في القمة العالمية للحكومات في فبراير/شباط، تحدث رئيس ميتا للشؤون العالمية، نيك كليج، مع عمر سلطان العلماء، وزير الدولة الإماراتي للذكاء الاصطناعي، حول تحول العالم نحو منصات الحوسبة الغامرة. ووفقًا له، فإن هذه المنصات ستمكن المستخدمين من التفاعل مع محيطهم بطرق جديدة وعميقة.
قد يشكل الميتافيرس نقطة انطلاق للحوسبة الغامرة، والتي يتم تسويقها كأداة من شأنها تسهيل عملية الوصول إلى البيانات الرقمية. ولكن ماذا تعني بالضبط الحوسبة الغامرة، وكيف سيؤثر على تفاعلاتنا مع الأجهزة الحاسوبية؟
يقول توماس بيدينك، نائب الرئيس لوحدة الواقع الممتد في “إندافا”: “بالنسبة لي، تعني الحوسبة الغامرة أن البشر سيكون لديهم علاقة مختلفة مع التكنولوجيا، من خلال التلاشي المتزايد للواجهة المتصورة بطريقة اليوم للتفاعل مع أجهزة الكمبيوتر”.
ستتيح الحوسبة الغامرة، وفقًا لـ”بيدينك”، الوصول المباشر إلى المحتوى وخلق المزيد من التفاعلات الطبيعية، على غرار تلك الموجودة في البيئة الطبيعية.
من جهته، يشير غريغ ديمشاك، كبير مديري مختبر الابتكار الرقمي في شركة “بنتلي سيستمز“، إلى أن الحوسبة الغامرة لن تتيح أساليب جديدة للتفاعل مع المحتوى الرقمي فحسب، بل سيكون لها أيضًا تأثيرات كبيرة على طبيعة هذه التفاعلات.
يقترح ديمشاك أن “المدخلات تصبح إيماءات يد ونظرات واتجاهات رأسية ونبرات صوتية بدلاً من فأرة ولوحة مفاتيح”. علاوة على ذلك، على عكس شاشات الكمبيوتر ثنائية الأبعاد التقليدية، فإن الحوسبة الغامرة ليس لها قيود مادية أو قيود على حجم المحتوى. كما يمكن توسيع المحتوى لملء كامل الشاشة أثناء تحرك المستخدمين.
التفاعل الحسي
بحسب ديمشاك، تتمحور الحوسبة الغامرة حول مفهوم الانغماس التام في المحتوى الرقمي. يرى الأخير أن هذا النوع من الحوسبة لا ينبغي له أن يقتصر على حواسنا البصرية، مستشهداً بمثال فتح باب افتراضي ثلاثي الأبعاد على كمبيوتر مكتبي لإظهار الفرق بين الحوسبة التقليدية والحوسبة الغامرة. يستلزم ذلك تفسير صورة ثنائية الأبعاد لباب ثلاثي الأبعاد، والتنقل بمؤشر في مساحة ثنائية الأبعاد، وتنشيطه باستخدام زر الفأرة. من ناحية أخرى، يمكن للمستخدمين في عالم الحوسبة الغامرة الاقتراب ببساطة من الباب وفتحه كما يفعلون في الحياة الواقعية.
إقرأ أيضاً: حكومة دبي تطلق استراتيجية وطنية لـ الميتافيرس
يستند ريتشارد غاردنر، الرئيس التنفيذي ومؤسس شركة Anthrop LLC ، على هذا المفهوم، مشيراً إلى أن الحوسبة الغامرة ستعتمد على الذكاء الاصطناعي وردود الفعل اللمسية والحوسبة المكانية لإشراك حواسنا. كما يعتقد أن تقنية الذكاء الاصطناعي ستسمح للبيئة الغامرة بالتكيف مع سلوك المستخدم.
“قد يتجلى ذلك من خلال تعديل الإضاءة والصوت وغيرها من العوامل المحيطة، في حين أن خوارزميات معالجة اللغة الطبيعية ستلعب بلا شك دورًا عندما يتفاعل المستخدمون مع المساعدين الافتراضيين والكيانات الأخرى”. وتكهن غاردنر أنه “يمكن أن يمتد هذا إلى ما هو أبعد من التعرف على الكلام إلى التعرف على الإيماءات وتعبيرات الوجه”.
الاحتكاك الأول
يرى خبراؤنا أن الحوسبة الغامرة تملك القدرة على تقديم أبعاد جديدة تمامًا للتفاعلات، وربما تتجاوز حدود العالم المادي، بالإضافة إلى تعزيز التفاعلات الحالية ببساطة.
يقول بيدنك: “ربما لا أريد أن أمشي داخل الغرفة نحو سلة المهملات لمجرد إلقاء قطعة من الورق”. “بهذا المعنى، ستسمح لنا الحوسبة الغامرة بالتصرف والتفاعل بشكل طبيعي مع منح قوى عظمى تتجاوز قدراتنا الجسدية أو تحمينا من الأذى.”
في المقابل، يدعي ديمشاك أن هذا المستوى المحسن من التفاعل يمكن تطبيقه على مجموعة واسعة من الاستخدامات، لا سيما كيفية تفاعل المستخدمين مع الأنظمة الرقمية المزدوجة.
بصورة أدق، يُعتبر التوأم الرقمي نموذجًا رقميًا لنظام مادي. في الآونة الأخيرة، خلال المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس، أعلن عبد الله السواحة، وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات السعودي، أن استخدام الأنظمة الرقمية المزدوجة قد ساعد بالفعل في تحسين التخطيط وتقليل نفقات مشاريع البنية التحتية الكبرى.
يقول ديمشاك: “في ظل الحوسبة الغامرة، يتحول التوأم الرقمي إلى طريقة للتفاعل مع العالم المادي من خلال إيماءات اليد والواجهات الافتراضية التي يمكن أن توجد في أي مكان في الفضاء المادي”.
خلق المجال
على الرغم من أن مفهوم التجربة الغامرة يبدو جاذباً، إلا أن تحقيقه يتطلب قدرًا كبيرًا من الجهد والموارد.
يقول ديمشاك: “التكلفة والمتطلبات الحسابية لجلب الواقع المعزز الهولوغرافي إلى السوق الشامل هي أكبر التحديات اليوم”.
يعتقد الأخير أنه يجب على المطورين إعطاء الأولوية ليس فقط لجعل الجيل الحالي من الأجهزة المثبتة على الرأس أكثر راحة، ولكن أيضًا تحسينها لاكتشاف الموقع الدقيق لمرتديها في العالم تلقائيًا، سواء كانوا في الهواء الطلق أو في الداخل أو تحت الأرض. ويلفت ديمشاك إلى أنه من غير الممكن تحقيق هذه النتيجة الفذة باستخدام تقنية GPS الحالية.
“يحرز التقدم على مستوى الرؤية الحاسوبية والذكاء الاصطناعي تقدمًا لافتاً، ولكن لا يزال أمامنا طريق طويل لنقطعه. قد يشكل اعتماد أجهزة الواقع الافتراضي والواقع المعزز نقطة الانطلاق نحو تحقيق ذلك، يؤكد ديمشاك، مشيراً إلى أنه يمكن لاستخدام الشاشات ثنائية الأبعاد على الهواتف التي يمكن توطينها باستخدام طرق بسيطة مثل رمز الاستجابة السريعة أن تلعب دوراً في هذه العملية”.
على الرغم من التحديات التي قد نواجهها، يتفق خبراؤنا جميعًا على أن مستقبل الحوسبة غامر. يقول بيدنك، على سبيل المثال، بما أننا نعيش في عالم مكاني، فمن المنطقي أن تكون الحوسبة مكانية وغامرة.
“يربط الكثيرون الحوسبة الغامرة بقطاع بالألعاب، ولكن يمكن لاستخداماتها في الواقع أن تتعدى بأشواط التعاون عن بُعد بين الفرق العاملة، لتقديم مساعدات تدريبية من خلال المحاكاة في قطاعات مثل الهندسة والطب”، يرجح غاردنر.
أنقر هنا للمزيد حول الميتافيرس.