Share

من التحذير إلى الالتزام: الطريق إلى صفر انبعاثات بحلول عام 2050

الاستثمارات المناخية لحماية الكوكب من الحريق
من التحذير إلى الالتزام: الطريق إلى صفر انبعاثات بحلول عام 2050
أصبحت الأرض أكثر دفئًا بنحو 1.1 درجة مئوية مما كانت عليه في أواخر القرن التاسع عشر

كل ركن من أركان كوكبنا يعاني اليوم جراء تغير المناخ… موجات حر شديدة الارتفاع تفتك بمزروعاتنا، وفيضانات تجرف معها كل شي، وحرائق تلتهم الأخضر الذي ينقي هواءنا، وموجات جفاف مدمرة…

الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش حذر من أن “الكوكب يحترق”، ونبّه من أن أزمة المناخ التي تعانيها الدول “فتحت أبواب جهنم”. فيما إن التغير المناخي يعد أحد أكبر التهديدات الصحية التي تواجه البشرية.

تأثير تغير المناخ

في وقت ذكر تقرير صادر عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ التابعة للأمم المتحدة، أن درجة حرارة العالم ارتفعت بنحو 1.1 درجة مئوية مقارنة بأوقات ما قبل الثورة الصناعية، وأنه يجب خفض انبعاثات غازات الدفيئة العالمية بمقدار النصف بحلول عام 2030 مقارنة بمستويات عام 2010، والوصول إلى الصفر الصافي في منتصف القرن تقريبا من أجل تجنب الآثار الكارثية لتغير المناخ.

يشير البنك الدولي إلى أن أكثر من 140 مليون شخص من إفريقيا وجنوب آسيا وأميركا اللاتينية سيضطرون إلى الهجرة الداخلية بسبب تأثيرات تغيّر المناخ، بما في ذلك نقص المياه، وانخفاض الإنتاجية الزراعية، وارتفاع منسوب سطح البحر بحلول عام 2050.

وسيشهد مؤتمر كوب 28 المقرر عقده في الإمارات، أول تقييم عالمي في العالم لمراجعة التقدم الجماعي العالمي الذي تم إحرازه نحو تحقيق أهداف اتفاقية باريس لعام 2015 للحد من الاحتباس الحراري.

لا شك أن هناك معضلة كبيرة يعيشها العالم اليوم والذي عليه أن يوازن بين القدرة على تحمل التكاليف، والأمن، والاستدامة، من أجل تحقيق صافي الانبعاثات صفر بحلول عام 2050.

ولكن ما هو “صافي صفر” أو “صفر انبعاثات”؟

“صافي صفر” أو “الحياد الكربوني” أو “الحياد المناخي” يعني خفض انبعاثات الكربون إلى أقصى حد، والتعويض عما لا يمكن التخلّص منه. وهو يشير إلى التوازن بين كمية غازات الدفيئة التي يتم إنتاجها من النشاط البشري، والكمية التي تتم إزالتها من الغلاف الجوي. هذا الأمر يمكن تحقيق من خلال مزيج من تقليل الانبعاثات وإزالة الانبعاثات.

وقد التزمت معظم الحكومات والشركات أو ما يقرب من 80 في المئة من الاقتصاد العالمي بالوصول إلى صافي صفر بحلول عام 2050.

وفي العام 2015، تبنت 196 دولة اتفاقية باريس التاريخية للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري وبناء القدرة على التكيف مع تغير المناخ. ويتمثل هدفها العام في الحد من ارتفاع درجات الحرارة بما لا يزيد عن 1.5 درجة مئوية.

من جانبها، تعتبر الأمم المتحدة أنه من أجل تجنب أسوأ آثار تغير المناخ والحفاظ على كوكب صالح للعيش، يجب أن تقتصر زيادة درجة الحرارة العالمية على 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الصناعة. وحالياً، أصبحت الأرض أكثر دفئًا بنحو 1.1 درجة مئوية مما كانت عليه في أواخر القرن التاسع عشر، مع استمرار الانبعاثات في الارتفاع. وبالتالي، لإبقاء الاحترار العالمي لا يزيد عن 1.5 درجة مئوية – على النحو المطلوب في اتفاق باريس – يجب خفض الانبعاثات بنسبة 45 في المئة بحلول عام 2030 والوصول إلى صافي انبعاثات صفري بحلول عام 2050.

اقرأ أيضا: المستثمرون في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لاعبون أساسيون في تعزيز التمويل المتعلق بالمناخ

الحاجة الملحة إلى صافي انبعاثات صفرية

لا شك أن هناك جهداً عالمياً للوصول إلى صفر انبعاثات صفري. فقد حددت أكثر من 70 دولة، بما في ذلك أكبر الجهات المسببة للتلوث هدفاً صفرياً، يغطي حوالي 76 في المئة من الانبعاثات العالمية.

مع الإشارة إلى أن أكبر سبع دول مصدرة للانبعاثات (الصين والولايات المتحدة والهند والاتحاد الأوروبي وإندونيسيا والاتحاد الروسي والبرازيل) شكّلت حوالي نصف انبعاثات غازات الاحتباس الحراري العالمية في عام 2020.

كذلك، تعمل أكثر من 3 الاف شركة ومؤسسة مالية مع مبادرة الأهداف القائمة على العلم لتقليل انبعاثاتها بما يتماشى مع علم المناخ.

وانضمت أكثر من ألف مدينة وأكثر من ألف مؤسسة تعليمية وأكثر من 400 مؤسسة مالية إلى السباق إلى الصفر ، وتعهدت اتخاذ إجراءات صارمة وفورية لخفض الانبعاثات العالمية إلى النصف بحلول عام 2030.

لكن الالتزامات التي تعهدت بها الحكومات حتى الآن لمساعدة الدول المتضررة من تغير المناخ لا تزال أقل من المأمول به. وترى الأمم المتحدة أن الوصول إلى صافي الصفر يتطلب من جميع الحكومات تعزيز مساهماتها المحددة وطنياً بشكل كبير واتخاذ خطوات جريئة وفورية نحو الحد من الانبعاثات الآن.

في حين أشارت وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين إلى ان هناك تقديرات بالحاجة إلى أكثر من 3 مليارات دولار لخفض الانبعاثات كل عام من الآن وحتى عام 2050، بما في ذلك في الولايات المتحدة.

قطاع الطاقة والانبعاثات الصفرية

يلعب قطاع الطاقة دوراً أساسياً في خفض الانبعاثات، وهو ما دفع القيمين على القطاع الى تخصيص أموال والاستثمار في الطاقة المتجددة، والأمثلة كثيرة جداً عن كم المشاريع التي أُعلنت في دول المنطقة في إطار التحول نحو الطاقة المتجددة والذهاب الى تقليص الانبعاثات.

وترى وكالة الطاقة الدولية أن الوصول بصافي انبعاثات الغازات الدفيئة من قطاع الطاقة العالمي إلى الصفر والحد من ظاهرة الاحتباس الحراري عند 1.5 درجة مئوية، هو أمر ممكن بسبب النمو القياسي لتقنيات الطاقة النظيفة.

لا نجاح للانتقال الى صافي صفر بلا استثمارات

يحتاج تحقيق هدف التحول إلى انبعاثات صفرية صافية بحلول عام 2050 إلى استثمارات هائلة لتخفيف آثار تغير المناخ في اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية.

وبحسب الوكالة الدولية للطاقة، سوف تحتاج هذه البلدان إلى نحو تريليوني دولار سنوياً بحلول عام 2030 لتحقيق ذلك الهدف الطموح، مع تدفق معظم هذا التمويل نحو قطاع الطاقة. وتعكس هذه الاحتياجات زيادة قدرها خمسة أضعاف عن المبلغ الحالي وهو 400 مليار دولار هي قيمة الاستثمارات المناخية المزمعة على مدار السبع سنوات القادمة، وفق صندوق النقد الدولي الذي يرى دوراً رئيسياً للقطاع الخاص في تلبية الاحتياجات الكبيرة إلى الاستثمارات المناخية في اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية.

وسوف يتعين أن يوفر القطاع الخاص حوالي 80 في المئة من الاستثمارات اللازمة، وترتفع هذه الحصة إلى 90 في المئة في حالة استبعاد الصين، كما يوضح أحد الفصول التحليلية في أحدث إصدارات الصندوق من “تقرير الاستقرار المالي العالمي”.

ويقال إنه إذا خصصت بنوك التنمية متعددة الأطراف جميع أموالها للتحول الأخضر، فستصل إلى حوالي 4 في المئة من التمويل المطلوب. ومع ذلك، فإن تحويل من 1 في المئة إلى 1.5 في المئة فقط من أصول القطاع الخاص على مستوى العالم – التي تتجاوز قيمتها 450 تريليون دولار – من شأنه أن يسد فجوة تمويل العمل المناخي.

ختاماً، يمضي مسؤولون من 197 دولة أسبوعين خلف الأبواب المغلقة في الإمارات للانخراط في مناقشة تفاصيل الاتفاقات المفترض أن توجه العمل على التصدي لتغير المناخ. وسيضطلع “كوب 28” بدور حاسم في تمويل العمل المناخي، حيث أن الدول الغنية لم تتمكن قط من الوفاء بتعهداتها توفير 100 مليار دولار سنوياً لمساعدة الدول الفقيرة على التعامل مع أسوأ آثار تغير المناخ.

من هنا، فإنه “مع صافي صفر انبعاثات” في خضم الفيضانات والحرائق، علينا سد الفجوة بين الوعود التي نسمعها والعمل الذي نحتاجه.

انقر هنا للاطلاع على المزيد من أخبار الاستدامة.

مواضيع ذات صلة: