في سبيل تنويع اقتصادها وتحقيق الاستدامة على المدى الطويل، تُولي الحكومة السعودية اهتمامًا كبيرًا لجذب الاستثمار الأجنبي إلى البلاد. حيث أن انفتاح المملكة على استقبال الاستثمار الأجنبي أتى بعد سلسلة من الإصلاحات الاقتصادية التي تم إطلاقها في السنوات الأخيرة، بعد تبني رؤية المملكة 2030 التي تهدف إلى تنويع الاقتصاد والتحول من اعتماد النفط إلى الاعتماد على القطاعات الأخرى مثل السياحة والصناعة والتقنية. والسعودية تخطط لأن تكون قوة استثمارية عالمية ومركزاً رائداً للأعمال، كما تهدف لتكون عاصمتها الرياض من أكبر 10 اقتصادات بين مدن العالم، ولهذا رأيناها تُدخل تعديلات قانونية واسعة على قوانين الاستثمار والعمل والقضاء والسياحة والعقار.
الإصلاحات السعودية
ومن الإصلاحات التي سمحت للمملكة بجذب الاستثمارات الأجنبية نذكر تبني السعودية قوانين وسياسات تهدف إلى تسهيل إجراءات الاستثمار وتحسين بيئة الأعمال، وذلك لتعزيز بيئة الاستثمار وتطوير القطاع الاقتصادي. وبتسهيل الإجراءات وربط الجهات الحكومية ببعضها إلكترونيًا أصبح من اليسير اتباع إجراءات واضحة ومحددة وتقديم الطلبات إلكترونيًا دون الحاجة لمراجعة الجهات في كل خطوة، كما لم تهمل المملكة جانب الحماية القانونية للمستثمرين.
وقد أعلنت الحكومة السعودية سابقاً عن خطة لتحفيز القطاع الخاص بـ72 مليار ريال سعودي (19.2 مليار دولار)، وذلك مساهمة القطاع الخاص من 40 في المئة من الناتج المحلي إلى نسبة 65 في المئة بحلول العام 2030.
كما قامت السعودية بالطلب من الشركات الأجنبية في المنطقة نقل مقارها الرئيسية إلى داخل المملكة ضمن مهلة زمنية محددة، فيما لو أرادت تلك الشركات الحصول على عقود حكومية.
من هنا، جاء إعلان الحكومة السعودية منع التعاقد مع أي شركة أو مؤسسة تجارية أجنبية لها مقر رئيسي إقليمي خارج المملكة اعتبار من العام 2024.
التحفيزات السعودية للشركات
في المقابل، أعطت الحكومة السعودية حزمة تحفيزات للشركات الأجنبية للانتقال للمملكة، ومنها رفع حجم فرص الاستثمار للشركات الأجنبية خلال السنوات الأخيرة والتي بلغت خلال الربع الثاني من العام 2021 نحو 13 مليار دولار.
ومع دخول تشريعات تُسهّل الاستثمار في المملكة، مقارنة بالسنوات السابقة، أصبحت إجراءات طلب الحصول على ترخيص الاستثمار الأجنبي أسهل وأسرع. إذ تمّت أتمتة هذه العملية وباتت تتم إلكترونياً بالكامل وفي مدة زمنية تتراوح بين يوم الى ثلاثة أيام إذا كانت المستندات مكتملة وفقا للمتطلبات.
كما يمكن للشركات الأجنبية تحديد شكل كيانها القانوني، بين أن تكون شركة ذات مسؤولية محدودة أو شركة مساهمة أو فرع للشركة الأجنبية.
السعودية سمحت للمستثمر الأجنبي في السنوات الأخيرة بالحصول على ترخيص استثمار لممارسة التجارة بنسبة 100 في المئة من دون الحاجة إلى وجود شريك سعودي، بشرط ألا يقل رأس المال عن 30 مليون ريال (8 ملايين دولار).
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للمستثمر الأجنبي الحصول على شهادة مؤقته مدتها سنة بلا رسوم، للمشاركة في منافسات المشاريع الحكومية (كالمناقصات والعطاءات). وفي حال رسي المشروع عليه، يستطيع الحصول على ترخيص استثمار أجنبي.
ومن التسهيلات التي قدمتها السعودية في قوانين الاستثمار الأجنبي، الحصول على الإقامة المميزة والتي تمكّن المستثمر الأجنبي الحصول على ترخيص الاستثمار مباشرة من دون الحاجة إلى وجود نشاط كيان قانوني خارج المملكة.
عوامل جذب الاستثمار الأجنبي
ومن عوامل جذب الاستثمار الأجنبي إلى السعودية نذكر: إنشاء مدن ومناطق اقتصادية تحكمها قوانين وتشريعات خاصة، وتقديم إعفاءات جمركية كبيرة للمستثمرين، ووضع تسهيلات في البنية التحتية والتملك وإصدار التراخيص، وتيسير استقدام العمالة، وتمكين الطاقة وتوفيرها بما يخدم مناخ التصنيع، وتمويل التأمين للصادرات والائتمان، وتقديم الإعفاءات الضريبية، وتحفيز النظام البيئي للمستثمرين، وتقديم حوافز مالية وتنظيمية، ومشاركة الدولة في المشاريع.
