يتوجه الأتراك الى صناديق الاقتراع يوم الاحد لانتخاب رئيس جديد للبلاد، في وقت تتفاقم المخاطر التي تواجه اقتصاد تركيا الغارق في أزمة صرف عملة وتنامي الديون.
فبغض النظر ممن سيفوز بهذه الانتخابات حامية الوطيس، إن الرئيس الحالي رجب طيب أردوغان أو زعيم المعارضة الرئيسي كمال كليتشدار أوغلو، فان اقتصاد تركيا سيمضي فترة أخرى من الاهتزاز.
ويتعهد تحالف المعارضة الرئيسي بتحرير الاقتصاد والأسواق المالية من قيود الدولة وإعادة الاستقلال للمصرف المركزي الذي سيرفع أسعار الفائدة بقوة، في حالة فوز المعارضة، لخفض التضخم. وقدم برنامجاً اقتصادياً طموحاً تعهد من خلاله بجذب استثمارات بنحو 175 مليار دولار، وكبح جماح التضخم والبطالة.
في حين يقول حزب “العدالة والتنمية” الحاكم إنه سيستمر في تطبيق برنامجه القائم على خفض أسعار الفائدة وزيادة النمو، رغم وصول التضخم إلى 44 في المئة واستنفاد احتياطيات البلاد من العملة الأجنبية، بعد سنوات من تثبيت سعر الليرة بقرارات من السلطات.
وكانت الليرة التركية خسرت أكثر من 75 في المئة من قيمتها مقابل الدولار. فمن مستوى 4.48 ليرة في يونيو/ حزيران من عام 2018، قفز سعر صرف الدولار إلى نحو 19.5 ليرة في الوقت الحالي.
وقد اتخذ المصرف المركزي التركي عدة اجراءات احترازية الاربعاء تستهدف حماية الليرة بعد الانتخابات، حيث كثّف القيود على المصارف التركية. نصت قرارات “المركزي” التركي الموجه إلى المصارف على الحد من بيع الدولارات للشركات التي ليست بحاجة ملحة لسداد مستحقاتها، مقابل منح الأولوية لأصحاب الودائع بالليرة ضمن نظام الادخار (كيه كيه إم) الذي تبلغ قيمته حاليا 100 مليار دولار.
وأطلق هذا النظام عام 2021 عندما شهدت الليرة التركية أزمة، وارتفع التضخم لأعلى مستوى في 24 عاما.
وأصدر “المركزي” قواعد مصرفية أخرى لرفع نسبة ودائع البنوك بالليرة إلى 65 في المئة خلال النصف الأول من العام الحالي، فإذا قلّت عن نسبة 60 في المئة فعلى المصارف إيداع جزء أكبر من الودائع بالعملات الأجنبية لدى “المركزي”، وشراء 7 في المئة إضافية من السندات الحكومية بالعملة المحلية. أما إذا تجاوزت تلك النسبة فستعفى المصارف من الاحتفاظ ببعض السندات الحكومية بالعملة المحلية.
وبحسب “بلومبرغ”، يستعد التجار والشركات لضعف كبير في الليرة أمام الدولار، بغض النظر عن النتيجة في صندوق الاقتراع. إذ يعملون على تحصين أرصدتهم من الاضطرابات بالعملة المحلية قبل أيام على الانتخابات.
غلاء المعيشة
وتمثل أزمة غلاء المعيشة التي يواجها الأتراك عقبة أمام إعادة انتخاب أردوغان. فالبرنامج الاقتصادي غير التقليدي الذي اعتمده خلال الفترة الماضي والقائم على استمرار خفض معدلات الفائدة رغم ارتفاع التضخم، تسبب بتآكل القوة الشرائية لذوي الدخل المحدود والمتوسط الذين كانوا يُعتبرون داعماً كبيرا لأردوغان، وبالتالي تآكل شعبيته ليواجه أكبر التحديات في السنوات العشرين في السلطة.
مع الاشارة هنا إلى أن أردوغان أعلن يوم الاربعاء زيادة أجور العمالة الحكومية في البلاد بنسبة 45 في المئة، اعتباراً من شهر يوليو/تموز المقبل، ليرتفع بذلك أدنى راتب للعمال الحكوميين إلى 15 ألف ليرة تركية (نحو 768 دولاراً).
وكان “المركزي” التركي قد خفض في فبراير/شباط سعر الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس من 9 في المئة إلى 8.5 في المئة.
والى ذلك، ارتفع العجز التجاري بنسبة 43.9 في المئة على أساس سنوي إلى 8.85 مليارات دولار في أبريل/نيسان الماضي.
الزلزال
وكان الزلزال الكبير الذي ضرب تركيا وكبدها خسائر اقتصثادية كبيرة، متواجداً بقوة في حملات الانتخابات بين المتنافسين.
وكانت الأمم المتحدة قدرت أن الأضرار الناجمة عن الزلزال ستتجاوز 100 مليار دولار، كما أن عملية إعادة الإعمار ستزيد الطلب على العديد من المنتجات والخدمات، مما سيؤدي بدوره إلى ارتفاع التضخم المرتفع بالفعل.
لا شك أن الوعود الانتخابية البراقة التي طرحها كلا المتنافسين، تضع الناخب التركي أمام خيارات صعبة أولى أويلوتها تحسين معيشته في المرحلة المقبلة.