت إيرادات قناة السويس المصرية بسبب تحويل مسار السفن. فاعتبارًا من 12 يناير/كانون الأول 2024، انخفضت الإيرادات بنسبة 40 في المئة مقارنة بمستويات 2023. والأسوأ من ذلك بالنسبة للاقتصاد المصري، أن رسوم القناة تُدفع بالعملة الأجنبية، وهو ما تكافح الحكومة للحصول عليه بسبب النمو السريع للتضخم.

تواصل الحكومات في جميع أنحاء العالم الانخراط في الحسابات الدبلوماسية والاستراتيجية التي تخدم مصالحها في مجال الشحن. وتعتمد الهند على قناة السويس لصادراتها إلى البحر الأبيض المتوسط، وهي معرضة بشكل كبير لأزمة البحر الأحمر. وذكرت وزارة التجارة والصناعة الهندية أن حوالي 80 في المئة من إجمالي صادرات السلع إلى أوروبا هي رحلات بحرية عبر منطقة البحر الأحمر. وتشكل الصادرات إلى الاتحاد الأوروبي 15 في المئة من إجمالي صادرات السلع الهندية.

Red Sea

شحن البضائع عالية القيمة vs أقل قيمة

تؤثر عمليات التحويل والزيادات اللاحقة في الأسعار على صناعات الشحن المختلفة بطرق مختلفة. ولا تتأثر ناقلات البضائع السائبة، التي تحمل بضائع أقل قيمة (غالبًا مواد خام)، بنفس الطريقة التي تتأثر بها سفن الشحن، التي تميل إلى نقل بضائع أكثر قيمة. يوفر مؤشر البلطيق الجاف، الذي يتتبع تكلفة نقل المواد الخام المختلفة، نظرة ثاقبة على تأثير تأخيرات الشحن على الاقتصاد الكلي. وبينما ارتفع المؤشر إلى ما يزيد عن 3,000 دولار في أوائل ومنتصف ديسمبر/كانون الأول، انخفضت تكلفة الشحن إلى 1,503 دولارًا اعتبارًا من 22 يناير/كانون الثاني، وهو مستوى طبيعي تقريبًا.

ومن ناحية أخرى، فإن شحن البضائع، الذي ينقل قيمة أكبر من ناقلات البضائع السائبة (وبالتالي، من المرجح أن يتجنب البحر الأحمر) شهد زيادة مستمرة في الأسعار. وقفز مؤشر Drewry’s World Container Index – الذي يتتبع متوسط سعر نقل حاوية بطول 40 قدمًا على متن سفينة شحن – من 1,521 دولارًا/40 قدمًا في 14 ديسمبر/كانون الأول 2023، إلى 3,777 دولارًا/40 قدمًا اعتبارًا من 18 يناير/كانون الثاني 2024. وشهدت الرحلات من آسيا إلى أوروبا، والتي تمر عادة بالبحر الأحمر، أكبر زيادة في الأسعار.

وفي حين أن الشحن عالي القيمة هو الأكثر تأثراً بالتحويلات إلى رأس الرجاء الصالح بسبب الارتفاع الكبير في أسعار التأمين، إلا أن الشحن منخفض القيمة – ناقلات البضائع السائبة – لا يزال يعبر البحر الأحمر. وبالتالي، شهدت أسعار الشحن زيادات مستمرة بالنسبة للبضائع عالية القيمة المحولة، في حين عادت أساساً إلى وضعها الطبيعي بالنسبة لناقلات البضائع السائبة. وإلى ذلك تبقى أزمة البحر الأحمر مرتبطة بمصير الصراع في الشرق الأوسط، الذي وعلى ما يبدو لن ينتهي في وقت قريب.

انقر هنا للاطلاع على المزيد من الأخبار اللوجستية.

مواضيع ذات صلة: