طرحت الحكومة المصرية في الآونة الأخيرة مسودة ما وصفته “وثيقة ملكية الدولة”. وتحدد الوثيقة خططاً لتقليل انخراط الدولة في أنشطة اقتصادية معينة وتعزيز دور القطاع الخاص في النشاط الاقتصادي وخلق بيئة مواتية لجذب الاستثمارات واستقطابها.
وتعد هذه الوثيقة استمراراً للجهود السابقة في مجال تعزيز ملكية القطاع الخاص للأصول العامة بهدف تعظيم العائد الاقتصادي لمختلف الأنشطة الاقتصادية. وستواصل الدولة تقديم الخدمات للمواطنين مع فرض رقابة على الجودة والتنافسية.
وحظيت مسودة الوثيقة باهتمام الوسائل الإعلامية في مصر، ووفقاً لما نشر عبر وسائل إعلام وصحف مصرية، فقد كشفت مسودة وثيقة ملكية الدولة عن اتجاه الحكومة للتخلص تمامًا من جميع استثماراتها وملكياتها في نحو 79 نشاطًا في القطاعات المختلفة. وتضمنت المسودة إبقاء الحكومة على استثماراتها في 45 نشاطًا، مع الاتجاه لتخفيضها والسماح بمشاركة أكبر للقطاع الخاص.
فيما يلي حوار أجرته “إيكونومي ميدل إيست” مع الدكتورة هالة السعيد، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية في مصر، لإطلاعنا على تفاصيل أكثر حول وثيقة ملكية الدولة والهدف منها والأهداف المرجوة من تطبيقها، بالإضافة إلى العديد من المواضيع المرتبطة ومن بينها عملية التحول الرقمي في مصر، والتعاون الاستراتيجي مع دولة الإمارات في مجالات عدة.
هل من الممكن أن تحدثينا عن وثيقة ملكية الدولة والهدف منها؟ والآليات الرئيسية لتطبيق هذه الوثيقة؟
كل الأنظار تتجه إلى وثيقة سياسة ملكية الدولة، التي أطلقتها الحكومة مؤخرً، هل تسمحي من فضلك بإرشادنا عبر القطاعات المستهدفة للخروج وفقًا للوثيقة. ما هي الآليات الرئيسية لتطبيق هذه السياسة؟ ما هو الدور الذي ستلعبه صندوق مصر السيادي في هذا السياق؟
الحكومة المصرية تعطي أولوية لتعزيز دور القطاع الخاص في الاقتصاد المصري، حيث نعتبر ذلك حجر الأساس لتحفيز النمو المستدام والشامل ,في الفترة القادمة سيتم التركيز بشكل كبير على توجيه الاستثمارات طويلة الأجل في القطاعات الرئيسية مثل الطاقة المتجددة وتحلية المياه والصحة وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات والصناعات الزراعية ، فضلاً عن توفير المزيج الصحيح من الحوافز لتعزيز روابط الاستثمار الأجنبي المباشر مع القطاعات المحلية مما يخلق قيمة أكبر ويعزز القدرة التنافسية لاقتصادنا، ومنذ عام 2014، استثمرت الحكومة بكثافة في تطوير البنية التحتية ونفذت سلسلة من الإصلاحات التشريعية والمؤسسية بهدف تمكين الاستثمار الخاص وهذا ما نسعى للتأكيد عليه والبناء عليه من خلال برنامج الإصلاحات الهيكلية الذي أطلقته الحكومة المصرية في عام 2021 ، إيذانا بالمرحلة الثانية من برنامج الإصلاح ، والتركيز على رفع القدرة الإنتاجية والقدرة التنافسية للاقتصاد وكجزء من هذا البرنامج واستناداً إلى رؤية الحكومة لتشجيع القطاع الخاص ، وتكافؤ الفرص ، وتعزيز الشفافية ، وضعت الحكومة المصرية سياسة متكاملة لملكية الدولة للأصول ، ومقترحات لتعزيز دور القطاع الخاص في مختلف القطاعات وتنظيم تخارج الحكومة من أجل بناء توافق في الآراء حول هذه الاستراتيجية مع تضمين مدخلات جميع أصحاب المصلحة
كما أطلقت الحكومة سلسلة من المشاورات العامة على الصعيد الوطني لتلبية المطالب المحددة لممثلي الأعمال في جميع الصناعات والمواقع الجغرافية. بناءً على نتائج تلك المشاورات، تم طرح نسخة منقحة وإطلاقها رسميًا لتكون بمثابة وثيقة حية ومتكررة.
