فرضت مؤخراً وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات على عملة “تورنيدو كاش”، وهي منصة خلط لمعاملات العملات المشفرة مبينة على بلُوكتشين الإثِيريوم.
وبحسب مسؤولين أمريكيين، تم استخدام خدمات الخلط من قبل مجرمي الإنترنت لغسل أكثر من 7 مليارات دولار من العملات المشفرة التي تم الحصول عليها من خلال أنشطة غير مشروعة مثل برامج الفدية. واتهمت الوزارة الخدمة بالسّماح للقراصنة، بما في ذلك جهات فاعلة تخضع لإشراف السلطات في كوريا الشمالية، باستخدام منصتها لغسل العملات المشفرة التي حصلوا عليها بطريقة مشبوهة.
ولكن ما هي خدمات خلط العملات المشفرة؟
يزودنا البلُوكشين بسجلّ يضمّ عناوين المصادر وَالوجهات الخاصة بكل معاملة، مما يعني أنه يمكن عملياً تعقب المعاملات على محافظ البلُوكشين، وهي في الواقع الطريقة المتبعة من قبل هيئات إنفاذ القوانين لتتبّع وتعقب العملات المشفرة التي يُشتبه في مشروعيتها.
تساعد منصات خلط العملات المشفرة مثل “تورنادو كاش” مستخدمي العملات المشفرة في جعل معاملاتهم مجهولة الهوية وبالتالي يصبح من الصعب تتبعها ورصدها. ويتم ذلك، كما يتّضح من الاسم، من خلال مزج الأموال التابعة لِمستخدم معيّن مع أموال مستخدمين آخرين على البلُوكشين، مما يجعل من المستحيل عملياً تحديد مصادر المعاملات.
تستخدم خدمات الخلط المختلفة وسائل متنوعة لخلط الأموال، علماً أنها تعتمد مبدأ موحداً وثابتاً لا يتغير. وبوجه عام، ما عليك سوى إدخال عنوان المحفظة الذي ترغب في تحويل العملات المختلطة إليها قبل إيداع العملات المشفرة الخاصة بك على العنوان المقدم.
ومن تحت الطاولة، تقوم الخدمة بتحصيل المبالغ من مستخدمي التشفير في مجموعة مشتركة لتدفع لهم بعدها أرصدة متساوية من العملات المشفرة. ونظرًا لاحتمال تعدد مصادر العملات المشفرة، فإن الخدمة تساعد جوهرياً في إخفاء المصدر الحقيقي للأموال.
ويضمن تحصيل عمولات تتراوح بين 1-3 في المئة من المبلغ المنوي خلطه، على نجاح الخدمات واستمراريتها.
وفي حين قد يتفق البعض أن خدمات مماثلة من شأنها أن تعبّد الطريق أمام طرق ملتوية قد يمارسها بعض المستخدمين، إلا أن هناك أسبابًا وجيهة في المقابل، تجعل من المنطقي استخدامها واللجوء إليها.
وتكمن أحد الأسباب الرئيسية التي قد تجعل أي شخص يرغب في استخدام خدمة الخلط في نسبة الخصوصية الكبيرة التي توفرها لمتداولي العملات المشفرة. ونظرًا لأنه يمكن تتبع المعاملات من خلال عناوين محافظ المستخدمين، فبالتالي لن يتطلب الأمر الكثير من العناء للإحاطة بجميع التفاصيل الشائكة حول العمليات المالية المنوي رصدها. وترى المستخدمون الذي يلجأون إلى خلاطات التشفير، أن هذه الخدمات فعالة حقاً لناحية منحهم بعض الخصوصية المالية التي يحتاجونها.
من ناحية أخرى، أحدثت العقوبات المفروضة على “تورنيدو كاش” إلى انقسام في أوساط مجتمع التشفير. ويرى بعض المؤيدين لخدمات الخلط بأن عدم الكشف عن هوية المتداولين هو أمر في غاية البديهية، وبالتالي لا يستدعي أي ملاحقة قانونية، وأن العقوبات على منصة الخلط المذكورة إنما تشكل انتهاكاً صارخاً لحقهم الشرعي في الحصول على بعض الخصوصية. في المقابل، تنوّه الأطراف المناهضة لخدمات الخلط بالعقوبات على تورنيدو كاش، كون ذلك قد يثني على حدّ قولهم، المجرمين عن استخدام المنصة لإخفاء وغسل الأموال بصورة غير مشروعة.
أما نحن، فنكتفي بهذا القدر من المعلومات حول هذا الموضوع، على أن نناقش مسألة العقوبات قريباً في وقت لاحق.