Share

دور التقنيات الرقمية في إعادة تشكيل قطاع الاستثمارات العقارية

دور التكنولوجيا والتعلم الآلي في تبسيط عمليات وإجراءات شراء المنازل
دور التقنيات الرقمية في إعادة تشكيل قطاع الاستثمارات العقارية
تكنولوجيا العقارات

يُعتبر شراء عقار سكني أكبر معاملة مالية شخصية في حياة الكثيرين. وعليه، فإن البحث عن العقار المناسب والعثور عليه مصدر للكثير من التفكير، بل الارتباك أو القلق أحياناً. يتوقع العديد من مشتري المنازل لأول مرة عملية بحث طويلة ومملة، على أمل أن يتوفر لهم حل أكثر ذكاءً لتسهيل ذلك.

“ولا يتوقف الأمر عند المشترين، بل يشكل هذا عبئاً على سوق العقارات، حيث تسبب الأساليب التقليدية الإحباط للبائعين ووسطاء العقار أيضاً،” بحسب هيلين تشين، المؤسس المشارك والرئيس التنفيذي – نوماد هومز.

منطقة أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا السكنية

 

تعد منطقة أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا واحدة من أقوى أسواق العقارات السكنية في العالم، حيث تزيد قيمة السوق عن 20 تريليون دولار أمريكي. ومع ذلك، فقد أثّرت القوائم المكررة والمزيفة للعقارات، إلى جانب بيانات التسعير غير الموثوقة أو التسعيرات التقديرية، والتي تخفض من القيمة الحقيقية للمنازل، على قطاع العقارات. كما لعب الوباء دوراً في تسريع الحاجة إلى اتخاذ قرارات حياتية مهمة، مثل الاستثمار في شراء منزل. يستخدم جيل الألفية المنصات الإلكترونية لشراء الأسهم والسندات والعملات المشفرة واتخاذ قراراتهم الاستثمارية على ذلك النحو نظراً لسهولتها وقدرتهم على القيام بذلك من أي مكان وفي أي وقت.

قطاع العقارات في دبي

 

بالإضافة إلى النمو السريع، يشهد الاقتصاد العقاري في دبي انتعاشاً كبيراً الآن بسبب تراجع كوفيد-19، مع زيادة الاهتمام بالعقارات الاستثمارية من المشترين الدوليين وأصحاب رؤوس المال الكبيرة. شهد عام 2021 ما يزيد عن 41 مليار دولار من مبيعات العقارات، وهي أعلى قيمة في 12 عاماً، وفقاً لتقريرٍ أصدرته دائرة الأراضي والأملاك في دبي في شهر ديسمبر الماضي. مدفوعة بهذا النمو، بدأت منصات العقار الرقمية الجديدة بالظهور في كل مكان. تعمل هذه المنصات كدليل للبائعين ووسطاء العقار، حيث يتم عرض العقارات للبيع أو الإيجار عليها، مما يمنح المشترين فرصة العثور على مسكن دون الحاجة للتعامل مع أي شخص وجهاً لوجه.

خدمة القوائم المتعددة

 

مكّن إطلاق خدمة القوائم المتعددة، الحل الإلكتروني الذي أحدث ثورة في أسواق العقارات في جميع أنحاء العالم، بقيادة شركات مثل “زيلو” (Zillow) في الولايات المتحدة و “نوماد هومز” في دبي، وسطاء العقار والبائعين من إدراج عقاراتهم بعد توثيق سعرها، مما يمنح المشترين الثقة والشفافية المطلوبة لشراء مسكنهم التالي. خدمة القوائم المتعددة عبارة عن منصات رقمية مصممة لتبسيط شراء وتأجير المساكن وذلك بالتركيز على المشتري بدل التركيز على البائعين. يوفر استخدام التكنولوجيا الرقمية على شكل القوائم المتعددة حلاً شاملاً لمشتري المنازل وذلك بإزالة الحاجة إلى نقاط الاتصال المتعددة وعمليات البحث التي تستغرق وقتاً طويلاً. يشار إلى هذه المنصات باسم “بروبتيك”(PropTech) ، حيث يُنظر إلى شراء مسكن اليوم على أنه معاملة مالية تتم باستخدام التكنولوجيا الرقمية.

تكنولوجيا العقارات

 

تؤمن نوماد هومز أن “بروبتيك” هي الحل المثالي للعقارات، خاصة وأن التكنولوجيا تواصل في إحلال الصناعات البطيئة. ومع إدراج الآلاف من العقارات على منصات القوائم المتعددة أونلاين ومليارات الدولارات من المعاملات العقارية كل عام، بدأنا ننظر إلى الحلول الشاملة المخصصة على أنها مستقبل الاستثمار العقاري.