وإذا تحدثنا عن القطاعات والأنشطة التي حددتها الوثيقة والتي ستخرج منها الدولة خلال 3-5 سنوات، فهي شملت:
المحاصيل وتربية الأسماك في المجال الزراعي، ونقل الركاب والبضائع والنقل النهري، الأطعمة والمشروبات (مع بعض الاستثناءات) ، بيع بالتجزئة، أنشطة الوساطة المالية المختلفة مثل التأمين التجاري، كما تحدد الوثيقة كذلك بعض أنشطة التصنيع الرئيسية التي تتطلع الدولة إلى الخروج منها مثل صناعة الجلود والهندسة مثل الأجهزة والإلكترونيات والصناعات الكيماوية والمنسوجات، وتعتزم الحكومة المصرية الحفاظ على بصمتها أو تقليلها في عدة مجالات بما في ذلك تجارة الجملة، العديد من الأنشطة في قطاع المياه والصرف الصحي مثل محطات رفع مياه الشرب وشبكات توزيع المياه، والعديد من أنشطة التعدين مثل تعدين الفحم، وتكرير الذهب وغيرها، بالإضافة إلى العديد من الأنشطة الزراعية مثل الثروة السمكية ومنتجات الألبان المختلفة.
ومن أجل تسريع تنفيذ تلك الوثيقة فهي تسلط الضوء على ثلاث آليات رئيسية تتضمن طرح الأصول المملوكة للدولة من خلال البورصة المصرية لتوسيع قاعدة الملكية كليًا أو جزئيًا، وضخ استثمارات جديدة للقطاع الخاص في الهيكل الحالي لملكية الدولة من خلال إشراك المستثمرين الاستراتيجيين وتعزيز مشاركة القطاع الخاص في هيكل الملكية، والشراكات بين القطاعين العام والخاص (PPPs) خاصة فيما يتعلق بمشاريع البنية التحتية والخدمات العامة.
كما تتضمن آليات الشراكة بين القطاعين العام والخاص المحددة ما يلي: عقود الامتياز ، عقود البناء والتشغيل والنقل؛ عقود البناء والتملك والتشغيل والنقل؛ عقود البناء والتملك والتشغيل؛ عقود التصميم والبناء والتشغيل، البناء – التمويل – التشغيل – النقل، عقود الأداء ، عقود الإدارة.
وماذا عن الصندوق السيادي المصري؟ وآليات عمله والجهود الذي يبذلها في جذب المستثمرين؟ وكذلك ما يربطه بوثيقة ملكية الدولة؟
جاء إنشاء صندوق مصر السيادي في عام 2018 كأحد الآليات لتعزيز الشراكة مع القطاع الخاص المحلي والأجنبي، وهو يعد الشريك الأمثل للقطاع الخاص لعدد من الأسباب، أهمها عمل الصندوق من خلال قانون خاص يمنحه المرونة في تنفيذ الاستثمارات المختلفة والتخارج بالشكل الأمثل لتعظيم قيمتها، كما يساعد الصندوق المستثمر من خلال تسهيل الإجراءات الحكومية والحصول على التراخيص اللازمة، وكذلك يتيح الصندوق الاستثمار في الأصول المملوكة للدولة من خلال تحويلها إلى منتجات استثمارية فريدة، كما يوفر الصندوق فرصًا واعدة للاستثمار المشترك في العديد من القطاعات التنموية، حيث استطاع أن يعقد العديد من الشراكات الاستثمارية المحلية والدولية في مجال توطين الصناعات الثقيلة (تأسيس الشركة الوطنية المصرية لصناعات السكة الحديد)، وفي القطاع المالي، وكذلك في مجال الاستثمار في قطاع التعليم وإنشاء المدارس بالشراكة مع القطاع الخاص، بالإضافة الاستثمار في مجال تطوير مشروعات الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر والبنية الأساسية الخضراء في عدد من دول إفريقيا (مع عدد من المؤسسات والصناديق السيادية العالمية منها الاتفاق مع صندوق الاستثمار النرويجي وشركة «سكاتك» النرويجية).
