Share

الإمارات “تفوز” على الرياح المعاكسة في 2023 وتخطط لقصة نجاح في 2024 

سبحت الإمارات العربية المتحدة عكس التيار العالمي هذا العام
الإمارات “تفوز” على الرياح المعاكسة في 2023 وتخطط لقصة نجاح في 2024 
حققت الإمارات أرقاماً اقتصادية لافتة وسط أمواج ورياح معاكسة عالمياً

سبحت الإمارات العربية المتحدة عكس التيار العالمي هذا العام، حيث حققت أرقاماً اقتصادية لافتة وسط أمواج ورياح معاكسة عالمياً بفعل سياسة متوازنة كانت ركيزتها عملية التنويع الاقتصادي.  

فالقطاع غير النفطي بات ركيزة أساسية في الناتج المحلي الاجمالي، حيث يدعم النمو الاقتصادي في ظل استثمارات مهمة للدولة في هذا القطاع وفي ومجالي الابتكار والتكنولوجيا، والتي جعلت الدولة تتبوأ مكانة رائدة إقليمياً في مختلف القطاعات.  

ويتوقع البنك الدولي أن يصل نمو الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي للإمارات إلى 4.5 في المئة في عام 2023 وهو معدل تصبو إلى تحقيقه الدول الكبرى لنمو اقتصادهامدفوعاً بالأداء القوي في قطاعات السياحة والعقارات والبناء والنقل والتصنيع، إلى جانب زيادة الإنفاق الرأسمالي.  

وقد انعكس هذا الأمر على نشاط القطاع الخاص غير المنتج للنفط حيث تحسن مؤخراً ليصل إلى أعلى مستوى منذ منتصف 2019، مع زيادة أقوى في مستوى الطلب، بحسب مؤشر مديري المشتريات الصادر عن “إس أند بي“. 

كما أن الثروات تتدفق بقوة الى البلاد بفعل الإصلاحات التي تم إقرارها في سبيل توفير بيئة مؤاتية للأعمال والتي عززت مكانة الإمارات كملاذ آمن للتدفقات الوافدة من رؤوس الأموال والعمالة الأجنبية. وبلغت تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى دبي فقط حوالي 21 مليار درهم (5.7 مليار دولار) خلال النصف الأول من العام الحالي في 511 مشروعا، وبحصة 6.58 في المئة من إجمالي المشاريع العالمية. 

“خلال النصف الأول من العام الجاري احتفظت دبي بمكانتها كأفضل وجهة عالمية لاستقطاب مشاريع الاستثمار الأجنبي المباشر الجديدة”، قال ولي عهد دبي الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم. 

وفي العام الماضي، اجتذبت دولة الامارات استثمارات أجنبية لمشاريع جديدة أكثر من أي مكان آخر باستثناء أميركا وبريطانيا والهند. 

الاستثمار في الطاقة المتجددة 

كما أن جهود الإصلاح المستمرة في الإمارات تدعم تحقيق النمو على المدى المتوسط والتحول السلس في مصادر الطاقة. وهي خطوات منحت الإمارات ميزة استضافة مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناح (كوب 28) وسط تفاؤل من قبل الخبراء في ما يتعلق بمخرجات المؤتمر، خصوصا أنه سيشهد أول تقييم عالمي شامل للتقدم المحرز منذ اعتماد اتفاقية باريس للمناخ عام 2015. 

يذكر أن عدداً غير مسبوق (سيتخطى الـ70 ألفاً) في مؤتمرات كوب السابقة سيكون حاضراً، بينهم البابا فرنسيس والملك تشارلز الثالث إضافة إلى حشد كبير من رؤساء دول وحكومات ووزراء وممثلي منظمات غير حكومية وأصحاب أعمال ومجموعات ضغط وصحافيين.  

وبالأرقام، ضخ جهاز أبوظبي للاستثمار استثمارات في مشاريع للطاقة المتجددة تقدر بحوالي 45 مليار دولار، وتصل قدرتها الإنتاجية لأكثر من 40 غيغاوات أو ما يكفي لتزويد 17 مليون منزل بالطاقة النظيفة. كما خصصت الإمارات نحو 36 مليار دولار من استثماراتها بالخارج لمشاريع الطاقة المتجددة في 2022 وحدها، وهي تعتزم استثمار 160 مليار دولار إضافية خلال السنوات الثلاثين المقبلة في قطاع الطاقة المتجددة لتحقيق الحياد المناخي. 

مصارف متينة 

ويشبه محللون دولة الامارات بسنغافورة، حيث تعتبر ملاذاً لمنطقتها، وان اقتصادها يحتل المراكز الاولى بنمو قوي تخطى الـ3.5 في المئة، وتضخم منخفض ومشاريع عديدة متنامية أعادت البلاد إلى قمة المنطقة واكبتها متانة مصرفية لافتة عبرّ عنها أداء قياسي في نتائج المصارف.  

وبحسب “ألفاريز أند مارسال”،  حققت المصارف الإماراتية أداء قوياً في الربع الثالث من العام الحالي، مع ربحية مدفوعة بشكل رئيسي بزيادة الدخل من غير الفوائد وتراجع مخصصات انخفاض القيمة. 

