Share

البنك الدولي يتوقع ارتفاع معدل النمو في دول الخليج إلى 3.6 في المئة في 2024 و3.8 في المئة في 2025

توقعات بتباطؤ نمو الاقتصاد العالمي إلى 2.4 في المئة في 2024
البنك الدولي يتوقع ارتفاع معدل النمو في دول الخليج إلى 3.6 في المئة في 2024 و3.8 في المئة في 2025
يمكن للإصلاحات الهادفة تدعيم الاستثمارات وتعزيز سياسات المالية العامة المساعدة على تحسين الأوضاع

أدى الصراع في الشرق الأوسط إلى زيادة حالة عدم اليقين بشأن توقعات النمو في المنطقة. وبافتراض عدم تصاعد الصراع، يتوقع أحدث تقرير لمجموعة البنك الدولي حول الآفاق الاقتصادية العالمية أن يزيد معدل النمو في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى 3.5 في المئة في العامين 2024 و2025. وتم تعديل التنبؤات بالزيادة، مقارنة بما كان متوقعا في يونيو/حزيران، مما يعكس معدلات نمو أقوى من المتوقع في البلدان المصدرة للنفط، ويدعم ذلك انتعاش النشاط النفطي. ومن المتوقع أن يرتفع معدل النمو في دول مجلس التعاون الخليجي ليبلغ 3.6 في المئة في 2024 و3.8 في المئة في 2025.

وبحسب التحليل، توقع البنك الدولي أن تشهد الإمارات العربية المتحدة نموًا حقيقيًا في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 3.4 في المئة في العام 2023. ومن المرجح أن يستمر هذا النمو ليبلغ 3.7 في المئة في العام 2024 و3.8 في المئة في العام 2025.

وفي المملكة العربية السعودية، من المتوقع أن ينتعش النمو بسبب زيادة إنتاج النفط وصادراته، على الرغم من تمديد الخفض الطوعي في إنتاج النفط إلى هذا العام. وعلى مستوى البلدان الأخرى المصدرة للنفط، مثل الجزائر والعراق، من المتوقع أن تسهم زيادة الإنتاج في أوائل العام 2024 في تسريع وتيرة النمو.

إلى ذلك، من المتوقع أن ينمو الاقتصاد القطري بنسبة 2.5 في المئة في العام الحالي، بنسبة 3.1 في المئة في العام المقبل. ويُقدّر أن ينمو اقتصاد سلطنة عُمان بنسبة 2.7 في العام 2024 و2.9 في المئة في العام 2025.

وفي البلدان المستوردة للنفط، من المتوقع أن يرتفع معدل النمو ليصل إلى 3.2 في المئة هذا العام و3.7 في المئة في العام 2025. وسيرتفع معدل النمو في بعض البلدان، لا سيما في جيبوتي والمغرب وتونس، لكن البلدان القريبة من الصراع ستكون أكثر تضررا. وفي مصر، سيؤدي الصراع على الأرجح إلى تفاقم مشكلة التضخم، وتقييد نشاط القطاع الخاص، وزيادة الضغوط على حسابات المعاملات الخارجية بسبب تراجع عائدات السياحة وتحويلات المصريين في الخارج. كما سيؤثر الصراع سلبا على قطاع السياحة في الأردن.

ولا تزال الآفاق الاقتصادية للضفة الغربية وقطاع غزة يكتنفها قدر كبير من عدم اليقين، حيث من المتوقع أن ينكمش النمو بنسبة 6 في المئة في العام 2024، بعد انكماشه بنسبة 3.7 في المئة في العام 2023. وسيؤدي الدمار الهائل للأصول الثابتة في غزة إلى انكماش كبير للنشاط الاقتصادي. كما سيؤدي الصراع الدائر إلى تفاقم الأوضاع الاقتصادية المتردية بالفعل في الضفة الغربية. وإذا هدأت حدة الصراع، فمن المتوقع أن تسهم جهود إعادة الإعمار في انتعاش النمو ليصل إلى 5.4 في المئة في العام 2025.

تباطؤ في النمو العالمي

من المتوقع أن يسجل الاقتصاد العالمي معدلات تدعو للأسف في نمو إجمالي الناتج المحلي بنهاية العام 2024، هي الأدنى والأبطأ في فترة 5 سنوات على مدى 30 عاماً.

فمن ناحية، يجد التقرير أن الاقتصاد العالمي في وضع أفضل مما كان عليه قبل عام واحد. فقد تراجعت مخاطر حدوث ركود عالمي، ويرجع ذلك بقدر كبير إلى قوة الاقتصاد الأميركي. في المقابل، يمكن للتوترات الجيوسياسية المتصاعدة أن تولّد أخطاراً جديدة تواجه الاقتصاد العالمي على المدى القريب.