ويعمل صندوق مصر السيادي كذراع استثماري للحكومة، وكمحفز وشريك موثوق به للمستثمرين من القطاع الخاص عبر الثلاث آليات المذكورة في وثيقة ملكية الدولة، والحقيقة إن الصندوق يعمل بجد لإطلاق العنان لإمكانات مصر كبوابة إلى إفريقيا، من خلال إنشاء منتجات استثمارية جذابة عبر عدد من القطاعات، بما في ذلك مصادر الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر، والسياحة، والعقارات، والخدمات اللوجستية.
وبالحديث عن أهداف صندوق مصر السيادي؛ فإن الصندوق يستثمر في الأصول غير المستغلة، أو الدخول في الاستثمار المباشر، ويستهدف الصندوق جذب الاستثمار الاجنبي في عدد من القطاعات لضخ استثمارات فيها مثل مشروعات تحلية المياه والطاقة المتجددة، حيث أن استراتيجية الصندوق الاستثمارية تركز على وجودة وفرة في الطاقة المتجددة والطاقة الخضراء، واستغلالها للحصول على عدد من المنتجات مثل الهيدروجين الأخضر.
وهناك العديد من آليات الشراكة مع صندوق مصر السيادي، من خلال صناديقها الفرعية الخمسة: 1) البنية التحتية والمرافق ، والسياحة ، 2) العقارات والآثار ، 3) الرعاية الصحية والأدوية ، 4) الخدمات المالية والتكنولوجيا المالية ، 5) ما قبل- الصندوق الفرعي للاكتتاب العام، ويأتي هذا الصندوق الفرعي الأخير تماشيًا مع الجهود المبذولة للخروج من قطاعات محددة ولدفع برنامج الاكتتاب العام ، فقد أطلق صندوق مصر السيادي صندوق فرعي قبل الاكتتاب في ضوء التحديات التي تواجه أسواق الأسهم في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك تشديد السياسة النقدية وأسعار الفائدة المتزايدة)، حيث يهدف الإطلاق إلى الاستفادة من نقاط دخول الأسهم الخاصة للشركات المصطفة لبرنامج الاكتتاب العام ومع الخروج خلال السنوات القادمة.
كما سينفذ صندوق مصر السيادي عملية إعادة هيكلة لهذه الشركات لرفع تقييمها وجعلها أكثر قابلية للمعاملات قبل إدراجها علنًا، وهذه فرصة مميزة للمستثمرين للاستثمار في الأصول التي لا يمكن الوصول إليها بطريقة أخرى.
هذا بالإضافة إلى برنامج الاكتتاب العام للدولة الهادف إلى إدراج الحصص في الشركات المملوكة للدولة للمستثمرين الأجانب والمحليين بهدف تنويع قاعدة الملكية وتعزيز كفاءة هذه الشركات لخدمة المصلحة العامة بشكل أفضل.
