بدأت الجهود المبذولة لوضع المالية العامة في سلطنة عمان على أسس صحيحة ومعالجة العجز المزمن في الموازنة تؤتي ثمارها، والتي سهّلها الارتفاع الحاد في أسعار النفط..
فقد أعلنت وزارة المالية العمانية الخميس أن السلطنة تتوقع خفض دينها العام إلى 19.46 مليار ريال عماني (50.3 مليار دولار) نتيجة الاستفادة من الفائض الناتج عن ارتفاع أسعار النفط وسداد بعض القروض بنهاية أبريل/نيسان الحالي.
كما تتوقع الوزارة سداد قروض بقيمة 2.85 ملياري ريال عماني (ما يعادل 7.4 مليارات دولار) بنهاية الشهر الحالي كجزء من استراتيجيتها لإدارة الدين العام.
وقالت أيضا إن “الحكومة تسعى لتوظيف العوائد الإضافية الناتجة عن ارتفاع متوسط أسعار بيع النفط لزيادة الإنفاق الإنمائي ودعم المشاريع التنموية وخفض العجز المالي وسداد جزء من المديونية العامة للدولة وتقليل كلفة ومخاطر الدين العام”.
وهو ما كان أعلنه الأسبوع الماضي السلطان هيثم بن طارق سلطان عمان، حين قال: “سنسعى لاستغلال ارتفاع إيرادات النفط بأكبر قدر ممكن للتخلص من الدين العام للبلاد… وما سيتبقى سيتم إنفاقه على المشروعات التنموية”.
ومن شأن فض الدين العام أن يساهم في خفض مدفوعات الفائدة الحكومية التي تسددها السلطنة والتي زادت، بفعل ارتفاع الدين العام سابقاً، الى مليار ريال عماني في 2020 من 35 مليوناً في 2014.
تحسن متوقع في الأرقام
هذا الأمر كان متوقعاً سيما وأن السلطنة بنت أرقام موازنتها للعام 2022 على أساس سعر 50 دولاراً لبرميل النفط، وهو اليو يتخطى المئة دولار. وتشكل ايرادات النفط والغاز ما نسبته 68 في المئة من اجمالي ايرادات الموازنة للعام الحالي، في حين تتوقع عُمان عجزاً إجمالياً بـ3.9 مليارات دولار، وهو ما يمثل 15 في المئة من الإيرادات الاجمالية و5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي والذي هو في حدود العجز المقدر في الخطة المالية متوسطة المدى.
حتى أن الايرادات غير النفطية تشير في اتجاه تصاعدي مدعومة بالتعافي من تداعيات كورونا والضرائب التي كانت فرضتها السلطنة العام الماضي كالضريبة على القيمة المضافة بنسبة 5 في المئة. ويتوقع أن تبلغ ايرادات هذه الضريبة ما نسبته 13 في المئة من أجمالي اليرادات غير النفطية، وفق أرقام وزارة المالية العمانية.
تحسن التصنيف
تشرح وكالة “ستاندرد أند بورز” في جلسة حضرها “إيكونومي ميدل إيست” أن الوضع المالي في عُمان يتحسن وأنها ستصدر خلال أيام تصنيفها الجديد للسلطنة الذي سيتضمن تعزيزاً لوضعيتها كانعكاس لتحسن المقاييس المالية الرئيسية مع استمرار جني ثمار الإجراءات المالية المتخذة وارتفاع نمو النشاط الاقتصادي الذي يؤدي إلى تحسُّن الأداء المالي وخفض صافي الدين الحكومي.
وتتوقع “ستاندرد أند بورز” أن تكون عُمان قادرة على تلبية عمليات استرداد الديون بشكل مريح هذا العام من خلال قرض مشترك تم الحصول عليه في وقت سابق من العام، ومن خلال السحب من أصولها في صندوق احتياطي النفطي”.
فالسلطنة حصلت في يناير/كانون الثاني على قرض بنحو 3.5 مليارات دولار لأجل 7 سنوات من تحالف مصارف خليجية ومحلية، لاستخدام جزء من حصيلته لإعادة تمويل قرض بنحو 2.2 ملياري دولارز
وكانت “ستاندرد أند بورز” عدّلت إيجاباً في الثاني من أكتوبر/تشرين الاول الماضي نظرتها المستقبلية من مستقرة إلى إيجابية مع التأكيد على التصنيف الائتماني عند B+/B .
وكانت وكالة “فيتش” رفعت في ديسمبر/كانون الأول 2021 توقعات عُمان إلى “مستقرة” من “سلبية”. ومن المثير للاهتمام، أن وكالة التصنيف أشارت إلى الارتباط الكبير بين التقلبات في أسعار النفط والصحة المالية للدولة. فهي قدّرت أن الإيرادات المرتفعة من الهيدروكربونات، التي نمت بمقدار الثلث فقط، “شكلت على الأرجح أكثر من نصف” عجز الموازنة الذي تقلص في السنة المالية 2021 إلى ما يقرب من خمسة أضعاف ما كان عليه في عام 2020.
تنويع الاقتصاد
وكبقية دول الخليج، تخطط عمان إلى تنويع اقتصادها على المدى الطويل وتطوير العديد من القطاعات الاقتصادية تحشياُ لاي أزمة مفترصة في المستقبل، مثل السياحة والتعدين والخدمات اللوجستية، لتطوير وظائف للمواطنين وتدفقات إيرادات جديدة للحكومة.
والمهم أن تحافظ الدولة على مسارها في ضبط وضعية ماليتها العامة وتعزيز ايراداتها غير النفطية، هذه المادة اتي ستنضب في يوم من الأيام.