شكّل إعلان شركة التعدين السعودية “معادن” عن اكتشاف كميات هائلة من الذهب بطول 125 كم جنوبي منجم منصورة ومسرة للذهب، في منطقة مكة المكرمة، مفاجأة سارة ضخمة للاقتصاد السعودي، ختمت عبرها المملكة عاما كان حافلا بالنجاحات الاقتصادية.
أول استكشاف ضمن برنامج الاستكشاف المكثّف
وبحسب بيان الشركة، فهذا يعد أول اكتشاف ضمن برنامج الاستكشاف المكثف في “معادن” والذي أطلق في عام 2022 ويهدف إلى بناء خط إنتاج معادن. ورفعت الشركة توقعاتها بأن تصبح المنطقة “حزام ذهب” رئيسي بمقاييس عالمية في السعودية. حيث أن الموارد متاحة في العمق وعلى طول المنطقة تنبئ بوفرة في حجم الثروات بالمنجم، مع إمكانية إطالة عمر المنجم بالتطوير تحت الأرض.
وتعدّ هذه الاكتشافات، بحسب روبرت ويلت، الرئيس التنفيذي لشركة معادن، دليلاً مهماً على الإمكانات غير المستغلة للثروات المعدنية بالسعودية، كما انها تدعم التنوع في مصادر الدخل بما يتوافق مع رؤية 2030 وترسيخ التعدين كركيزة ثالثة للاقتصاد السعودي.
اقرأ أيضاً: السعودية ستصبح ثالث منتج للفوسفات في العالم ومشروع جديد بـ33 مليار ريال
أهميّة اقتصادية كبرى
وهو ما يتوافق ومستهدفات المملكة لقطاع التعدين، حيث سبق أن كشف وزير الصناعة والثروة المعدنية في السعودية، بندر الخريف، أن “المملكة رفعت مستهدف مساهمة قطاع التعدين في ناتجها المحلي الإجمالي إلى ما يتراوح بين 70 و80 مليار دولار بحلول العام 2030”.
وكانت رجّحت تقديرات سابقة إلى أن مساهمة قطاع التعدين في الناتج المحلي الإجمالي في السعودية سيبلغ 64 مليار دولار بحلول العام 2030.
وبيّن الخريف خلال جلسة على هامش المؤتمر الاقتصادي السعودي العربي الأفريقي، أن المملكة ستحدّث توقعاتها بشأن حجم احتياطات المعادن البالغ حالياً 1.3 تريليون دولار، في يناير/كانون الثاني المقبل، كاشفاً عن “العمل على المزيد من المسح الجيولوجي للمملكة”.
وبحسب البيانات الرسمية السعودية، فان قطاع التعدين في السعودية، حقق إيرادات قياسية خلال عام 2023 تجاوزت 1.5 مليار ريال.
جهود تطوير قطاع التعدين في السعودية
وعليه، تستمر السعودية في جهودها لتطوير قطاع التعدين وتوسيع آفاق التعاون في هذا الإطار مع دول الخارج. وكان قد أعلن وزير الصناعة الإيطالي أدولفو أورسو، في وقت سابق إن “بلاده تناقش مع السعودية إقامة استثمارات مشتركة في قطاعات السيارات والتعدين والنفط والغاز والدفاع والهيدروجين والفضاء”.
وفي السياق نفسه، أعلنت وزارة الصناعة والثروة المعدنية السعودية أن “وزير الصناعة الياباني سايتو كين وقع مع وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي مذكرة تعاون بين الوزارتين، وذلك في مجال التعدين والموارد المعدنية”.
تعزيز الانفاق
وقد يفسح الاكتشاف الجديد لكميات الذهب في السعودية، إلى تحقيق المملكة المزيد من الأرباح والايرادات لخزينة الدولة، ما سيسمح لها بزيادة نفقاتها في مشاريع استثمارية وتطويرية، ويعوّد الخسائر التي تتكبّدها من تخفيض انتاجها النفطي. حيث تعتزم المملكة تعزيز الإنفاق مع مضيها بخطى حثيثة في مشروعات ضخمة تدعم اقتصادها غير النفطي. فقد حققت السعودية في العام الماضي نمواً كان من أعلى معدلات النمو بين دول مجموعة العشرين وأول فائض في موازنتها منذ عقد تقريبا. لكن منذئذ، أثر انخفاض إنتاج النفط ونزول أسعاره على اقتصادها، وبلغ نمو الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي نحو 5.9 في المئة في عام 2023 بما يفوق أداء الاقتصاد العام بشكل كبير.
وبالعودة على الاكتشاف الذي حققته معادن، ذكر البيان الصادر عن الشركة أن نتائج التنقيب تشير إلى أن الموارد متاحة في عمق منجم منصورة ومسرة، تنبئ بوفرة في حجم الثروات، وأفاد، أن حجم الموارد من الذهب في المنجم تبلغ نحو سبعة ملايين أوقية في نهاية عام 2023 مع قدرة إنتاجية تبلغ 250 ألف أوقية سنوياً.
وقال الرئيس التنفيذي لشركة “معادن” روبرت ويلت، إن هذا الاكتشاف لمنطقة الذهب الجديدة يعد دافعاً نحو اكتشافات لحمى الذهب في العالم وجزءاً رئيسياً من استراتيجية الشركة للنمو. وأفاد، أن هذا الاكتشاف هو الأول من بين العديد من الاكتشافات التي من المتوقع تحقيقها في السنوات القادمة. وأضاف أن الشركة، في العام الماضي شرعت في أحد أكبر برامج الاستكشاف في العالم.
أهمية امتلاك الدول مخزون ذهب
وهنا تجدر الإشارة إلى أنّ المعادن النفيسة، وبالأخص الذهب، هي أساس للثروة الحقيقية ومن ثم يكون المظهر الحقيقي لغنى الدولة هو مراكمة هذا المعدن لديها.
ورغم أن الذهب لم يعد يلعب دورا مباشرا في النظام النقدي الدولي، فإن المصارف المركزية والحكومات عبر أنحاء العالم تسعى إلى الاحتفاظ بكميات ضخمة منه للحماية من عدم الاستقرار الاقتصادي، وذلك نظرا لأن أداء الذهب يتسم بتقلبات أقل مقارنة بغيره من السلع الفردية والأسهم التجارية والعملات. كما يمثل الذهب أهمية كبيرة للدول في أوقات الحرب والنزاعات. ويساعد في تقليل الآثار الاقتصادية.
في المحصّلة، نستنتج أنّ المسوحات والاستكشافات للمعادن النفيسة التي تقوم بها السعودية، ستعود عليها بفائدة اقتصادية ضخمة، ان عبر استخدامها في التعدين وبالتالي رفع إيرادات الدولة، أو عبر تخزينها لضمان الاستقرار الاقتصادي.
وإذا ما استمرت المسوحات، ومعها اكتشافات الذهب، قد تبقى السعودية في مرتبة الصدارة بين الدول العربية من حيث احتياطاتها من الذهب، وتتقدم في ترتيبها العالمي على قائمة الـ20 دولة التي تمتلك اكبر احتياطات الذهب حول العالم، من المرتبة 16 إلى مراتب أعلى.
انقر هنا للاطلاع على المزيد من أخبار قطاع التصنيع.