ما هو دور التحول الرقمي والتكنولوجيا في تحقيق رؤية المستقبل؟ وما هي جهود الدولة المصرية في هذا المجال؟
يلعب التحول الرقمي دوراً محورياً في تعزيز جاهزية وقدرة الحكومات على تحقيق مستهدفات رؤى واستراتيجيات التنمية المستدامة التي أقرتها كل منها، والتعامل مع ما يحيط بتنفيذ تلك الاستراتيجيات من تحديات بكفاءة وفعالية، وفي هذا الإطار، قامت جمهورية مصر العربية بإصدار استراتيجية وطنية للتنمية المستدامة، والتي جاء في القلب منها استهداف تعزيز التحول الرقمي؛ لتمكين ودعم المؤسسات والهيئات الحكومية المختلفة من تحقيق التميّز في الأداء الحكومي، وذلك من خلال تطوير البنية التحتية وبناء المهارات والقدرات الرقمية اللازمة، بما يخلق بيئة داعمة لتحقيق المستهدفات التنموية المستدامة لتلك الرؤية الطموحة.
هذا وتتبنّى الدولة المصرية توجهاً جادًا نحو التحول الرقمي، في إطار بيئة عالمية فرضت هذا التحول السريع، فالحديث الآن عالميًا أصبح يدور حول الثورة الصناعية الرابعة وال big data، ووظائف المستقبل، وبالتالي أصبح التحول الرقمي وتكثيف الاستثمار في مجالات تكنولوجيا المعلومات وتحفيز الابداع والابتكار مكوناً أساسياً في خطط وبرامج التنمية للدولة المصرية، ومن هذا المنطلق ضاعفت الدولة المصرية استثماراتها في قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات حتى تخطت 82 مليار جنيه في الأعوام من 14/2015 الى 22/2023، بزيادة بلغت 2200%، أي تجاوزت 20 ضعف مقارنة بالعام المالي 2014/2015.
ومن هذا المنطلق، أعطت كافة استراتيجيات وخطط التنمية وبرامج عمل الحكومة المصرية اهتماماً خاصاً لقضايا التحول الرقمي وبناء اقتصاد رقمي واعد في مصر، واعتبرت هذا التحوّل جزءاً لا يتجزأ من الرؤية الشاملة للتنمية المستدامة في مصر، حيث جاء الهدف السادس لاستراتيجية التنمية المستدامة: رؤية مصر 2030، متضمناً لمجموعة من الأهداف الفرعية التي يأتها في مقدمتها الإصلاح الإداري، وتحسين كفاءة وفاعلية الأجهزة الحكومية، وترسيخ مبادئ الشفافية ومكافحة الفساد، ودعم منظومة الرصد والتقييم والمتابعة وإتاحة البيانات، وتعزيز الشراكات مع كافة شركاء الوطن وشركاء التنمية الإقليميين والدوليين، وتعزيز المسائلة وسيادة القانون، وإرساء دعائم اللامركزية وتمكين الحكومات المحلية، بما يعزز بناء حكومة مصرية قادرة على استشراف المستقبل وتنفيذ مستهدفات كافة الرؤى الوطنية بما يواكب متطلبات العصر الرقمي والثورة الصناعية الرابعة.
وتستهدف كافة استراتيجيات وخطط الدولة إرساء دعائم التحول الرقمي من خلال توجهات واضحة تركز على بناء اقتصاد متقدم قائم على المعرفة والابتكار والرقمنة والتنافسية والتنوع، بحيث يستند هذا التحول على مجموعة دعائم أساسية، يأتي في مقدمتها: إقامة نظم تعليم وتدريب متطورة لإنتاج قوة عمل مؤهلة بمعايير عالمية؛ إقامة بنية تحتية رقمية جيدة للاتصالات والمعلومات لدعم التحول الرقمي، ومنظومة وطنية فعالة للأمن المعلوماتي والسيبرانى؛ إلى جانب إقامة بنية تحتية رقمية فعّالة للشمول المالي ونشر التكنولوجيا المالية الرقمية Fintech؛ فضلا عن إطلاق منظومات الابتكار والبحث والتطوير، لتنمية ونشر وتبادل وتطويع المعارف والعلوم والتقنيات لدعم النمو الاقتصادي وتعزيز الاستدامة؛ وتبنّي أطر مؤسسية وحوافز اقتصادية في بيئة الأعمال الوطنية، بما في ذلك تعزيز التحول الرقمي في الحكومة لتحسين آليات تقديم الخدمات العامة وخدمات قطاعات الأعمال، وتشجيع ريادة الأعمال والمشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر.