تمثل بوابات ومنصات العقارات التقليدية البائعين وتعمل نيابة عنهم، بينما تجمع منصات خدمات القوائم المتعددة خيارات متعددة لمن يتطلعون إلى شراء أو استئجار مسكن، ومن ثم مطابقتها مع العقارات التي يبحثون عنها. كما تشمل الخدمة أيضاً مستشاراً شخصياً مخصصاً يظل بمثابة نقطة اتصال واحدة للمشتري أو المستأجر طوال العملية، والاتصال بوسطاء العقارات وأصحاب العقارات المعروضة للبيع نيابة عن المشترين والمستأجرين، ومساعدتهم في رحلة البحث عن مساكنهم، بدءاً من عملية الاختيار حتى استلام المفاتيح.

يقوم المشترون بملء استبيان على منصات خدمة القوائم المتعددة حول ما يتطلعون إليه، بما في ذلك الموقع المفضل، والنطاق السعري، والحجم، وعدد غرف النوم وما إذا كانوا يريدون الدفع نقداً أو الحصول على قرض عقاري.

Person using a stylus to design a city on a tablet with graphs and data.

خوارزميات التعلم الآلي

 

تتعرف خوارزميات التعلم الآلي القائمة على الذكاء الاصطناعي على عادات بحث المشترين وتختار العقارات المناسبة لهم، مع الأخذ بعين الاعتبار تقاربها تجاه السعر المرغوب وغير ذلك من العوامل، ثم توفر لهم خيارات للاختيار من بينها، كما تقوم بتحديث القائمة باستمرار حتى يتمكن العميل من العثور على مسكنه المفضل وشرائه بسرعة. يوفر ذلك الوقت والجهد، ويمكّن العملاء من اتخاذ قراراتهم بدراية دون الوقوع في متاهة الأرقام والمعلومات المضللة عند البحث لشراء مسكن من مكان آخر.

وفي حال عدم مطابقة العقارات المتاحة على القائمة لمتطلبات المشتري، تقوم منصة نوماد هومز بعرض المزيد من العقارات دون أي تكلفة إضافية على المشتري، اذ تقتطع الشركة رسومها (5٪) من عمولة سمسار البيع.

لا يمكننا المبالغة في مدى تأثير خدمات القوائم المتعددة، بحلولها الشاملة، على صناعة العقار في المنطقة. عبر توفير سوق للمعاملات يشتمل على كافة عناصر عملية شراء واستجار العقارات السكنية في مكان واحد، بما في ذلك قوائم البحث والوسطاء العقاريين ومزودي الرهن العقاري وأكثر، تعزز هذه التجربة السلسة من ثقة المستثمرين والمشترين في سوق العقارات.

ارتفاع سوق العقارات

 

على الرغم من الوقت الذي تستغرقه ممارسات البيع والشراء التقليدية، يشهد السوق ارتفاعاً ثابتاً سيشجع إدخال طريقة أكثر فاعلية من الاستثمارات في قطاع العقارات، مما يعزز الاقتصاد بشكل أكبر. بداية من عام 2014، تراجعت سوق العقارات في الإمارات العربية المتحدة لمدة ثلاث سنوات بسبب انخفاض أسعار النفط وعدم اليقين من توفر العقارات، ولم يساعد الوباء في تغيير الوضع.

ومع ذلك، من المقرر أن يترك معرض إكسبو بصمة قوية على اقتصاد دبي، خاصة بعد الأداء القياسي الذي شهده العقار في عام 2021. ستتخلّل بروبتيك جميع جوانب تجربة شراء المساكن تقريباً، ولهذا السبب يمكن للمستثمرين توقع استمرار المسار التصاعدي للاقتصاد. ستكتسب نوماد هومز ومنصات خدمات القوائم المتعددة أهمية كبيرة في سوق المستثمرين الجديد، حيث بلغت القيمة الإجمالية لكافة المعاملات العقارية في الأسبوع الأول من عام 2022 فقط 1,97 مليار دولار أمريكي، وفقاً لدائرة الأراضي والأملاك في دبي، جاء أكثر من نصفها من العقارات السكنية.

باختصار، الحلول القائمة على التكنولوجيا لتسريع المعاملات العقارية ليست حلولاً مستقبلية فحسب، بل هي الواقع الحالي الذي نعيشه اليوم. ونتيجة لذلك، شقّت المنصات الرائدة الطريق ومهّدت الساحة لسلسلة من الاستثمارات الجديدة.