وبالتوازي، أضحت الآفاق متوسطة الأجل قاتمة بالنسبة للعديد من الاقتصادات النامية في ظل تباطؤ معدلات النمو في معظم الاقتصادات الكبرى، بالإضافة إلى تباطؤ التجارة العالمية، وأكثر الأوضاع المالية تشديدا منذ عقود من الزمان.

ومن المتوقع ألا يتجاوز نمو التجارة العالمية في عام 2024 نصف المتوسط في السنوات العشر التي سبقت جائحة كورونا. وفي الوقت نفسه، من المرجح أن تظل تكاليف الاقتراض بالنسبة للاقتصادات النامية – وخاصة تلك التي تعاني من ضعف التصنيف الائتماني – مرتفعة مع بقاء أسعار الفائدة العالمية عند أعلى مستوياتها على مدى 40 سنة بعد استبعاد أثر التضخم.

من المرجح كذلك أن يشهد النمو العالمي تباطؤاً للعام الثالث على التوالي من 2.6 في المئة في العام الماضي إلى 2.4 في المئة في العام 2024، أي أقل بنحو ثلاثة أرباع نقطة مئوية عن المتوسط السائد في العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين.

أما الاقتصادات النامية، فمن المتوقع أن تنمو بنسبة 3.9 في المئة فقط، وهو معدل أقل من المتوسط الذي تحقق في العقد السابق بأكثر قليلا من نقطة مئوية واحدة.

وعقب أداء مخيب للآمال في العام الماضي، تتوقع الورقة البحثية أن تحقق البلدان منخفضة الدخل معدلات بنسبة 5.5 في المئة، وهي معدلات أقل من المتوقع في السابق.

وبنهاية العام 2024، سيظل الناس في بلد واحد من كل 4 بلدان نامية ونحو 40 في المئة من البلدان منخفضة الدخل أكثر فقراً مما كانوا عليه قبل تفشي جائحة كورونا في العام 2019. أما في الاقتصادات المتقدمة، فمن المتوقع أن يتباطأ معدل النمو إلى 1.2 في المئة هذا العام انخفاضا من 1.5 في المئة في 2023.

اقرأ أيضاً: هل يكون الاقتصاد العالمي في 2024 مشابهاً لما اختبرناه هذا العام؟

تصحيح رئيسي للمسار

وتعليقًا على مخرجات التقرير، قال إندرميت جيل، رئيس الخبراء الاقتصاديين بمجموعة البنك الدولي والنائب الأول للرئيس: “ما لم يحدث تصحيح رئيسي للمسار، ستكون السنوات العشر من 2020 إلى 2030 عقدا من الفرص الضائعة، وسيظل النمو ضعيفا على المدى القريب، وسيؤدي ذلك إلى حدوث ارتباك في العديد من البلدان النامية، لا سيما الأشد فقرا منها، وستؤدي معدلات الديون العالية إلى غل قدرات هذه البلدان، بل سيكون من الصعب للغاية توفير الغذاء لواحد من كل ثلاثة أشخاص تقريبا. وسيعرقل ذلك إحراز تقدم في سبيل الوفاء بالعديد من الأولويات العالمية. لكن لا تزال هناك فرص لتغيير الوضع”.

وأضاف جيل: “يعرض هذا التقرير طريقا واضحا للمضي قدما، فهو يحدد التحول الذي يمكن تحقيقه إذا تحركت الحكومات الآن لتسريع وتيرة الاستثمارات وتعزيز أطر سياسات المالية العامة”.

الحاجة لتحقيق زيادة في الاستثمارات

ويقترح التقرير أنه على البلدان النامية تحقيق زيادة هائلة في الاستثمارات بنحو 2.4 تريليون دولار سنوياً، وذلك للتصدي لتغير المناخ وتحقيق الأهداف الإنمائية العالمية الرئيسية الأخرى بحلول العام 2030. ويرى البنك أنه بدون حزمة شاملة من السياسات، لن تكون الآفاق واعدة لتحقيق هذه الزيادة. ومن المتوقع أن يبلغ متوسط نصيب الفرد من نمو الاستثمارات في الاقتصادات النامية بين العامين 2023 و2024 نحو 3.7 في المئة فقط، وهو ما يزيد قليلا عن نصف المعدل السائد في العقدين السابقين.