كما تتمتع السعودية باقتصاد قوي متنامي، حيث يبلغ الناتج المحلي الإجمالي للمملكة أكثر من 800 مليار دولار أميركي، وينمو الاقتصاد السعودي بمعدل نمو سنوي متوسط يبلغ حوالي 3 في المئة. وتقع المملكة في قلب العالم العربي، مما يجعلها بوابة للتجارة والاستثمارات بين الشرق والغرب. وتمتلك السعودية سوقًا كبيرًا وواعدًا، حيث يبلغ عدد سكان المملكة أكثر من 35 مليون نسمة، ويبلغ متوسط الدخل الفردي في المملكة حوالي 29.89 ألف ريال سعودي. كما تمتلك السعودية بنية تحتية متطورة، بما في ذلك شبكة من الطرق السريعة والسكك الحديدية والمطارات.
اقرأ أيضا: الاستثمارات الأجنبية في السعودية تقفز 300 في المئة وتقترب من الـ100 مليار دولار
تراخيص لـ15 شركة محاماة أجنبية
وكانت قد أعلنت وزارة العدل السعودية، منح الترخيص لـ15 شركة محاماة أجنبية ودراسة 15 طلباً آخر لمزاولة مهنة المحاماة في السعودية.
وأوضحت وزارة العدل السعودية، أن التراخيص ممنوحة لعدة شركات من بعض الدول، مثل: الولايات المتحدة والمملكة المتحدة. ويأتي ذلك بهدف رفع وتطوير مهنة المحاماة، ورفع كفاءة مزاوليها، وتحسين بيئة الأعمال والاستثمار في السعودية.
الاستثمارات الاجنبية في القطاع الصناعي
كما كشفت وزارة الصناعة والثروة المعدنية في السعودية، عن حجم الاستثمارات الأجنبية والمشتركة في القطاع الصناعي التي تبلغ أكثر من 542 مليار ريال، وهو ما يشكل 37 في المئة من إجمالي حجم استثمارات القطاع، و17 في المئة من إجمالي عدد المصانع القائمة حتى شهر مايو الجاري 2023.
وأوضحت الوزارة أن عدد المصانع ذات الاستثمار الأجنبي في المملكة بلغ 930 مصنعا، تمثل 9 في المئة من إجمالي عدد المصانع، باستثمارات تجاوزت 71 مليار ريال.
فيما بلغ عدد المصانع ذات الاستثمار المشترك 924 مصنعًا، تشكل 8 في المئة من إجمالي المصانع، وباستثمارات تقدر بأكثر من 470 مليار ريال، فيما وصل إجمالي عدد المصانع في القطاع الصناعي حتى شهر مايو الجاري 10.910 مصانع، بحجم استثمارات وصل إلى أكثر من 1.455 تريليون ريال، نقلاً عن وكالة الأنباء السعودية “واس”.
زيادة في تدفق رؤوس الأموال
وقد أدى هذا الاهتمام المتزايد بالاستثمار الأجنبي إلى زيادة واضحة في تدفق رؤوس الأموال إلى السعودية، ففي السنوات الأخيرة، شهدت المملكة نموًا كبيرًا في عد الشركات الأجنبية المسجلة والمشاريع المشتركة مع الشركات السعودية، وقد ساهم الاستثمار الأجنبي في تعزيز التوازن الاقتصادي وتعزيز التحول الاقتصادي في السعودية.
وقفزت الاستثمارات الأجنبية في السوق السعودية منذ عام 2018 حتى نهاية عام 2022، بنسبة 300 في المئة، لتصل إلى 347 مليار ريال (92.52 مليار دولار) نهاية العام الماضي، بما يعادل 14.2 في المئة من قيمة الأسهم في السوق الرئيسية.
وتضاعفت قيمة ملكية الأجانب في السوق المالية السعودية 3 مرات في 5 سنوات، بدعم التسهيلات والإجراءات التي تسمح للأجانب بالاستثمار في أدوات الدين وسوق الصكوك، وذلك بحسب بيان صادر عن هيئة السوق المالية السعودية.
وسجّل الأجانب تدفقات مالية وافدة إلى السوق في النصف الأول من الشهر الجاري، بعد أن سجل أكتوبر/تشرين الأول أعلى معدل شهري لتدفقات مالية خارجة لاستثمارات الأجانب هذا العام، وفقاً لبيانات البورصة.
واشترى الأجانب ما قيمته 12.7 مليار ريال (3.4 مليار دولار) من الأسهم السعودية في أول أسبوعين من نوفمبر/تشرين الثاني، بعد أن باعوا 26 مليار ريال الشهر السابق مما أدى إلى تحقيق صافي تدفقات خارجة.
أنواع الاستثمارات في السعودية
وتعتبر السعودية وجهة مثالية للاستثمار الأجنبي، وتمتع بإمكانات كبيرة للنمو والازدهار فمن المتوقع أن تواصل الحكومة السعودية سعيها لجذب المزيد من رؤوس الأموال الأجنبية من خلال تحسين الأنظمة والقوانين وتعزيز بيئة الأعمال، مما سيؤدي إلى تعزيز التنافسية والاستدامة الاقتصادية في السعودية.
وفيما يلي بعض أنواع الاستثمارات المتاحة في السعودية:
- الاستثمار في رأس المال: يشمل هذا النوع من الاستثمار شراء أسهم الشركات أو سندات الدين.
- الاستثمار في الأوراق المالية: يشمل هذا النوع من الاستثمار شراء الأسهم والسندات والعقود الآجلة والأدوات المالية الأخرى.
- الاستثمار في العقارات: يشمل هذا النوع من الاستثمار شراء العقارات، مثل الأراضي والشقق والمنازل.
- الاستثمار في المشاريع التجارية: يشمل هذا النوع من الاستثمار إنشاء مشروع تجاري جديد أو شراء حصة في مشروع تجاري قائم.
انقر هنا للاطلاع على المزيد من الأخبار الاقتصادية.