هذا كما يساهم الاقتصاد الرقمي القائم على المعرفة في دعم برامج التنمية الكبرى الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، وقد اتخذت الحكومة المصرية خطوات سبّاقة في هذا المجال من خلال إطلاق كل من: الاستراتيجية الوطنية للتحول نحو الاقتصاد الأخضر؛ برامج التنمية الإقليمية/ المكانية المتوازنة والعادلة، بما فيها دعم المراكز التكنولوجية في المحافظات المصرية لتسهيل إتاحة الخدمات العامة؛ مبادرات التحول الرقمي في قطاعي التعليم والصحة، وهو التحول الذي تأكدت أهميته إبان التعامل مع تداعيات جائحة كورونا؛ والمبادرات المجتمعية الشاملة مثل: المشروع القومي لتنمية الريف المصري: مبادرة حياة كريمة، وغيرها.
كيف تساهم وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية في عملية التحول الرقمي؟ وما أهم المشروعات التي تعمل عليها الوزارة في هذا المجال؟
تساهم وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية في عملية التحول الرقمي من خلال العديد من البرامج، منها مشروع تطوير الخدمات الحكومية: مثل خدمات المحليات والمجتمعات العمرانية الجديدة، وتطوير وسائل تقديم الخدمات الحكومية من خلال استحداث المراكز التكنولوجية المتنقلة ( حوالي 200 سيارات الخدمة المتنقلة)، وإنشاء المراكز المجمعة للخدمات من خلال مشروع مركز خدمات مصر تم افتتاح مركز خدمات أسوان، بالتعاون مع دولة الإمارات العربية الشقيقة، ويتم العمل على التوسع في انشاء مراكز مماثلة في محافظة شرم الشيخ، وجميع المحافظات، وذلك لتسهيل تقديم الخدمات للمواطنين بأفضل جودة مع توفير الوقت والجهد والتكلفة.
هناك تعاون استراتيجي مع دولة الإمارات العربية في مجالات عدة أهمها تطوير الخدمات الحكومية. ما المستوى المأمول الوصول اليه خلال السنوات المقبلة؟
التعاون بين البلدين يشمل العديد من المجالات بالفعل فهناك تعاون في مجال إنشاء مراكز الخدمات الحكومية المتميزة ومنها مركز خدمات مصر في أسوان، وملف بناء القدرات الحكومية في مجالات تعزيز ثقافة الابتكار في العمل والتوجيهات الاستراتيجية لاستشراف المستقبل وكذلك استراتيجية الاتصال الحكومي، والتعاون في جائزة مصر للتميز الحكومي على مدار السنوات الماضية.
كما يوجد تعاون استثماري بين البلدين في إطار صندوق مصر السيادي، حيث تأتي المنصة الاستراتيجية المشتركة بين صندوق مصر السيادي وشركة أبو ظبي القابضة ضمن أهم الفرص الواعدة للاستثمار المشترك، والتي تمت تحت مظلة البروتوكول الموقع في 2019 لضخ استثمارات مشتركة تصل إلى 20 مليار دولار لتنفيذ مشروعات اقتصادية وتنموية، كما أن هناك أكثر من عشرات الفرص استثمارية بين البلدين في قطاعات مختلفة تشمل قطاع الصحة والتصنيع الدوائي، التطوير العقاري، وقطاع الخدمات المالية والتحول الرقمي، وقطاع البنية الأساسية، والاتصالات، والزراعة والتصنيع الغذائي وغيرها، كما أن هناك فرص واعدة للتعاون المشترك بين البلدين في مجالات الاقتصاد الرقمي، ودمج البُعد البيئي والتحول إلى التعافي الأخضر، خاصة في ظل ما تفرضه جائحة كورونا من تغيّر في أولويات جميع الدول لإزالة المسافة، نتيجة التداعيات السلبية للجائحة على الممارسات الاقتصادية التقليدية بما يستدعي التحول إلى الاقتصاد الرقمي وتعزيز جهود التعافي الأخضر.
