تلقّت مبادرات الذكاء الاصطناعي (AI) في المملكة العربية السعودية دفعة كبيرة مع إطلاق استراتيجية طموحة. تهدف المملكة إلى التموضع كرائدة عالمية في مجال الذكاء الاصطناعي والبيانات بحلول العام 2030. وتنطوي الخطة الشاملة على تدريب 20 ألف من المتخصصين والخبراء في الميدان. علاوة على ذلك، تهدف الخطة إلى تعزيز نمو 300 شركة ناشئة نشطة مخصصة للذكاء الاصطناعي. كما تسعى المملكة إلى جذب استثمارات ضخمة بقيمة 20 مليار دولار، من مصادر وطنية وأجنبية، وتحديداً في البيانات والذكاء الاصطناعي.
فيما يلي، نلقي الضوء على بعض مبادرات الذكاء الاصطناعي السعودية الجديرة بالملاحظة والتي تستحق المعرفة عنها.
نيوم
تفتخر نيوم، وهي مشروع تنموي عالمي ضخم تم الإعلان عنه في العام 2017، باستثمار مذهل قدره 500 مليار دولار. يكمن الهدف الأساسي من المشروع في تحقيق الاعتماد الكامل على الطاقة الشمسية وطاقة الرياح. تمتد نيوم على مساحة 170 كيلومترًا مربعًا، وتقدم مخططًا ذي رؤية مصممة ليحاكيها الأجيال القادمة لمدة تصل إلى 150 عامًا. في جوهرها، تُعتبر نيوم مدفوعة بأهداف طموحة في الاستدامة والتكنولوجيا والابتكار.
علاوة على ذلك، تجسد خطة تطوير نيوم مفهوم المدن الذكية، والاستفادة من الذكاء الاصطناعي والتقنيات ذات الصلة. وتهدف الخطة لتحفيز النمو الاقتصادي وتعزيز جودة الحياة بشكل عام. نظراً لقدرتها على جذب استثمارات كبيرة وأفضل المواهب من جميع أنحاء العالم، تستعد نيوم لإعادة صياغة تصور العالم للحياة الحضرية في المستقبل. بحيث يعمل المشروع كمختبر فريد ورائد للابتكار والتقدم.
الاستراتيجية الوطنية للبيانات والذكاء الاصطناعي
في العام 2019، تأسست الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي في السعودية. وهدفت لدعم ودفع أجندة البيانات والذكاء الاصطناعي داخل البلاد. كما ترمي الهئية بصورة أساسية لجعل المملكة قوة عالمية بارزة في الاقتصادات القائمة على البيانات.
وتعمل الهيئة أيضاً من خلال ثلاثة كيانات مترابطة، وتعمل في تآزر للوفاء بالتزامات الحكومة والاقتصاد المبني على البيانات ويدعمها الـAI.
- مكتب إدارة البيانات الوطنية
- المركز الوطني للمعلومات
- المركز الوطني للذكاء الاصطناعي
في العام 2020، كشفت الهيئة النقاب عن الاستراتيجية الوطنية للبيانات والذكاء الاصطناعي. وتسعى الأخيرة إلى تهيئة بيئة مواتية للتنفيذ الفعال للبيانات وابتكارات الذكاء الاصطناعي.
اقرأ أيضاً: شبكة الجيل الخامس، الذكاء الاصطناعي ومستقبل بيئة العمل
البرنامج الوطني لتنمية قدرات الذكاء الاصطناعي
ضمن المساعي لجعل المملكة رائدة عالميًا في مجال الذكاء الاصطناعي، انضمت الهيئة إلى “هواوي” (Huawei) ضمن البرنامج الوطني لتطوير قدرات الذكاء الاصطناعي. تهدف هذه المبادرة التعاونية إلى الاستفادة من بيانات الدولة المقدرة من 4 إلى 5 مليارات دولار واقتصاد الذكاء الاصطناعي. من خلال تسخير رؤى البيانات لصنع القرار الحكومي، يبدو البرنامج قادراً على توليد أكثر من 10 مليارات دولار من الإيرادات والمدخرات الحكومية.
لتحقيق هذه المستهدفات، تستفيد الهيئة من محفظة Huawei الواسعة، والتي تضم 500 مشروع ذكاء اصطناعي تغطي قطاعات متنوعة. وبالتالي، سيقدم البرنامج الدعم للحكومات والمؤسسات ومعاهد البحوث داخل المملكة. بحيث سيساعدها في تحديد شركاء تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، وتعزيز مجموعة المواهب الخاصة بها. كما سيجعلها قادرة على استكشاف استراتيجيات نمو جديدة من خلال تطبيقات الذكاء الاصطناعي.
في نهاية المطاف، تحمل هذه الشراكة وعدًا بتحقيق النتائج المرجوة من خلال المساهمة الفعالة في النمو الاقتصادي للمملكة وتنويعها. ويتحقق ذلك من خلال اعتماد مجموعة من المبادرات السعودية في مجال الذكاء الاصطناعي.