ويوفر هذا التقرير أول تحليل عالمي لما يتطلبه تحقيق طفرة استثمارية مستدامة، بناءً على تجارب 35 اقتصاداً متقدماً و69 اقتصاداً نامياً على مدى السبعين عاماً الماضية. ويخلص البحث إلى أن الاقتصادات النامية غالباً ما تجني مكاسب اقتصادية غير متوقعة عندما تعمل على تسريع وتيرة نمو نصيب الفرد من الاستثمارات إلى 4 في المئة على الأقل وتحافظ على هذا المعدل لمدة 6 سنوات أو أكثر، وهنا تتسارع وتيرة التقارب مع مستويات الدخل في الاقتصادات المتقدمة، ويتراجع معدل الفقر بسرعة أكبر، ويتضاعف نمو الإنتاجية بمعدل أربع مرات. وتظهر منافع أخرى أيضا خلال هذه الفترات، على سبيل المثال، تتراجع معدلات التضخم، ويتحسن المركزان المالي والخارجي، وتتوفر خدمات الإنترنت للناس بوتيرة سريعة.

القدرة التحولية لطفرات الاستثمار

وفي هذا الإطار، قال أيهان كوسي نائب رئيس الخبراء الاقتصاديين ومدير مجموعة آفاق التنمية بالبنك الدولي “يمكن أن تحقق طفرات الاستثمار تحولاً في الاقتصادات النامية وتساعد على تسريع وتيرة التحول في استخدام الطاقة، فضلا عن تحقيق مجموعة متنوعة وواسعة من الأهداف الإنمائية . ولتحقيق هذه الطفرات، على الاقتصادات النامية تنفيذ حزم شاملة من السياسات لتحسين أطر سياسات المالية العامة والسياسات النقدية، وزيادة معدلات التجارة والتدفقات المالية العابرة للحدود، وتحسين مناخ الاستثمار، وتدعيم جودة المؤسسات. وهذا عمل شاق، لكن العديد من الاقتصادات النامية تمكنت من القيام به من قبل”.

وأضاف: “سيساعد القيام بذلك مرة أخرى على التخفيف من التباطؤ المتوقع في النمو المحتمل في المدة المتبقية من هذا العقد من الزمان”.

تحديات الاقتصاد العالمي بالنسبة للبلدان النامية

وتحدد النسخة الأحدث من تقرير الآفاق الاقتصادية العالمية أيضاً ما يمكن أن يفعله ثلثا البلدان النامية – وخاصة البلدان المصدرة للسلع الأولية – لتجنب دورات الانتعاش والكساد. وتخلص الدراسة إلى أن الحكومات في هذه البلدان غالباً ما تعتمد سياسات مالية عامة تزيد من حدة نوبات الانتعاش والكساد. فعندما تؤدي الزيادة في أسعار السلع الأولية إلى زيادة معدلات النمو بمقدار نقطة مئوية واحدة، على سبيل المثال، تقوم الحكومات بزيادة الإنفاق بطرق تعزز معدلات النمو بمقدار 0.2 نقطة مئوية إضافية.

وبصورة عامة، في أوقات اليسر، تتجه سياسة المالية العامة إلى زيادة النشاط الاقتصادي بأكثر من اللازم. وفي أوقات الشدة، تعمل على زيادة حالة الركود. وهذه “المسايرة لاتجاهات الدورات الاقتصادية” أشدة قوة بنسبة 30 في المئة في الاقتصادات النامية المصدرة للسلع الأولية مقارنة بالاقتصادات النامية الأخرى. وجرت العادة أن تكون سياسات المالية العامة أكثر تقلبا في هذه الاقتصادات بنسبة 40 في المئة مقارنة بالاقتصادات النامية الأخرى.

زيادة نمو نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي

وبحسب التقرير، ينتج عن عدم الاستقرار المرتبط بزيادة معدل المسايرة لاتجاهات الدورات الاقتصادية وتقلبات سياسات المالية العامة إلى معوقات مزمنة في آفاق النمو في الاقتصادات النامية المصدرة للسلع الأولية. ومن الممكن التقليل من آثار هذه المعوقات من خلال تطبيق إطار مالية عامة يساعد على ضبط الإنفاق الحكومي. كما من خلال اعتماد أنظمة مرنة لسعر الصرف واجتناب القيود على حركة رأس المال الدولي.

وفي المتوسط، يمكن لهذه التدابير على صعيد السياسات أن تساعد البلدان النامية المصدرة للسلع الأولية على زيادة نمو نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي بما يصل إلى نقطة مئوية واحدة كل 4 أو 5 سنوات. وبإمكان البلدان الإفادة من إنشاء صناديق الثروات السيادية وغيرها من احتياطيات الأيام العصيبة التي يمكن تعميمها بوتيرة سريعة في حالات الطوارئ.

انقر هنا للاطلاع على المزيد من الأخبار الاقتصادية.