ما هي أهم القضايا التي تم مناقشتها خلال مشاركة سيادتكم باجتماعات النسخة الـ 53 للمنتدى الاقتصادي العالمي بدافوس؟
شهد المنتدى مشاركة 52 رئيس دولة وحكومة وعدد من الوزراء والرؤساء التنفيذيين، وركز هذا العام على الحلول والتعاون بين القطاعين العام والخاص للتصدي لأشد الاحتياجات إلحاحًا في العالم، وشهدت فعاليات المنتدى عقد العديد من الجلسات تناولت مناقشة عدة موضوعات منها تمكين الاستثمار في التحول من صافي الصفر، والتخطيط للدورة الـ 28 لمؤتمر الأطراف COP، إلى جانب حوار أصحاب المصلحة بعنوان بين السيولة والهشاشة: الإصلاح في منطقة الشرق الأوسط، وحوار آخر حول تغير المناخ في الشرق الأوسط، علاوة على عقد بجلسة استراتيجية حول مستقبل النمو.
وعلى هامش فعاليات المنتدى تم لقاء عدد من السادة وزراء الدول الأخرى حيث تم لقاء وزير الاقتصاد السعودي، ووزير الدولة في المستشارية الاتحادية الألمانية، إلى جانب لقاء وزير التخطيط والمالية بزامبيا، كما تم عقد عدد من اللقاءات الثنائية مع الرؤساء التنفيذيين للشركات وممثلي مؤسسات دولية، منها لقاء مع الرئيس التنفيذي لشركة استرازينيكا، فضلًا عن لقاء رئيس Google لمنطقة أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا، كما تم لقاء العضو المنتدب بالمنتدى الاقتصادي العالمي، ولقاء الرئيس التنفيذي لمجموعة أداني، ولقاء نائب رئيس شركة بلاك روك، بالإضافة إلى لقاء مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، كما تضمنت سلسلة اللقاءات لقاء الشريك الإداري في أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا في شركة BAIN، واّخر بالمدير الإداري والشريك في بنك “جولدن مان ساكس”، فضلًا عن لقاء الرئيس التنفيذي لشركة “إنفيجن جروب”، وكذا لقاء الرئيس التنفيذي لشركة “كورسيرا”، إلى جانب لقاء الرؤساء التنفيذيين لشركة “هانيويل”، وبنك HSBC أوروبا، وكذلك لقاء نائب رئيس مؤسسة إندوراما.
وتم خلال هذه اللقاءات بحث آليات تعزيز التعاون المستقبلي مع الدولة المصرية إلى جانب استعراض فرص الاستثمار في العديد من القطاعات في مصر.