وتتوقع وكالة “فيتش” للتصنيف الائتماني أن تسجّل المصارف في الإمارات أداءً قياسياً في 2023، بعد أن بلغ صافي الأرباح المجمعة النصف سنوية التي أعلنتها المصارف المصنفة من قبل الوكالة (والتي شكّلت 96 في المئة من أصول القطاع المصرفي بالدولة) 38 مليار درهم، وهو ما يعني تحقيق عائد سنوي قوي على متوسط حقوق المساهمين بنسبة 20.3 في المئة مقارنة بـ14.5 في المئة في عام 2022. 

وبحسب آخر الأرقام المتوفرة، ارتفع صافي أرباح 13 مصرفاً إماراتيا مدرجاً في أسواق المال الإماراتية، إلى 50.5 مليار درهم (13.7 مليار دولار) خلال التسعة أشهر الأولى من العام الجاري. 

اقرأ أيضا: كوب28: الشيخ محمد بن راشد يعلن رؤية جديدة لـ إكسبو دبي أساسها الاستدامة

دروس 

لا شك أن الامارات قد تكون مثالاً لدول أخرى تصبو الى النجاح بمشاريع ومبادرات شكلت قصص نجاحات عالمية ومصدر إلهام الملايين في اقتناص الفرص من التحديات. فهي دولة عرفت كيف تستفيد من كافة الظروف وأن تستغل نقاط قوتها. لقد وضعت استثمارات كبيرة في مجال الذكاء الاصطناعي والاقتصاد التقني لأنها عرفت أنه سيكون المستقبل. ويعتقد بعض الخبراء اليوم أن الإمارات قد تكون ثالث أهم دولة في مجال الذكاء الاصطناعي، بعد الولايات المتحدة والصين.  

كما ضاعفت القيادة من أهمية المركز التجاري للبلاد على مفترق طرق بين افريقيا وآسيا وأوروبا من خلال بناء مؤسسات الحكم الرشيد، فبنت قاعدة موانىء مهمة مثيرة للإعجاب سمحت لشركةموانئ دبي العالمية أن تتعامل مع حوالي عُشر إجمالي حركة حاويات الشحن العالمية.  

وأضافت الى ذلك شراكات اقتصادية شاملة مع العديد من الدول فتحت لها آفاقاً جديدة من الفرص أمام المصدرين والمستثمرين ورواد الأعمال. 

والشراكة الاقتصادية الشاملة” هو برنامج يعتبر أحد العناصر الرئيسة ضمن مشاريع الخمسين التي أُطلقت في سبتمبر (أيلول) 2021 لتعزيز مكانة دولة الإمارات كوجهة عالمية مفضلة للتجارة والأعمال والاستثمارات. وحتى اليوم، وقّعت الامارات مع 7 دول، في حين وصلت المفاضوات لمراحل متقدمة من أجل إبرام اتفاقيات مماثلة مع 12 دولة أخرى. 

وتأمل الامارات أن ستسهم هذه الشراكات في دعم تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة والمساهمة في تحقيق استهداف الإمارات  لاستقطاب 150 مليار دولار من هذه الاستثمارات بحلول عام 2031. 

المواهب 

لقد رحبت الامارات بالمواهب الأجنبية حيث تركز على جعل نفسها مكانًا أكثر جاذبية للعيش وممارسة الأعمال التجارية، فوضعت سلسلة من الحوافز التي تمهد الطريق لهدفها هذا، ومن بينها لرامج التأشيرات فرص العمال الأجانب للعيش والعمل في البلاد، وبرنامج التأمين ضد البطالة 

وبحسب تصنيف IMD World Talent لعام 2023، تصدرت الإمارات العالم العربي لجذب المواهب والاحتفاظ بها. واحتلت الامارات المرتبة 22 بين 64 اقتصادًا بفضل زيادة درجات جودة الحياة ومكافآت الإدارة والبنية التحتية الصحية وجودة التعليم ونمو القوى العاملة، وفقًا لمؤشر مركز التنافسية العالمي. 

تحديات العام 2024 

تظــل آفاق الاقتصاد العالمي معرضة لتزايد أجواء عدم اليقين. فمن شأن تراجع الطلب على النفط وانخفاض مستويات التجارة والسياحة العالمية نتيجة تباطؤ النمو العالمي، أو ارتفاع أسعار الفائدة لمــدة أطول، أو تشديد الأوضاع المالية، أو التطورات الجغرافية-السياسية أن تؤثــر سلبا على النمو وتفرض ضغوطاً على أرصدة المالية العامة والحساب الخارجي.  

يقول صندوق النقد الدولي في تقييمه للاقتصاد الإماراتي، إن هوامش الأمان المالي الكافية تساعد على التخفيف من حدة المخاطر. ويرى أن الجهود الجارية لإعطاء دفعة للتوظيف في القطاع الخاص، وزيادة تطوير سوق رأس المال المحلية، والاستفادة من التجارة والاستثمار في المبادرات الرقمية والخضراء في الإمارات، سوف تساهم في إحراز مزيد من التقدم نحو تنويع الاقتصاد ورفع النمو على المدى المتوسط. كما أنه من شأن البناء على الانجازات التي تحققت في جمع البيانات الاقتصادية وتبادلها ونشرها أن يدعم هذه الجهود. 

مؤخراً، رسمت الإمارات خريطة طريق اقتصادية لمواصلة تعزيز أدائها الاقتصادي وبناء اقتصاد نشيط بالاعتماد على ما تمتلكه البلاد من إطار تشريعي مرن وبنية لوجستية متطورة بهدف أن تكون في مقدمة الاقتصادات العالمية وهو ما سيكون محور متابعة في المستقبل. 

انقر هنا للاطلاع على المزيد من أخبار الاقتصاد.