مؤتمر القمة العالمية للذكاء الاصطناعي
في كل عام، تستضيف المملكة العربية السعودية القمة العالمية للذكاء الاصطناعي، وهو حدث رئيسي يهدف إلى تعزيز الترويج للتقدم التكنولوجي للذكاء الاصطناعي واستكشافه. وتشكل هذه القمة الموقرة منبراً حيوياً للتعاون وتبادل المعارف، حيث يجتمع الخبراء لمناقشة آخر الاتجاهات والتطورات في مجال الذكاء الاصطناعي.
كجزء لا يتجزأ من مبادرات الذكاء الاصطناعي في السعودية، تُظهر القمة بفخر التزام الأمة بأن تصبح المرشح الأوفر حظًا عالميًا في اعتماد الذكاء الاصطناعي. يشمل الحدث مجموعة واسعة من الأنشطة بما في ذلك الخطب الرئيسية التي يلقيها خبراء مشهورون، وحلقات نقاش ثاقبة، وورش عمل تفاعلية، ومعارض جذابة.
بينما تركز القمة بشدة على التقدم التكنولوجي، فإنها تتعمق أيضًا في الأبعاد الأخلاقية والمجتمعية للذكاء الاصطناعي. إنه يوفر منتدى مهمًا للمناقشات المتعمقة حول نشر الذكاء الاصطناعي المسؤول، وخصوصية البيانات، والأمن السيبراني، فضلاً عن تأثير الذكاء الاصطناعي على أسواق العمل والنمو الاقتصادي.
الحياة البحرية في البحر الأحمر
تستفيد جامعة الملك عبد الله للعلوم والتكنولوجيا (KAUST) من قوة الذكاء الاصطناعي في حماية أنواع أسماك البحر الأحمر وتقييم استدامتها. من خلال تسخير تقنيات التعلم الآلي، يمكن لجامعة الملك عبدالله تحليل كميات هائلة من البيانات المتعلقة بتجمعات الأسماك وممارسات الصيد والعوامل البيئية. إن تطبيق النماذج التنبؤية على البيانات التاريخية يزيد من دقة التنبؤ بمستوى المخزون في المستقبل.
تقليديا، قد يستغرق تحديد الانخفاضات في مستويات المخزون باستخدام أساليب جمع البيانات التقليدية ما يصل إلى عقد من الزمان. بيد أنه بإدماج تقنيات الذكاء الاصطناعي، يمكن لجامعة الملك عبدالله أن تعجل بهذه العملية، مما يتيح اتخاذ قرارات مستنيرة في الوقت المناسب.
تماشيًا مع رؤية السعودية 2030، التي تعطي الأولوية للإنتاج الغذائي المستدام لمكافحة سوء التغذية، يتم الاعتراف بالذكاء الاصطناعي كأداة قيمة. وبالتالي، تعمل جامعة الملك عبدالله بنشاط على تطوير أداة قائمة على الذكاء الاصطناعي تصنف الأسماك على أساس قيمتها الاقتصادية ومعدل نموها السكاني.
إن دمج الذكاء الاصطناعي في مبادرات جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية يعزز ريادة المملكة في هذا المجال، مما يساهم في النمو الاقتصادي والتنويع من خلال مختلف المساعي والمبادرات السعودية في مجال الذكاء الاصطناعي.
استراتيجيات الذكاء الاصطناعي لمكافحة التصحر
واستجابة للتحديات الكبيرة التي يطرحها التصحر وتغير المناخ، اتخذت السعودية تدابير استباقية. بحيث أطلقت وزارة البيئة بالتعاون مع المركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر وجامعة الملك عبدالله برنامجاً مدعوماً بالذكاء الاصطناعي لمعالجة هذه القضايا.
يركز هذا البرنامج على تقييم الغطاء النباتي وتقديم الدعم لمشاريع التحريج ومبادرة “السعودية الخضراء”. من خلال تسخير القدرات التحليلية للذكاء الاصطناعي وتحليل صور وبيانات الأقمار الصناعية، يمكن للبرنامج تحديد المناطق المعرضة لخطر التصحر. بالإضافة إلى ذلك، يستخدم تقنيات الاستشعار عن بعد لرصد الغطاء النباتي وأنماط هطول الأمطار وصحة النبات باستمرار.
لمكافحة التصحر، يستخدم البرنامج استراتيجيات مثل زراعة الأشجار وتحسين إدارة المياه وتنفيذ الممارسات الزراعية المستدامة. تعكس مبادرات الذكاء الاصطناعي السعودية هذه التزامًا قويًا بالحفاظ على البيئة واستدامتها، مع التأكيد على تفاني البلاد في التخفيف من آثار التصحر وتغير المناخ.
المضي قدماً
من خلال هذه المبادرات السعودية للذكاء الاصطناعي، تعمل البلاد بنشاط من أجل تسريع تبني الذكاء الاصطناعي، وتنمية الابتكار، وتعزيز النمو الاقتصادي. نتيجة لذلك، تبرز المملكة العربية السعودية كمشارك بارز في مشهد الذكاء الاصطناعي العالمي، مما يعزز حضورها ويساهم في تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي في جميع أنحاء العالم.
انقر هنا للاطلاع على المزيد من التقارير التقنية.