ماذا عن جولة الصندوق السيادي بعدد من الدول العربية؟ وما هي أهدافها؟
قام صندوق مصر السيادي بجولة بعدد من الدول العربية بهدف الترويج للفرص الاستثمارية في مصر، حيث قمنا بزيارة سلطنة عمان ولقاء الدكتور سعيد بن محمد الصقري، وزير الاقتصاد، والسيد/ قيس بن محمد اليوسف، وزير التجارة والصناعة وترويج الاستثمار، والسيد/ عبد السلام بن محمد المرشدي، رئيس جهاز الاستثمار العماني، والسيد/ فيصل بن عبد الله الرواس، رئيس غرفة تجارة وصناعة عمان. كما تمت زيارة قطر ولقاء كل من الشيخ/ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري، والشيخ محمد بن حمد بن قاسم آل ثاني، وزير التجارة والصناعة القطري، والسيد/ منصور بن إبراهيم آل محمود، الرئيس التنفيذي لجهاز قطر للاستثمار، السيد/ عبد الله مبارك آل خليفة، الرئيس التنفيذي لبنك قطر الوطني QNB، والسيد رامز خياط، رئيس مجموعة باور القابضة، وزيارة مقر رابطة رجال الأعمال القطريين. وخلال جولتنا بالكويت تم لقاء ممثلي غرفة التجارة والصناعة ومجموعة الشايع وممثلي هيئة الاستثمار الكويتية. كما شملت جولات الصندوق زيارة البحرين ولقاء الشيخ سلمان بن خليفة آل خليفة، وزير المالية والاقتصاد، وبحضور السيدة- نور بنت علي الخليف، وزيرة التنمية المستدامة، وسعادة- خالد حميدان، الرئيس التنفيذي لمجلس التنمية الاقتصادي.
وخلال الاجتماعات استعرضنا تنفيذ المرحلة الأولى من البرنامج الوطني للإصلاح الاقتصادي والاجتماعي في نوفمبر2016، حيث نفذت الدولة المصرية العديد من الإصلاحات التشريعية والمؤسسية بإصدار حزمة من القوانين والتشريعات تهدف إلى تبسيط إجراءات إقامة المشروعات، وتشجيع القطاع الخاص والاستثمار المحلي والأجنبي، كما أطلقت الدولة البرنامج الوطني للإصلاحات الهيكلية في ابريل 2021 بهدف إعادة هيكلة الاقتصاد المصري لتنويع الهيكل الإنتاجي بالتركيز على قطاعات الاقتصاد الحقيقي وهي الزراعة، والصناعة، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات. ونؤكد أن الحكومة المصرية تعطي الأولوية لتعزيز دور القطاع الخاص في الاقتصاد المصري باعتباره حجر الأساس لتحفيز النمو المستدام والشامل، حيث سيتم التركيز بشكل كبير على توجيه الاستثمارات طويلة الأجل في القطاعات الرئيسية مثل الطاقة المتجددة وتحلية المياه وقطاعات الصحة والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والصناعة، والزراعة، فضلاً عن توفير الحوافز لتعزيز روابط الاستثمار الأجنبي المباشر مع القطاعات المحلية، مما يسهم في خلق قيمة أكبر ويعزز القدرة التنافسية للاقتصاد.
كما أكدنا ان صندوق مصر السيادي يعد الذراع الاستثماري للحكومة المصرية، وأن هناك إقبال قوي على الفرص الاستثمارية التي نقدمها حاليًا، حيث يعمل الصندوق من خلال إنشاء منتجات استثمارية جاذبة عبر عدد من القطاعات، بما في ذلك مصادر الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر والسياحة والعقارات والخدمات اللوجستية، هذا بالإضافة إلى الجهود الجارية لتحقيق الدخل ورفع قيمة بعض الشركات الكبرى المملوكة للدولة من خلال إشراك القطاع الخاص إما من خلال عمليات الاكتتاب الخاصة أو ترتيبات ما قبل الاكتتاب العام. ويعمل الصندوق على إتاحة فرص استثمارية للقطاع الخاص للاستثمار في الشركات المملوكة للدولة لتعظيم قيمتها والعائد منها حيث تم إطلاق الصندوق الفرعي للطروحات كآلية لتنفيذ وثيقة ملكية الدولة، حيث يهدف الصندوق الفرعي إلى إدارة عملية الطرح لبعض الشركات المملوكة للدولة بالبورصة المصرية أو على مستثمر استراتيجي، إتاحة فرص استثمارية في أصول استراتيجية، إلى جانب إعادة هيكلة الشركات قبل عملية الطرح مما يعزز قيمتها والعائد منها.
وتتماشى خطة الصندوق السيادي مع رؤية مصر 2030، وتحرص مصر على التواجد على خريطة الاستثمار الدولي.